ردود العضو
-
الكاتبالمشاركات
-
28 أكتوبر، 2004 الساعة 7:16 ص #490865
aaldakkak
مشاركثم اريد ان تقرأ معي هذا المقال وبشيء من الفكر وليس كما تعدي انت واعوانك ( انظر كيف يتكلم مبدأ العقل .. وليس كما تقول )كأدعات امريكا واسرائيل من الديمقراطيه …
اقرأ بتفكر…..
شمس العرب تسطع على الغرب
بقلـــــــــــــم زيغـــــــريد هونكـــــــه
الحلـــــقــة الســــــــادسة»لم يكن من قبيل المصادفة أساساً أن أكتب أنا السيدة الألمانية هذا الكتاب، فالعرب والألمان لا تربطهم فقط أيام دولتهم القوية التي انقسمت الآن، والتي بدأ صعودها من جديد بقوة وحيوية وعزم، إنما هي رابطة قوية من الفكر والثقافة، وقد وثقت العرى بينهما، وامتدت جذورها في أعماق التاريخ، واستمرت على مر القرون، ومازالت آثارها حتى اليوم«.
العرب أمة لها شأن عظيم في التاريخ، بل وفي تاريخنا الغربي خاصة، ذلك أمر لم يعد بالإمكان تجاهله في حاضر قد طاول النجوم عظمة، ويخيل إليّ أن الوقت قد حان للتحدث عن هذا الشعب الذي أثر بقوة على مجرى الأحداث العالمية، ويدين له الغرب كما تدين له الانسانية كافة بالشيء الكثير، لقد صممت على كتابة هذا المؤلف، وأردت أن أكرم العبقرية العربية، كما أردت أن أقدم للعرب الشكر على فضلهم الذي حرمهم من سماعه طويلاً تعصب ديني أعمى، أو جهل أحمق، وكم سررت أن يترجم كتابي هذا إلى اللغة العربية حتى أستطيع أن أحدث مباشرة قلوب العرب بما يعتمل في نفوسنا من مشاعر.
العرب يعلمون الغرب كتابة الأعداد وعلم الحساب:
كل الأمم المتحضرة تستخدم اليوم الأرقام التي تعلمها الجميع عن العرب، ولولا تلك الأرقام لما وجد اليوم دليل تليفونات أو قائمة أسعار أو تقرير للبورصة، ولما وجد هذا الصرح الشامخ من علوم الرياضة والطبيعة والفلك، بل لما وجدت الطائرات التي تسبق الصوت أو صواريخ الفضاء.
لقد كرمنا هذا الشعب الذي منّ علينا بذلك الفضل الذي لا يقدر حين أطلقنا على أرقام الأعداد عندنا اسم الأرقام العربية، ولكن العرب أنفسهم يؤكدون أنهم قد أخذوا أرقامهم عن الهنود وهم يسمونها بالأرقام الهندية. وسنحاول أن نتتبع موكب الأعداد العربية في رحلتها الطويلة من الهند إلى أن وصلت إلى الغرب لتصبح تراثاً عالمياً، كما أننا سنحاول التعرف على الطرق الخفية التي سلكتها جماعاتها الأولى، والمعارك المريرة التي خاضتها، فنحن أبناء العصر الحديث نعلم النتائج فقط ولم نر المعركة إلا في نهايتها دون أن نعلم شيئاً عن أصلها وتطورها وانتشارها حتى وجدت لها من بلادنا موطناً. لم يكن لشعوب البحر المتوسط ذات الحضارات أرقام خاصة بها، لقد كتب المصريون الأرقام واحد، اثنان وثلاثة على شكل خطوط عمودية متجاورة، ولما كان الخط الأفقي يعبر عندهم عن الرقم أربعة فقد كتبوا الثمانية على شكل خطين أفقيين أحدهما فوق الآخر، وتكونت الأعداد عندهم من خطوط ونقاط ربطتها رسوم أخذت عن الهيروغلوفية لتكون العشرة والمائة والألف. وكان الهنود هم الشعب الوحيد الذي تخلص من هذا النظام العقيم في تكوين الأعداد من سلسلة الرموز أو الرسوم، فقد أوجدوا لكل رقم شكلاً واحداً يدل عليه ويكتب به، وهو يكتسب قيمته تبعاً لموضعه في خانة الآحاد أو العشرات أو المئات أو الألوف، وبذلك تمكنوا من أن يكتبوا أي عدد مهما بلغ دون قيد أو حدود، ولقد وقع الغرب أيضاً فيما بعد يوم لم يجرؤ على الأخذ بنظام الهنود في هذا التعقيد الذي وقع فيه الصينيون، ولم ينجح سوى الهنود والمايا في العالم كله في الوصول إلى تقييم الأرقام تبعاً لمراكزها في الخانات مما مكنهم من القيام بعمليات حسابية كبيرة استحال على غيرهم نتيجة جهلهم لتلك الأصول القيام بها، ولم يكن هذا العمل العظيم من وحي فرد بالذات وإنما الشعب الهندي الموهوب في الرياضيات هو الذي مهد الطريق لهذا العمل على مر العصور. ولقد مرت الهند أيضاً بالفترة البدائية في كتابة الأعداد قبل أن تستطيع في عام ثلاثمائة قبل الميلاد من ايجاد شكل معين لكل رقم، بل ظلت حتى القرن السادس الميلادي تقريباً تتبع نظاماً مشابهاً للنظام الصيني ثم انتقلت منه إلى نظامها الشهير ذاك.
وفي عام 622 ميلادية عرف النظام الهندي في كتابة الأعداد خارج حدود الهند، وإلى ذلك يشير العالم السوري ساويروس سانجوت الذي كان رئىساً لدير ومدرسة على الفرات يشير قائلاً: »طريقة الحساب الهندية ممتازة وتنفع في كل العمليات الحسابية، أعني بها طريقة الأرقام التسعة، وهكذا قدم ساويروس أول باقة من المديح للهنود على عملهم العظيم. وبهذا النظام الهندي استطاع ساويروس أن يقوم بعملياته الحسابية وأن يكتب ما شاء من الأعداد إلى ما لا نهاية. وظهر الصفر في الكتابات الهندية في عام أربعمائة ميلادية لأول مرة، ولقد كتب الفلكي الهندي الكبير براهما جوتا عام 628 ميلادية نظامه الفلكي المشهور، واستخدم فيه الأرقام التسعة والصفر كرقم عاشر، وكان من حظ العرب أن قدم لبلاد الخليفة المنصور 773 ميلادية فلكي من الهند اسمه كانكا، ويعتبر ابن الآدمي الذي عاش في بداية القرن العاشر قدوم هذا الهندي إلى بغداد حدثاً عظيماً، فيكتب عن ذلك في كتابه عن الفلك الشهير باسم »عقد اللآلىء« فيقول: »في عام مائة وستة وخمسين الهجري وقف بحضرة المنصور رجل من الهند وكان عالماً في طرق الحسابات الهندية المعروفة باسم سندهند، والتي تهتم بحركات الكواكب، وكان يحمل كتاباً أخذه من المجموعة التي تحمل اسم الملك فيجار، وقد أمر المنصور بترجمة هذا الكتاب إلى العربية وبأن يؤلف كتاب على نهجه يشرح للعرب سير الكواكب، وعهد بهذا العمل إلى محمد بن إبراهيم الفزاري الذي ألف على نهجه كتاباً يعرفه الفلكيون باسم »السند هند الكبير« وكلمة السند هند تعني باللغة الهندية الخلود، وقد أخذ العلماء بهذا الكتاب حتى عصر المأمون حيث أعاد محمد بن موسى الخوارزمي في كتابته وأضاف إليه اضافات اشتهرت في البلدان الاسلامية، وأعجب الفلكيون الذين أخذوا بكتاب سندهند إعجاباً شديداً وعملوا على نشره، والكتاب المذكور الذي أحضره معه هذا الهندي وأعجب به الخليفة وأمر بترجمته ما هو إلا كتاب لمؤلفه براهما جوتا وعرف باللغة العربية بعد ترجمته باسم »سند هند« وقد لاقى الكتاب نجاحاً كبيراً وقاد إلى أبحاث كثيرة في الفلك حظيت برعاية الخلفاء.
ومن هذا الكتاب القيم عرف العرب نظام الأرقام والأعداد الهندية، ففي ولايته كان الخليفة عبدالملك بن مروان الذي امتدت دولته حتى إسبانيا قد حرم استخدام اللغة اليونانية في أعمال دولته ودواوينها وأحل محلها اللغة العربية، ولكنه لم يستطع أن يلغي نظام الأعداد والأرقام اليونانية بل تركها على ما كانت عليه، لأنه لم يجد آنذاك نظاماً أحسن منها ليستعين به ولكن ما كادت الأرقام الهندية تعرف في العالم الاسلامي حتى انتشرت انتشاراً سريعاً في الدواوين والمتاجر، وقد تطلب هذا التحول إلى النظام الهندي جهداً كبيراً ليترك الناس النظام القديم الذي ألفوه على الرغم من صعوبته وليدركوا معنى الخانات وقيمتها والصفر والدور الذي يمثله، ولم تكن العملية مجرد إحلال هذه الأرقام محل تلك وإلا لهان الأمر، بل كانت تحولاً كاملاً في طرق الحساب والتفكير مما استلزم جهداً لنشرها بين المتعلمين والتجار، وقد ألف الخوارزمي كتاباً بيّن فيه ذلك النظام الهندي وطريقة استخدامه عملياً، وضرب من الأمثلة على ذلك ليسهل على رجال المال والتجار والموظفين عملهم، كما قدم العديد من الأمثلة لتقسيم ميراث بين مستحقيه، كما نص على ذلك القرآن بطريقة مبسطة بدلاً من تلك العمليات الحسابية المعقدة التي كانت شائعة.
والخوازمي هو أحد أئمة العلماء في عصره الذين جذبهم المأمون إلى بلاطه، وألف الخوارزمي كتبا عدة في الجغرافيا والفلك ترجمت بعد ثلاثة قرون إلى اللاتينية وعرف بها الغرب. -
الكاتبالمشاركات