مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #9830
    نور السنا
    مشارك

    لم يعد ينفع البكاء على اطلال الأمة..

    في الأساس ليس هناك أمة للبكاء على اطلالها.. ليس هناك أمة واحدة، لتكون لها اطلال واحدة.. هناك أمم عربية شتى، لكل منها اطلالها. فلتبكِ كل أمة على اطلالها. فيا حبذا لو كانت لنا اطلال واحدة نبكي عليها.. على الأقل، كنا توحدنا في الندب والبكاء.

    كانت فلسطين من الأساس عنوان وحدة الأمة وشعارها. وها هي الأمة تتوحد من دون فلسطين.. تتوحد في التفرج على فلسطين.

    وحكاية الوحدة مع هذه الأمة، ولدت من الأساس طفلا مشوها، تربى على مقاصد ليس فيها بذار حقيقي للوحدة. هي قامت على رفض التتريك والأسلمة العثمانية، فكانت القومية العربية وشعاراتها مجرد ردة فعل ملغومة.. لم تجر محاولة واحدة لتثبيت وحدة عربية حقيقية، تقوم على نظام مصالح عربي واحد موحد، يمكن ان يجمع فعلا عشائر اليمن وقبائل الجزيرة، مع طوائف لبنان وبربر الجزائر وأهل الصعيد المصري. هكذا كانت الوحدة دائما: كيف نجمع الشعوب العربية المتعددة الاجناس والاعراق والألوان، من دون ان نسعى الى تكامل اقتصادي ومصالحي، بين نفط الخليج وتفاح لبنان والبطاطا المصرية وزيتون المغرب العربي وأراضي السودان الشاسعة الواسعة الغنية إلا من حبة قمح تغذي هذه الأمة، بدل استجداء طحينها من الأجانب.

    سعد زغلول كان يرفض الوحدة العربية لأنه لا يريد ان يجمع مصر مع مجموعة من <<الأصفار>>.. هكذا كان يقول.

    كانت الجامعة العربية محاولة. لكنها تحولت الى فولكلور يتحرك على ضفاف النيل، كلما حلّت نائبة بالأمة. إلا انها لم تقدم للوحدة العربية عملا جديا. حتى المجلس الاقتصادي المشترك، بقي شعارا من دون مضمون.

    حاول عبد الناصر التأسيس لوحدة عربية جامعة، وتنبه من الأساس الى أهمية التفاعل بين الدائرة العربية والدائرة الإسلامية في هذه الأمة. كانت التجربة المريرة في قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا. لم تستطع ان تتوسع، ولم تتمكن من الاستمرار فانهارت تحت وطأة الضغوط المختلفة.

    وكانت ثورة البعث، وشعارها <<الوحدة والحرية والاشتراكية>>. ولا ينكر أحد ان بعض قادتها قد سعوا، على الاقل بين سوريا والعراق. ولكن من دون جدوى.

    جرّب العرب كل أنواع الوحدات: من الوحدة المغاربية، الى الوحدة الخليجية، الى وحدة مصر والسودان، الى وحدة الهلال الخصيب. وكان يمكن لهذه المحاولات ان تكون منطقية انطلاقا من قواسم مشتركة عدة أهمها الحدود والجوار. لكن هذه المحاولات لم يكتب لها النجاح لأنها كانت تقوم أصلا على <<حسن الجوار>> والضرورات الأمنية في معظم الأحيان. هي لم ترق الى مفهوم الوحدة الحقيقي الذي يقوم على التكامل الاقتصادي والتكافل الاجماعي بالدرجة الأولى، بشكل يضيّق الهوة بين شعوب هذه البلدان. وبقيت هذه المحاولات تقوم من فوق، فبقيت على عروشها، وانهارت على عروشها.

    على الرغم من كل ذلك، كانت فلسطين وحدها تجمع الأمة وتوحدها، بعيدا عن بعض القيادة الفلسطينية التي تحولت في أكثر من زمن الى نظام عربي بامتياز.

    كثيرا ما اختلفت الأمة على الفلسطينيين، وغالبا ما اتفقت على فلسطين. فهل أصبحت فلسطين مزعجة لهذه الأمة كما يبدو؟

    ما يجري في فلسطين اليوم مخيف. ليس لأن شارون يعمل ضربا وتقتيلا في أهلها وشعبها، بل لأن الأمة غائبة عن فلسطين. فهل توحدت الأمة في التغيب عن فلسطين؟ وكيف تكون أمة واحدة من دون فلسطين؟

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد