]…قصص غريبة واقعيةلكنها ذات مغزى….[/size]
في أحدى القرى المجاورة لمدينتنا.كان مختل عقليا يعيش بين ظهراني السكان. وقد وفد على القرية من ناحية أخرى، لبث هناك طويلا لم يؤذ أحدا :لا في أنفسهم ولا في أموالهم،بل كان يقوم بمساعدة من يحتاج اليه والى خدمته أحيانا.
لكن في ظهر يوم من أيام السنةحصل مايلي:دخل المختل عقليا المسجد وفيه امام المسجد ومجموعة من السكان يتداولون شؤون أمر فلاحتهم وماشيتهم متناولين كؤوسا من الشاي كعادة أهل القرية، وصعد درج الصومعة خلسة فلما أراد الجالسون مناولته كأش شاي لم يجدوه فظنوا أنه خرج الى خارج المسجد أو باحته.

وبينما هم كذلك اذا بهم يسمعون صراخا من أعلى الومعة وهو ينادي على بأعلى صوته على أهل القرية وبعض الأسماء المعروفة حتى هب معظم الكان من كل أطراف القرية .حاولوا التعرف على مطالبه فعلموا منه أنه يريد القفز من أعلى المئذنة. فحاولوا أقناعه بالعدول عن الفكرة بكل السبل والحيل المقنعة فرفض وبدأ يهدد بدفع جسمه الى ألسفل فانتب الأهالي خوف شديد على هذا الأمر وخاضصة أنه غير معهود تماما من هذا الشخص الذي يعرفه كل فرد منهم كمعرفته لأبنائهم.
النساء تعوي والاطفال منهم من يبكي لبكاء والديه ومن حوله ومنهم من يضحك ولا يهتم بالأمر الا من باب الفرجة الخ.

أما العقلاء من أهل القرية فبدأو يهيؤون أنفسهم للتصال برجال السلطة واخبارهم واخبار رجال الاسعاف والكل يردد اللهم سلم سلم. فاليوم لا عاصم من قبضة المخزن ومساءلته الا من رحمالله.

ومن ألطاف الله على أهل القرية أن سمع مختل عقليا من أهل القرية أنفسهم بالأمر أو قادته نفسه الى مكان التجمهر الذي لم تعرفه القرية من قبل لا في فرح ولا قرح، فوقف محملقا في وجه الحضور الشارد والشخصة أبصاره نحوالأعلى حتى أنهم لم يلقو بالا ولا اهتماما لمن سخره الله ليكون الفرج على يديه.

جعل الرجل يمشي بين الواقفين ولا يجد أحدا ينظر اليه وكأنه عنصر سلبي غير مرغوب فيه لمعرفتهم بحاله الذي هو الحمق وكفى. الى أن بدا يسألهم عن الأمر فقال أحدهم لقد كرهنا الحمق والحمقى فانتم سبب خلاء هذه القرية لا قدر الله . وقال آخر لم يحلها الرجال والكبار فماذا بمقدور الحمقى والمعتوهين مثلك اذهب الى حال سبيلك .

قال ثالث اننا في ورطة ياولد فصاحبك سبب هلاك القرية الله يحفظ وأشار بأصبعه الى أعلى . ففهم أحمق القرية أالأمر وأحاط بالأزمة كم يبدو فنظر الى أعلى وقال في اشارة لا تخلو من حيوية وسرعة وحزم كذلك ابتعدوا أيها الناس ابتعدوا فابتعد البعض وتردد البعض الآخر الى أنتم تجاوب بين الأحمقين لاحظه الأهالي أو بعضهم ورأوا بعض الهدوء والسكينة على وجه الأحمق أعلى الصومعة ، فابتعد الناس وتركوا المجال لظهور أحمق القرية حتى يراه صاحبه من أعلىوفعلا حدث ذلك. فبدا وكأن أحمق القرية اشترط شروطا على صاحبه ورفضهافقال له أن لم تنزل سأنسف بك الصومعة وأنت الخاسر، وبدأ يلوح باحدى رجليه وكأنه سيضرب أو سينسف الصومعة من الأساس ، فصاح الأحمق بقوة محاولا البكاء كفى كفي سأنزل سأنزل انتظر.فرد عليه : هيا بسرعة وهو على وضعية قاذف كرة القدم وهيأته . فما كان من سكان القرية الا أن يهللوا ويكبروا ويفرحوا بهذا النصر العظيم الذي جنبهم كابوس المساءلة والخوف من المجهول الذي ينتظر الأهالي فنزل الأحمق متوجسا خوف والعرق يتصبب من جسمه وجبينه وقد انتفخت أوداجه واحمر وجهه وارتفعت دقات قلبه . فأخذوه أخذا خفيفا وجميلا يرومون السلامة شاكرين أحمقهم على عمليته التي قام بها وكأنه قائد كومندو قام بعملية تحرير رهائن بأعجوبة، مرددين : يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر. ولكن أحسن مثال أو حكمة كثرتداولها على ألسنة الصغار والكبار: الأبكم لا يعفه الا أمه والأحمق لا يفهمه الا صاحبه والعهربي لا يفهمه الا العرب والالئحة طويلة.فانصرف الجميع وكأنهم عائدين من حرب تحرير أو غزوة تم النصر لهم فيها.متيقنين أن لكل المشاكل حل لكن لكل مشكل أصحابه وأهله وأن ليس بالضرورة كل من يملك القوة أو القدرة أو العقل يملك الحل. فلا تحقرن من الأمر شيئا ولا تغمضن أحدا حقه ومكانته ف=كل خلق لما يسرله=.
….. بقلم الزهراء السريفية