الرئيسية منتديات مجلس المال والإقتصاد احتاج الى مساعدة في مادة شركات متعددة الجنسيات

مشاهدة 6 مشاركات - 1 إلى 6 (من مجموع 6)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #91831
    ليلكية
    مشارك

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    وكما هو مشار في الموضوع ….كنت اريدمن يساعدني في ايجاد مراجع لهذه المادة على النت او من يملك ملخصات او مراجع يستطيع ان يوفرها لي على النت…فيما يخص ادارة مخاطر الادارة المالية الدولية المتعلة باسعرالصرف وتقنيات واليات الادارة المالية الدولية…والمتعلقة باسعار الصرف…والفوائد…والنظريات الاقتصادية لادارة التعرض للاخطار…مثل
    نظرية تكافؤ القوة الشرائية
    نظرية تكافؤ سعر الفائدة
    ولمن يساعدني دعوة في ظهر الغيب
    اختكم ليلكية

    #1033344
    noor_888
    مشارك

    مراحب حبيبتي

    بحاول ابحثلك وإن شاءالله خير

    #1034229

    هلا وغلا

    خلاص نور ما بتقصر

    تقبلي مروري

    #1034304
    noor_888
    مشارك

    الشركات متعددة الجنسيات

    تعريف الشركات متعددة الجنسيات: تعريف الشركات متعددة الجنسيات: حتى لاتتعارض نشاطات ش.م.ج مع حق الدول و الشعوب في ثرواتها وموردها طبيعية فإن الأمم المتحدة الأمريكية أنشأت لجنة معينة بهدف تعريف ش.م.ج وقد كانت الفقرة 1 من المشروع المدون تضم تعريف ش.م.ج على أنها مؤسسة تجارية.
    أولا : تشمل على كيانات في بلدين أو أكثر بصرف النظر على الشكل القانوني لهذه الكيانات وميادين نشاطاتها.
    ثانيا:تعمل بموجب نضام لإتخاذ القرارات يسمح بوضع سياسات مترابطة إستراتيجية مشتركة من خلال مركز أو أكثر لإتخاذ القرارات تربط فيها الكيانات عند طريق الملكية أو غير ذلك بشكل يسمح لواحدة منها أو أكثر بممارسة تأثير ملحوض على أنشطة الكيانات الأخرى وخصوصا بالمشاركة في المعلومات الواردة و المسؤوليات مع الإخرين.
    بالإضافة إلى ذلك فإن الأدب الإقتصادي لم يستقر على تعريف موحد ش.م.ج إذتعددت التعريفات بقدر تعدد الكتاب الإقتصادين الذين أسهمو في هذا الميدان فالأستاذ “توجندات” يعرفها بأنها ” الشركات الصناعية التي تنتج وتبيع منتوجاتها في أكثر من دولة واحدة ” وهذا التعريف معيب لأنه يقصر صفة ” تعدد الجنسية ” فقط على الشركات الصناعية وتعمل الشركات المستثمرة في مجال الخدمات كالسياحة، التسويق النقل البحري و الجوي أما البروفيسور “جون دنانج” فقد إستعمل مسطلح مشروع Entre Prise بأنها:مشروع يملك أو يسيطر على تسهيلات إنتاجية .مصانع ومنشآت، التعدين في أكثر من دولة واحدة بينما الأستاذ كلاوذنز يعرفها غلى أنها: ( شركة تستمد قسما هاما من إستثماراتها ومواردها وسوقها وقوة العمل بها من خارج البلد الذي يوجد فيه مركزها الرئيسي). وبهذا يتسع التعريف ليشمل كافة الشركات العاملة في القطاعات المختلفة من إنتاج السلع و الخدمات في الخارج.
    وعليه يمكننا القول: بأن ما يطلق علهيه الشركات المتعددة الجنسيات هي بكل المعاني السابقة: شركة قومية تحتل مكانتها أساسا في إقتصاد ومجتمع الدولة الأم ويقصد هذا لاحكم على كل من الملكية و الإدارة .فإرادة الشركات التابعة وإجمال مجموع الشركة تحتكرها الشركة الأم وتحتفظ هذه الأخيرة في يدها بكافة القرارات الأساسية.وبمهمة التخطيط والحساب و الرقابة وكذلك بملكية المشروعات الأجنبية كاملة في الشركة الأم إذا أنها صاحبة الإستثمار التي تعمل من خلال شركاتها التابعة لها وفي حالة المشروعات المشتركة أي التي تكون فيها ملكية الرأس المال مقسومة بين الشركة الأم أو حكومات أخرى تقوم الشركة الأم بالسيطرة على العملية الإدارية و التخطيطية إلى درجة كبيرة وتطمئن إلى أن المشروع المشترك يندمج في إستراتيجتها العالمية.
    المفهوم الاقتصادي للشركات م.ج. وطبيعيتها3 المفهوم الاقتصادي: إن المفهوم الإقتصادي لشركة متعددة الجنسيات سواء أن كانت خاصة أو عامة فهي تتميز بموقعها الإستراتيجي العالمي في تسيير مواردها الإقتصادية و الفنية الخاصة بالإنتاج إذ تعمل في ظل شروط الإحتكار الإقلية للمشروعات وليست وفقا لشروط المنافسة الحرة.وهذه الشركات على الرغم من أنها تستثمر الجزء الكبير من مواردها في العديد من الدول وذلك بواسطة فروعها المتواجدة عبر الدول النامية إلى أنها تضل دائما مرتبطة بهذه الأخيرة و التي تسيطر على الغالبية العضمى من الأموال وتضل تابعة لها وهذا ماأدى بالتحكم في رقابتها الموزعة بصفة نسبية حسب مصالح الشركة.
    وهنا يمكننا القول بأننا أمام شركات عضمى ذات إنتشارعالمي واسع مما جعل أحد الكتاب يقول :
    (( الشركة متعددة الجنسيات هي مشروع وطني، يملك ويراقب العديد من الفروع الموزعة في العديد من الدول. هذه الشركات التي تعد وراء العديد من المشروعات الكبرى تقوم باتلنشاط في المجال الصناعي، وهذه الملاحظة تبعث إلى القول بأن ضاهرة تعدد الجنسيات يرتبط بالطبيعة الإحتكارية لإقتصاد الدولة التي تتبعها هذه الشركات)).
    وتضهر على هذه ش.م.ج ذات طابع إحتكاري واستغلالي، طابع السيطرة على عرض سلعة أو خدمة في السوق وهو لايتحقق إلا في حالة سيطرة عدد قليل من أصحاب رؤوس الأموال على غالبية الإنتاج مما يترتب عنه التحكم في أثمان السلع و الخدمات، وعملية الإحتكار ليست مقصورة على الأسواق العالمية فحسب بل إنها تكون أيضا للسوق المحلية.
    ” كصناعة التبغ في الجزائر” وقد يمتد إلى نطاق أوسع ليشمل الأسواق العالمية ” إحتكار الدولة للتجارة الخارجية” وقد يصبح الإحتكار نتيجة حتمية ويتجلى ذلك في مجال الخدمات التي تمثل منفعة عامة ” كاكهرباء، مياه الشرب” فتخضع عادة إلى إشراف الدولة للإستغلال.
    الطابع الموحد للشركات متعددة الجنسيات: بعد الحرب العالمية الثانية شهدت هذه الشركات المتعددة الجنسيات تطورا سريعا وخاصة في الستينات 1960 وبداية السبعينات 1970 حيث تسيرها البلدان الرأس مالية كالولايات المتحدة الأمريكية، كندى وودول أوروبا الغربية ، و اليابان مماساعد هذه الشركات المكتعددة الجنسيات التي يتواجد مقرها بدول المصنعة تتمتع بقوة إقتصادية هائلة إلا أن المتتبع لتطور هذه الشركات ومعاملاتها يجد أن هناك عاملان يكونان هذا المشروع ، يوج بينها نوع من التناققص على ما يبدو وهما عامل الوحدة وعامل التعدد للشركة وهذان الوجهان لنفس الظاهرة يعدان الأصل وراء العديد من المشاكل القانوية.
    تعد الوحدة هي الميزة الأساسية للشركة م.ج فهناك وحدة إتخاذ القرار ووحدة المعاملات ذات وحدة إستراتيجية موحدة أي مشتركة تعد عنصرا أساسيا في فكرة مشروع متعددة الجنسية.وتعرف هذه الإستراتيجية دائما بالإشارةإلى العديد من الدول بتعايش الشركة الأم المسيطرة ، على إصدار القرارات مع الدولة التي تتنتمي إليها هذه الأولى فحين تتعايش فروع هذه الشركات التي تنتمي إليها. وفكرة الإستراتيجية الموحدة تفرض وجود شركة أم تسهر على وضع خطة وبرنامج تسير عليه كل الوحدات الموزعة في العالم حتى تكون لها السيطرة ومن هنا تتحقق خطتها الشاملة وترجع هذه الخطة الموحدة المتمثلة في الإدارة الإم وتسمى الجهاز الإداري أي القيادة العليا وبالتالي مركز قرار واحد يقوم يقوم بإصدار الإوامر والقرارات، وكذلك تكون على صلة بينها وبين الشركة الأم وبين الشركات التابعة لها ، وتفرض عليها طرقة تسيير ملزمة حتى تتحققسياستها الشاملة ، و الشركة الأم تعين لها حدود حيادها وتفرض عليها أن تكون سياستها مستقلة مع السياسة العامة. ويتوقف النجاح إلى حد كبير على التوفيق الحاذق و الفعال بين المطلبين:
    أولهــا : وحدة إصدار القرار في مواجهة الكل المكون للشركة و المبادرات وخاصة المبادرات اللامركزية ، المحلية الصادرة عن فروع الشركة الأم فالإستراتيجية للشركة الأم ليست إلا مجموع القرارات الصادرة من مركز إصدار القرار وهذه العلاقة بين المركز والفروع المنشقة عنه تعد إحدى العلامات الأساسية للمشروع متعددة الجنسية.
    بينما الثـاني: ترجمة القانون بفكرة التسلط و السيطرة و الرقابة ويقصد بذلك العلاقة الفعلية أو القانونية بين الطرفين وذلك عندما تأثر و تحدد القرارات الصادرة من إحداها على مسلك الطرق الأخرى.
    وقد إهتم رجال القانون إلى حد كبير بتلك التناقضات الموجودة في الطابع الموحد للشركات متعددة الجنسيات من الناحية الإقتصادية و الطابع التعددي من الناحية القانونية.
    الطـابع التعددي للشركات متعددة الجنسيات: هناك طابع مزدوج تعددي يميز الشركة متعددة الجنسيات فهي مكونة من عدة شركات، تتمتع بالخاصية القانونية المستقلة ويتم تشكيلها وفقا لقونين وطنية متعددة وعلى هذا النحو فإمها تتمتع بالجنسيات المختلفة.
    إلا أن ةهذه المجموعة من الشركات تعد غير واضحة في النضم القانونية، كما تطرقنا إلى المفاهيم الخاصة بها فيما سبق ، حيث نجد أن العلاقات بين هذه الشركات تقوم على تنظيم العلاقات بين أعظاء المجموعة على أساس القانون العام للشركات الذي يكيف وفقا للظروف ،هذا من جهة ، من جهة أخرى فإن توزيع أعضاء المجموعة بين الدول مختلفة عبر العالم يمكن النظر إليه بوصفه أحد المشاكل التقليدية للقانون ولا سيمى القانون الدولي الخاص الذي تسري قواعده بشأن العلاقات القائمة بين الشركات المنتمية إلى أنظمة قانونية مختلفة ، هذه الشركات تنشأوفق القانون الوطني ، وباتالي تكتسب جنسيات مختلفة وبانظر إلى أن الشركة متعددة الجنسية لها أنشطة متعددة في كل المجالات من أبسط إنتاج صناعي إلى صناعة الصواريخ العابرة للقرات ، فإنها تمثل بواسطة فروعها المختلفة في أكثر من إقليم وطني. وعلاوة على الشخصية القانونية لكل من الشركات الفرعية فإن تلك الأخيرة تحتفظ دائما بنوع من الذاتية و الجزئية المتمثلة في الإحتفاض بوحدات مرتبطة فيما بينها ، رغم تمييزها ولكن تتخطى الشركة نفسها حدود الدولة الواتحدة . بحث تتواجد في كل من الشركات الفرعية وكذلك لتؤدي وظيفتها في إطار متعدد الجنسيات. إن مفهوم التوجد في إقليم ما أمرا سهلا كما يتراءى للوهلة لأولى فالمفاهيم المتعارفة على إستخدامها للمشروعات متعددة الجنسية تشترط أن يتسم تمركز الشركة في إقليم معين بالوظوح و الجدية. ويجب أن يكون لهذه الشركة شخصية قانونية مستقل، و أن تملك تجهيزات للإنتاج ليس فقط مجرد وسائل خاصة للتسويق وإذا كانت الشركة متعددة الجنسية تعد ظاهرة إقتصادية هامة أسست على معطيات فنية فإنها إيظا ظاهرة قانونية بل وأكثر من ذلك فإن الشركة متعددة الجنسية هي أمر من خلق القانون الوطني و الدولي.
    ونجد نمو ش.م.ج يفوق نمو إقتصاديات البلدان الرأس مالية المتطورة نفسها بالضعين، حيث بلغ معدل نموها السنوي 10% وبلغ النمو الإقتصادي لهذه البلدان المتطورة 5%.
    وقد بلغ عدد فروع ش.م.ج عبر العالم حوالي 74.7 فرعا وتطورت عبر بداية السبعينات إلى حولي 35000 فرعا ولاتزال في تزايد مستمر مما يشكل خطورة على السيطرة التامة على هذه البلدان مما يؤدي إلى إستغلال طاقتها المختلفة.
    وهذا ما جعل طابعها التعددي قويا بشكل قوة ونفوذ في الهيمنة و السيطرة إلى جانب ما تمتاز به هذه ش.م.ج من عنصر التكامل و الإحتكار إظافة إلى ميزة التنوع و التوسع

    #1034310
    noor_888
    مشارك

    لقد صارت الشركات المتعددة الجنسيات منذ بداية الخمسينيات من القرن الماضي إلى الآن، القوة الاقتصادية الرئيسية الأولى في العالم ، و باتت تصنع الأحداث السياسية و تغير الخرائط و الحقائق التاريخية في كثير من مناطق الكرة الأرضية و تعاظم دورها و زادت قوتها بزيادة استغلالها لخيرات الشعوب الفقيرة أو ما يعرف في الأدبيات السياسية و الاقتصادية المعاصرة بدول الجنوب أو دول المحيط ، هذه القوة العظمى دفعت بفقهاء القانون الدولي إلى الاختلاف حول طبيعتها و خصوصيَّاتها ، و من الأسئلة التي تطرح حولها:

    أيمكن اعتبارها شركات تنتج سلعا من أجل الربح فقط؟ أم يمكن اعتبارها شخصا دوليا له فاعلتيه في العلاقات الدولية كسائر الأشخاص الدوليين مثل الدولة و المنظمات البيحكومية و القارية و المنظمات الإقليمية و نظيرتها المتخصصة ؟ ما هي حدود تأثيرها السياسي و الاقتصادي و حتى العسكري في العلاقات الدولية المعاصرة؟

    إن منطق قوة هذه الشركات ، يدعو بلا مواربة ، إلى القول باعتبارها شخصا دوليا تفوق فاعليته كل واحدة منها فاعلية دول بأكملها و ذلك بالاستناد إلى أبحاث العديد من فقهاء القانون الدولي ، بيد أن الملامح القانونية لهذه الشركات العملاقة لا تزال غامضة ، كما أن دورها السياسي لا يزال مستترا و يصعب رصده بدقة ، على أن الدكتور “منصور عسو” يعرفها بكونها كل شركة يتجاوز رأس مالها 100 مليون دولار و لها فروع في ست دول على الأقل أما “ميشال كرتمان ” فيعتبر بـأن الشركة المتعددة الجنسيات هي كل شركة تستمد أكثر من 10% من رقم أعمالها في الخارج غير أن هذين التعريفين المبسطين يجران إلى طرح أسئلة أخرى تتعلق مثلا بتعريف جنسيتها، أهو البلد المنشإ؟ أم هو البلد الذي سجلت فيه أوراق الشركة القانونية ؟ غير أن السؤال الرئيس يبقى هو : أي دور تلعبه هذه الشركات في محيطها السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي ؟

    قبل ذلك، لابد أن نشير إلى تعدد أسماء هذه الشركات،ذلك أنها أحيانا، تسمى بالشركات العالمية “les sociétés internationales ” و تدعى أيضا بالشركات عبر الوطنية أو عبر قومية “les sociétés transnationales ” أو الشركات فوق القومية les sociétés multinationales ” و غالبا ما تدعى بالشركات الاحتكارية .

    2- الشركات الكبرى … النشأة و التطور :

    إن ظاهرة الشركات الكبرى ، مرتبطة بتطور نمط الإنتاج الرأسمالي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر و كانت بداية ظهورها في دول أروبية صغيرة سوقها الوطني ضيق اضطر معه بعض الشركات إلى التوسع خارج الحدود الوطنية و منها شركة نيستلي ( Nestlé ) السويسرية و فيليبس الهولندية (Philips)(2) و شركة رولكس rolexe لصناعة الساعات بسويسرا ، ثم تلتها شركات أمريكية توسعت خارج الحدود بفضل تصاعد وثيرة التركيز ، و بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت شركات أوربية و يابانية عملاقة و أخرى من دول نامية كالبرازيل و كوريا الجنوبية و الكويت و ماليزيا .

    إن ظهور الشركات العملاقة يعود إلى مرحلة من مراحل تطور النظام الرأسمالي في أواخر القرن التاسع عشر التي تًعرف بظهور ما يسمى بالرأسمال المالي، حيث أدت المنافسة إلى ابتلاع الشركات الصغرى من طرف الشركات الكبرى و حيث اندمجت الشركات التي تنتج منتوجا واحدا أو التي تتكامل في إنتاجه و ذلك نتج عن تفاوت معدلات الربح بين الدول الأوربية المصنعة و الولايات المتحدة و باقي دول المعمور، و قد أدت نضالات الطبقة العمالية في أواخر القرن 19 التي انتزعت مكاسب كثيرة منها تحديد ساعات العمل اليومية في 8 و الزيادة في الأجور إلى نزوع معدل الربح لدى هذه الشركات إلى الهبوط و هذا ما جعل من الضروري تصدير رأس المال من أجل تحقيق أرباح أكثر في بلدان ذات يد عاملة رخيصة ، و قد نزعت الشركات الكبرى فيما بين الحربين إلى السيطرة(3) على الموارد الأولية الكامنة في أراضي المستعمرات و منها المطاط الطبيعي و النفط و النحاس ، ثم إن نهب المستعمرات قد أدى إلى تراكم الثروة في الدول الإمبريالية و كان تصدير رأس المال بوساطة شركات كبرى أمرا حتميا بحكم التضخم الحاصل في بلدانها الأصليَّة و بحكم ضرورة امتصاص الأزمات الاجتماعية التي تهدد بالانفجار و يرى أنصار التحليل الماركسي و منهم سمير أمين و كورو و فيتوردو و فرانك في إطار ما يسمى بنظرية التبعية dépendance theory أن المصارف في القرن التاسع عشر لم تعد مجرد وسيط في المدفوعات ، بل كانت تحتفظ بالمال لأجل الاستثمار في الصناعة و تحول الرأسمال النقدي إلى رأسمال صناعي سمي رأس المال المالي و قد نهجت الدول الإمبريالية سياسة حمائية صارمة مكنت من تصدير المنتوجات الصناعية بسعر الكلفة وهو ما يًعرف بالإغراق أو dimping مما مكن حسب بوخارين bokharin من تصريف فيض الإنتاج و زيادة أرباح الاحتكارات العملاقة.

    بعد العام 1950 أخذت الشركات المتعددة الجنسيات تتوسع ، و كان من أهدافها مقاومة مزاحمة الصناعات الناشئة بعدد من بلاد العالم الثالث التي نالت استقلالها ، و كانت الدول الإمبريالية تخشى المد الشيوعي و اشتعال فتيل الثورات الشعبية الاشتراكية في البلاد الأخرى، و لمقاومة هذا المد لجأت هذه الدول إلى الرفع من أجور العمال على حساب الشركات الكبرى التي لجأت إلى التوسع في الخارج ، لهذا فإن ظاهرة تصدير رأس المال هو في عمقه من أجل وقف نزوع معدل الربح إلى الهبوط في الخارج ، أي تحقيق معدلات ربح أعلى كما الحفظ على السلم الاجتماعي الدَّاخلي بإعادة تدوير الأرباح المحققة في الخارج داخل البلد المنشإ في مشاريع اقتصادية و تمويل سياسة الرعاية الاجتماعية التي كانت تنهجها جًل الدول الغربية.

    و يكفي أن نشير إلى أن الولايات المتحدة قد صدرت خلال عشر سنوات ، بين 1951و 1961 حوالي 31 مليار دولار إلى الخارج ، (4)11.5 مليار دولار إلى العالم الثالث ، 85% منها عاد إلى الولايات المتحدة أي 9.30 مليار دولار بينما أعيد توظيف 2.2 مليار دولار فقط ، و قد كان رأس المال المصدر يذهب إلى شرق آسيا على شكل استثمارات لمكافحة المد الشيوعي.

    لقد أدى تطور البحث العلمي إلى انخفاض تكلفة الانتاج خصوصا مع ظهور الأَتمَتَة automatisation في سبعينيات القرن الماضي ، كما أن تطور الالكترونيات خلال الثمانينيات جعل العالم يعيش الثورة الصناعية الثانية التي أدت إلى زيادة مثيرة في أرباح الشركات العملاقة نتيجة الاعتماد المتزايد على الآلة على حساب الإنسان ، وليس غريبا إذن أن نسجل ذلك الرباط المقدس الذي يجمع بين أرباب الصناعة و أرباب المصارف .

    3- مظاهر القوة :

    تتعدد مظاهر القوة عند الاحتكارات الكبرى و يكفي أن نًشير إلى حجمها الاقتصادي و المالي لنقف عند حجمها الحقيقي ، فشركة كوبي ستيل copy stell اليابانية التي استثمرت 300 مليون دولار لبناء مجمع للحديد و الصلب بالناظور قد بلغ رأسمالها عام 1997 أكثر من 12 مليار دولار، (5)أما شركة موبيل mobil النفطية فقد بلغ رأسمالها 241.91 مليار دولار عام 1997 و يمثل ذلك 45% من الناتج الداخلي الخام لدولة مصنعة في حجم إسبانيا ، مع العلم أن الناتج الداخلي الخام للدول العربية مجتمعة لا يتجاوز 300 مليار دولار سنويا ، و سيبين هذا الجدول مبلغ قوة هذه الشركات حتى بالنسبة إلى الدول المتقدمة(6) :

    إسم الشركة البلد الاصلي رقم اعمالها بالمليار دولار
    GENERAL MOTORS و . م . أ 127
    EXXON و . م . أ 86.6
    TOYOTA اليابان 60
    B.P بريطانيا 50
    IRI ايطاليا 50
    ONRON و . م . أ 101

    و من مظاهر قوة هذه الشركات العملاقة ، أن شركة TOTAL النفطية الفرنسية استثمرت عام 1998 حوالي ملياري دولار لتطوير حقول إقليم خوزستان الايراني متحدية الكونغرس الأمريكي الذي سبق له أن أصدر في تسعينيات القرن الماضي قانونا يعرف بقانون داماتو نسبة إلى واضعه السيناتور “داماتو” ينزل عقوبات على كل شركة قامت باستثمار أكثر من 40 مليون دولار بكل من ليبيا و إيران ، وقد حذت حذوها شركة سيتروين الفرنسية لصناعة السيارات و التي استثمرت في قطاع السيارات بإيران التي تنتج كل سنة 300.000 سيارة .

    إن عمل هذه الشركات قد تطور كثيرا بفضل عقلانية التسيير التي تنهجها مجالسًها الإداريّة، إنها تعيش حاليا أطوار تطورها في ظل اندماج الاقتصاد العالمي ، و يتجسد ذلك في حركة الاندماج القوية التي شهدها العالم في نهاية تسعينيات القرن الماضي ، و حركة الاندماج هاته تعبر في الحقيقة عن السعي الحثيث إلى إيجاد موقع قدم في القرن الحالي من قبل هذه الديناصورات ، فقد كان مبلغ اندماج شركتي MobiL و Axxon (7) يصل إلى 80 مليار دولار و صارت الشركة الجديدة تعرف ب Exxon Mobil Crup و باتت تراقب احتياطيا من النفط يقدر ب 20 (8) مليار برميل ، و كان مبلغ اندماج شركتي مرسيدس (Mercedes ) الألمانية لصناعة السيارات و شركة كرايزلر الأمريكية يصل إلى 98.2 مليار دولار، و في نفس السنة أي 1998 اشترت شركة ترافلركروب Travler crup شركة cuty crup بمبلغ 72.6 مليار دولار ، أما شركة بريتش بترليوم النفطية فقد اشترت شركة أموكو بمبلغ 55 مليار دولار و أصبحت الشركة الجديدة تعرف ب بترليوم أموكو كما اندمجت شيل shell الهولندية و تيكساسو الأمريكية و كلاهما يشتغل في تصنيع النفط ، و في سنة 2000 اشترت شركة ديفون انرجي كروبdivon enerjé crup شركة ميتشل إنرجي اند دبليو بمنتmitshel and wpmint crup كروب مقابل 3.1 مليار دولار في صورة نقد و أسهم لتصبح ثاني أكبر منتج للغاز في الولايات المتحدة حيث تولت شركة ديفون سداد 400 مليون دولار من ديون ميتشيل ، و هذه الاندماجات تعبر عن رغبة الاحتكارات الكبرى في تقوية موقعها في عالم شديد التنافسية لا موقع فيه إلا للأقوياء كما تعبر عن مظهر من مظاهر قوتها الاقتصادية الجبارة .

    لقد كان العالم حتى سنة 1988، منقسما إلى معسكرين متنافرين اشتراكي و رأسمالي ، وكانت الشركات العملاقة تسيطر على 40% من المردود الصناعي و 80 % من الإنجازات التكنولوجية الحديثة و قد استثمرت الاحتكارات الكبرى عام 1973 في العالم الثالث 11.57 مليار دولار و في نفس السنة أعادت إلى بلادها الأصلية 7 مليارات دولار ، قوة هذه الشركات تبرز أكثر في علاقتها بالدول أو المنظمات العالمية ، خصوصا إذا علمنا مثلا، أن شركة(9) Nestlé نيستلي السويسرية قد هددت منظمة الصحة العالمية بوقف ما تحصل عليه من إمدادات إذا استمرت في حملتها التحسيسية بأهمية الإرضاع بحليب الأم ، و قد أجبرت الشركات الكبرى الحكومة السويدية في مطلع التسعينيات من القرن الماضي على خفض الضرائب و هددت بنقل أنشطتها إلى الخارج إذا لم تحقق مطالبها ، وهذا ما أدى فعلا إلى وقف الحكومة لكثير من مشاريعها الاجتماعية ، و من مظاهر قوة هذه الشركات تأثيرها المتنامي على اقتصاديات الدول المستقبلة، ذلك أنَّ فإن شركة كوكا كولا coca cola مثلا التي تستثمر في أكثر من 100 بلد أنعشت سوق الدراجات بالمغرب في العام 1998 عندما اشترت 5000 دراجة نارية ووزعتها على الزبناء الذين نجحوا في المسابقة التي نظمتها الشركة و كان مجمل قيمة الدارجات الموزة قد تجاوزت 2.5 مليون دولار، بل إن الاحتكارات الكبرى ، النفطية منها و الصناعية تحرص كل الحرص على بقاء الكيان الصهيوني قويا و متفوقا على جيرانه، و تدفع للدّول العبرية العنصريَّة، 10% من قيمة أرباحها المتحققة من نشاطها في الخليج العربيَّ ومصر ، مقابل منع أيّ دولة عربية في محيطها من تحقيق أي نهضة علميَّة و اقتصادية.

    4- السياسة و المال :

    في الولايات المتحدة ، حيث تتواجد كبريات الشركات العملاقة ، تساهم الاحتكارات الكبرى بقوة في الانتخابات الرئاسية و التشريعية ، فشركة أونرون قدمت مساهمات مالية قدرت ب 1.9 مليار دولار بين عام 1999 و 2001 لتمويل انتخاب أعضاء في الكونغرس و قد ذهب النصيب الأوفر من هذه الأموال إلى الحزب الجمهوري ، و تجدر الإشارة إلى أن نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني قد دعم سنة 2001 مقترحات بتشجيع الهند على استهلاك المزيد من الطاقة لان ذلك يصب في مصلحة أونرون للطاقة التي كان عضوا في مجلس إداراتها، حتى إن البيت الأبيض اعد سنة 2001 مخطط قوميا للطاقة اعتبره النائب هندري واكسمان من كاليفورنيا من وحي مجموعة أونرون التي بلغ رقم معاملاتها في نفس السنة 101 مليار دولار ، و لن نستغرب حين نعلم أن هذه الشركة ساهمت في الحملات الانتخابية لجورج بوش الأب و جورج بوش الابن و مولت أيضا الحملة الانتخابية بمبلغ 54 ألف دولار لإعادة انتخاب جون اشكفورت حاكما على ولاية ميسوري عام 2000 بل إن أونرون، و في نفس السنة مولت الحملات الانتخابية ل 71 عضوا داخل مجلس الشيوخ الذي يضم بين أعضائه 100 عضو.

    يذكر الملك الراحل الحسن الثاني ، أنه كان في حوار مع جورج بومبيدو حين كان نائبا للرئيس الفرنسي الراحل دوغول حول القضية الجزائرية ، وقد صرح بومبيدو للملك الراحل بأن الحرب الجزائرية مفيدة للصناعة العسكرية الفرنسية كما هي مفيدة لصناعات النسيج و الغذاء و الصلب(10) ، و هذا يدل على العروة الوثقى التي تربط الاحتكارات الكبرى برجال السياسة و تصريح بومييدو بما تحمله كلماته من براءة الأطفال ليس إلا شهادة صريحة عن ذلك الرباط المقدس ، هذا يعني أن هناك تداخلا و تطابقا بين مصالح الشركات و الدول التي تحمل جنسيتها ، و لتوضيح الأمر أكثر نستطيع أن ننبش في أغوار التاريخ القريب لنقف عند حجم ذلك التطابق ، ففي سنة 1971 وصل سلفادور أليندي إلى السلطة في الشيلي عن طريق صناديق الاقتراع ، و كان هذا الأخير اشتراكيا قاد تحالفا واسعا يضم البرولتاريا و الفلاحين و البرجوازية الصغيرة بعد أن هزم ممثلي البرجوازية الشيليَّة الكبيرة و حلفاءهم من الملاكين الزراعيّين الكبار ، لكن شركة ITT الأمريكية العملاقة للاتصالات دبرت انقلابا عسكريا بتنسيق مع وكالة المخابرات الأمريكية CIA و شرائح من البرجوازية الكبيرة الشيلية التي يمثلها الجيش تحت قيادة الجنرال بنوتشي في 11 سبتمبر 1973، ومنذ ذلك التاريخ وهذا الجنرال يحكم البلاد إلى غاية تنحيه عن السلطة عام 1990 مخلفا وراءه 30.000 ألف ضحية بما فيهم الرئيس أليندي الذي حوصر في القصر الرئاسي و اغتيل و هو يحمل كلاشينكوف كان الرئيس الكوبي فيديل كاسترو قد أهداه إليه أثناء زيارته لسانتياغو ، و تعتمد الاحتكارات الكبرى على تحالفات مع القوى المحلية المهيمنة اقتصاديا وسياسيا والتابعة للغرب ، إنها تعتمد على البرجوازيات التابعة أو ما يعرف في الأدبيات الماركسية بالكمبرادور ،و كمثال على ذلك وقبل العام 1952 ، كان الشاه رضا فهلوي يحكم إيران، و كان قد منح امتيازات التنقيب عن النفط و استخراجه لشركتي أرامكو و موبيل الأمريكيتين ، وكان الدكتور محمد مصدق قد وصل إلى منصب الوزير الأول و أطاح بالإمبراطور و قام بتأميم النفط و الأبناك و الغاز الطبيعي ، هكذا ، تحالفت الشركتان الآنفتا الذكر مع جهاز المخابرات الأمريكية CIA ودبرتا انقلابا عسكريا أعاد الشاه إلى السلطة و أودع الوزير الأول الوطني السجن إلى أن مات فيه، فطالت حملات القمع الوطنيين الشرفاء والمناضلين من الأقلية الكردية (و من الأمثلة التي يًمكن الاستشهاد بها أن الرئيس إزنهاور كان قبيل مغادرته البيت الأبيض قد أشار إلى الأهمية المتزايدة لاحتكارات كبرى سماها المجمع الصناعي العسكري ،و كان يعني به ذلك التحالف القائم بين أرباب الصناعات العسكرية و المدنية الكبرى ، و لم تكن نبوءة إزنهاور خاطئة ، فسبع سنوات بعد رحيله عن السلطة ، بالضبط في سنة 1963 ، تم اغتيال الرئيس الأمريكي الديمقراطي جون كينيدي ، و لا يزال اغتياله يشكل لغزا مًخيرا حتَّى آلآن باعتبار وجود ثغرات متعددة في تحقيقات البوليس الفدرالي FBI و باعتبار اغتيال كل شهود القضية في ظروف غامضة بمن فيهم القاتل ، غير أن تحقيقات أخرى أثبتت أن اغتيال جون كينيدي قد تم عن قرب و بأن هناك قاتلان آخران و ليس هناك قاتل واحد حسب الرواية الرسمية وهو ما عالجه المخرج الهوليودي الشهير أولفير ستون في فيلمه J.F.K ، و ظهرت فرضيات تقول بتواطؤ الرئيس الكوبي كاسترو مع المافيا الأمريكية لاغتياله لكن هذه الفرضية تهاوت لغياب الدليل الملموس، و بالمقابل قامت شكوك كبرى حول جهاز CIA ذلك أن الرئيس الأمريكي كان قد دشن مع نظيره السوفياتي نيكيتا خروتشوف مرحلة جديدة في العلاقات بين العملاقين قوامها التعايش السلمي بين الاشتراكية و الرأسمالية ، و قد اجتمع الرئيس السوفياتي الراحل خروشوف مع كينيدي و تعهد الرجلان بخفض الإنفاق على التسلح و التعاون في بعض المناحي الاجتماعية و العلمية ، و هذا الاتفاق ، مس بشكل مباشر مصالح الشركات العملاقة و خصوصا شركات السلاح التي كانت ستتضرر من إحجام الحكومة الأمريكية عن شراء مزيد من السلاح منها ، و يذهب الكثيرون إلى أن تصفية كينيدي قد جاءت على يد أرباب الصناعات العسكرية بتعاون مع جهاز CIA و المافيا الأمريكية ، خصوصا و أن الأمريكيين كانوا في ذلك الحين ينفقون 10% (11) من القوة الإنتاجية الأمريكية على الموازنة العسكرية و هو ما يؤدي إلى القول بوجود تحالفات ضخمة بين شركات تؤيد الزيادة في التسلح و في مقدمتها شركتا بوينغ ولوكهيد و الشركات الأخرى المرتبطة بصناعة السلاح كشركات صناعة الكومبيوتر و الزجاج و كذلك النسيج ، لذلك تشجع الدولة الرأسمالية دعم قطاعات غير منتجة كصناعة السلاح لكنها تتميز بربح كبير.

    5 – الغاية تبرر الوسيلة :

    إن الربح ، هو الغاية الأسمى ، و لا تهم بعد ذلك الوسيلة ، فشركة لاروش للأدوية كانت تستفيد كثيرا من تصدير عقار نيلفينافير المضاد للسيدا ، و لم تذعن لمطالب الحكومة البرازيلية بتخفيض سعر العقار من 1.07 دولار إلى 0.64 دولار ، إلا بعد أن أعلن وزير الصحة البرازيلي في بحر سنة 2000 أن بلاده ستسمح بإنتاج دواء بديل لعقار نيلفينافير وهو الدواء الذي تمنحه السلطات الصحية البرازيلية ل 25.000 مريض بالسيدا في إطار برنامج مجاني كانت ترعاه وزارة الصحة البرازيلية .

    عام 1991 ، لما اجتاح العراق الكويت ، كانت الدبلوماسية الفرنسية نشيطة كي لا يشتعل فتيل الحرب نظرا لأهمية مصالحها بالعراق و حتى لا تنفرد أمريكا بقيادة العالم بعد نهاية الحرب ، لكن صناع السلاح بفرنسا دفعوا الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران إلى خوض الحرب إلى جانب بريطانيا و أمريكا ، كما أن الشركات النفطية الأمريكية ، و كذا البريطانية كانت لها اليد الطولى في تمديد الحصار الظالم المضروب على شعب العراق منذ منتصف العام 1990 إلى غاية أبريل 2003، فقد كانت فهي تنظر إليه من حيث احتياطه النفطي الهائل ، لذلك ضغطت بقوة عن طريق البيت الأبيض الأمريكي من أجل إسقاط النظام الوطني العراقي و فرض نظام رجعي بديل يسهل لها وضع اليد على 20% من الاحتياطي النفطي العالمي الذي يقدر ب 1121 مليار برميل خصوصا أن الاحتياطي العراقي المعلن عنه من النفط يتجاوز 120 مليار برميل، إضافة 140 مليار برميل أخرى غير معلن عنها في المنطقة الغربية من البلاد ، إضافة إلى تصريف المنتوجات الأمريكية في السوق العراقية ، أما السفير الأمريكي بالرباط ، فقد تدخل شخصيا في العام 1998 لصالح شركة TID بعد نزاعها مع إحدى شركات الصابون المحلية بل و لمح إلى احتمال توتر العلاقات السياسية بين واشنطن و الرباط بالمسألة(12) .

    لقد صارت إفريقيا مسرحا للمنافسة بين الشركات الكبرى التي التجأت دوما إلى السلاح من أجل الحفاظ على مكاسبها أو الحصول على أخرى ، و سنذكر القارئ الكريم، بأن الاحتكارات العالمية في العام 1962 كانت لها مصالح ضخمة في زائير-الكونغو الديمقراطية حاليا – و كانت هذه المستعمرة قد حصلت على استقلالها من بلجيكا في العام 1960 ، و الزائير بها ثروات هائلة من النحاس و النيكل و الكوبالت ، و بعد استقلالها تولى السلطة الوزير الأول الاشتراكي باتريس لوموبا ، الذي كان ينادي بالوحدة بين شعوب إفريقيا و كان أحد مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية ، لذلك تحالفت الشركات المستفيدة مع بعض ضباط الجيش و في مقدمتهم المارشال موبوتوسيسيكو الذي أعدم الوزير الأول و قاد البلاد بالحديد و الدم نحو الخراب حيث استنزف أموال الشعب الفقير إلى حين سقوطه عام 1996، وقد قدمت الحكومة البلجيكية اعتذارا رسميا للشعب الكونغولي و ذلك يوم الثلاثاء 5 فبراير من عام 2003 عن طريق وزير خارجيتها لويس ميشيل في خطوة منافقة ، حيث عبرت الحكومة البلجيكية عن اعتذارها و خالص أسفها للشعب الكونغولي عن الدور الذي قامت به في عملية اغتيال رئيس الحكومة الكونغولية في 17 يناير 1961.

    و غذت الكارتيلات العالمية كثيرا من التوترات بالقارة السمراء في تسعينيات القرن العشرين، ذلك من أجل إعادة تشكيل خارطة السياسة من جديد وفق مصالحها ، فشركة Total النفطية الفرنسية العملاقة كانت تمد أحد الفرقاء الكابونيين بالسلاح ، و قد أشارت تقارير صحفية إلى ضلوع عدد من ضباط الجيش الفرنسي في المذابح الشهيرة التي وقعت عام 1994م في رواندا بين قبيلتي توتسي و الهوتو ، و مصالح الشركات الفرنسية كانت حاضرة في العملية كما كانت حاضرة في دعم فرنسا عن طريق أوغندا و انغولا ورواندا لجبهة الموليا مولينغي التي حاربت الراحل لوران ديزيري كابيلا في جمهورية الكونغو الديمقراطية و معلوم أن الماركسي السابق الذي حارب المارشال موبوتو في الستينيات من القرن الماضي قد تحول إلى حليف لأمريكا قبل أن يتم اغتياله ليرث ابنه الحكم من بعده، أمريكا نفسها التي تنظر بنهم إلى خيرات البلد لصالح شركاتها العملاقة .

    و لابد أن نشير إلى أن أرباب الاحتكارات الكبرى يصنعون القرار السياسي ببلدانهم و يكون ممثلوها حاضرين في البرلمانات و الحكومات و عند لقاءات رؤساء الدول ، فجورج بوش الأب لما زار اليابان في العام 1992م ، اصطحب معه وفدا يضم عددا من رؤساء الشركات و منهم رئيس شركة فورد لصناعة السيارات ، و كان قد أصيب بنوبة قلبية بعد فشل المفاوضات بين الولايات المتحدة و اليابان بشأن تضرر صناعة السيارات الأمريكية من زميلتها اليابانية ، و لفهم الأمر أكثر تمكن الإشارة إلى أن ترشيح جيمي كارتر(13) للرئاسة الأمريكية قد تم من طرف رجال يمثلون الشركات الكبرى مثل بنك “تشاز منهاتن بنك ” و “بنك أوف أمريكا ” و “كوكاكولا ” التي دعمت أيضا نائب الرئيس الذي كان رئيسا لنقابة عمال مزارع الكوكا التابعة لشركة كوكا كولا طبعا ، و كان عمال المزارع الكوكا قد دخلوا في إضراب عن العمل قبل العام 1976 لكن رئيس نقابتهم خانهم ة ارتمى في أحضان المشغلين، و في هذا الصدد ، منحت شركات المعلوميات مبلغ 24 مليون دولار للحزبين المتنافسين على رئاسة الولايات المتحدة في انتخابات سنة 2000.

    في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وضع وزير الثقافة التونسي برنامجا من أجل تطوير السينما التونسية و الوصول بها إلى مستويات أرقى ، و هذا لم يكن طبعا في صالح صناعة السينما الأمريكية ، وقد تدخل السفير الأمريكي في تونس شخصيا لأجل وقف تنفيذ المشروع و مورست ضغوطات على وزير الثقافة من أجل وقف المشروع مما أدى به إلى تقديم استقالته دون أن يطأطئ رأسه و لنا أن نعلم أن حجم صادرات السينما الأمريكية إلى الخارج بما فيها أفلام الكرتون قد بلغ عام 1999 حوالي 80 مليار دولار وهو ما يفوق الناتج الداخلي الخام لدولة متقدمة كالبرتغال أو لوكسمبورغ ، علما أن المنتوج الإعلامي الأمريكي يرسخ مقولة تفوق البطل الأمريكي الذي لا يقهر كما ترسخ قيم المجتمع الاستهلاكي الأمريكي و النزعة الفردية و السلوك الأناني، إن المنتوج الإعلامي الأمريكي يروج بكل بساطة للقيم الأمريكية في عمقها الاستهلاكي.

    بحر قزوين ، يشهد صراعا حادا بين قوى محلية و عالمية ، وقد وقعت الولايات المتحدة اتفاقيات لبناء أنابيب لنقل النفط و الغاز الطبيعي عبر تراب جمهوريات تركمنستان و أذربدجان و جيورجيا إلى تركيا حيث سيتم نقل النفط من باكو إلى ميناء شيحان التركي وهو ما يمنع إيران من تقوية نفوذها بالمنطقة ، و الشركات الكبرى فرضت مرور نفط بحر قزوين بتركيا على مروره بإيران على الرغم من أن تكاليف مرور الأنبوب بإيران أرخص من تكاليف مروره بتركيا حيث تبلغ تكاليف الأول 1.5 و الثاني 4.3 مليار دولار(14)، و ذلك يتفق طبعا مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة .

    و يذكر الدكتور حسن عنبري في كتابه محاضرات في العلاقات الدولية بأن أحدهم علق قائلا : (ماهو جيد لأمريكا جيد لجنرال موتورز)(15)،بحيث غالبا ما تتطابق مصالح الدول مع مصالح الشركات الكبرى إذ يقدم كلاهما للأخر خدمات كبرى ، ففروع الشركات الكبرى مصدر هام للمعلومات بالنسبة لأجهزة المخابرات الأمريكية التي كثيرا ما يعمل رجالاتها المتقاعدون بالشركات الكبرى ، فالمصالح … وراء الأزمات دائما،و للتدليل على ذلك، ضمت إحدى الشركات النفطية الكبرى في تسعينيات القرن الماضي حوالي 30 من العملاء الخاصين الذين سبق لهم العمل في CIA أو في مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI ، و هذه العلاقات العضوية القديمة القائمة بين الوكالات الاستخباراتية و الشركات البترولية الأمريكية أعيد تنظيمها(16) في إطار شركات خاصة لم تعد تخضع الآن للمراقبة السياسية للكونغرس ، و كانت الولايات المتحدة قد أسست نظاما للتجسس عبر الأقمار الصناعية يسمح لمراقبة كل الاتصالات الهاتفية في العالم و بمراقبة البريد الالكتروني أيضا ، و هذا النظام شاركت فيه الولايات المتحدة و أستراليا و بريطانيا و قد استغل من أجل التجسس على صفقات الشركات العملاقة التي تنافس المقاولات الأمريكية و البريطانية ، و على سبيل المثال : استطاعت شركة بوينغ الأمريكية أن تفوز بصفقة تزويد البرازيل بطائرات مدنية جديدة علما أن الخطوط الجوية كانت على وشك توقيع اتفاقية لشراء طائرات مدنية من شركة إيرباص الأوروبية غير أن الأمريكيين ، و بفضل نظام أخيليون للتجسس كانوا على علم بتفاصيل الصفقة فحولوها لصالحهم و في نفس السياق تدخلت الإدارة الأمريكية لطرد شركة بريداس الأرجنتينية العاملة في ميدان مد أنابيب الغاز من آسيا الوسطى لصالح شركة يونوكال الأمريكية التي أعلنت في بيان لها بعيد هجمات 11 سبتمبر 2001 أن مشروعها المجمد لمد خط أنابيب الغاز بأفغانستان سيبقى مجمدا و أنها ترفض التعاون مع حركة الطالبان قبل سقوطها(17) ، بل إن حميد قرظاي، الرئيس الحالي للحكومة الأفغانية التي حلت محل حركة طالبان كان مستشارا لدى شركة يونوكال و يحمل الجنسية الأمريكية .

    6- الشرور الكبرى :

    الشركات العالمية ، هي في الواقع شيطان خطير ، و هذا الشيطان ، يخرب كل شئ ، فمن اغتيال القيم الإنسانية و تخريب الثقافات الوطنية و تدجين الشعوب إلى تشويه الحقائق و تكريس الفوارق بين الشعوب و بين الطبقات ، و لهذا الغرض تستخدم الشركات العالمية المنظمات الدولية كوسيلة من الوسائل التي تتيح لها استغلال بلاد العالم الثالث و بعبارة أخرى فإن المنظمات الدولية تقع في خدمة المصالح الجماعية الرابطة بين برجوازيات العالم التي تسير الشركات العملاقة، و من بينها صندوق النقد الدولي FMI – البنك الدولي BIRD ، المجلس الاقتصادي العالمي وهيئة التنمية الدولية AID(18)، و تستغل هذه الشركات المؤسسات المالية الدولية لحسابها، فالمصارف الكبرى لا تمنح القروض للدول الممنوحة إلا بعد موافقة صندوق النقد الدولي الذي يًهيكل اقتصاديات دول الجنوب و يقدم لها قروضا بشروط تقتضي تحقيق توازنات ماكرو اقتصادية مثل تخفيض نسب التضخم إلى أقل من 3% وهو ما ينعكس سلبا على السياسات الاجتماعية للدول المقترضة التي تلجأ – بناء على توصيات صندوق النقد الدولي- إلى تخفيض عدد الموظفين و تقليص الميزانيات المخصصة للتعليم و الصحة و التجهيز في إطار ما يعرف بسياسة التقشف و ترشيد النفقات(19) و تلك إجراءات يهدف منها الدائنون إلى أن يجد المدينون ما يؤدونه كديون للأبناك و للجهات الدائنة و قد بلغ حجم ديون العالم الثالث سنة 1992 حوالي 1300 مليار دولار ، و في نهاية عام 2000 ارتفعت قيمة الديون إلى 2100 مليار دولار منها فوائد بقيمة 343 مليار دولار .

    فالمغاربة مثلا كانوا يخصصون إلى حدود سنة 2000 ، 50% من الميزانية للتسيير و 17% للتجهيز، و 33% لخدمة الدين الخارجي ، وكان المغرب عام 1983 قد خفض مناصب الشغل المخصصة للتعليم من 17000 سنة 1982 إلى 8000 فقط و بذلك تقدم الدول المستدينة ديونها للمصاريف العالمية التي تراقبها شركات كبرى و ذلك لمنعها من تركيز الفائض في حدودها الوطنية ، بل إن ذلك الفائض يعود إلى الدول المتقدمة ، علما أن فوائد الديون المستخلصة من الدول الفقيرة استخدمت طيلة ثمانينيات القرن الماضي للحفاظ على التضخم في مستويات دنيا تتراوح بين 3% و 4% كما استخدمت في الرفع من قيمة الاستثمار في الرأسمال العالمي الذي ترعاه طبعا الشركات العملاقة ، و تجدر الإشارة إلى أن أثرياء الخليج العربي قد اندمجوا في الاقتصاد الرأسمالي العالمي و صارت لهم أسهم في كبريات الشركات العملاقة، فقبيل حرب الخليج الثانية كان الكويتيون يراقبون 50 % من أسهم شركة ميرسيدس بنز الألمانية.

    وهكذا لا تستطيع الدول المستدينة خدمة أهدافها التنموية ، فالمؤسسات المالية الدولية أداة في يد الشركات الكبرى لمراقبة المحيط الاقتصادي العالمي ، و أهم أداة هي صندوق النقد الدولي الذي استوعب فائض الدول الخليجية من الأموال المترتبة عن صدمة 1973 البترولية خصوصا و أن هذه الدول لم تكن تتوفر على البنيات اللازمة لاستثمار ذلك الفائض الهام من الأموال ، و لهذا أعاد صندوق النقد الدولي و غيره من المؤسسات المالية الدولية تدوير هذه الأموال كما جرى توظيف قسم كبير من هذه الفوائض في سندات صندوق النقد الدولي و البنك العالمي IB ، هذه المؤسسات ساعدت الدول الأعضاء المتضررة من ارتفاع أسعار النفط – بما تجمع لديها من فائض مالي معظمه قدم من دول الخليج- على تمويل العجز في موازين مدفوعاتها من الاموال المقترضة من دول الأوبيك(20) ، و ما أن حلت نهاية السبعينيات من القرن الماضي حتى حصلت بأوروبا و أمريكا و اليابان و فرة كبيرة في رؤوس الأموال القابلة للتنقل بفضل الأموال الخليجية دائما و صار صندوق النقد الدولي هيئة استشارية منذ بداية ثمانينيات القرن العشرين ، التي تلجأ إليها البنوك الأوربية الدائنة الكبرى المنضوية تحت لواء نادي باريس و نادي لندن ، هذه البنوك أحجمت عن تقديم القروض للبلدان النامية من دون توصية من صندوق النقد الدولي أو من البنك العالمي الذين تعتبرهما ضمانة لإمكان تسديد القروض بل إن نادي باريس للدائنين الحكوميين الغربيين ينتظر دوما إذنا رسميا من إدارة الصندوق بمنح القرض لبلد ما قبل اتخاذ قراره النهائي لكن المشكلة تكمن في أن الطبقة الحاكمة في الدول المقترضة و القوى المرتبطة بها من وزراء و كبار الضباط في الجيش و الرؤساء و أقرباؤهم يحولون هذه القروض إلى حسابتهم الخاصة ، و على سبيل المثال حول الرئيس السابق للزائير موبُوتو سيسيسيكو (الكونغو الديمقراطية حاليا) مئات الملايين من الدولارات إلى أبناك في الخارج اكتشف منها 500 مليون دولار ، بعض هذه المبالغ حصل على جزء منها من تحويل الديون الخارجية إلى جيبه أودعها ببنوك سويسرية بحسابات سرية ثم إن الرئيس الإندنوسي السابق استولى هو و بعض أولاده و عائلته على أكثر من 4 ملايير دولار و من أموال الشعب الإندنوسي و قاموا بتأسيس شركات لها مصالح مهمة مع الاحتكارات الأجنبية الكبرى ، و في نفس السياق ، أعادت الابناك السويسرية جزءا من أموال الدكتاتور الفليبيني السابق الراحل فيروناند ماركوس و دكتاتور هاديتي السابق جون كلود دوقاليي ، كما أعادت جزءا من ودائع ديكتاتور بيكاراغوا السابق سالازار و تشاو سيسكو دكتاتور رومانيا كما هو الشأن بالنسبة إلى موسى ضراوري الرئيس المالي السابق .

    لقد استعانت الولايات المتحدة و أوروبا بالجنرالات أمريكا اللاتينية خصوصا بعدما قام الرئيس الأمريكي هاري ترومان عام 1947 بالإعلان عن محاصرة الخطر الشيوعي في العالم أينما كان وهو المبدأ المعروف بمبدأ ترومان ، و لهذا منح الجنرالات في البرازيل كما في الأرجنتين أو نيكاراغوا امتيازات كبيرة للشركات الأمريكية و كذا الفئات الاجتماعية التي ستشكل القاعدة الاجتماعية للأنظمة العسكرية الديكتاتورية فأغرق الجنرالات بلدانهم في ديون أجنبية هائلة، فالحكومات العسكرية التي تعاقبت على حكم أغلب بلدان أمريكا الجنوبية نهجت طريق الليبرالية المتوحشة و ذلك بالتقليص من النفقات الاجتماعية كالتعليم و الصحة و توسيع عملية الخوصصة لتشمل القطاعات الإستراتيجية في الدولة كقطاع الطاقة و المعادن و النقل الجوي و امتدت إلى تحرير الاقتصاد و المبادلات التجارية مع الخارج و رفع معدلات سعر الفائدة ، هكذا بين سنتي 1976و1989 و هي المدة التي حكم خلالها الجنرالات بالأرجنتين المدعومين من قبل الولايات المتحدة ارتفع الدين الخارجي من 7.6 مليار دولار إلى 132 مليار دولار في نهاية عام 2001 حيث وجد الأرجنتينيون أنفسهم غارقين في حجم من المديونية قدره خبراء آخرون ب 155 مليار دولار(21) ،والطامة الكبرى تكمن في أن الرساميل التي تمر بها الزعماء السياسيون و النقابيون و أرباب العمل بلغ 120مليار دولار كما أن الارجنتينين اصطدموا بواقع مر ، فهم لا يملكون في الأرجنتين شيئا :

    90% من مصاريفها و 40% من مصانعها تقع في ملك الرساميل الأجنبية ، لهذا علينا ألا نستغرب عندما نعلم أن الدول الغنية لا تفرض قيودا صارمة على الحسابات السرية في أبناكها أو تفرض شفافية الأرصدة المالية لأن القروض المهربة من دول الجنوب تعود لتدور في فلك الاقتصاد الرأسمالي و تزيد هذه العملية الدول المقترضة فقرا إلى أن تضطر إلى بيع مؤسساتها الاقتصادية إلى شركات أجنبية عملاقة بأثمان بخسة، و النتيجة أن 90% من الاستثمارات الخارجية المباشرة في الدول النامية هي نتيجة لاندماج المقاولات الوطنية في الشركات الكبرى و كمثال على ذلك ، اشترت شركة فيفاندي الفرنسية 35% من أسهم المؤسسة اتصالات المغرب ب11 مليار درهم (1.1 مليار أورو) و هي الصفقة التي اعتبرها خبراء مغاربة مجحفة في حق شركة اتصالات المغرب التي يملك فيها الجنرال حسني بن سليمان ، قائد الدرك الملكي أسهما بقيمة 50 مليون أورو، ومما يساعد الحكام في دول الجنوب على نهب ثروات بلدانهم عدم استقلالية القضاء و فساده حيث لا يساعد هذا الواقع على محاسبة المرتشين و الناهبين للأموال العمومية لتنقض الذئاب الأجنبية بكل شراهة على المؤسسات الاقتصادية بأثمان تقل عن سعرها الحقيقي ، و في سنة 2006 اشترط صندوق النقد الدولي على إندنوسيا التخلي عن برنامجها الخاص لدعم و تطوير صناعة الطائرات المدنية مقابل منحها القروض التي تحتاج إليها ، و السبب بسيط وواضح ، فإندنوسيا بلد شاسع يمتد على مساحة 2 مليون كيلو2 مربع و يضم هذا الأرخبيل 13000 جزيرة معظمها غير مأهول، و يبلغ طول هذا الأرخبيل 2500 كلم ، و هذا ما يجعل البلد في حاجة ماسة إلى النقل الجوي للربط بين أجزائه المترامية و تطوير صناعة الطائرات الصغيرة و المتوسطة و هذا ما يهدد شركتي بوينغ لوكهد الأمريكية و إيرباص الأوروبية في المنظور الاستراتيجي، لأن من شأن تطور صناعة الطائرات المدنية الإندنوسية أن يزاحم هذين العملاقتين في الأسواق العالمية الخاصة بصناعة الطائرات المدنية.

    و بالمقابل ترعى منظمة التجارة العالمية OMC الاتفاقيات التجارية العالمية و اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة و التعرفة الجمركية عبر جولة الارغواي 1986 ودورة مراكش 1994 في إطار اتفاقيات Gatt التي تقضي بنودها بإلغاء الحواجز الجمركية و تحرير بعض القطاعات التي كانت إلى عهد قريب قطاعات استراتيجية في يد الدولة مثل قطاع الاتصالات و البريد ، و قد حرر المغرب مثلا قطاع الاتصالات لصالح شركات أجنبية تستثمر في المغرب و تنقل أرباحها إلى الخارج و ذلك لا يؤدي طبعا إلى خلق فائض يبقى داخل الوطن من أجل تجهيزه بالبنيات الصناعية اللازمة التي تمكنه من التقدم ، و إلغاء الحواجز الجمركية هو إجراء في صالح الاحتكارات التي تتطلع إلى السيطرة حتى على المعادن في باطن الأرض ، و يمكن في هذا الصدد أن نشبه دول الجنوب بالإله الإغريقي سيزيف وهو يحمل الصخرة إلى أعلى الجبل ثم يعود أدراجه بعد أن تتدحرج الصخرة إلى الأسفل ليحملها من جديد إلى القمة في حركة دؤوبة لا تنقطع.

    حاليا ، تسعى إلى تحقيق أرباح أعلى بتكاليف أقل ، و التشريعات الحالية لا تضمن حقوق العمال الذين يتم تسريحهم، فشركة ليديك التي تقوم بتوزيع الكهرباء بالدار البيضاء سرحت عددا من العمال لزيادة هامش الربح ، و الأكثر من ذلك فقد احتج المواطنون المغاربة على الزيادة المهولة التي عرفتها أسعار الماء و الكهرباء أواخر العام 1999 و المسؤول طبعا … ليديك الفرنسية(22).

    إن الشركات العملاقة تستفيد حاليا من إعادة جدولة ديون البلاد المستدينة فتشتري منها المؤسسات الصناعية و الاقتصادية بصفة عامة وتقوم بتسريح العمال ، و داخل البلاد المصنعة نفسها ، صارت الدولة تخفض الإنفاق الحكومي و الأجور و المساعدات الاجتماعية بسبب إلحاح الشركات العملاقة على ضرورة التخفيض من الضرائب المفروضة عليها ، لأن إجراءات كهاته ، تدعم موقفها المالي في البورصات و أسواق القيم، و هذا يقلص من مداخيل الحكومات و يساهم في زيادة نسبة البطالة ، خصوصا بعد تحرير تنقل رؤوس الأموال، و قد صارت أسواق المال في استقلال عن رقابة الحكومات و المؤسسات الدولية ، و لسوف نصاب بالدهشة عندما نعلم بأن حجم قيمة المعاملات بالبورصات العالمية يفوق 50 مرة حجم قيمة المبادلات التجارية الدولية.

    إن العلاقة(23) وطيدة بين المال و النفط ، فتخفيض سعر النفط من طرف الدول المنتجة يأتي بعد ضغوط الدولة الغنية المستوردة و ذلك حتى يتأتى تخفيض سعر الفائدة المصرفية وهو ما يعتبر في صالح الاحتكارات الكبرى من أجل الحصول على أموال تستثمر ، و كان تحرير سوق المال بفرنسا و ايطاليا قد تم عام 1990 بعد ضغوط الشركات العملاقة و في مقدمتها F.I.A.T و بوجو ، و لهذا بات المال أحد الأنشطة الرئيسة لكثير منها ، خصوصا و أن الاستثمار في المال أضمن من الاستثمار في السلع المادية و الخدماتية ، فالمال يسهل نقله – مهما كان حجمه – من بورصة إلى أخرى خصوصا و أن الاقتصاد العالمي يدار بواسطة رموز و مؤشرات ، و بفضل توفرها على سيولة نقدية مهمة فإنها تتحكم في اقتصاديات الكثير من الدول التي تعرف نسبا متدنية من الادخار الداخلي وفي نهاية المطاف ، انهارت البورصات عام 1998 في اندونيسيا و ماليزيا و كوريا الجنوبية و سنغافورة و توقفت بالتالي عجلة النمو العادية ، لهذا فالشركات الكبرى تتحكم في أسواق المال و صرف سعر الفائدة ، ذلك أن ” بتر فلنبرج peter waleniberg ” أحد كبار صُناع الشاحنات بألمانيا هدد عام 94 بنقل مركز مؤسسته إلى الخارج في حالة عجز حكومة الائتلاف عن خفض العجز في الموازنة الحكومية(24) .

    و لنا أن نعلم بأن شركة Toyota تنتج من السيارات خارج اليابان أكثر مما تنتجه داخل الحدود الوطنية بعد تسريح عدد كبير من العمال اليابانيّين ، ثم إن شركة فولس فاكن الرائدة الأوروبية في صناعة السيارات تأتي بنصف المعدات من الخارج : المكسيك و جمهورية التشيك و إيطاليا و إسبانيا و الجارة فرنسا ، و الملاحظ أن الصناعات المصدرة هي صناعات ملوثة مع العلم أن صناعية السيارات بألمانيا استغنت عن 300 ألف منصب شغل بين سنتي 1991 و 1995 مع أن عدد السيارات المنتجة سنويا ظل ثابتا(25) ، كما أن كثيرا من هذه الشركات تلحق الأذى بالشعوب الفقيرة ، فشركتا “كاسل ” و ” كوك” كانتا قد جلبتا إلى دول عديدة مركبات كيماوية هي عبارة عن مبيدات حشرية ممنوعة بأمريكا و ألحقت هذه المبيدات أضرارا خطيرة بالصحة و المزروعات ، أما شركة ستريو الفرنسية فقد صدرت إلى العراق عام 1986 كميات دم ملوثة أصابت 133 شخصا بالإيدز و هذه الشركة حملت منذ 1999 اسم أفونتيس ياستور بعد اندماج الشركة الفرنسية “رون بولنك” بالألمانية “هوكست” ، و عام 1992 اعترف معهد سيتريو بإرسال شحنات دم لم تخضع لفحوص الدم مما أدى بوزارة الصحة العراقية إلى رفع دعوى قضائية ضدها لدى المحاكم الفرنسية .

    السلاح ، أحد مصادر الأذى ، إذ أن عددا من مراكز صناعة السلاح و في مقدمتها شركة بوينغ و لوكهيد سعت إلى تصنيع الأسلحة بعدد من دول الجنوب كمصر و الأرجنتين و البرازيل و الفلبين ، فرخصت لها بتصنيع كثير من الأسلحة دون أن يتم المساس بالتفوق الغربي الكاسح في صناعة الأسلحة، و هي استراتيجية تهدف إلى تحويل أموال هذه الدول من أهداف التنمية إلى التسليح لتشكل سوقا للمنتجات الغربية ، و هكذا ، فشركة ميراج الفرنسية لصناعة الطائرات الحربية رخصت لمصر بصناعة مقاتلات من طراز 2000 Mirages .

    7 – المال و الإعلام :

    لقد تطورت صناعة الإشهار كثيرا منذ اختراع التلفزة و السينما و اكتشاف البث الفضائي المباشر ، علما أن الإشهار نشاط مارسه الإنسان منذ القدم ، غير أنه تجدد في العصر الحالي و تطورت و سائله بشكل لم يسبق له مثيل من قبل حتى غدا في الوقت الراهن صناعة قائمة بذاتها تنافس الصناعات التقليدية ، وقد مكَّن اختراع التلفزيون و البث المباشر من تبوأ الإشهار مكانة هامة في حياتنا المعاصرة لأنه أنجح الوسائل في التأثير على ملايين بل مئات الملايين من المستهلكين في وقت واحد، وقد مكن اليوم البث الفضائي منذ بداية تسعينيات القرن الماضي من ازدهار الإشهار الذي بفضله أصبح تمويل القنوات التلفزية أرضية كانت أم فضائية لا يطرح مشكلا عويصا.

    يعتمد الإشهار على التلفزي على عنصرين أساسيين الصوت ، و الصورة ، غير أن الصورة أهم عناصر الإشهار الذي يعتمد على بث الصورة السريعة المبسطة التي لا تتيح للمتلقي وقتا للتفكير في مضمون خطابها و القصد من ذلك أن تكون أكثر فعالية لجلب انتباه مشاهدين أكثر ، فالصورة رسالة يوجهها المرسل إلى الجمهور ، هذه الرسالة تستخدم لتثبيت آراء حول موضوعات محددة –استهلاكية بطبيعتها – سرعان ما تتحول إلى حقيقة راسخة في ذهن المتلقي، فعدم تناول الحليب يصيب الإنسان بتفكك العضلات حسب إحدى الوصلات الإشهارية و الحل يمكن- حسب هذه الوصلة – في شرب نوع معين من الحليب ، بل إن الإشهار بات يتحكم في ذوق المشاهدين و يغير أنماط سلوكهم بوساطة تأثير الصورة التي تلتقطها العين و تمر عن طريقها إلى الدماغ حيث يتم تخزينها دون تفكيك رموزها أو التفكير في دلالاتها.

    إن الصورة ، باتت تحمل مع الإشهار إيديولوجيا و ثقافة المرسل ، بمعنى آخر ، إنها تقدم قيما أخرى تعود إلى مجتمعات متقدمة صار فيها تحقيق الربح غاية أساسا في الحياة ، إنها بتعبير أوضح تقدم رؤية للكون و الحياة هي ذاتها رؤية أرباب المقاولات الكبرى بحيث غدا الاستهلاك قيمة أخلاقية كما غدا تسليع المرأة و تشييؤها أمرا مسلما به بعد أن انتزعت منها صفتها الإنسانية، فالإعلان عن منتوج جديد يتم بوساطة بث صور عبر وسائط مختلفة : الجرائد – الإنترنيت – القنوات التلفزية ، و استغلال المكبوت الجنسي عند المستهلك صار أمرا واقعا و لتلبية رغبته الوهمية ، يعمد خبراء الإشهار إلى اختيار وجوه نسائية شابة و جميلة تمتلك قواما رشيقا فتتم تعرية غالبية جسد الأنثى لتحقيق رغبات وهمية عند المستهلكين و بحكم تكرار الوصلات الإشهارية ، غدا استهلاك المنتوجات الصناعية مسألة مفروغا منها مادامت الوصلات الإشهارية تحقق هذه الرغبات على مستوى اللاوعي الذي يتجسد في الإصرار على تعرية جسم المرأة و إبراز مفاتنها الجسدية .

    لقد باتت السلع تملك عمرا افتراضيا قصيرا لأن فلسفة الإشهار هي الإقناع الذي يولد الرغبة في الشراء لإشباع حاجات وهمية خلقها الإشهار، وعلى سبيل المثال، تجتهد شركات صناعة النسيج في تطوير نماذج جديدة من الألبسة في مدة زمنية لا تزيد عن سنة حتى يتسنى للمستهلك التخلص من القديمة و شراء ألبسة أخرى ليس في حاجة إليها ، و قد نجح الإشهار في ترسيخ مؤسسة الموضة في كيان أغلب المجتمعات المعاصرة.

    فالإذعان للموضة دلالة على سيادة ثقافة الاغتراب مادامت الموضة تشبع الحاجات المنفلتة من إشباع الفرد لها ، إنها تؤسس وعيا لا ينتمي إلى الواقع الذي يعيشه بكل تناقضاته لأن الموضة توحد بين الفقير و الغني ، و من مظاهر ذلك اللباس و أدوات التزيين التي توحي خطأ بعدم وجود فوارق في المجتمع مادام الجميع يستهلك نفس النوع من الأزياء ، وهذه العملية تستر الفوارق بين طبقات المجتمع بغطاء شفاف لتأكيد اندماج اجتماعي وهمي بين طبقات المجتمع و فئاته المتنافرة في إطار عملية تدجين واسعة يكون ضحاياها الفقراء الذين لا يتمتعون بحصانة ثق

    #1034311
    noor_888
    مشارك

    بالمناسبة المواضيع منقوله

مشاهدة 6 مشاركات - 1 إلى 6 (من مجموع 6)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد