الرئيسية منتديات مجلس عالم السفر والسياحة و حلقت فوق غرناطة و قصر الحمراء مرتين

مشاهدة 7 مشاركات - 1 إلى 7 (من مجموع 7)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #87478

    [color=#4B0082][font=Simplified Arabic][size=4]
    و حلقت فوق غرناطة و قصر الحمراء مرتين

    د . عدنان جواد الطعمة

    [img]][/img]

    شعار غرناطة على أسوار قصر الحمراء

    أتيحت لي ثلاث فرص لزيارة المدن الأندلسية بغية البحث عن كنوزنا الخطية العربية و التعرف على معالم الحضارة العربية الإسلامية في أسبانيا . وقد خصصت الرحلتين الأولتين في عامي 1981 و 1982 لزيارة إبنة أختي وزوجها و مدينة غرناطة و ضواحيها و القرى المجاورة لها و كذلك المدن الأندلسية الأخرى : المرية و مالقة و قادس و أشبيلية و قرطبة و غيرها .

    أما الرحلة الثالثة فكانت مخصصة لزيارة إبنة أختي و زوجها أيضا و مدريد و طليطلة و مكتبة الأسكوريال و جامعة مدريد و معهد ميغل آسين والمكتبة الوطنية و منتزهات مدريد الرائعة في صيف عام 1985 .

    وفي المقالة الثانية سأنشر تفاصيل الرحلات بعون الله .

    [img]][/img]

    خريطة مدينة غرناطة في عهد بني نصر

    عندما حلقت طائرتنا في شهر تموز عام 1981 فوق مدينة غرناطة و شاهدت قصر الحمراء الشامخ و الجبال و الهضاب المحيطة بهذه المدينة إنتابني شعور غريب ملؤه الحزن لفقد هذا الكنز العظيم و بدأت دقات قلبي تتسارع ضربا وإيقاعا وشوقا و تعزف موشحة وأنغاما أندلسية فكأنني سـألتقي بحبيبة قلبي .

    قبل الحديث عن قصر الحمراء بزخارفه و نقوشه و تزييناته البديعة وقاعاته وجنائنه الرائعة و عن مدينة غرناطة ، لابد لي أن أستعرض هنا عرضا سريعا موجزا عن تاريخ و حالة أسبانيا قبل و بعد الفتح الإسلامي المجيد معتمدا على ألمراجع العربية و الأجنبية و كتب الرحلات والتي إقتبست منها نصوصا و التقطت الصور و الخرائط لإعطاء القارئ العربي الكريم صورة موجزة ، والله ولي التوفيق .

    يعترف الباحث الكبير الأستاذ غوستاف لوبون بفضل حضارة العرب على أسبانيا و أوروبا و العالم أجمع و بالدور الذي لعبه علماء العرب في تطوير و انتشار مختلف العلوم و الفنون و الآداب ، بقوله :

    ” كانت أسبانية النصرانية ذات رخاء قليل و ثقافة لا تلائم غير الأجلاف في زمن ملوك القوط . و لم يكد العرب يتمون فتح أسبانية حتى بدأوا يقومون برسالة الحضارة فيها ، فاستطاعوا في أقل من قرن أن يحيوا ميت الأرضين و يعمروا خرب المدن و يقيموا فخم المباني و يوطدوا وثيق الصلات التجارية بالأمم الأخرى ، ثم شرعوا يتفرغون لدراسة العلوم و الآداب و يترجمون كتب اليونان و اللاتين و ينشئون الجامعات التي ظلت وحدها ملجأ للثقافة في أوربة زمنا طويلا . و أخذت حضارة العرب تنهض منذ ارتقاء عبد الرحمن إلى العرش على الخصوص ، أي منذ انفصال أسبانية عن المشرق باعلان خلافة قرطبة في سنة 756 ميلادية ، فغدت قرطبة ، بالحقيقة ، أرقى مدن العالم القديم مدة ثلاثة قرون .
    ولم يكن عبد الرحمن يقبض على زمام الحكم في أسبانية حتى أخذ يسعى في حمل العرب على عدّ أسبانية وطنا حقيقيا لهم ، فأنشأ جامع قرطبة الشهير الذي هو من عجائب الدنيا لتحويل أنظار العرب عن مكة ، و صار ينفق دخل بيت المال في إصلاح البلاد و عمرانها بدلا من إنفاقه في الغزوات البعيدة ، ثم سار خلفاؤه على سنته في ذلك .
    وامتازت حضارة العرب في أسبانية في ذلك الدور بميل العرب الشديد إلى الفنون و الآداب والعلوم على الخصوص ، وأنشأ العرب في كل ناحية مدارس و مكتبات و مختبرات ، و ترجموا كتب اليونان ، و
    درسوا العلوم الرياضية و الفلكية و الطبيعية و الكيمياوية و الطبية بنجاح . و سنرى في فصول أخرى أهمية اكتشافاتهم في هذه العلوم المختلفة . و لم يكن نشاطهم في الصناعة و التجارة أقل من ذلك ، فكانوا يصدرون منتجات المناجم و معامل الأسلحة و مصانع النسائج و الجلود و السكر إلى أفريقية و الشرق بواسطة تجار من اليهود و البربر .
    و برع العرب في الزراعة براعتهم في العلوم و الصناعات ، ولا يوجد في أسبانية الحاضرة من أعمال الري خلا ما أتمه العرب ، و أدخل العرب إلى حقول الأندلس الخصبة زراعة قصب السكر و التوت و الأرز والقطن والموز إلخ ، وأصبحت أسبانية ، التي هي صحراء حقيقية في الوقت الحاضر ، عدا بعض أقسام في جنوبها ، جنة واسعة بفضل أساليب العرب الزراعية الفنية . و وجه العرب نشاطهم إلى كل فرع من فروع العلوم و الصناعة والفنون ، و لم تقل أشغالهم العامة عن أشغال الرومان أهمية ، فأكثروا من إنشاء الطرق و الجسور و الفنادق و المشافي والمساجد في كل مكان . وظن رئيس الأساقفة الأسباني أكريمينيس أنه بإحراقه مؤخرا ما قدر على جمعه من مخطوطات أعداء دينه العرب ( أي ثمانين ألف كتاب ) ، محا ذكرهم من صفحات التاريخ إلى الأبد ، وما درى أن ما تركه العرب من الآثار التي تملأ بلاد أسبانية ، خلا مؤلفاتهم ، يكفي لتخليد إسمهم إلى الأبد . وكانت عاصمة الخلافة ، قرطبة ، دارا للعلوم و الفنون و الصناعة والتجارة ، وتستطيع أن نقابلها بعواصم دول أوربة العظمى الحديثة ، وهي على خلاف قرطبة الحاضرة التي أضحت مقرا للأموات ، ومن المؤلم أن كنت أسير عدة ساعات في هذه المدينة الواسعة ، التي كان يقيم بها مليون شخص ، قبل أن أصادف مارا نشيطا .
    أجل ، كان من النصر العظيم أن أحلّ النصارى الصليب محل الهلال في قرطبة ، و لكن الهلال كان يهيمن على أغنى مدن العالم و أجملها و أكثرها أهلا ، فيشرف الصليب اليوم على بقايا تلك الحضارة القويمة التي قوّضها عبّاده من غير أن يقيموا حضارة أخرى مقامها ” . ( 1 )

    [img]][/img]

    خوذة الأمير عبد الله الصغير

    يقول المستشرق الألماني كارل بروكلمان عن الحركة العلمية عند العرب :

    ” و نشط البحث العلمي في الأندلس في حرية تفوق تلك التي تمتع بها الشعر نفسه . ذلك بأنه على خلاف الشعر ، لم يكن يعتمد اعتمادا عظيما على عطف الأمراء و رعايتهم ، ومن هنا استطاع أن يتابع أداء رسالته ، غير متأثر بضعف المسلمين إلا قليلا . ومن ألمع رجال العلم الأندلسيين إبن حزم …” ( 2 )

    [img]][/img]

    تخطيط لباب العدل

    أما عن أخلاق العرب الفاضلة و قابليتهم الخلاقة في تطوير و إنعاش أسبانيا ماديا و ثقافيا ، يتحدث الأستاذ غوستاف لوبون ، قائلا :

    ” واستطاع العرب أن يحولوا أسبانية ماديا و ثقافيا في بضعة قرون ، وأن يجعلوها على رأس جميع الممالك الأوربية ، و لم يقتصر تحويل العرب لأسبانية على هذين الأمرين ، بل أثروا في أخلاق الناس أيضا ، فهم الذين علموا الشعوب النصرانية ، وان شئت فقل حاولوا أن يعلموها ، التسامح الذي هو أثمن صفات الإنسان ، و بلغ حلم عرب أسبانية نحو الأهلين المغلوبين مبلغا كانوا يسمحون به لأساقفتهم أن يعقدوا مؤتمراتهم الدينية ، كمؤتمر أشبيلية النصراني الذي عقد في سنة 782 ميلادية و مؤتمر قرطبة النصراني الذي عقد في سنة 852 ميلادية ، وتعد كنائس النصارى الكثيرة التي بنوها أيام الحكم العربي من الأدلة على احترام العرب لمعتقدات الأمم التي خضعت لسلطانهم . و أسلم كثير من النصارى ، و لكنهم لم يسلموا طمعا في كبير شيئ ، وهم الذين استعربوا فغدوا هم واليهود مساوين للمسلمين قادرين مثلهم على تقلد مناصب الدولة ، وكانت أسبانية العربية بلد أوربة الوحيد الذي تمتع اليهود فيه بحماية الدولة و رعايتها ، فصار عددهم فيه كثيرا جدا . ” ( 3 )

    [img]][/img]

    مخطط قصر الحمراء

    و يقول روم لاندو في كتابه : الإسلام و العرب ، في هذا الصدد :

    ” والواقع أن المستوى الرفيع الذي أحرزته الأغراض الثقافية المتشعبة في أسبانية الإسلامية راقت للنصارى إلى حد جعل كثيرا منهم يستعربون وإن لم يدخلوا فعليا في الإسلام . و بتبنيهم طرائق العرب الأكثر تمدينا من طرائقهم خلقوا طبقة إجتماعية كاملة عرفت بـ ” النصارى المستعربة ” Mozarabs، أي أن النصارى الذين تبنوا اللغة العربية و العادات العربية . ودعي الذين اعتنقوا الإسلام فعلا بـ ” المولدين ” ، و لكنهم عرفوا في التاريخ الأسباني بالمرتدين . ( 4 )

    و يتطرق روم لاندو إلى إزدهار أسبانية الإسلامية في عهد الخليفة عبد الرحمن الثالث بقوله :

    ” وفي ظله سعدت أسبانية الإسلامية وازدهرت كما لم تسعد و تزدهر في أيما عهد مضى . لقد حولت الأندلس في الواقع إلى ” حديقة غناء ” ، ذلك بأن العرب ادخلوا إلى البلاد طرائق في الري و الزراعة مستوردة من آسية الغربية . وعلى نقيض اسبانية الحالية ، التي تكثر فيها الأراضي المهملة القاحلة ، لم يكن ثمة في أسبانية أكر واحد ، تقريبا من غير ما حراثة ، باستثناء الغابات . وكان البرتقال و الليمون و الرمان و الهليون و القطن و الأرز و قصب السكر بعض الأثمار و النباتات التي عني المسلمون بزراعتها . و بينما كانت سائر بلدان أوروبة تتمرغ في القذر و الحطة نعمت أسبانية بمدن نظيفة ذات شوارع معبدة و مضاءة . وكان في ميسور قرطبة وخدها أن تعتز بنصف مليون من السكان ، و سبعمئة مسجد و ثلاثمئة حمام عمومي ، و سبعين مكتبة عامة ، و عدد كبير من دكاكين الوراقين ( المكتبات التجارية ) . وجنبا إلى جنب مع التطور الصناعي العظيم عرفت البلاد توسعا زراعيا . و عزز آلاف من الحائكين والدابغين صناع صناعات قطن و صوف و حرير و جلد مزدهرة . واكتسب السجاد و البسط شهرة دولية ، و كذلك اكتسبت سيوف طليطلة و دروعها و طرفها الفولاذية الدقيقة المطعمة بالذهب والفضة مثل هذه الشهرة . و لقد ضاهت صناعة الخزف و الزجاج في بلنسية أروع منتجات فارس و سورية في هذا الميدان . و بعد عهد الخليفة عبد الرحمن ، وكان عهدا طويلا مثيرا دام خمسين عاما ، جاء عهد إبنه الحكم الثاني ( 961 – 976 ) . وكان الحكم عالما كبيرا و راعيا للمعرفة ، وكان محبا للكتب لا يضارع ، ذلك بأنه وجّه رجاله إلى كل مكان بحثا عن المخطوطات . و لقد اشتملت مكتبته على أربعمئة ألف مجلد و نيف ، قرأ بنفسه عددا كبيرا منها و علق عليها .و بالإضافة إلى توجيه البعثات المكلفة القيام ببعض الأعمال الأدبية و إلى وقف الأموال لتنفق على العلماء أنشأ الحكم عددا كبيرا من المكتبات العامة و المدارس المجانية . و في عهده أمست جامعة قرطبة ، التي أنشأها أبوه في زمن سابق على إنشاء كل من الجامع الأزهر و المدرسة النظامية ، مركزا للمعرفة بالنسبة إلى المسلمين و النصارى الوافدين من سائر أجزاء أوروبة و من الشرق . و بينما لم يكن في أوروبة خلال ذلك العهد غير قلة قليلة ممن يعرفون القراءة و الكتابة ، معظمهم من رجال الدين ، كان كل امرئ في أسبانية الإسلامية تقريبا قادرا على القراءة و الكتابة متمتعا بامتيازات الثقافة . ( 5 )

    واشتهر عرب أسبانية بالفروسية المثالية خلال تسامحهم العظيم ، و كانوا يرحمون الضعفاء و يرفقون بالمغلوبين و يقفون عند شروطهم وما إلى هذا من الخلال التي اقتبستها الأمم النصرانية بأوربة منهم مؤخرا ، فتؤثر في نفوس الناس تأثيرا لا تؤثره الديانة . و للفروسية العربية شروطها كما للفروسية الأوربية التي ظهرت بعدها ، فلم يكن المرء ليصير فارسا إلا اذا تحلّى بهذه الخصال العشر :
    الصلاح و الكرامة و رقة الشمائل و القريحة الشعرية و الفصاحة و القوة و المهرة في ركوب الخيل و القدرة على استعمال السيف والرمح و النشّاب . ( 6 )

    وإليك ايها القارئ الكريم ما قاله العالم الجليل مسيو سيديو عن فضل أخلاق العرب :

    ” فاق عرب أسبانيا الفرنج في العلوم و الصنائع و الأخلاق كبذل النفس والكرم مع ما امتازوا به من معرفة قدرها و عزتها الناشئة عما اعتيد عندهم من تلاقي الخصمين و لذا حلف بعض قواد العساكر أن لا يعود إلى مقابلة الخليفة عبد الله حين سخر من لحيته و قد أبر في يمينه و أيقنت الفرنج ملوك قسطيلة و نوارة بصداقة عرب أسبانيا و إكرامهم للضيوف فذهب عدة منهم إلى قرطبة يستشيرون حكماءها المشتهرين بالطب و كان هؤلاء العرب في سائر الجبهات منقادين لأبي العائلة مبجلين للشيوخ ذوي غيرة شديدة على مراعاة العدل أفقرهم كأكبرهم في الإعتناء بحفظ العائلة من العار لا يمنع خمول أصل أحدهم من الوصول إلى أرقى المناصب غير معولين في اعتبار الشخص على شرف حسبه و نسبه فقط بل مع اعتبار فضائله وأخلاقه لأنهم لم يكونوا إذ ذاك باقين على ما كانوا عليه زمن فتح أسبانيا من الإضرار بالحرية البشرية لتغلب الدين على عقولهم بل كانوا متفننين في الفهم و العمل بالقرآن الدال على أهمية اكتساب الفضائل و الأعمال الصالحة ولذا كان الخلفاء يشوّقون الناس إلى الشغل و وقاية الأملاك من العدوان وكان قضاتهم يرون أنفسهم كالمحكومين بين الخصوم لا قضاة ولا يتجاوزون الرفق بالناس إلا نادرا . والذي ساعد هؤلاء العرب على بلوغهم شأو العظمة اتساع العلوم و الفنون و الملاحة و الصنائع ذاق جميعهم لذة المعارف و تنافسوا في ابتكار ما يمتازون به وكان اقتراحهم الشعر يرفع قدر نفوسهم ولابد لقضاتهم من حوز معلومات عويصة حتى يعتبرهم الناس زمن قيامهم بوظائفهم وكانوا يكتبون على جميع المباني الجليلة إسمي المهندس و الآمر بالتشييد و يجزلون الثناء على كل ماهر في فن . و قد بلغوا الدرجة العلية في فنون العمارة و الموسيقى و القريض ولذا اقتفى الفرنج أثرهم في أساليب أبنيتهم و زخارفها . وأتقن علي بن زرياب أجناس الأصوات وما في الصوت البشري من الوسائل و الطرق النغمية . أنشأ في قرطبة مدرسة وركب للعود وترا خامسا بعد أن كان بأربعة ومارسوا ضروب الشعر خصوصا نظم الحكايات المشتملة على نكت مشوقة فبرع فيها كثير من الرجال و بعض النساء .
    وتعلموا في المدارس علوم الفلك و الجغرافيا و المنطق و الطب و النحو و الهندسة و الجبر و مبادئ علم الطبيعة و الكيمياء الطبية و التاريخ الطبيعي و هو علم المواليد الأرضية الثلاثة . ملئت كتبخاناتهم نسخا منقولة من كتب قدماء العلماء اليونانيين و من كتب فلاسفة الإسكندرية و استمد جوبرت بابة رومية المدائن آخر القرن العاشر من أسبانيا معارف عجب منها أبناء عصره من النصارى فاتهموه بالسحر . ( 7 )

    أوصاف وتسمية و أخبار وموقع مدينة غرناطة
    التي ذكرت في بعض المصادر العربية و الأجنبية

    إختلف الباحثون و المؤرخون في تسمية و أوصاف و حالة غرناطة . وقد ذكر ابن الخطيب في كتابه ( الإحاطة في أخبار غرناطة ) في الفصل المتعلق بإسم هذه المدينة و وضعها ، بقوله :

    ( يقال غرناطة و يقال اغرناطة ، وكلاهما أعجمي ، و هي مدينة كورة البيرة ، فبينهما فرسخان و ثلثا فرسخ . والبيرة من أعظم كور الأندلس ، و متوسطة ما اشتمل عليه الفتح من البلاد ، و تسمى في تاريخ الأمم السالفة من الروم ، سنام الأندلس ، و تدعى في القديم بقسطيلية . وكان لها من الشهرة و العمارة ، ولأهلها من الثروة و العدة ، و بها من الفقهاء و العلماء ، ما هو مشهور . ) . (8 )

    وقال أبو القاسم الملاحي في كتابه ( تاريخ علماء البيرة ) في هذا الصدد :

    ( قال ، بعد ذكر البيرة ، و قد خلفها بعد ذلك كله مدينة غرناطة من أعظم مدنها و أقدمها ، عندما انقلبت العمارة إليها من البيرة ، ودارت أفلاك البلاد الأندلسية ، فهي في وقتنا هذا قاعدة الدنيا ، و قرارة العليا ، و حاضرة السلطان ، و قبة العدل و الإحسان . لا يعدلها في داخلها ولا خارجها بلد من البلدان ، ولا يضاهيها في اتساع عمارتها ، و طيب قرارتها ، وطن من الأوطان . ولا يأتي على حصر أوصاف جمالها ، و عدّ أصناف جلالها ، قلم البيان . ادام الله فيها العز للمسلمين و الإسلام ، و حرسها و من اشتملت عليه من خلفائه ، وأنصار لوائه ، بعينه التي لا تنام ، و ركنه الذي لا يرام . ) ( 9 )

    أما أبو القاسم صاعد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن صاعد القرطبي فإنه قال في كتاب ( الطبقات ) أن معظم الأندلس في الإقليم الخامس ، و طائفة منها في الإقليم الرابع ، كمدينة أشبيلية ، و مالقة ، و غرناطة ، و المرية ، و مرسية . و ذكر العلماء بصناعة الأحكام أن طالعها الذي اختطت به السرطان ، و نحلوها ، لأجل ذلك ، مزايا ، و حظوظا من السعادة اقتضاها تسيير أحكام القرانات الإنتقالية على عهد تأليف هذا الوضع . و طولها سبع و عشرون درجة و ثلاثون دقيقة ، و عرضها سبع و ثلاثون درجة و عشر دقائق . و هي مساوية في الطول بأمر يسير لقرطبة ، و ميورقة ، والمرية ، و تقرب في العرض من أشبيلية ، و المرية ، و شاطبة ، و طرطوشة ، و سردانية ، و أنطاكية ، والرقة . كل ذلك بأقل من درجة . فهي شامية في أكثر أحوالها ، قريبة من الإعتدال ، و بينها و بين قرطبة ، أعادها الله تعالى ، تسعون ميلا).( 10 )

    وقال أحمد بن محمد بون موسى الرازي عند ذكر كورة البيرة :

    ( و يتصل بأحواز قبرة كورة البيرة ، و هي بين الشرق والقبلة ، و أرضها سقى غزيرة الأنهار ، كثيرة الثمار ، ملتفة الأشجار ، أكثرها أدواح الجوز ، و يحسن فيها قصب السكر ، و لها معادن جوهرية من ذهب وفضة ، و رصاص ، وحديد . وكورة البيرة أشرف الكور ، نزلها جند دمشق . وقال : لها من المدن الشريفة مدينة قسطلية ، وهي حاضرة البيرة ، و فحصها لا يشبّه بشئ من بقاع الأرض طيبا ولا شرفا الاّ بالغوطة ، غوطة دمشق . وقال بعض المؤرخين : ومن كرم أرضنا أنها لا تعدم زريعة بعد زريعة ، ورعيا بعد رعي ، طول العام ، و في عمالتها المعادن الجوهرية من الذهب ، و الفضة ، والرصاص ، و الحديد ، والتوتية . وبناحية دلاية من عملها ، عود اليلنجوج ، لا يفوقه العود الهندي ذكا و عطر رائحة ) . ( 11 )

    قال الرحالة ابن بطوطة بعد مغادرته بلدة الحمة :

    ( ثم سافرت منها إلى مدينة غرناطة ، قاعدة بلاد الأندلس و عروس مدنها ، وخارجها لا نظير له في بلاد الدنيا ، وهو مسيرة أربعين ميلا ، يخترقه نهر شنيل المشهور ، و سواه من الأنهار الكثيرة. والبساتين و الجنان و الرياضات و القصور و الكروم محدقة بها من كل جهة ومن عجيب مواضعها عين الدمع ، وهو جبل فيه الرياض و البساتين ، لا مثل لها سواها . قال ابن الجوزي : لولا خشيتي أن أنسب إلى العصبية لأطلت القول في وصف غرناطة ، و لكن ما اشتهر كاشتهارها لا معنى لإطالة القول فيه . ولله در شيخنا أبي بكر محمد إبن أحمد بن شبرين السبتي نزيل غرناطة ، حيث يقول :

    رعى الله من غرناطة متبوأ يسر حزينا أو يجير طريدا
    تبرّم منها صاحبي عندما رأى مسارحها بالبرد عدن جليدا
    هي الثغر صان الله من أهلـّت به وما خير ثغر لا يكون برودا ( 12 )

    وقد ولع الشاعر أبو الحجاج يوسف بن سعيد بن حسان في وصف غرناطة ، فأنشد الأبيات الشعرية التالية : ( 13 )

    أحن إلى غرناطة كلما هفت نسيم الصبا تهدي الجوى و تشوق
    سقى الله غرناطة كل منهل بمنهل سحب ماؤهن هريق
    ديار يدور الحسن بين خيامها و أرض لها قلب الشجى مشوق
    أغرناطة العليا بالله خبّري أ للهائم الباكي إليك طريق
    وما شاقني الاّ نضارة منظر و بهجة واد للعيون تروق
    تأمّل اذا أمّلت حوز مؤمّل و مدّ من الحمرا عليك شقيق
    وأعلام نجد و السبيكة قد علت و للشّفق الأعلى تلوح بروق
    وقد سلّ شنيل فرندا مهندا نضى فوق درّ ذرّ فيه عقيق
    اذا نمّ منه طيب نشر أراكه أراك فتيت ألمسك و هو فتيق
    ومهما بكى جفن الغمام تبسمت ثغور أقاح للرياض أنيق

    وقال زكريا بن محمد بن محمود القزويني في كتابه : ” آثار البلاد و أخبار العباد ” في وصف غرناطة :

    ( مدينة بالأندلس قديمة بقرب البيرة ، من أحسن مدن بلاد الأندلس و أحصنها ، ومعناها الرمانة بلغة الأندلسيين ، يشقها نهر يعرف بنهر قلوم ، وهو النهر المشهور الذي يلفظ من مجراه برادة الذهب الخالص . بها جبل الثلج مطل عليها ، على ذروته توجد أيام الصيف صنوف الرياحين و الرياض المونقة ، وأجناس الأفاويه و ضروب العقاقير . و بها شجرة الزيتون التي هي من عجائب الدنيا . قال أبو أحمد الأندلسي : بقرب غرناطة بالأندلس كنيسة عنها عين ماء و شجرة زيتون ، و الناس يقصدونها في يوم معلوم من السنة ، فإذا طلعت الشمس ذلك اليوم أخذت تلك العين بإفاضة الماء ، ففاضت ماءا كثيرا ، و يظهر على الشجرة زهر الزيتون ثم ينعقد زيتونا ، و يكبر و يسود في يومه ذلك اليوم ، فيأخذ من ذلك الزيتون من قدر على أخذه ، ومن ذلك الماء للتداوي . و قال محمد بن عبد الرحيم الغرناطي انها بغرناطة . و حدثني الفقيه سعيد بن عبد الرحمن الأندلسي أنها بسقورة . وقال العذري : أنها بلورقة . والقائلون كلهم أندلسيون ، و المواضع المذكورة كلها من أرض الأندلس ، فجاز أن كل واحد منهم إضافة إلى موضع قريب منه ) . ( 14 )

    و يقول سيد أمير علي في وصفه لمدينة غرناطة :

    ( وكانت مدينة غرناطة كالبرج الشامخ وسط الغوطة ، وكان قسم منها يقع ، شأنه اليوم ، في الفيغا ، والقسم الآخر عند سفح التلال التي شيدت عليها ضواح ريفية مرتفعة و زاخرة بالسكان . وكان نهر الدورو يسيل عبر المدينة ، و بعد أن يزود منازلها و أسواقها و طواحينها و حماماتها بكفايتها من المياه ، يعود فينساب في سهلها و يعطيه الحياة و الخصب . و في زمن بني ناصر كان يحيط بغرناطة سور متين له إثنا عشر بابا و يعلوه ألف وثلاثون برجا ، وكانت القلعة ( القصبة ) في الوسط . وكان لكل بيت في المدينة حديقته الخاصة المغروسة بأشجار الليمون و البرتقال و الطرنج و الآس و اللوز و الخمائل ذات الشذى العطر ، كما كان فيه مورده الخاص من المياه الجارية . وكان في كل شارع من شوارع المدينة عدد كبير من نوافير المياه ، كما كانت البيوت في غاية الإناقة و بلغ عدد سكان مدينة غرناطة في منتصف القرن الخامس عشر أربعمئة ألف نسمة ) . ( 15 )

    قال عماد الدين اسماعيل بن محمد بن عمر المعروف بأبي الفداء في كتابه ” تقويم البلدان ” :

    ( وغرناطة في نهاية من الحصانة و مملكتها في الجنوب و الشرق عن مملكة قرطبة و بينها و بين قرطبة نحو خمسة أيام . و غرناطة في نهاية النزاهة و تشبه دمشق و تفضل عليها بأن مدينتها مشرفة على غوطتها و هي مكشوفة من الشمال . و ينصب أنهارها من جبل الثلج الذي هو من جنوبها و تنخرق فيها الأنهر و عليها الأرحى داخل المدينة و لها قلعة عالية شديدة الإمتناع و لها أشجار و ثمار و مياه مسيرة يومين تقع مرأى العين لا يحجبها شيئ . و نهرها الكبير يقال له شنيل ومن أعمال غرناطة حسن شلوبينية و هو من حصون غرناطة البحرية على بحر الزقاق و منه أبو علي عمر محمد الشلوبيني امام نحاة المغرب اقول و قد غلط من قال الشلوبيني هو الأشقر بلغة أهل الأندلس و من أعمال غرناطة بلدة باغة و هي غزيرة المياه و لمائها خاصية انه ينعقد حجرا و بها الزعفران و العنب الكثير و من أعمال غرناطة القلعة السعدية و فيها ألف الحجاري كتاب المشهب لصاحبها عبد الملك و هي رباط جهاد ) . ( 16 )

    أما أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الزهري فقد أورد في ” كتاب الجغرافية ” وصفا رائعا لموقع و أحوال غرناطة :

    ( و مدينة غرناطة على النهر المعروف بشنيل يشق وسطها . و في هذا النهر يوجد ذهب الأحمر ، وهو الموضع الثالث بالأندلس . وهذا الذهب الحمر ليس في الأرض أطيب منه . وانما هو ورقة . وأكثر ما يوجد بوادي حدرو وهو في وسط المدينة و في البرودية ما بين قنطرة الحوّاتين و قنطرة القاضي في مصب الخندق من جبل الشيكة ما بين الحمراء و مروز . وقد يوجد في رأس الوادي و في أسفله يسير من الذهب . وهذا الذهب اذا اجتمع فانه يباع مثقاله زائدا على جميع الذهب بالربع والخمس . و هذا النهر يدخل في غرناطة من ناحية الجوف و يخرج على قبلتها ما بين القصبتين على باب محكم الصنعة عالي البناء قد علق عليه دفف مصفحة بالحديد ، قد هيئ عليها اسوار من القصبة الصغيرة إلى القصبة الكبيرة . وفتح في جوف هذا الباب بابان صغيران لاستقاء الماء وقت الحرب . ولا يوجد مثله في الأندلس . و هذا النهر يشق غرناطة نصفين ، قد بني عليه أربعة قناطر عالية البناء يجوز الناس عليها من النصف الواحد إلى النصف الثاني . و هذه المدينة كثيرة البرد و الثلج في زمن الشتاء ، و ذلك بسبب شلير .ويجلب الحرير من بعض أعمالها . ومن عجائبها أن فيها طلسما من اللاطون ، يزيد على قنطار ، وهو على صفة الفرس ، و له رأس كرأس الديك ، و ذنب كذنبه ، و على ظهره فارس راكب على هيأة المدرّع ، و على رأسه مثل الطرطورة ، فإذا هبت عليه الريح دار على ثقله كدوران الرحى ، و سمع له دوي عظيم ، صنعه عبود بن حابس على انه لا يملك هذه القصبة عربي أبدا . و كذلك طلسم ثان في مدينة مالقة و لكنه لا يدور ) . ( 17 )

    وأما روم لاندو فقد وصف مدينة غرناطة في كتابه ” الإسلام والعرب ” على النحو التالي :

    ( أما غرناطة فقد عمرت ، في ظل الدولة النصرية ، من عام 1232 إلى عام 1492 ميلادية ، وكانت أشبه بجزيرة خاضعة لسلطان العرب . وطوال قرنين و نصف واصلت حمل مشعل التقليد الإسلامي العظيم في العلم و الفن . و أبرز آثارها الضخمة هي الحمراء ، أحد كنوز العالم المعمارية الأكثر روعة و حسنا . و لعل اسمها مشتق من الحجر الملون الذي شيدت به . والواقع أن غرناطة هي وريثة قرطبة ، من الناحيتين الثقافية والروحية ، و لكنها هي الأخرى كان مقدّرا عليها أن تهلك ، عام 1492 م ، بتوحيد أسبانية في ظل صاحبي الجلالة الكاثوليكيين ، فرناندو و إيزابيلا ) . ( 18 )

    وصف الأستاذ غوستاف لوبون مدينة غرناطة الحالية بأنها كئيبة و قذرة ، وانه لا ينصح أحدا بزيارتها :

    ( وأما مدينة غرناطة فلا أنصح أحدا بأن يزورها بعد أن وصفها شعراء العرب بانها أنضر مدينة تنالها أشعة الشمس و بأنها دمشق الأندلس . ولا أقدر أن أصف الحال التي كانت عليها غرناطة فيما مضى ، و لكن غرناطة الحديثة لم تكن سوى قرية كبيرة قذرة ليس فيها ما يجدر ذكره غير كتدرائيتها الفخمة و حمرائها فضلا عن أنها قائمة على مكان يعد من أجمل أمكنة العالم ، و لم تبن بيوتها الحديثة على طراز معروف ، وأمعنت في البحث عن زخارفها التي قص أدباء معاصرون مشهورون علينا خبرها فلم أجد لها أثرا ) . ( 19 )

    قصر الحمراء

    [img]][/img]

    مخطط قصر الحمراء

    تحدث غوستاف لوبون عن قصر الحمراء في موضع آخر من كتابه بشغف و إعجاب بالغين ، قائلا :
    ( أقيم قصر الحمراء على منحدر جبل شلير الذي يشرف على مدينة غرناطة و على المروج الواسعة الخصيبة ، والذي يعد من أجمل أمكنة العالم . وإذا ما نظر المرء إلى الحمراء من أسفل الصخور التي تتوجها رآها أبراجا مربعة ذات ألوان قرمزية يناطح أعلاها السحاب و يسفر أدناها عن نبات أخضر كثيف ، وإذا ما مرّ المرء من تحت الأشجار التي تحف بها و سمع تغريد الطيور التي عليها و خرير الماء الذي يجري في السواقي و القنوات القريبة منها فدخل ذلك القصر الشهير رأى ما تغنى به الشعراء ، و لا سيما صاحب المشرقيات ( فكتور هوغو ) الذي أنشد قائلا :

    ” أيتها الحمراء أيها القصر الذي زينتك الملائكة كما شاء الخيال و جعلتك آية الإنسجام أيتها القلعة ذات الشرف المزخرفة بنقوش كالزهور و الأغصان و المائلة إلى الإنهدام ، حينما تنعكس أشعة القمر الفضية على جدرك من خلال قناطرك العربية يسمع لك في الليل صوت يسحر الألباب ” ) . ( 20 )

    [img]][/img]

    مخطط قصر الحمراء و جنة العريف

    يقول المستشرق الكبير كارل بروكلمان في كتابه تاريخ الشعوب الإسلامية :

    ( واحتفظت الفنون و الصنائع بمستواها الرفيع في دولة بني نصر حتى أيامها الأخيرة ، وأصبحت أساس لثروة البلاد و غناها ، نخص بالذكر منها صناعة المعادن التي بلغت درجة من الدقة و الكمال عظيمة . و بحسبنا دليلا على ذلك ان آخر آثار العمارة الإسلامية في الأندلس و أكثرها فخامة أعني حمراء غرناطة ، انما شيد في عهد تلك الدولة . والواقع أن الجبل المشرف على المدينة كان يقل قلعة في عهد الأمويين ، و لكن تشييد قصر الحمراء الشهير بدأ ، أول ما بدأ ، في عهد محمد الأول الغالب من بني نصر ، ليتنافس أعقابه من بعده ، في النصف الأول من القرن الرابع عشر ، في بناء قاعدة ملكهم . و لم تصنع الحجارة والآجر في بناء الحمراء إلا قليلا . فهو معظمه مشيد من حجر صناعي خاص مركب من التراب و الكلس و الحصى . و تتصل عقوده و قبابه و سقوفه بعضها ببعض اتصالا رفيقا بواسطة ألواح و قضبان من الخشب . و لم يصل إلينا شيئ على الإطلاق من نماذج هذه الطريقة الفنية الخاصة التي نشأت أول الأمر في الجزيرة الفراتية من غير شك ، و ذلك بسبب من ضعف المواد البنائية و عدم ثباتها على مدى الأيام . و انما يحيط برابية القلعة سور مستدير تعلو له شرفات حصينة و قلاع عديدة تقيه غائلة العدوان . و في داخل السور ينهض القصر ، تحيط به جنات مترامية الأطراف . و ثمة ساحتان تؤديان من هذه الجنات إلى البناء الداخلي . و في الجنوب تطالع الزائر ساحة الرياحين التي تؤدي إلى البرج العظيم و قاعة السفراء في الشمال . و الجزء الجنوبي الشرقي من ساحة الرياحين يتصل بدار الأسود التي تقود مباشرة إلى قاعات الحكم ، و التي تقود من جهة اليمين إلى درا ابن السراج و من جهة اليسار إلى قاعدة الأختين . و الواقع ان ساحة الرياحين سميت كذلك لأن قوارير الرياحين تحيط بقسم منها بكامله . أما دار الأسود فمدينة بإسمها للأسود التي تقل البركة في وسطها ، حيث تلتقي مجاري المياه الممتدة من الجانبين . وتزدان واجهات دار الأسود بتصاوير تمثل مشاهد فروسية و طرد ، فضلا عن عشرة أمراء متكئين جنبا إلى جنب ، على أريكة عريضة .و لقد فرشت الأرض بمربعات من الرخام الأبيض . وعلى طول الأجزاء الدنيا من الجدران تنتشر طبقة من قطع القاشاني الملون ، يبلغ إرتفاعها نحوا من أربعة أقدام . أما الأجزاء العليا من الجدران فقد كسيت بالجص ، وامتد فوقها افريز ملاصق للسقف ، وكان ينبثق من فوق ذلك ، السقف المتدلي ، تدعمه أحيانا أعمدة صغيرة نصفية ، و هو يتألف من قطع من الخشب مرصوفة في طبقات و خلايا مصنوعة من الجص . و قد قامت على دعائم ناتئة من الجدران أساطين من الرخام أنيقة السبك تعلوها تيجان منوعة الأشكال استقر عليها السقف و تخللتها قناطر خشبية مطلية بالجص . والشكل الغالب على هذه القناطر هو الشكل نصف الدائري المرتفع الذي يشبه نعل الفرس شبها ضئيلا ) . ( 21 )

    [img]][/img]

    تخطيط لحمام عشار الصغير في غرناطة

    أكتفي بهذا القدر عن سرد الأوصاف العامة للبناء المعماري للقصر و مواد البناء التي استعملت في تشييد قاعات و صالات و أسوار القصر ، لأنه يتعذر عليّ الآن وصف الحمراء بصورة هندسية دقيقة ، إلا أن الخرائط و مصورات بعض الصور وحدها تستطيع ذلك .
    أترك الأمر إلى االقارئ الكريم والقارئة الكريمة بالرجوع إلى فهرس المراجع العربية و الأجنبية في نهاية البحث للحصول على مزيد من المعلومات و التفاصيل :

    ( لأن كل ما في قصر الحمراء رائع و المرء يقضي العجب من جدرانه المزينة بالنقوش العربية الأنيقة المحفورة المفرضة و أقواسه المصنوعة على رسم البيكارين وقبابه ذات الزخارف الساحرة المتدلية ( المقرنصات ) المطلية فيما مضى باللازورد و الأرجوان والإبريز ). ( 22 )

    الهوامش

    ( 1 ) حضارة العرب ، صفحة 273 – 275
    ( 2 ) تاريخ الشعوب الإسلامية ، ص 313
    ( 3 ) حضارة العرب ، ص 276 – 277
    ( 4 ) الإسلام والعرب ، ص 176
    ( 5 ) المصدر السابق ، ص 176 – 178
    ( 6 ) حضارة العرب ، ص 278
    ( 7 ) خلاصة تاريخ العرب ، ص 162 – 164
    ( 8 ) الإحاطة في أخبار غرناطة ، ص 99
    ( 9 ) المصدر السابق ، ص 101
    ( 10 ) المصدر السابق ، ص 1010 – 102
    ( 11 ) المصدر السابق ، ص 104 – 105
    ( 12 ) رحلة إبن بطوطة ، ص 439
    ( 13 ) الإحاطة في أخبار غرناطة ، ص 123 – 124
    ( 14 ) آثار البلاد و أخبار العباد ، ص 547
    ( 15 ) مختصر تاريخ العرب ، ص 464
    ( 16 ) تقويم البلدان ، ص 177
    ( 17 ) كتاب الجغرافية ، ص 95 – 96
    ( 18 ) الإسلام و العرب ، ص 179 – 180
    ( 19 ) حضارة العرب ، ص 293
    ( 20 ) المصدر السابق ، ص 293
    ( 21 ) تاريخ الشعوب الإسلامية ، ص 341 – 342
    ( 22 ) حضارة العرب ، ص 294

    المراجع العربية و الأجنبية

    1 – المراجع باللغة العربية :

    آثار البلاد و أخبار العباد ، تأليف زكريا بن محمد بن محمود القزويتي ، الطبعة الثانية ، دار صادر – بيروت
    الإحاطة في أخبار غرناطة ، للوزير لسان الدين بن الخطيب ، تحقيق و تقديم محمد عبد الله عنان ، المجلد الأول ، دار المعرف بمصر ، 1955
    الأدب الأندلسي موضوعاته و فنونه، د . مصطفى الشكعة ، الطبعة الرابعة ، بيروت 1979
    الإسلام و العرب ، روم لاندو ، ترجمة منير البعلبكي ، الطبعة الثانية ، بيروت 1977
    الأعلام الجغرافية و التاريخية الأندلسية باللغتين الأسبانية و العربية ، محمد عبد الله عنان ، منشورات المعهد المصري للدراسات الإسلامية في مدريد ، مدريد 1976
    الأندلسيون المواركة ، عادل سعيد بشتاوي ، القاهرة 1983
    التاريخ الأتدلس من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة ، د . عبد الرحمن علي الحجي ، دمشق 1976
    تاريخ الشعوب الإسلامية ، كارل بروكلمان ، ترجمة نبيه أمين فارس و منير البعلبكي ، الطبعة الثامنة ، بيروت 1979
    تقويم البلدان ، تأليف عماد الدين اسمعيل بن محمد بن عمر المعروف بأبي الفداء ، اعتنى بتصحيحه و طبعه رينود مدرس اللغة العربية و البارون ماك كوكين ديسلان ، باريس 1840
    حضارة العرب ، غوستاف لوبون ، ترجمة عادل زعيتر ، القاهرة 1969 .
    حضارة العرب في الأندلس ، تأليف ليفي بروفنسال ، ترجمة ذوقان قرقوط ، طبعة دار مكتبة الحياة ، بيروت
    الحمراء ، قاموس عربي أسباني / أسباني هربي ، تأليف موريس جورج قابلانيان ، برشلونة 1979
    خلاصة تاريخ العرب ، تأليف سيديو ، دار الآثار – الطبعة الثانية ، بيروت 1400 هـ
    الدراسات اللغوية في الأندلس ، تأليف رضا عبد الجليل الطيار ، بغداد 1980
    دراسات في الأدب الأندلسي ، د . إحسان عباس ، د . وداد القاضي و د , البير مطلق ، ليبيا – تونس 1978
    رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار و عجائب الأسفار ، دار الكتاب اللبناني – بيروت – دار الكتاب المصري – القاهرة ، غير مؤرخة
    شمس العرب تسطع على الغرب ” أثر الحضارة العربية في أوروبة ” ، تأليف المستشرقة الألمانية السيدة زيغرد هونكة ، الطبعة الأولى ، بيروت 1964
    فصول من تاريخ الحضارة الإسلامية ، تأليف د . طه ندا ، بيروت 1976
    الفن الإسلامي في أسبانيا ، تأليف مانوئيل جوميث مورينو ، دار الكاتب العربي و الطباعة و النشر ، فرع مصر – سنة 1968
    في الربوع الأندلسية ، سامي الكيالي ، حلب 1963
    قاموس أسباني – عربي ، تأليف ف . كورينطي ، المعهد الأسباني العربي للثقافة في مدريد ، 1970
    كتاب الجغرافية ، لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر الزهري ، تحقيق محمد حاج صادق
    مختصر تاريخ العرب ، سيد أمير علي ، ترجمة عفيف البعلبكي ، الطبعة الرابعة ، بيروت 1981
    معارك العرب في الأندلس ، تأليف بطرس البستاني ، طبعة جديدة – بيروت 1980
    المقتبس من أنباء أهل الأندلس ، تأليف حيان القرطبي ، حققه و قدم له و علق عليه ، د . محمود علي مكي ، بيروت 1973
    نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ، تأليف شمس الدين أبي عبد الله محمد أبي طالب الأنصاري الصوفي الدمشقي شيخ الربوة ، لايبزغ 1928 . أعادت مكتبة المثنى طبعه بالأفست .

    2 – المراجع باللغتين الألمانية و الإنكليزية :

    Grabar, Oleg : Die Alhambra, Koeln 1981.

    Grabar, Oleg : The Alhambra, London 1978
    Mueller, U. : Der Islam im Morgen- und Abendland, zweiter Band, Berlin 1887
    Schmidt, Karl Eugen : Cordoba und Granada, Leipzig und Berlin 1902
    Villa-Real. Ricardo : Die Alhambra und der Genaralife. Granada 1980
    Villa-Real. Ricardo : The Alhambra and the Generalife, Granada 1978

    ألمانيا في 22 / 1 / 2008 [/size][/font][/color]

    #983894
    noor_888
    مشارك

    هلا عدنان

    ماشاء الله عليك

    ذاكرتك مختزنه بأحذاث كثير ورائعة

    تسلم إيدك دكتور

    #983901

    مشكور على الموضوع والمعلومات القيمة
    يعطيك العافية
    تحياتي

    #983965

    مشكور اخي

    #984081

     صاحب المشاركة : noor_888″ubbcode-body”>هلا عدنان

    ماشاء الله عليك

    ذاكرتك مختزنه بأحذاث كثير ورائعة

    تسلم إيدك دكتور

    عزيزتي نور المحترمة اسعد الله أوقاتك

    سعدت جدا بمشاركتك الرائعة و تعليقك الجميل
    بالنسبة للذاكرة أنقري فوق الخشب ههههه من العين
    لك مني كل الشكر و الإمتنان

    مع أطيب تمنياتي
    د . عدنان
    ألمانيا في 22 / 1 / 2008

    #984084

     صاحب المشاركة : زمن الرحيل”ubbcode-body”>مشكور على الموضوع والمعلومات القيمة
    يعطيك العافية
    تحياتي

    تسلمين يا زمن الرحيل على مشاركتك الجميلة و مرورك الكريم
    دمت بعافية و سرور
    مع أحر التحيات

    د . عدنان
    ألمانيا في 22 / 1 / 2008

    #984103

     صاحب المشاركة : فراشة الجميلة”ubbcode-body”>مشكور اخي

    الأخت العزيزة فراشة الجميلة المحترمة رعاك الله
    تسلمين على مشاركتك و مرورك الكريم

    دمت بعز و هناء
    لك مني عاطر تحياتي

    د . عدنان
    ألمانيا في 22 / 1 / 2008

مشاهدة 7 مشاركات - 1 إلى 7 (من مجموع 7)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد