الرئيسية منتديات مجلس التعليم العصري السيولة الفائقة.. أغرب حالات المادة!

مشاهدة 9 مشاركات - 1 إلى 9 (من مجموع 9)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #86349

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    تنتاب بعض السوائل حالة من “الجنون” عندما تقترب درجة حرارتها من الصفر المطلق “15.273 مئوية تحت الصفر”

    إذ انها تتدفق إلي أعلي دون مقاومة وتنساب بلا توقف علي جوانب الأوعية الحاوية لها مهملة قوي الاحتكاك والجاذبية كما انه بإمكان هذه السوائل التي توجد في درجات الحرارة البالغة الانخفاض أن تخترق الطوب والدوران بلا توقف في أنبوب من تلقاء نفسها دون أن تخفض من سرعتها.
    انها أغرب حالات المادة والتي يطلق عليها “السيولة الفائقة” Superfluidity

    السائل.. العجيب
    من المعروف ان المادة توجد في ثلاث حالات صلبة وسائلة وغازية ولكن اضيفت لها حديثا حالتان البلازما Plasma “
    في درجات الحرارة العالية جدا وفي حالات التأين” والمواد الفائقة الكثافة Hyperdense “كما في النجوم النيوترونية
    حيث تتقلص المادة في حجم صغير نسبيا وتقترب الذرات من بعضها البعض”.
    وتعد السيولة الفائقة هي حالة سادسة للمادة حيث تنقض كل ما نعرفه من قوانين فيزيائية أكيدة للسوائل
    كما أن تفسير خصائصها غير واضح تماما حتي الوقت الحاضر
    وهو يثير جدلا وتعقيدات علي مستوي الذرة.

    لقد تمكن علماء الفيزياء من تسييل أي التحويل إلي سائل جميع الغازات المعروفة ماعدا واحد: الهيليوم
    فلقد قاوم هذا الغاز جميع المحاولات مما جعل البعض يعتقد انه غاز دائم لا يمكن أن يوجد في حالة السيولة أو الصلابة
    ولكن في عام 1908 تمكن العالم الهولندي “كامرلنج اونز” K.Onnes من تحويل الهيليوم إلي سائل

    ويعد الهيليوم أبسط العناصر “بعد الهيدروجين” إذ أن ذرته مكونة من نواة تحوي نيوترونين ويدور حول النواة الكترونان وعلي الرغم من هذه “البساطة”

    فإن الهيليوم يعتبر من أكثر العناصر غرابة عندما يحول إلي حالة السيولة إذ نلاحظ أن الهيليوم السائل عند درجة حرارة حوالي 271 درجة مئوية تحت الصفر يتصرف وكأنه مكون من مزيج من سائل عادي مع آخر فائق السيولة

    وهذا الجزء الثاني يبدو معدوم اللزوجة viscosity أي أنه مثالي السيولة من الوجهة الرياضية
    كما أنه لا يظهر أية مقاومة أو احتكاك لحركة جسم خلاله
    بالإضافة إلي أنه لا يلتصق بأي جسم

    وهذه الظواهر الغريبة لا يمكن أن نجدها في أي سائل عادي

    وعند سريان الهيليوم السائل عبر أنابيب رفيعة مجهرية نلاحظ انه يتحرك بحرية وبسرعة أكبر منها في أنابيب سميكة عادية وهذا مناقض للقوانين المألوفة
    فمن المعروف أن سريان الماء أو الزيت “الأكثر لزوجة من الماء” عبر أنابيب متناهية الصغر لا يتم إلا بمساعدة قوة ضغط علي السائل “مثل اندفاع السائل عبر ابرة الحقنة الطبية بتأثير المكبس” أما الهيليوم فيتصرف عكس ذلك.

    كما أن تأثير الحرارة علي الهيليوم فائق السيولة.. غريب ومحيّر!
    إذ أن انتقال الحرارة خلاله لحظي وهائل السرعة بعكس السوائل العادية
    وتزيد سرعة انتقال الحرارة كلما كان الفرق في درجة الحرارة طفيفا بين أجزاء السائل الفائق السيولة
    وهذا مناقض لما نعرفه وما نتوقعه حيث تزيد سرعة انتقال الحرارة في المواد عادة كلما كان الفرق في درجة الحرارة بين النقاط الساخنة والباردة كبيرا.

    إذن فالهيليوم فائق السيولة فائق التوصيل للحرارة
    وكنتيجة لذلك فلا يمكن وضعه في حالة غليان كما نغلي الماء في وعاء إذ أن أي ارتفاع في درجة الحرارة في جزء منه يعمل علي نقل الحرارة نحو جميع أجزاء السائل بالتساوي فلا تحصل ظاهرة الغليان
    ولكنه بالطبع يتبخر عند ارتفاع درجة حرارته والتبخر يحصل عند السطح فقط.
    ان موضوع الهيليوم فائق السيولة ممتع ومثير للإنسان العادي ولعلماء الفيزياء ولكنه مثير أيضا بالنسبة لعلماء الفلك.

    الكون.. والأوتار.. والسيولة الفائقة

    لحظة بداية الكون أو بتعبير أكثر دقة بعد تريليون تريليون تريليون جزء من الثانية “التريليون ½ مليون مليون” من الانفجار الأعظم Big Bang. كان الكون كله في ذلك الوقت عبارة عن كرة مضطربة وبالغة السخونة من الطاقة.

    وكانت وقتئذ القوي التي نعرفها الجاذبية والكهرومغناطيسية والقوة القوية والضعيفة
    التي تحكم الذرات مازالت مندمجة في كيان واحد لكن فجأة تغير هذا المحيط الرهيب من الطاقة المروعة ومثلما يتحول الماء بغتة إلي ثلج فقد تخطي الكون درجة حرارة معينة وبدأت القوي الكونية في الانفصال والتفرق.

    والمذهل حقا ان مجموعة من الفيزيائيين يزعمون انهم استطاعوا تهيئة هذه الظروف التي سادت في الكون الوليد في المختبر..
    وهم يعتقدون انهم تمكنوا من محاكاة الصفات الهامة للكون حديث الولادة في قنينة من الهيليوم السائل المبرد بشدة حتي ما يقرب من الصفر المطلق
    أي أنه في حالة السيولة الفائقة
    ويقول هؤلاء العلماء ان تجاربهم تحمل في طياتها سمات نظرية جديدة سوف تثير الكثير من الجدل.
    وطبقا لهذه النظرية الكونية الحديثة فعندما برد الكون ظهرت بعض العيوب Defects في نسيج الزمان Space-time تماما مثلما تتكون عدة شوائب متبلرة في الماء المتجمد إلي ثلج.

    وربما كانت هذه “التخضنات” الكونية المسماة “الأوتار الكونية” Cosmic Strings
    أرفع من الذرة وطويلة بشكل لا نهائي وذات كتلة هائلة وكانت تمتد عبر الكون كله
    وعلي الرغم من غرابة هذه الأجسام الكونية
    فإنها تقدم لنا الحلول لكثير من المشاكل المحيرة التي تواجهنا عند البحث في أصل الكون وبنيته وقوانينه
    وبسبب الكتلة الهائلة لهذه الأوتار أمكن لمجالات جاذبيتها الجبارة أن تجذب إليها المجرات الأولية
    وبذلك شكلت الاطار للمحتوي المروع للكون.

    لكن ما هي علاقة الهيليوم السائل بكل هذا؟

    تسألني فأجيبك عندما يبرد الهيليوم إلي أدني درجة حرارة ممكنة علي الإطلاق أي الصفر المطلق
    فإنه يتحول فجأة إلي سائل لا يتأثر بالاحتكاك Frictionless Fluid
    كما يحدث للسوائل الأخري وهي حالة غريبة حقا ويسميها الفيزيائيون “السيولة الفائقة”
    وعندئذ تتدفق معظم ذرات الهيليوم فائق السيولة مع بعضها البعض في تتابع قريب وفي “خطوة” موحدة ومنظمة.
    وفي هذه الحالة الغريبة فإن الهيليوم يشبه إلي حد كبير “الفراغ” vacuum في الفضاء
    إذ يمكن للجسيمات دون الذرية أن تتحرك خلال الهيليوم فائق السيولة دون أن تلاقي أية مقاومة وتتكون أحيانا تموجات دقيقة تلقائية مثل الجسيمات الافتراضية virtual particles
    التي تظهر وتختفي فجأة في زمن متناهي الصغر في “فراغ” الكون.

    بيد ان الأمر البالغ الأهمية هو ذلك التماثل الشديد للمعادلات الرياضية التي تفسر كلا من انتقال الهيليوم السائل إلي حالة السيولة الفائقة
    وتلك التحولات التي يعتقد الفيزيائيون انها حدثت في الكون الوليد عندما برد وكون الأوتار الكونية
    أي انه يمكن للفيزيائيين استخدام نفس المعادلات التي تصف خلق الأوتار الكونية للتنبؤ بما سيحدث للهيليوم فائق السيولة عند تسخينه ثم تركه ليبرد مرة أخري.

    والواضح ان السائل فائق السيولة بعد تسخينه سوف يخلق عددا من الحركات الدوامية vortices
    التي يمكن تفسيرها بنفس المعادلات الرياضية التي تشرح تكوين الأوتار الكونية فإذا ظهر العدد المتوقع مسبقا من الدوامات فإن الرياضيات التي تفسر كلا من تكوين الأوتار الكونية والسيولة الفائقة سوف تكون صحيحة
    ومن ثم يعد هذا تعزيزا لصحة نظرية الأوتار الكونية.

    وقد نجح بعض العلماء في اختبار صحة هذا الافتراض العلمي. كيف؟

    لقد بدأوا بتبريد اسطوانة دوارة محتوية علي هيليوم إلي نحو 001.0 من الدرجة المئوية فوق الصفر المطلق وهي درجة حرارة اسفل خط الانتقال من حالة السيولة العادية إلي حالة السيولة الفائقة
    ثم اطلقوا نيوترونا “جسيم دون ذري متعادل الشحنة” خلال السائل فائق السيولة عمل علي تسخين منطقة تبلغ نحو 001.0 من السنتيمتر بطاقة تكفي بالضبط لتغييرها إلي سائل عادي لفترة تقدر بحوالي واحد من مليون من الثانية
    وعند تبريد هذه المنطقة مرة أخري إلي حالة السيولة الفائقة تكونت الدوامات الدقيقة وعملت الاسطوانة الدوارة علي تقوية الدوامات والمحافظة عليها لفترة طويلة تكفي لتحديد مكانها بواسطة جهاز كاشف مغناطيسي Magnetic Detector
    ووجد الفيزيائيون ان اطلاق نيوترون واحد ينشيء عددا من الدوامات يصل إلي نحو عشرين دوامة وهو عدد يتفق تماما مع توقعات الافتراض العلمي بوجود علاقة بين تكوين الأوتار الكونية والسيولة الفائقة.

    وهكذا ثبت ان الهيليوم فائق السيولة الذي أجري الباحثون عليه تجاربهم نموذج جيد للكون المبكر مما حدا بالعلماء إلي البحث في مشاكل كونية عميقة أخري بدءا من مصدر الجاذبية حتي ندرة وجود المادة المضادة Anti Matter وهي أمور كونية غامضة تقع في بؤرة الاهتمام العلمي في الحاضر والمستقبل.

    #971831
    noor_888
    مشارك

    طرح موفق عزيزتي مهرة

    تسلم إيدك والله يعطيك الف عافية

    #972243

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    مشكورة نورعلى التواصل المستمر

    تحية طيبة

    #976625

    طرح رائع مهرة

    بارك الله فيكي حبيبتي

    #976668

    مشكور على الطرح القيم
    يعطيكي العافية
    تحياتي

    #1290232

    السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

    مرحبا لؤلؤة

    صاحب المشاركة : لؤلؤة النجاح”ubbcode-body”>طرح رائع مهرة

    بارك الله فيكي حبيبتي

    جميعا بإذن الله

    تسلمى يا قمر
    نور ت الموضوع
    تحية طيبة

    #1313791

    مشكووووورة على المعلومات

    #1357574

    مرحبا زمن

    تحية طيبة

    #1407948
    moharram777
    مشارك

مشاهدة 9 مشاركات - 1 إلى 9 (من مجموع 9)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد