الرئيسية منتديات مجلس الفقه والإيمان رد شبهات اخرى على الدين الاسلامى*****

مشاهدة 11 مشاركة - 121 إلى 131 (من مجموع 131)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #949411
    mmorsy
    مشارك

    هل القرآن نسخ الكتب التي قبله

    نحب أن ننبه بداية أننا ما زلنا على ما أثبتناه من أن الأناجيل التي بأيدي النصارى ليس أي واحد منها هو الإنجيل الذي أنزله الله على نبيه عيسى عليه السلام ، فإن قيل: إذا لم يكن ما بأيدي النصارى من أناجيل هو الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى ، فما فائدة إثباتكم القول بنسخ القرآن له ؟ فنقول: إن كلامنا وإن كان في الأصل وارداً على إنجيل عيسى عليه السلام أي أننا نرى أن إنجيل عيسى لو كان موجوداً فهو منسوخ بالقرآن الكريم ، إلا أن كلامنا وارد أيضاً على ما بأيدي النصارى من باب التنزل، بمعنى أننا نقول لو كانت تلك الأناجيل التي بأيدي النصارى هي إنجيل عيسى عليه السلام فهي أيضا منسوخة بالقرآن .
    والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ } (المائدة:48) قال ابن تيمية : ” فجعل القرآن مهيمنا والمهيمن الشاهد الحاكم المؤتمن فهو يحكم بما فيها مما لم ينسخه الله، ويشهد بتصديق ما فيها مما لم يبدل ” ومن الأدلة أيضا على نسخ القرآن للكتب السابقة ما رواه أحمد في مسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني ،) ومنها أن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ينزل في آخر الزمان فيحكم بالقرآن والسنة، وليس بالتوراة والإنجيل ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد )رواه البخاري ومسلم .
    وعلى نسخ القرآن للكتب السابقة أجمع المسلمون قاطبة في كل عصر وليس معنى النسخ هنا إبطال كل ما جاء في الكتب السابقة ، كلا ، فكتب الله عز وجل على تنوعها واختلافها في بعض الأحكام إلا أن نقاط الاتفاق فيها كثيرة، ولا سيما في جانب التوحيد والاعتقاد ، وكذلك في جانب الأخبار فهي في ذلك تتفق ولا تختلف .
    إذا ثبت هذا فلننتقل إلى مناقشة النصارى في سبب إنكارهم نسخ القرآن لكتابهم ” الإنجيل ” ، وقبل ذلك لابد من التنبيه على أن هذه المسألة لا ينبغي أن تكون هي المنطلق في محاورتنا للنصارى ولغيرهم من أهل الكتاب، بل يجب أن تكون نقطة الانطلاق هي إثبات نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعموم رسالته، فإن من يسلم بذلك يلزمه أن يسلم بنسخ الكتب السابقة .
    ولكن مناقشتنا إياهم في هذه المسألة على اعتبار أنها أحد أوجه الخلاف بيننا وبينهم فلا بد أن نعطيها حظا من النظر . فنقول وبالله التوفيق .
    تمسك النصارى في نفيهم نسخ القرآن للإنجيل بأمرين :
    الأول عقلي ، والثاني نقلي ، أما العقلي فقالوا : إن الله لا ينسخ كتابا بكتاب إلا إذا ثبت عجز الكتاب المنسوخ وضعفه، فالله قد نسخ التوراة بالإنجيل لعجز التوراة وضعفها، ولكن الإنجيل ما زال قويا قادرا، ولذلك لم ينسخه الله، وفي هذا يقول بولس: ( فَلَوْ كَانَ الْعَهْدُ السَّابِقُ بِلاَ عَيْبٍ، لَمَا ظَهَرَتْ الْحَاجَةُ إِلَى عَهْدٍ آخَرَ يَحُلُّ مَحَلَّهُ. وَالْوَاقِعُ أَنَّ اللهَ نَفْسَهُ يُعَبِّرُ عَنْ عَجْزِ الْعَهْدِ السَّابِقِ ) انتهى من رسالة العبرانيين .
    فهذا كلام بولس الذي يعدونه من الرسل وهو عندهم أعظم من حواريي عيسى عليه السلام ، وفيه من الخلط ونسبة العيب إلى كلام الله عز وجل ما لا يليق أن ينطق به مؤمن، وهذه النظرة إلى مفهوم النسخ أو إلى حقيقته تمثل فارقا هاما مع مفهوم النسخ عند المسلمين، ذلك المفهوم الذي يثبت النسخ دون أن يكون في إثباته ما يوحي بنسبة النقص إلى الله سبحانه، بل يدل على كمال الله سبحانه وعظيم حكمته ، ذلك أن النسخ عند المسلمين بداية إنما يقع في الأحكام فحسب وهو لا يدل على ضعف أو عجز أو قصور في الحكم السابق، بل على العكس يدل على كمال حكمة الله سبحانه في تشريع ما يناسب الناس في مختلف أحوالهم وأزمانهم، فما كان مناسبا لأمة قد لا يكون مناسباً لأمة أخرى ، وما كان حسنا في زمن قد لا يكون حسنا في زمن آخر ، وبالنظر في تفاصيل الأحكام الناسخة والمنسوخة تظهر حكمة الله عز وجل من النسخ .
    هذا فيما يتعلق بالرد عليهم من جهة العقل ، أما ما احتجوا به من جهة الأثر أو النقل فهو أضعف حجة وأوهن برهاناً ، فقد استدلوا بما ورد في أناجيلهم مما نسب إلى المسيح عليه السلام قوله : ” إِنَّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ تَزُولاَنِ؛ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ أَبَداً ” وهي حجة ربما بدت قوية في بادئ الأمر، إلا أن ذلك سرعان ما يزول ، ولا سيما عندما توضع هذه الكلمة في سياقها الذي وردت فيه ، فهذه هي الفقرة التي وردت فيها الكلمة المذكورة : فقد جاء في إنجيل متى 29-35 :24 ” وَحَالاً بَعْدَ الضِّيقَةِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ ( قرب نزول عيسى عليه السلام )، تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَيَحْجُبُ الْقَمَرُ ضَوْءَهُ، وَتَتَهَاوَى النُّجُومُ مِنَ السَّمَاءِ، وَتَتَزَعْزَعُ قُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ. وَعِنْدَئِذٍ تَظْهَرُ آيَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ، فَتَنْتَحِبُ قَبَائِلُ الأَرْضِ كُلُّهَا، وَيَرَوْنَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً عَلَى سُحُبِ السَّمَاءِ بِقُدْرَةٍ وَمَجْدٍ عَظِيمٍ. وَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِصَوْتِ بُوقٍ عَظِيمٍ لِيَجْمَعُوا مُخْتَارِيهِ مِنَ الْجِهَاتِ الأَرْبَعِ، مِنْ أَقَاصِي السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقَاصِيهَا . وَتَعَلَّمُوا هَذَا الْمَثَلَ مِنْ شَجَرَةِ التِّينِ: عِنْدَمَا تَلِينُ أَغْصَانُهَا، وَتُطْلِعُ وَرَقاً، تَعْرِفُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. هَكَذَا أَيْضاً حِينَ تَرَوْنَ هَذِهِ الأُمُورَ جَمِيعَهَا تَحْدُثُ، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ بَلْ عَلَى الأَبْوَابِ! . الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَزُولُ هَذَا الْجِيلُ أَبَداً، حَتَّى تَحْدُثَ هَذِهِ الأُمُورُ كُلُّهَا. إِنَّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ تَزُولاَنِ؛ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ أَبَداً. ) أ.هـ فواضح من خلال هذا السياق أن عيسى عليه السلام أراد باستحالة زوال كلامه ما يتعلق منه بخبر نزوله ، فهو بالتالي خارج عن محل النقاش ذلك أن نقاشنا في نسخ أحكام الإنجيل، لا في نسخ أخباره الثابتة عن عيسى عليه السلام.
    ولظهور دلالة السياق على ذلك فقد نص عليه اثنان من كبار شراح الإنجيل، يقول القسيس بيرس مراده شارحا قول المسيح الآنف: ” تقع الأمور التي أخبرت عنها يقينا ” ، وقال دين استاين هوب : ” أن السماء والأرض وإن كانتا غير قابلتين للتبدل بالنسبة إلى الأشياء الأخرى لكنهما ليستا بمحكمتين مثل إحكام إخباري بالأمور التي أخبرت عنها فتلك كلها تزول وأخباري بالأمور التي أخبرت عنها لا يزول بل القول الذي قلته الآن لا يتجاوز شيء منه عن مطلبه “. أ.هـ نقلا عن كتاب إظهار الحق .
    ومما يحتج به على القائلين بامتناع النسخ أيضا أن يقال : أليس من المعلوم أن شريعة موسى هي شريعة عيسى عليه السلام ، فعيسى لم يأت بشرع جديد في الجملة ،بل جاء حافظا ومصححا لأوضاع اليهود المبتدعة الخارجة عن شريعة موسى ، فقد قال كما في إنجيل متى 5:17 ” لا تظنوا أني جئت لانقض الناموس أو الأنبياء.ما جئت لانقض بل لأكمّل ” فأي نسخ للتوراة هو نسخ للإنجيل أيضاً ، فإذا ثبت هذا فنقول لقد ثبت في التوراة تحريم أشياء منها الخنزير والأرنب والوبر وغيرها وهي من شريعة اليهود وبالتالي فالواجب على النصارى التزام ذلك ، فجاء بولس ونسخ ذلك بمجرد رأيه وهواه ، فقد جاء في الرسالة الرومية 14:14 : ” إني عالم ومتيقن في الرب يسوع أن ليس شيء نجسا بذاته إلا من يحسب شيئا نجسا فله هو نجس “.
    وكان على الداخل في دين المسيح أن يختتن كما هو مقتضى شريعة موسى عليه السلام ، لكن لما رأى بولس وعدد من أتباع المسيح نفور المدعويين من الأمم الأخرى من الختان قرروا إلغاء هذه الشريعة، تحببيا للناس في دين عيسى عليه السلام فلم ينسخوا الختان فحسب بل جل الشريعة الموسوية ولم يبقوا إلا أربعة أشياء حرمة قرابين الأوثان والدم والمخنوق والزنا .
    والدليل على ذلك ما ورد في سفر أعمال الرسل من أن أتباع المسيح عليه السلام لما ذهبوا يدعون الأمم لم يأمروهم بالختان فثار عليهم اليهود المحافظون – الذين تنصروا – وقالوا لهم : إنما بعث عيسى بالمحافظة على شريعة موسى وأنكروا على من تنصر وترك شريعة موسى، وهنا اجتمع المعنيون بالدعوة إلى النصرانية الجديدة وقرروا أن لا يكلفوا الناس بشريعة موسى سوى بأربعة أشياء وهي : تحريم المخنوق والدم والزنا وقرابين الأوثان، وفي ذلك يقول يعقوب كما في سفر أعمال الرسل : ( لِذَلِكَ أَرَى أَنْ لاَ نَضَعَ عِبْئاً عَلَى الْمُهْتَدِينَ إِلَى اللهِ مِنْ غَيْرِ الْيَهُودِ، بَلْ نَكْتُبُ إِلَيْهِمْ رِسَالَةً نُوصِيهِمْ فِيهَا بِأَنْ يَمْتَنِعُوا عَنِ الأَكْلِ مِنَ الذَّبَائِحِ النَّجِسَةِ الْمُقَرَّبَةِ لِلأَصْنَامِ، وَعَنِ ارْتِكَابِ الزِّنَى، وَعَنْ تَنَاوُلِ لُحُومِ الْحَيَوَانَاتِ الْمَخْنُوقَةِ، وَعَنِ الدَّمِ ) فهذا نسخ صريح لمجمل شريعة موسى .
    ونحن لا نناقش في فعل بولس ومن وافقه هل هو حق أم باطل ؟ فذلك له موضع آخر ، ولكننا نستدل بفعلهم هذا على رد دعوى من ادعى عدم جواز نسخ الإنجيل، فهؤلاء الأتباع قد نسخوا ما جاء عيسى بتأكيده والحث عليه وهو العمل بشريعة موسى، وعليه نقول : إذا جاز نسخ بعض أحكام التوراة بالإنجيل بل وبأقوال الأتباع ، وجاز نسخ الإنجيل بأقوال بولس وأتباعه، أفلا يجوز بعد ذلك أن ينسخ الله كتبه التوراة والإنجيل بالقرآن وهو الكتاب الخاتم ، إن جواز ذلك ثابت عقلا ونقلا ، وليس مع من أنكر ذلك من حجة يتكئ عليها سوى المعاندة والكبر .
    نسأل المولى عز وجل أن يجعلنا من دعاة الحق العاملين به ، وأن يهدي ضال عباده إليه، إنه خير مأمول ومسئول ، والحمد لله رب العالمين .
    __________________

    #949412
    mmorsy
    مشارك

    هل صحيح أن الإسلام ضد حرية الاعتقاد ؟
    الرد على الشبهة:
    1 ـ لقد كفل الإسلام للإنسان حرية الاعتقاد. وجاء ذلك فى وضوح تام فى القرآن الكريم: (لا إكراه فى الدين ) (1). فلا يجوز إرغام أحد على ترك دينه واعتناق دين آخر. فحرية الإنسان فى اختيار دينه هى أساس الاعتقاد. ومن هنا كان تأكيد القرآن على ذلك تأكيدًا لا يقبل التأويل فى قوله: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) (2).
    2 ـ وقد أقر النبى صلى الله عليه وسلم الحرية الدينية فى أول دستور للمدينة حينما اعترف لليهود بأنهم يشكلون مع المسلمين أمة واحدة.
    ومن منطلق الحرية الدينية التى يضمنها الإسلام كان إعطاء الخليفة الثانى عمر بن الخطاب للمسيحيين من سكان القدس الأمان ” على حياتهم وكنائسهم وصلبانهم ، لا يضار أحد منهم ولا يرغم بسبب دينه “.
    3 ـ لقد كفل الإسلام أيضًا حرية المناقشات الدينية على أساس موضوعى بعيد عن المهاترات أو السخرية من الآخرين. وفى ذلك يقول القرآن: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن ) (3). وعلى أساس من هذه المبادئ السمحة ينبغى أن يكون الحوار بين المسلمين وغير المسلمين ، وقد وجه القرآن هذه الدعوة إلى الحوار إلى أهل الكتاب فقال: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله * فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) (4). ومعنى هذا أن الحوار إذا لم يصل إلى نتيجة فلكل دينه الذى يقتنع به. وهذا ما عبرت عنه أيضًا الآية الأخيرة من سورة (الكافرون) التى ختمت بقوله تعالى للمشركين على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: (لكم دينكم ولى دين ) (5).
    4 ـ الاقتناع هو أساس الاعتقاد: فالعقيدة الحقيقية هى التى تقوم على الإقناع واليقين ، وليس على مجرد التقليد أو الإرغام. وكل فرد حر فى أن يعتقد ما يشاء وأن يتبنى لنفسه من الأفكار ما يريد ، حتى ولو كان ما يعتقده أفكارًا إلحادية. فلا يستطيع أحد أن يمنعه من ذلك طالما أنه يحتفظ بهذه الأفكار لنفسه ولا يؤذى بها أحدًا من الناس. أما إذا حاول نشر هذه الأفكار التى تتناقض مع معتقدات الناس ، وتتعارض مع قيمهم التى يدينون لها بالولاء ، فإنه بذلك يكون قد اعتدى على النظام العام للدولة بإثارة الفتنة والشكوك فى نفوس الناس. وأى إنسان يعتدى على النظام العام للدولة فى أى أمة من الأمم يتعرض للعقاب ، وقد يصل الأمر فى ذلك إلى حد تهمة الخيانة العظمى التى تعاقب عليها معظم الدول بالقتل. فقتل المرتد فى الشريعة الإسلامية ليس لأنه ارتد فقط ولكن لإثارته الفتنة والبلبلة وتعكير النظام العام فى الدولة الإسلامية. أما إذا ارتد بينه وبين نفسه دون أن ينشر ذلك بين الناس ويثير الشكوك فى نفوسهم فلا يستطيع أحد أن يتعرض له بسوء ، فالله وحده هو المطلع على ماتخفى الصدور.
    وقد ذهب بعض العلماء المحدثين إلى أن عقاب المرتد ليس فى الدنيا وإنما فى الآخرة ، وأن ما حدث من قتل للمرتدين فى الإسلام بناء على بعض الأحاديث النبوية فإنه لم يكن بسبب الارتداد وحده ، وإنما بسبب محاربة هؤلاء المرتدين للإسلام والمسلمين (6).

    ———————————-

    (1) البقرة: 256.
    (2) الكهف: 29.
    (3) النحل: 125.
    (4) آل عمران: 64.
    (5) الكافرون: 6.
    (6) راجع: الحرية الدينية فى الإسلام للشيخ عبد المتعال الصعيدى ص 3،72، 73، 88 ـ دار الفكر العربى ـ الطبعة الثانية (دون تاريخ
    __________________

    #949413
    mmorsy
    مشارك

    فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، يرد على بابا الفاتيكان الحاقد .

    مزاعم البابا عن الدين الإسلامي والرسول الكريم باطلة وديننا جاء رحمة للعالمين ولا يرضى العنف والإرهاب

    حوار – خالد الزيدان:
    كذب سماحة مفتي عام المملكة فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، ما ذكره بابا الفاتيكان من مزاعم باطلة في محاضرته التي ألقاها بجامعة ريكسيون الألمانية أن الدين الإسلامي لا يدين العنف والإرهاب، وأن ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام إنما هي أمور شريرة وغير إنسانية، وأن الدين الإسلامي أمر بنشره بحد السيف.
    وقال سماحته في حوار شامل ل«الرياض»: ديننا الإسلامي دين سماحة لا يرضى العنف والإرهاب، وجاء به الرسول محمد عليه الصلاة والسلام للعالمين ديناً يرفض العنف على المسلم وغير المسلم، فالظلم محرَّم في شريعتنا، فالإسلام يحرِّم الظلم. يقول الله في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته محرَّماً فلا تظالموا». ويقول النبي عليه السلام: «إتّق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب». ولهذا جعل الله تعالى عقوبة المفسدين في الأرض أعظم عقوبة، قال الله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذابٌ عظيم}.

    ورداً على مزاعم أن ما جاء به المصطفى من دين هي أمور شريرة أمر بها أن تُقام بحدِّ السيف، قال سماحته: هذا كله كذب والرسول عليه الصلاة والسلام جاء رحمة للعالمين، فالله تعالى يقول: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} والمتأمل لصراعات الملل والأديان قبل الإسلام وكيف أن بعضهم إذا ظفر بملّة دمّر وقتل وسبى وأهلك، فجاء الإسلام فرحم الخلق كله من خلال هذه الشريعة الإسلامية السمحة والتي جاءت بكل ما يحقق العدل والإنصاف ويرسي دعائم الأمن والاستقرار في المجتمعات.

    وأضاف سماحته: فالإسلام بعيدٌ عن الإرهاب ولم ينتشر إلا بقناعة من الشعوب الذين تبصّروا ورأوا خير الإسلام وعدالته وحُسن نظمه، فدخل الناس في دين الله أفواجاً.

    ورداً على ما ذكره الفاتيكان بأن «المشيئة في الإسلام منقطعة عن العقل» أكد سماحته أن ذلك غير صحيح وكذب، فالله عزَّ وجلّ خاطبنا عن هذا الدين الإسلامي وقال سبحانه: {إن في ذلك ذكرى لمن كان له قلبٌ وألقى السمع وهو شهيد}، فالإسلام جاء بالفطرة والعقل السليم هو الذي يوافق الفطرة السليمة، ولا يتنافى مع النقل الصحيح، فالشريعة الإسلامية جاءت بما تؤكده الفطر والعقول لا بما تنافيه العقول.

    وأكد سماحته أن موقف الدين الإسلامي من الأديان الأخرى التي جاءت بها الرسل السابقة هو إيمان بجميع الرسل وتصديق لهم وأنهم رسل الله حقاً نصحوا أممهم وبلغوا رسالات الله وأقاموا حجّة الله على أممهم، والأمة المحمدية هي كما قال الله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمّة وسط لتكونوا شهداء على الناس}.

    فيوم القيامة يستشهد بهم الأنبياء على أممهم أنهم بلغوا أممهم رسالة ربهم.

    وأضاف سماحته: فنحن موقفنا إيمانٌ بجميع الرسل، إلاّ أننا نعتقد حقاً أن هذه الشريعة الإسلامية نسخ الله بها جميع الشرائع وافترض الله على الخلق طاعة محمد عليه السلام واتباعه؛ فنحن نؤمن بموسى وعيسى وغيرهما من أنبياء الله؛ لكن الاتباع والعمل إنما هو لهذه الشريعة.

    وقال سماحته: ليعلم الجميع أن ما ينادي به إلى توافق بين الأديان ونحوه هي دعوى يكذبها الواقع؛ فإذا كان أولئك يهاجمون الإسلام ويكذبونه ورسول الإسلام محمد عليه السلام؛ فكيف يظنون أن هناك توافقاً وتقارباً وهم على الباطل من سب واستهزاء بالدين الإسلامي ومحمد عليه السلام.

    وعن موقف الإسلام من الأنبياء والملل قال سماحته: الإسلام رسالته أنه لا يجوز ولا يمكن سب أحد من الأنبياء فمن سبّ عيسى أو موسى فإنه كافر ولا يليق بمسلم أن يسبّ نبيّاً من الأنبياء.
    __________________
    وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً [الإسراء : 111]
    __________________

    #949415
    mmorsy
    مشارك

    لماذا خلق الله الشرَّ والمرض ..؟!

    فريق من الناس يسأل استرشاداً .. وفريق يسأل فتنة :
    لماذا خلق الله الشرَّ ..؟!
    ولهؤلاء وأولئك نقول:
    خلق الله تعالى الشرَّ لحكَمٍ جليلة عديدة، نعرف بعضها، ونجهل أكثرها .. (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
    من تلك الحِكَم:
    أن الله تعالى ربُّ العالمين .. ومن كمال الربوبية وشموليتها .. أن يكون الربُّ رباً لكلِّ شيء .. وخالقاً لكل شيء .. للخير والشرِّ معاً.
    ومنها:
    لكي تظهر قدرته لخلقه .. وأن الله تعالى قادر على أن يخلق الشيء وضده .. وأنه المتفرد بذلك .. فكما أن الله تعالى قادر على أن يخلق الخير، وعلى تصريفه كيفما يشاء، وحيث يشاء .. فهو قادر على أن يخلق الشر، وعلى تصريفه كيفما يشاء، وحيث يشاء ..بلا ممانع ولا منازع .. وكما أن الله تعالى قادر على أن يخلق الحياة من لا شيء .. فهو سبحانه قادر على أن يخلق الموت وأسبابه ..!
    ومنها:
    أن الدنيا دار عملٍ، واختبارٍ، وبلاء .. وهذا من لوازمه أن يخلق الله تعالى الخير والشر، كما قال تعالى (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) .
    ومنها:
    أن المخلوق يحتاج لمن يجلب له الخير، ويدفع عنه الشر .. فلا يستقيم شرعاً ولا عقلاً أن يجد الأولى عند خالقه .. والأخرى عند غيره .. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً!
    ومنها:
    أن الخير يُعرف بضده .. وأن الحقّ يُعرف بضده؛ فنعمة الخير تُعرف بشرِّ فقدانها .. والحق يُعرف قدره بمعرفة ضده من الباطل ..!
    كيف تعرف نعمة التوحيد وفضله عليك .. وأنت تجهل الشرك .. وما يُجلبه من شرور وأضرارٍ على صاحبه في الدنيا والآخرة ؟!
    كيف تعرف نعمة الصحة .. وأنت لا تعرف المرض .. ولم تجربه ..؟!
    كيف تعرف نعمة الشبع .. وأنت لا تعرف الجوع .. ولم تجربه ..؟!
    كيف تعرف نعمة الغنى .. وأنت لا تعرف الحاجة ولا الفقر .. ولم تجربه ..؟!
    كيف تعرف نعمة الوصل .. والعيش مع الأهل والأحبة .. وأنت لا تعرف شر وفتنة وآلام الفراق ..؟!
    كيف تعرف نعمة العلم .. وأنت تجهل الجهل وآثاره .. وهكذا كل شيءٍ فإنه لكي يُعرف على حقيقته لا بد أن يُعرف ضده.
    ومنها:
    أن الشرَّ سببٌ للموت .. والإنسان لا بد له من الموت ..!
    ومنها:
    أن الله تعالى يُعبد في السراء والضراء .. ويُحب أن يُعبد في الضراء كما يُعبد في السرَّاء .. وهذا من لوازمه وجود السراء والضراء .. والخير والشر.
    ومنها:
    أن من مقتضيات ولوازم أسماء الله تعالى وصفاته .. وجود الخير والشر .. فالله تعالى هو الغني الرزاق .. وهذا من مقتضياته ولوازمه وجود الفقير المحتاج الذي يسأل الله تعالى الغنى والرزق .. فيعطيه.
    والله تعالى غفور رحيم .. وهذا من لوازمه ومقتضياته وجود الشر والإثم .. الذي يحمل صاحبه على طلب الرحمة والمغفرة من ربه .. فيغفر له ويرحمه.
    والله تعالى المنتقم الجبار .. وهذا من لوازمه ومقتضاه .. وجود الظالمين .. الذين ينتقم الله منهم ..!
    وهكذا كل اسم من أسماء الله تعالى تجد أن له مقتضيات في خلقه .. لا بد من ظهورها ووجودها!
    ومنها:
    أن العبد لا يعرف فضل الله عليه .. إلا عندما يرى غيره مبتلاً بفقد ما منَّ الله به عليه ..
    فيجد نفسه مشدوداً للقول:
    الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به، وفضلني على كثير من خلقه تفضيلاً ..!
    ومنها:
    أن الخير الصرف يُطغي صاحبه ويُنسيه أن له رباً يُعبد .. كما قال تعالى (كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى . أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ) .
    فيأتي الشر ليُذكره .. ويأطره لأن يقول: يا رب اغفر لي .. يا رب ارحمني .. يا رب عافني واعف عني ..!
    فالشرُّ في الغالب يأتي بالعبد ليقف بين يدي ربه منكسراً ضارعاً متذللاً .. خائفاً .. باكياً .. يسأله العفو والمغفرة .. وهذا مطلب شرعي يُحبه الله .. بخلاف الخير .. وفعل الخير .. فإنه ـ في كثير من الأحيان ـ يحمل صاحبه على الغرور .. والأمن والرجاء .. إلا من رحم الله!
    ومنها:
    ليندفع به شرٌّ أكبر .. فكم من شرٍّ يُبتلى به المرء ليندفع به شرٌ أكبر وهو لا يدري .. كخرق الخضر للسفينة .. وقتله للغلام .. وما أكثر الأمثلة والشواهد على ذلك من حياتنا اليومية لو أردنا التوسع والاستدلال.
    كم من مرة نُبتلى بشرٍّ .. نسخطه .. ثم ندرك بعد زمن يشاؤه الله .. أن هذا الشرَّ كان فيه خيراً كثيراً ..!
    ومنها:
    أن الشر يؤدب بعضه بعضاً .. فينتقم الله من شرٍّ بشرٍّ آخر .. فيسلط الظالمين بعضهم على بعض .. وهذا هو المراد من قوله r:” إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر، وبأقوامٍ لا خلاق لهم “. فيدفع الله
    بهم ظلماً أشد .. وفجوراً أكبر!
    ونحو ذلك الجهاد .. فيندفع بشر القتل والقتال .. شراً أكبر، وفتنة أكبر .. ليعم الأمن والأمان .. والخير والسلام!
    ومنها:
    أن من النفوس من لا ينفع معها الخير .. فالخير يزيدها طغياناً وتجبراً .. بخلاف لو جُرب معها الشرِّ فإنه يهذبها ويؤدبها ويُعيدها إلى رشدها وصوابها .. كما في القصاص بالنسبة للمجرمين الخارجين عن حدود الله ..!
    ومنها:
    أن من مقتضيات البلاء والتمحيص .. وحتى يُعرف الحق من الباطل .. والمؤمن الصابر من
    غيره .. وجود الخير والشرّ .. والبلاء بالخير والشرّ ..!
    فهل يرضى العبد بحكم الله تعالى وقضائه في الشر .. كم يرضى بحكمه في الخير .. أم أنه إذا أصابته سرّاء رضي وشكر .. وإن أصابته ضراء كفر وتضجّر .. واعترض؟!
    فمن النفوس من تنجح في بلاء الخير دون الشر .. ومنها من تنجح في بلاء الشر دون الخير .. والنفوس المؤمنة الصالحة هي التي تنجح في بلاء الخير والشرِّ .. وترضى وتسلم في بلاء الخير والشر .. وهؤلاء هم الفائزون!
    ومنها:
    ليقذف الله الحق بالباطل فيدمغه .. وليصطفي الله من عباده الشهداء .. فالشر في كثير من صوره يكون بلاءً لأهل الخير .. ليُرى كيف سيتصرفون ويتعاملون معه ..!
    ومنها:
    أن الشرّ في بعض صوره يكون لصاحبه طهوراً وكفارة لذنوبه وخطاياه ..!
    ومنها:
    أن معالجة الشر .. والصبر عليه .. احتساب الأجر .. يرفع صاحبه يوم القيامة درجات ومقامات عالية في الجنان ما كان ليحظى بها لولا البلاء .. وصبره على البلاء ..!
    ومنها:
    أن الله تعالى خلق الجنة والنار .. وهذا من تمام عدله وحكمته .. ومن لوازم وجود الجنة والنار .. وجود الخير والشر .. والحق والباطل .. والظالم والمظلوم .. ليذهب كل فريق إلى ما أُعد له من نعيم مقيم أو عذاب أليم مهين ..!
    هذه بعض الحكم من خلق الله تعالى للشر .. وما يعلمه الله تعالى .. ونحن لا نعلمه .. أكثر وأكثر .. ( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ) (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
    تابع
    __________________

    #949416
    mmorsy
    مشارك

    لماذا خلق الله الشر ؟
    فإن لله فى خلقه شئون وله فى أرادته حكمه وهو أحكم الحاكمين فهو خالق الخير والشر حتى إذا إعترض أصحاب وجهات النظر الذين ينزهون الله عن خلق الشر وقد يسأل سؤالاُ يظنه منطقياً وهو :

    لماذا خلق الله الشر ؟ مع قدرته على إبدال كل شر خيراً ؟ والإجابه موجوده فى صلب السؤال نفسه ألا وهى إذا خلق الله الخير فقط ولم يخلق الشر فإن ذلك قد يشير إلى نقص فى قدرته تعالى لأنه يعنى قدرته على خلق الخير فقط أما خلق الشر فإنه يعجزه وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً لأنه على كل شىء قدير ومعنى كل شىء هو الشىء وضده كقدرته تعالى على خلق الطويل وضده وما بينهما والأبيض وضده والغنى وضده والذكى وضده والعالم وضده والمهتدى وضده ( ولو شاء لهداكم أجمعين ) ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) ولذلك فلا غرابه فى وجود المنافقين بين المؤمنين والخونه بين المخلصين والعاجزين بين القادرين ولا غرابه فى الفقر بعد الغنى أو العكس والصحه بعد المرض والعكس والعز بعد الذل والعكس والعداوه بعد المحبه والعكس والحر بعد البرد والعكس لأن الله لا يسأل عما يفعل وجاز فى حقه أن يعذب من أطاعه وأن يثيب من عصاه فإذا علمنا أن الله على كل شىء قدير فلا يبقى أمامنا إلا أن نقول سبحان الله خالق كل شىء وهو العالم به والقادر عليه

    —–

    لماذا خلق الله سبحانه وتعالى الشر ؟.

    سؤال يطرحه البعض :لماذا الله سبحانه وتعالى خلق الشر ..؟.. أوليس الله عز وجل خير محض . فهاهي الكوارث الطبيعية ، والحشرات السامة وكذا الأفاعي والعقارب وغيرها ، كما خلق الحيوانات التي تفتك بغيرها . كما خلق إبليس اللعين وخلق فرعون وهامان ويزيد وكل طواغيت الأرض .

    الشر ينظر له من زاويتين

    الزاوية الأولى : وهي النظرة النسبية فبعض الشرور بالنسبة لي هي خير بالنسبة الى غيري . فمثلا الشر الذي في الأفعى أو العقرب هو شر بالنسبة لي لكنه خير بالنسبة إليها فهو سبيلها للبقاء والغذاء . كما أن بعض السموم تستخدم في العقاقير الطبية ومن هذه الجهة هو خير لي .
    وكذلك الزلازل فبعضها ينشأ بواسطة طرق اصطناعية وبعضها بصورة طبيعية ولولا هذه الزلازل ما تغيرت تضاريس الأرض وقشرتها .

    .إن الإنسان بطبيعته يجهل أين يكمن الخير وأين يكمن الشر فنظرته محصورة وكثيرا ما ينظر للأمور من خلال نفسه وإن ابتعد ستكون نظرته شاملة لمن هم حوله فقط .

    الزاوية الثانية : بعض الشرور هي عدم الوجود فافتقار الإنسان لبعض الأمور التي يحتاجها قد تكون شرا بالنسبة إليه . والله سبحانه وتعالى لم يجعل هذا النقص في هذا أو ذاك . بل الوجود وعدم الوجود مرتبط تارة بعلل طولية وتارة أخرى بعلل عرضية . فمثلا لا يمكن أن تزرع أرضا قبل أن تسوي تربتها وتجعلها صالحة للزراعة ، وحتى إن كانت صالحة للزراعة فالطقس له دور والماء له دور واليد العاملة الخبيرة لها دور والمواد العضوية الموجودة لها دور وغيرها من الأمور الأخرى فهي كلها تعتبر شرائط معدة لاستكمال عملية الزراعة ، وأي خلل من هذه الشرائط سيكون له أثر سلبي على الزرع . وهذا ما يسمى بالعلل العرضية .

    الله سبحانه وتعالى جعل الأمور تجري بأسبابها وجعل لهذا الكون سنن وقوانين تحكمه فأي خلل أو قصور يعرض على أمر ما يجعل القابلية والاستعداد للفيض الإلهي غير تام . فالزواج مثلا من مصاب لامرأة مصابة بمرض وراثي أو غير وراثي سيكون سببا لنشوء أطفال مصابين بهذا المرض ، فهل سنقول أن سبب إصابة هذا الطفل للمرض بفعل الله أم بسبب الأم والأب . نعم اذا لم يصب هذا الطفل بهذا المرض سيكون ذلك من لطف الله وكرمه .

    فيزيد ولد من أب و أم عرفا بطغيانهم وفجورهم وتربى في أرض غير مهيأ لحمل أي فكر سليم وعلاوة على ذلك كان مفتقرا للأخلاق شاربا للخمر وغيرها من الأمور التي تدمي القلب . ثم أخذه حب الجاه والسلطان وإستهوته الدنيا بزخارفها . فكان نتاجا طبيعيا مع كل هذه المقومات ، إذ لو كان غير ذلك لكان شاذا عن الصورة الطبيعية .

    إن الله سبحانه وتعالى لا يفرق بين أحد من خلقه فالقصور ليس منه سبحانه ، بل القصور من الطرف المستقبل الذي هو أنا وأنت ، فإذا لم نكن نحمل مقومات الاستعداد لتقبل الفيض الإلهي فلن تكون شاملة لنا ولن يكتب لها الوجود في نفوسنا .

    وقد يقول قائل : إن الله يعلم بهذه النتيجة فلما خلقهم إذا ؟.

    والجواب : أن هذا مقتضى الحكمة الإلهية فلقد خلق الله الإنسان وجعله مختارا في تصرفاته ، وخلق البلاء ليكون سبيلا من سبل التكامل والرقي للإنسان فهو لا يرقى إلا بالسير إلى الله ومجاهدة النفس فالإنسان هو عين الفقر وهو كادح إلى ربه كدحا فملاقيه ويحصد في الآخرة نتائج عمله وما حمله معه في هذه الدار . كما أن بعض هؤلاء المفسدين كانوا سببا في وجود الصالحين إما بمجاهدتهم وإما بخروجهم من أصلابهم .

    ——

    – لماذا خلق الله الشر ؟ –
    كيف يسمح الله للاشرار بتمرير شرّهم؟

    قال صاحبي ساخراً ( والحديث لمصطفى محمود )
    ” كيف تزعمون أن إلهكم كامل ورحمن ورحيم وكريم ورءوف وهو قد خلق هذه الشرور في العالم .. المرض والشيخوخة والموت والزلزال والبركان والميكروب والسم والحر والزمهرير وآلام السرطان التي لا تعفي الطفل الوليد ولا الشيخ الطاعن .
    إذا كان الله محبة وجمالا وخيرا فكيف يخلق الكراهية والقبح والشر؟؟!! “

    ونحن نقول :
    إن الله كله رحمة وكله خير وأنه لم يأمر بالشر ولكنه سمح به لحكمة .
    )إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ،قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ((الأعراف:28-29
    الله لا يأمر إلا بالعدل والمحبة والإحسان والعفو والخير وهو لا يرضى إلا بالطيب.
    فلماذا ترك الله الظالم يظلم والقاتل يقتل والسارق يسرق ؟!
    لأن الله أرادنا أحرارا .. والحرية اقتضت الخطأ، ولا معنى للحرية دون أن يكون لنا حق التجربة والخطأ والصواب .. والاختيار الحر بين المعصية والطاعة .
    وكان في قدرة الله أن يجعلنا أخيار، وذلك بأن يقهرنا جميعا على الطاعة قهرا ..
    وكان ذلك يقتضي أن يسلبنا حرية الاختيار.
    وفي دستور الله وسنته أن الحرية مع الألم أكرم للإنسان من العبودية مع السعادة ..
    ولهذا تركنا نخطئ ونتألم ونتعلم، وهذه هي الحكمة في سماحة الشر .
    ومع ذلك فإن النظر المنصف المحايد سوف يكشف لنا أن الخير في الوجود هو القاعدة وأن الشر هو الاستثناء .
    فالصحة هي القاعدة والمرض استثناء .. ونحن نقضي معظم سنوات عمرنا في صحة ولا يزورنا المرض إلا أياما قليلة ..
    وبالمثل الزلازل، هي في مجملها بضع دقائق في عمر الكرة الأرضية الذي يحصى بملايين السنين ..
    وكذلك البراكين، وكذلك الحروب التي هي تشنجات قصيرة في حياة الأمم بين فترات سلام طويلة ممتدة .
    ثم إننا نرى لكل شيء وجه خير، فالمرض يخلف وقاية، والألم يربي الصلابة والجَلَد والتحمل ، والزلازل تنفس عن الضغط المكبوت في داخل الكرة الأرضية، وتحمي القشرة الأرضية من الانفجار، وتعيد الجبال إلى أماكنها كأحزمة وثقالات تثبت القشرة الأرضية في مكانها، والبراكين تنفث المعادن والثروات الخبيئة الباطنة، وتكسو الأرض بتربة بركانية خصبة ..
    تابع
    __________________

    #949417
    mmorsy
    مشارك

    والحروب تدمج الأمم وتلقح بينها وتجمعها في كتل وأحلاف..

    وأعظم الاختراعات خرجت أثناء الحروب.. البنسلين ، الذرّة ، الصواريخ ، الطائرات النفاثة .. كلها خرجت من أتون الحروب .
    ومن سم الثعبان يخرج الترياق . ومن الميكروب يصنع اللقاح .
    ولولا أن أجدادنا ماتوا لما كنا الآن في مناصبنا ..
    والشر في الكون كالظل في الصورة إذا اقتربت منه خيل إليك أنه عيب ونقص في الصورة .. ولكن إذا ابتعدت ونظرت إلى الصورة ككل نظرة شاملة اكتشفت أنه ضروري ولا غنى عنه.. وأنه يؤدي وظيفة جمالية في البناء العام للصورة .
    وهل كان يمكننا أن نعرف الصحة لولا المرض ..
    إن الصحة تظل تاج على رؤوسنا لا نراه ولا نعرفه إلا حينما نمرض .
    وبالمثل: ما كان ممكنا أن نعرف الجمال لولا القبح، ولا الوضع الطبيعي لولا الوضع الشاذ.
    ولهذا يقول الفيلسوف أبو حامد الغزالي: إن نقص الكون هو عين كماله، مثل اعوجاج القوس هو عين صلاحيته، ولو أنه استقام لما رمى .
    وظيفة أخرى للمشقات والآلام:
    أنها هي التي تفرز الناس وتكشف معادنهم .
    لولا المشقة ساد الناس كلهم *** الجود يفقر والإقدام قتال ..
    إنها الامتحان الذي نعرف به أنفسنا .. والابتلاء الذي تتحدد به مراتبنا عند الله .
    ثم إن الدنيا كلها ليست سوى فصل واحد من رواية سوف تتعدد فصولها، فالموت ليس نهاية القصة ولكن بدايتها .
    ولا يجوز أن نحكم على مسرحية من فصل واحد ولا أن نرفض كتابا لأن الصفحة الأولى لم تعجبنا .
    الحكم هنا ناقص … ولا يمكن استطلاع الحكمة كلها إلا في آخر المطاف ..
    ثم ما هو البديل الذي يتصوره السائل ؟
    هل يريد أن يعيش حياة بلا موت بلا مرض بلا شيخوخة بلا نقص بلا عجز بلا قيود بلا أحزان بل آلام ؟ هل يطلب كمالا مطلقا ؟ ولكن الكمال المطلق لله .
    والكامل واحد لا يتعدد .. ولماذا يتعدد .. وماذا ينقصه ليجده في واحد آخر غيره .
    معنى هذا أن صاحبنا لن يرضيه إلا أن يكون هو الله ذاته ؛ وهو التطاول بعينه .
    ودعونا نسخر منه بدورنا .. هو وأمثاله ممن لا يعجبهم شيء ..
    هؤلاء الذين يريدونها جنة . ماذا فعلوا ليستحقونها جنة ؟
    وماذا قدم صاحبنا للإنسانية ليجعل من نفسه الله الواحد القهار الذي يقول للشيء كن فيكون؟
    إن جدتي أكثر ذكاء من الأستاذ الدكتور المتخرج من فرنسا، بينما تقول في بساطة:
    ” خير من الله شر من نفوسنا ” .
    إنها كلمات قليلة ولكنها تلخيص أمين للمشكلة كلها ..
    فالله أرسل الرياح وأجرى النهر ، ولكن ربان السفينة الجشع ملأ سفينته بالناس والبضائع بأكثر مما تحتمل ، فغرقت ، فمضى يسب الله والقدر ..
    وما ذنب الله .. الله أرسل الرياح رخاء وأجرى النهر خيرا .. ولكن جشع النفوس وطمعها هو الذي قلب هذا الخير شرا .
    ما أصدقها من كلمات جميلة طيبة: ” خير من الله شر من نفوسنا “

    ——-

    لماذا خلق الله الآلام والمؤذيات في حياة المسلمين الاجتماعية والسياسية؟

    قد يبدو هذا السؤال في الوهلة الأولى قاسياً أو فيه تجاوز على الله تعالى، ولا شك أن الله سبحانه وتعالى ليس لأحد من خلقه أن يعترض عليه، لأنه وحده صاحب الحكم والملك، يقضي كيف يشاء، ولا راد لقضائه وحكمه الكوني القدري.

    ويكون هذا السؤال تعدياً على الله -جل وتقدس- إذا قصد به المعارضة والجحود، إذ أن هذا الباب -أقصد باب الاعتراض على حكمة الله الكونية- من أخطر الأبواب التي ضل فيها الناس، فما تزندق من تزندق، وما انتكس من انتكس؛ إلا بسبب هذه الموضوع، الذي هو مزلق أقدام البرية.. نسأل الله الثبات.

    وهذا المقال ليس إلا إقرار وإذعان بحكم الله وإرادته المطلقة، ثم هو –أيضاً- تحقيق وإظهار –حسب الطاقة- لحكمة الله البالغة في حكمه الغالب.. سبحانه وبحمده.

    ولذلك .. ولبيان بعض جوانب الحكمة الإلهية العظيمة في ذلك لا بد من بيان أسس ومبادئ لا غنى عنها لفهم هذا الباب الخطير.

    * أسس ومبادئ مهمة في هذا الباب:

    أولاً: أن الله سبحانه وتعالى عدل.

    فهولا يضع الشيء إلا في موضعه، فهو المحسن الجواد الحكيم العدل في كل ما خلقه، وفي كل ما وضعه في محله، وهيأه له، وهو سبحانه له الخلق والأمر، فكما أنه في أمره لا يأمر إلا بأرجح الأمرين، ويأمر بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإذا تعارض أمران رجح أحسنهما وأصلحهما، وليس في الشريعة أمر يفعل إلا ووجوده للمأمور خير من عدمه ولا نهي عن فعل إلا وعدمه خير من وجوده، وإذا كانت هذه سنته في أمره وشرعه؛ فهكذا سنته في خلقه وقضائه وقدره فما أراد أن يخلقه أو يفعله كان أن يخلقه ويفعله خيراً من أن لا يخلقه ولا يفعله، وبالعكس، وما كان عدمه خيراً من وجوده فوجوده شر وهو لا يفعله، بل هو منزه عنه والشر ليس إليه.

    وبذلك ُيعلم أن الله تعالى لم يخلق هذه المؤذيات والآلام ظلماً، بل أوجدها بمقتضى عدله سبحانه، ووضعها في موضعها اللائق بها، ومن تمام عدله سبحانه أنه لم يخلق من المؤذيات والآلام ما عدمه خيراً من وجوده وإلا كان شراً، بل لم يخلق من ذلك من شيء إلا وهو عدل وخير.

    ثانياً : أن الخير هو الغالب في الوجود.

    فمن تأمل هذا الوجود علم أن الخير فيه غالب، وأن الأمراض وإن كثرت فالصحة أكثر منها، واللذات أكثر من الآلام، والعافية أعظم من البلاء، والغرق والحرق والهدم ونحوها وإن كثرت فالسلامة أكثر، ولو لم يوجد هذا الوجود الذي خيره غالب لأجل ما يعرض فيه من الشر لفات الخير الغالب، وفوات الغالب شر غالب.

    مثال على ذلك : النار فإن في وجودها منافع كثيرة وفيها مفاسد لكن إذا قابلنا بين مصالحها ومفاسدها لم تكن لمفاسدها نسبة إلى مصالحها وكذلك المطر، والرياح، والحر، والبرد، فعناصر هذا العالم السفلي خيرها ممتزج بشرها ولكن خيرها غالب.

    ثالثاً : أن الله رحيم لا يفعل إلا الخير.

    فرحمته سبحانه غلبت الغضب، والعفو سبق العقوبة، والنعمة تقدمت المحنة، والخير في صفاته وأفعاله، والشر في المفعولات لا في الأفعال، فأوصافه كلها كمال وأفعاله كلها خيرات، فإن آلم الإنسان أو الحيوان لم يعدم بألمه عافية من ألم هو أشد من ذلك الألم، أو إعداده لقوة وصحة وكمال أعظم، أو عوضا لا نسبة لذلك الألم إليه بوجه ما.

    رابعاً : أن الآلام ليست شراً محضاً .

    فالآلام والأمراض وإن كانت شروراً من وجه، فهي خيرات من وجوه عديدة، فالخير والشر من جنس اللذة والألم، والنفع والضرر، وذلك في المقضي المقدر لا في نفس صفة الرب وفعله القائم به، فإن قطع يد السارق شر مؤلم ضار له، وأما قضاء الرب ذلك وتقديره عليه فعدل خير وحكمة ومصلحة، فهذه الآلام والمؤذيات قد تكون شراً بالنسبة إلى محلها، لكنها تكون خيراً إلى ما سواه، بل قد تكون خيراً على نفس المحل، فهي شر من وجه وخير من الوجه الآخر، فقطع يد السارق إن كان فيه ألم للسارق وضرر وشر، فهو خير للمجتمع كله والذي سينتفع بذلك، بل السارق نفسه له في ذلك الألم خير
    تابع
    __________________

    #949418
    mmorsy
    مشارك

    أعظم، أو عوضا لا نسبة لذلك الألم إليه بوجه ما.

    رابعاً : أن الآلام ليست شراً محضاً .

    فالآلام والأمراض وإن كانت شروراً من وجه، فهي خيرات من وجوه عديدة، فالخير والشر من جنس اللذة والألم، والنفع والضرر، وذلك في المقضي المقدر لا في نفس صفة الرب وفعله القائم به، فإن قطع يد السارق شر مؤلم ضار له، وأما قضاء الرب ذلك وتقديره عليه فعدل خير وحكمة ومصلحة، فهذه الآلام والمؤذيات قد تكون شراً بالنسبة إلى محلها، لكنها تكون خيراً إلى ما سواه، بل قد تكون خيراً على نفس المحل، فهي شر من وجه وخير من الوجه الآخر، فقطع يد السارق إن كان فيه ألم للسارق وضرر وشر، فهو خير للمجتمع كله والذي سينتفع بذلك، بل السارق نفسه له في ذلك الألم خير وهو كفارة له وعبرة .

    خامساً : اللذات تنشأ من الآلام، والآلام من اللذات.

    فأعظم اللذات ثمرات الآلام ونتائجها، وأعظم الآلام ثمرات اللذات ونتائجها، فسنة الله هي ترتيب الجزاء على العمل، واللذة بعد الألم، وقد أجرى الله سبحانه سنته وعادته أن حلاوة الأسباب في العاجل تعقب المرارة في الآجل، ومرارتها تعقب الحلاوة، فحلو الدنيا مر الآخرة، ومر الدنيا حلو الآخرة، وقد اقتضت حكمته سبحانه أن جعل اللذات تثمر الآلام، والآلام تثمر اللذات، والقضاء والقدر منتظم لذلك انتظاماً لا يخرج عنه شئ ألبتة، والشر مرجعه إلى اللذات وأسبابها، والخير المطلوب هو اللذات الدائمة والشر المرهوب هو الآلام الدائمة، فأسباب هذه الشرور وإن اشتملت على لذة ما، وأسباب تلك خيرات وإن اشتملت على ألم ما، فألم تعقبه اللذة الدائمة أولى بالإيثار والتحمل، من لذة يعقبها الألم الدائم.

    سادساً : الآلام والمؤذيات خلقت للحكمة، ولم توجد عبثاً.

    فالله سبحانه وتعالى لم يخلق الآلام واللذات بدون حكمة، ولم يقدرهما عبثاً، ومن كمال قدرته وحكمته أن جعل كل واحد منهما تثمر الأخرى، هذا ولوازم الخلقة يستحيل ارتفاعها كما يستحيل ارتفاع الفقر والحاجة والنقص عن المخلوق، فلا يكون المخلوق إلا فقيراً محتاجا ناقص العلم والقدرة، فلو كان الإنسان وغيره من الحيوان لا يجوع ولا يعطش ولا يتألم في عالم الكون والفساد لم يكن حيواناً، ولكانت هذه الدار دار بقاء ولذة مطلقة كاملة، والله لم يجعلها كذلك، وإنما جعلها داراً ممتزجاً ألمها بلذتها، وسرورها بأحزانها، وغمومها وصحتها بسقمها، حكمة منه بالغة سبحانه وتعالى.

    وخلاصة هذه الأسس هي : القضاء الإلهي لا شر فيه بوجهٍ من الوجود ، لأنه علم الله وقدرته وكتابته ومشيئته ، وذلك خيرٌ محض وكمالٌ من كل وجه ، فالشر ليس إلى الرب تعالى بوجهٍ من الوجوه ، لا في ذاته ، ولا في أسمائه ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله ، وإنما يدخل الشر الجزئي الإضافي في المقضي المقدر ، ويكون شراً بالنسبة إلى محل ، وخيراً بالنسبة إلى محل آخر ، وقد يكون خيراً بالنسبة إلى المحل القائم به من وجهٍ ، كما هو شر له من وجهٍ ، وهذا هو الغالب في هذا العالم ، فلله فيما خلقه الحكمة والعدل .

    وعلى ضوء ذلك نفهم مدى ضعف أكثر الاعتراضات العقلية على الحكمة الإلهية، مثل قول البعض : أي حكمة أو مصلحة في خلق الكفر والفسوق والعصيان ؟ وأي حكمة في خلق الشرور والمؤذيات والآلام ؟ وأي حكمة في خلق المضار والسموم ؟ وأي حكمة في خلق إبليس والشياطين وإبقائهم إلى آخر الدهر ؟ أي حكمة في كل ذلك ؟ وغيرها من الاعتراضات.

    وللجواب عن هذه الأسئلة .. نقول :

    إن لله في كل ما خلقه وأمر به حكمة بالغة، علمها من علمها وجهلها من جهلها، وكما لا يحيط بعلمه أحد، كذلك لا يحيط بحكمته أحد سواه، ولكن يمكننا تلمس تلك الحكم بمقدار ما أنعم الله علينا من عقول ومدارك، ولعل من أهم الحكم فيما خلقه الله من آلام ومؤذيات وكفر وفسوق .. ما يلي:

    (1)للتمحيص والابتلاء والامتحان:

    إن أفضل العطاء وأجله على الإطلاق الإيمان وجزاؤه، وهو لا يتحقق إلا بالامتحان والاختبار كما قال تعالى : ( ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) .

    فذكر سبحانه أنه لا بد أن يمتحن خلقه ويفتنهم، ليتبين الصادق من الكاذب، والمؤمن من الكافر، ومن يشكره ويعبده ممن يكفره ويعرض عنه ويعبد غيره والله يبيّن سر هذه الفتنة والمحنة، وهو تبيين الصادق من الكاذب، والمؤمن من الكافر، وهو سبحانه كان يعلم ذلك قبل وقوعه، ولكن اقتضى عدله وحمده أنه لا يجزي العباد بمجرد علمه فيهم، بل بمعلومه إذا وجد وتحقق، والفتنة هي التي أظهرته وأخرجته إلى الوجود فحينئذ حسن وقوع الجزاء عليه.

    فمن قال: “آمنت” امتحنه الله وابتلاه لتتحقق بالإيمان حجة إيمانه وثباته عليه، وأنه ليس بإيمان عافية ورخاء فقط بل إيمان ثابت في حالتي النعماء والبلاء، فلا بد من حصول الألم لكل نفس مؤمنة أو كافرة، لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداءً ثم ينقطع ويعقبه أعظم اللذة، والكافر يحصل له اللذة والسرور ابتداءً ثم ينقطع ويعقبه أعظم الألم والمشقة، وهكذا حال الذين يتبعون الشهوات فيلتذون بها ابتداءً ثم تعقبها الآلام بحسب ما نالوه منها، والذين يصبرون عنها يتألمون بفقدها ابتداءً ثم يعقب ذلك الألم من اللذة والسرور بحسب ما صبروا عنها وتركوه منها .

    إن الله سبحانه أخبر أنه خلق السماوات والأرض العالم العلوي والسفلي ليبلونا أينا أحسن عملاً ، وأخبر أنه زين الأرض بما عليها من حيوان ونبات ومعادن وغيرها لهذا الابتلاء ، وأنه خلق الموت والحياة لهذا الابتلاء ، فكان هذا الابتلاء غاية الخلق والأمر ، فلم يكن من بد من دار يقع فيها هذا الابتلاء جسراً يعبر عليه إليها ، ومزرعة يبذر فيها وميناء يزود منها ، وهذا هو الحق الذي خلق الخلق به ولأجله وهو أن يعبد وحده بما أمر به على ألسنة رسله ، فأمر ونهى على ألسنة رسله ، ووعد بالثواب والعقاب ، ولم يخلق خلقه سدى لا يأمرهم ولا ينهاهم ولا يتركهم هملا ، لا يثيبهم ولا يعاقبهم ، بل خلقوا للأمر والنهي والثواب والعقاب ، ولا يليق بحكمته وحمده غير ذلك .

    (2) الآلام من طبيعة حياة الإنسان:

    إن هذه الآلام والمؤذيات هي من طبيعة الحياة التي يحياها الإنسان ، وهي من طبيعة تركيب هذا العالم ولا يكون هذا العالم كما هو إلا بتلك الشرور الإضافية.

    فالألم واللذة أمر ضروري لكل إنسان ، لكن الفرق بين العاجل المنقطع اليسير والآجل الدائم العظيم ، ولهذا كان خاصة العقل النظر في العواقب والغايات ، فمن ظن أنه يتخلص من الآلام بحيث لا يصيبه البتة فظنه أكذب الحديث ، فإن الإنسان خلق عرضة للذة والألم والسرور والحزن والفرح والغم .

    (3) الآلام فيها منافع للإنسان والحيوان وليس لله فيها منفعة:

    إن هذه المؤذيات والآلام مثل : المجاهدة ، والصبر ، والاحتمال ، والمشاق ، ونحوها ، لا يعود منها منفعة على الله سبحانه فإنه غني عن العالمين ، لأنه لم يأمرهم بما أمرهم به حاجة منه إليهم ، ولا نهاهم عما نهاهم عنه بخلا منه عليهم ، بل أمرهم بما يعود نفعه ومصلحته عليهم في معاشهم ومعادهم ، ونهاهم عما يعود مضرته وفساده عليهم ، في معاشهم ومعادهم ، فكانت ثمرة هذا الابتلاء والامتحان مختصة بهم .

    ولما كانت الآلام أدوية للأرواح والأبدان كانت كمالاً للحيوان ، خصوصاً لنوع الإنسان ، فإن فاطره وبارئه إنما أمرضه ليشفيه ، وإنما ابتلاه ليعافيه ، وإنما أماته ليحييه، فهو سبحانه يسوق الحيوان والإنسان في مراتب الكمال طوراً بعد طور إلى آخر كماله، بأسباب لا بد منها ، وكماله موقوف على تلك الأسباب ، ووجود الملزوم بدون لازمه ممتنع ، كوجود المخلوق بدون الحاجة والفقر والنقص ، ولوازم ذلك ولوازم تلك اللوازم .
    تابع

    __________________

    #949420
    mmorsy
    مشارك

    والآلام والمشاق إما أن تكون إحسان ورحمة ، وإما عدل وحكمة ، وإما إصلاح وتهيئة لخير يحصل بعدها ، وإما لدفع ألم هو أصعب منها ، وإما لتولدها عن لذات ونعم يولدها عنها أمر لازم لتلك اللذات ، وإما أن يكون من لوازم العدل ، أو لوازم الفضل والإحسان ، فيكون من لوازم الخير التي إن عطلت ؛ عطلت ملزوماتها ، وفات بتعطيلها خير أعظم من مفسدة تلك الآلام .

    (4) الآلام والمشاق جسر للكمالات وأعظم اللذات:

    لأن الكمالات الإنسانية لا تنال إلا بالآلام والمشاق ، كالعلم ، والشجاعة ، والزهد ، والعفة ، والحلم ، والمروءة ، والصبر ، والإنسان ، وإذا كانت الآلام أسباباً للذات أعظم منها وأدوم منها ، كان العقل يقضي باحتمالها ، وكثيراً ما تكون الآلام أسباباً لصحة لولا تلك الآلام لفاتت.

    ولذلك حجب الله سبحانه أعظم اللذات بأنواع المكاره ، وجعلها جسراً موصلاً إليها ، كما حجب أعظم الآلام بالشهوات واللذات ، وجعلها جسراً موصلاً إليها ، ولهذا قال العقلاء : إن النعيم لا يدرك بالنعيم ، وأن الراحة لا تنال بالراحة ، وأن من آثر اللذات فاتته اللذات .

    (5) تحقيق العبودية لله:

    فالله سبحانه يحب أن يعبد بأنواع العبودية ، ومن أعلاها وأجلها عبودية الموالاة فيه والمعادة فيه ، والحب فيه والبغض فيه ، والجهاد في سبيله وبذل مهج النفوس في مرضاته ومعارضة أعدائه ، وهذا النوع هو ذروة سنام العبودية ، وأعلى مراتبها ، وهو أحب أنواعها إليه ، وهو موقوف على ما لا يحصل بدونه ، من خلق الأرواح التي تواليه وتشكره وتؤمن به ، والأرواح التي تعاديه وتكفر به ، ويسلط بعضها على بعض ، لتحصل بذلك محابه على أتم الوجوه ، وتقرب أولياءه إليه بجهاد أعدائه ومعارضتهم فيه ، وإذلالهم وكبتهم ومخالفة سبيلهم، فتعلو كلمته ودعوته على كلمة الباطل ودعوته ، ويتبين بذلك شرف علوها وظهورها ، ولو لم يكن للباطل والكفر والشرك وجود فعلى أي شئ كانت كلمته ودعوته تعلو ؟

    فإن العلو أمرٌ لشيء يستلزم غالباً ما يعلى عليه ، وعلو الشيء على نفسه محال ، والوقوف على الشيء لا يحصل بدونه .

    ولو لا وجود الكفار لما حصلت عبودية الجهاد ، ولما نال أهله درجة الشهادة ، ولما ظهر من يقدم محبة فاطره وخالقه على نفسه وأهله وولده ، ومن يقدم أدنى حظ من الحظوظ عليه ، فأين صبر الرسل وأتباعهم وجهادهم وتحملهم لله أنواع المكاره والمشاق وأنواع العبودية المتعلقة بالدعوة وإظهارها لو لا وجود الكفار ؟

    وتلك العبودية تقتضي درجة لا تنال إلا بها ، والرب تعالى يحب أن يبلغها رسله وأتباعهم ويشهدهم نعمته عليهم ، وفضله وحكمته ، ويستخرج منه حمده وشكره ومحبته والرضا عنه .

    وذلك أن من عبوديته العتق ، والصدقة ، والإيثار ، والمواساة ، والعفو ، والصفح ، والصبر، وكظم الغيظ ، واحتمال المكاره ، ونحو ذلك مما لا يتم إلا بوجود متعلقه وأسبابه ، فلو لا الرق لم تحصل عبودية العتق ، فالرق من أثر الكفر ، ولو لا الظلم والإساءة والعدوان لم تحصل عبودية الصبر والمغفرة وكظم الغيظ ، ولو لا الفقر والحاجة لم تحصل عبودية الصدقة والإيثار والمواساة ، فلو سوَّى بين خلقه جميعهم لتعطلت هذه العبوديات التي هي أحب شئ إليه ، ولأجلها خلق الجن والإنس ولأجلها شرع الشرائع ، وأنزل الكتب ، وأرسل الرسل، وخلق الدنيا .

    وذلك لأنه سبحانه يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه أعظم فرح يقدر أو يخطر ببال أو يدور في خلد ، وحصول هذا الفرح موقوف على التوبة الموقوفة على وجود ما يتاب منه ، وما يتوقف عليه الشئ لا يوجد بدونه ، فإن وجود الملزوم بدون لازمه محال ، ولا ريب أن وجود الفرح أكمل من عدمه ، فمن تمام الحكمة تقدير أسبابه ولوازمه ، فلو لم يقدر الذنوب والمعاصي فلمن يفغر ، وعلى من يتوب ، وعمن يعفو ، ويسقط حقه ، ويظهر فضله ، وجوده ، وحلمه ، وكرمه ، وهو واسع المغفرة ، فكيف يعطل هذه الصفة ، أم كيف يتحقق بدون ما يغفر ومن يغفر له ، ومن يتوب وما يتاب عنه ؟ فلو لم يكن في تقدير الذنوب والمعاصي والمخالفات إلا هذا وحده لكفى به حكمة وغاية محمودة ، فكيف والحكم والمصالح والغايات المحمودة التي في ضمن هذا التقدير فوق ما يخطر بالبال ، ولو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه .

    (6) ظهور الآيات الدالة على عظمة الله .

    فإنه قد يترتب على خلق من يكفر به ويشرك به ويعاديه من الحكم الباهرة والآيات الظاهرة ما لم يكن يحصل بدون ذلك ، فلو لا كفر قوم نوح لما ظهرت آية الطوفان وبقيت يتحدث بها الناس على ممر الزمان ، ولو لا كفر عاد لما ظهرت آية الريح العقيم التي دمرت ما مرت عليه ، ولو لا كفر قوم صالح لما ظهرت آية إهلاكهم بالصيحة ، ولو لا كفر فرعون لما ظهرت تلك الآيات والعجائب يتحدث بها الأمم أمة بعد أمة ، واهتدى من شاء الله ، فهلك بها من هلك عن بينة ، وحي بها من حي عن بينة ، وظهر بها فضل الله وعدله ورحمته ، وآيات رسله وصدقهم ، ولو تعطلت تلك الأسباب لتعطلت هذه الحكم والمصالح والآيات ورحمته وكماله المقدس يأبى ذلك وحصول الشئ بدون لازمه ممتنع ، وكم بين ما وقع من المفاسد الجزئية وبين ما رتب الله عليها من حكم ومصالح لا تحصى ، وهل تلك المفاسد الجزئية إلا دون مفسدة الحر ، والبرد ، والمطر ، والثلج ، بالنسبة إلى مصالحها بكثير .

    (7) التمحيص بالفتن .

    وذلك أن الله سبحانه بمقتضى حكمته وحمده ، وأمره ونهيه ، وقضائه وقدره ، قد جعل بعض عباده فتنة لبعض ، فهو سبحانه جعل أوليائه فتنة لأعدائه ، وأعداءه فتنة لأوليائه ، والملوك فتنة للرعية ، والرعية فتنة لهم ، والرجال فتنة للنساء ، وهن فتنة لهم ، والأغنياء فتنة للفقراء، والفقراء فتنة لهم ، وابتلى كل أحد بضد جعله متقابلاً ، وكذلك ابتلاء عباده بالخير والشر في هذه الدار ، وكم له سبحانه في مثل هذا الابتلاء والامتحان من حكمة بالغة ، ونعمة سابغة ، وحكم نافذ ، وأمر ونهي ، وتصريف دال على ربوبيته وإلوهيته وملكه وحمده ، دال على كمال حكمته ومقتضى حمده التام . فلو لا هذا الابتلاء والامتحان لما ظهر فضل الصبر، والرضى ، والتوكل ، والجهاد ، والعفة ، والشجاعة ، والحلم ، والعفو ، والصفح ، والله سبحانه يحب أن يكرم أوليائه بهذه الكمالات ويحب ظهورها عليهم ليثني بها عليهم هو وملائكته ، وينالوا باتصافهم بها غاية الكرامة واللذة والسرور ، وإن كانت مرة المبادئ فلا أحلى من عواقبها ، ووجود الملزم بدون لازمه ممتنع ، ولذا كان أفضل العطاء وأجله على الإطلاق الإيمان وجزاءه وهو لا يتحقق إلا بالامتحان والاختبار .

    قال تعالى : ( آلم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين * أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون * من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآتٍ وهو السميع العليم * ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه أن الله لغني عن العالمين) .

    فذكر سبحانه أنه لا بد أن يمتحن خلقه ويفتنهم ليتبين الصادق من الكاذب ، والمؤمن من الكافر، ومن يشكره ويعبده ، ممن يكفره ويعرض عنه ، ويعبد غيره… سبحانه وبحمده له الحكمة البالغة.

    فإذا قال قائل: إننا نرى مثلاً بعض الشرور تحصل، وذلك كالأمراض، وكذلك نرى المعاصي والفجور وغير ذلك، فيقال أولاً: إن أفعال الله سبحانه وتعالى كلها خير وحكمة وليس فيها شر بإطلاق، وإن كانت شراً على بعض الخلق بسبب كسبهم واختيارهم. ثانياً: الشر هذا الذي نراه إنما هو في مقدوراته ومفعولاته، ويوضح هذا أننا نجد في بعض المخلوقات المقدورات شراً كالحيات والعقارب، ونجد الأمراض والفقر والجدب وما أشبه ذلك، فكل هذه بالنسبة للإنسان شرا لأنها لا تلائمه، لكن باعتبار نسبتها إلى الله هي خير لأن الله لم يقدرها إلا لحكمة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها.
    تابع

    __________________

    #949422
    mmorsy
    مشارك

    (وَإِذَامَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [الشعراء:80]

    وكم من أمر يكرهه العبد ويرى أنفيه شـراً ، وليس كذلك ولذا قال الله عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوابِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌلَّكُمْ )
    وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا أبالي أصبحت على ما أحب أو على ما أكره ؛ لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره .
    وقال الحسن : لا تكْرهوا النقمات الواقعة والبلايا الحادثة ، فلربّ أمر تكرهه فيه نجاتك ، ولرب أمر تؤثره فيه عطبك .

    وكان عليه الصلاة والسلام يقول : الحمد لله على كل حال .

    من أركان الإيمان : الإيمان بالقدر خيره وشـرِّه
    إن الشر قد يكون فينظر العبد ، ولو كُشفت للعبد حُجب الغيب لما تمنى غير ما قدر الله وقضى .
    فقال رجل : أنا في هذا البلد مهاجر ! وقد طُردت من بلدي ، وظننت أن ما حصل لي شـر ، وإذا بي أرى الخير من خلال ذلك الذي ظننته شـراً

    فقيل له : ذكرتنا بكلمة جميلة لابن القيم رحمه الله حيث قال : كم مِن محنة في طيّـها مِنحـة
    فوائد المرض

    الابتلاء بالمرض سنة ماضيةحكم المرض وفوائده :

    1 .

    استخراج عبودية الضراّء وهي الصبر :

    إذا كان المرء مؤمناً حقاً فإن كل أمره خير ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ” عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراّء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراّء صبر فكان خيراً له ”

    2 .

    تكفير الذنوب والسيئات :

    مرضك أيها المريض سبب في تكفير خطاياك التي اقترفتها بقلبك وسمعك وبصرك ولسانك ، وسائر جوارحك .

    فإن المرض قد يكون عقوبة على ذنب وقع من العبد ، كما قال تعالى { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير }

    يقول – صلى الله عليه وسلم – : ” ما يصيب المؤمن من وَصب ، ولا نصب ، ولا سقَم ، ولا حزن حتى الهمّ يهمه ، إلا كفر الله به من سيئاته ” .

    3 .

    كتابة الحسنات ورفع الدرجات :

    قد يكون للعبد منزلةعظيمة عند الله سبحانه وتعالى ، لكن العبد لم يكن له من العمل ما يبلغه إياها ،فيبتليه الله بالمرض وبما يكره ، حتى يكون أهلاً لتلك المـنزلة ويصل إليها .

    قال عليه الصلاة والسلام : ” إن العبد إذا سبقت له من الله منـزلة لم يبلغها بعمله ، ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ، ثم صبّره على ذلك ،حتى يبلغه المنـزلة التي سبقت له من الله تعالى ”

    4 .

    سبب في دخول الجنة :

    قال – صلى الله عليه وسلم – : ” يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب ، لو أن جلودهم كانت قرِّضت بالمقاريض ” صحيح الترمذي للألباني .

    5 .

    النجاة من النار :

    عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – عاد مريضاً ومعه أبو هريرة ، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” أبشر فإن الله عز وجل يقول : هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة ” السلسلة الصحيحة للألباني .

    6 .

    ردّ العبد إلى ربه وتذكيره بمعصيته وإيقاظه من غفلته :

    من فوائد المرض أنه يرد العبد الشارد عن ربه إليه ، ويذكره بمولاه بعد أن كان غافلاًعنه ، ويكفه عن معصيته بعد أن كان منهمكاً فيها .

    7 .

    البلاء يشتد بالمؤمنين بحسب إيمانهم :

    قال عليه الصلاة والسلام : ” إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ” حسنه الألباني في صحيح الترمذي .

    – *

    بشرى للمريض :

    ما كان يعمله المريض من الطاعات ومنعه المرض من فعله فهو مكتوب له ، ويجري له أجره طالما أن المرض يمنعه منه .

    قال – صلى الله عليه وسلم – : ” إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثلما كان يعمل مقيماً صحيحاً ” رواه البخاري .

    – *

    الواجب على المريض :

    الواجب على المريض تجاه ما أصابه من مرض هو أن يصبر على هذا البلاء ،فإن ذلك عبودية الضراء .

    والصبر يتحقق بثلاثة أمور : 1 . حبس النفس عن الجزع والسخط 2. وحبس اللسان عن الشكوى للخلق .3 . وحبس الجوارح عن فعل ما ينافي الصبر .

    – *

    أسباب الصبر على المرض :

    1 .

    العلم بأن المرض مقدر لك من عند الله ، لم يجر عليك من غير قبل الله ..

    قال تعالى { قل لن يصيبنا إلاما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون } ، وقال تعالى { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها }

    قال عليه الصلاة والسلام : ” كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ” مسلم .

    2 .

    أن تتيقن أن الله أرحم بك من نفسك ومن الناس أجمعين :

    عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : قدم على النبي – صلى الله عليه وسلم – سبيٌ ، فإذا امرأة من السبي وجدت صبياً فأخذته ، فألصقته ببطنها وأرضعته ،فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ” أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟قلنا : لا وهي تقدر أن لا تطرحه ، فقال : الله أرحم بعباده من هذه بولدها ” البخاري .

    3 .

    أن تعلم أن الله اختار لك المرض ، ورضيه لك والله أعلم بمصلحتك من نفسك :

    إن الله هو الحكيم يضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها ، فما أصابك هو عين الحكمة كما أنه عين الرحمة .

    4 .

    أن تعلم أن الله أراد بك خيراً في هذا المرض :

    قال عليه الصلاة والسلام : ” من يرد الله به خيراً يصب منه ” أي يبتليه بالمصائب ليثيبه عليها .

    5 .

    تذكر بأن الابتلاء بالمرض وغيره علامة على محبة الله للعبد :

    قال – صلى الله عليه وسلم – : ” إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ” صحيح الترمذي للألباني .

    6 .

    أن يعلم المريض بأن هذه الدار فانية ، وأن هناك داراً أعظم منها وأجل قدراً :

    فالجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .

    قال – صلى الله عليه وسلم – : ” يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة ، فيصبغ في النار صبغة ، ثم يقال : يا ابن آدم : هل رأيت خيراً قط ؟ هل مرّبك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يا رب . ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهلالجنة ، فيصبغ في الجنة صبغة ، فيقال له : يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط ؟ هل مرّ بكشدة قط ؟ فيقول : لا والله يا رب ما مرّ بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط ” – الصبغة أي يغمس غمسة ..

    7 .

    التسلي والتأسي بالنظر إلى من هو أشد منك بلاء وأعظم منك مرضاً :

    قال عليه الصلاة والسلام : ” انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولاتنظروا إلى من هو فوقكم ، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ”

    وأسأله سبحانه أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين
    وكل مريض

    __________________

    #949423
    mmorsy
    مشارك

    حادثة الإفك والعبر العظيمة

    ابن مريم
    قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة وعبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة، عن نفسها حين قال فيها أهل الإفك ما قالوا، فكل قد دخل في حديثها، عن هؤلاء جميعا، يحدث بعضهم ما لم يحدث صاحبه، وكل كان عنها ثقة، فكلهم حدث عنها بما سمع، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها، خرج بها معه، فلما كان غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه، كما كان يصنع، فخرج سهمي عليهن معه،

    فخرج بي رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: وكان النساء إذ ذاك يأكلن العلق، لم يهجهن اللحم فيثقلن، وكنت إذا رحل لي بعيري جلست في هودجي، ثم يأتي القوم الذين كانوا يرحلون لي، ويحملونني فيأخذون بأسفل الهودج، فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير، فيشدونه بحباله، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به.

    قالت: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك، وجه قافلا، حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا، فبات به بعض الليل، ثم أذن في الناس بالرحيل، فارتحل الناس، وخرجت لبعض حاجتي، وفي عنقي عقد لي، فيه جزع ظفار، فلما فرغت انسل من عنقي، ولا أدري فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي، فلم أجده، وقد أخذ الناس في الرحيل، فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه، فألتمسته حتى وجدته، وجاء القوم خلافي، الذين كانوا يرحلون لي البعير، وقد كانوا فرغوا من رحلته، فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه، كما كنت أصنع، فاحتملوه فشدوه على البعير ولم يشكوا أني فيه، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به، فرجعت إلى العسكر، وما فيه داع ولا مجيب، قد انطلق الناس.

    قالت: فتلففت بجلبابي، ثم اضطجعت في مكاني، وعرفت أن لو افتقدت لرجع إلي.

    قالت: فوالله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطل السلمي، وقد كان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجته، فلم يبت مع الناس، فرأى سوادي فأقبل حتى وقف عليّ، وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب، فلما رآني قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم! وأنا متلففة في ثيابي
    .

    قال: ما خلّفك، يرحمك الله؟

    قالت: فما كلمته. ثم قرب إلي البعير
    فقال: اركبي. واستأخر عني.

    قالت: فركبت، وأخذ برأس البعير، فانطلق سريعا يطلب الناس، فوالله ما أدركنا الناس، وما افتقدت حتى أصبحت، ونزل الناس، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي
    فقال أهل الإفك ما قالوا، وارتج العسكر، ووالله ما أعلم بشيء من ذلك، ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة، لا يبلغني من ذلك شيء، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوي، لا يذكرون لي منه قليلا ولا كثيرا، إلا أني قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بي، كنت إذا اشتكيت رحمني، ولطف بي، فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك، فأنكرت ذلك منه، كان إذا دخل عليّ وعندي أمي تمرضني …..
    قال: كيف تِيكم؟ لا يزيد على ذلك.

    قالت: حتى وجدت في نفسي فقلت: يا رسول الله – حين رأيت ما رأيت من جفائه لي – لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرضتني؟
    قال: “لا عليك”.

    قالت: فانتقلت إلى أمي، ولا علم لي بشيء مما كان، حتى نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة، وكنا قوما عربا، لا نتخذ في بيوتنا هذه الكنف التي تتخذها الأعاجم، نعافها ونكرهها، إنما كنا نخرج في فسح المدينة وإنما كانت النساء يخرجن في كل ليلة في حوائجهن .

    فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح، ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف، وكانت أمها بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم، خالة أبي بكر الصديق.

    قالت: فوالله إنها لتمشي معي، إذ عثرت في مرطها
    فقالت: تعس مسطح. ومسطح لقب، واسمه عوف.
    قالت: فقلت: بئس لعمر الله ما قلت لرجل من المهاجرين، وقد شهد بدرا. قالت: أوَما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر؟!
    قالت: قلت: وما الخبر؟ فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك.
    قلت: أوَقد كان هذا؟!
    قالت: نعم والله لقد كان.
    قالت: فوالله ما قدرت على أن أقضي حاجتي، ورجعت، فوالله ما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي.
    قالت: وقلت: لأمي: يغفر الله لك، تحدث الناس بما تحدثوا به ولا تذكرين لي من ذلك شيئا؟!
    قالت: أي بنية، خفضي عليك الشأن، فوالله لقلما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها، لها ضرائر، إلا كثرن، وكثر الناس عليها.
    قالت: وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبهم، ولا أعلم بذلك، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: “أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي، ويقولون عليهم غير الحق، والله ما علمت عليهم إلا خيرا ويقولون ذلك لرجل؛ والله ما علمت منه إلا خيرا، ولا يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي”.
    قالت: وكان كبر ذلك عند عبد الله بن أبي بن سلول، في رجال من الخزرج، مع الذي قال مسطح، وحمنة بنت جحش، وذلك أن أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن امرأة من نسائه تناصيني في المنزلة عنده غيرها، فأما زينب فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيرا، وأما حمنة فأشاعت من ذلك ما أشاعت، تضادني لأختها، فشقيت بذلك، فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المقالة قال أسيد بن حضير:” يا رسول الله، إن يكونوا من الأوس نكفكهم، وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج، فمرنا أمرك، فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم”.

    قالت: فقام سعد بن عبادة وكان قبل ذلك يرى رجلا صالحا، فقال: كذبت، لعمر الله، لا تضرب أعناقهم، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا. فقال أسيد بن حضير: كذبت لعمر الله، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين، قالت: وتساور الناس، حتى كاد يكون بين هذين الحيين من الأوس والخزرج شر، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليّ.

    قالت: فدعا علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد فاستشارهما، فأما أسامة فأثنى خيرا وقاله، ثم قال: يا رسول الله أهلك وما نعلم منهم إلا خيرا، وهذا الكذب والباطل.

    وأما علي فإنه قال: يا رسول الله، إن النساء لكثير، وإنك لقادر على أن تستخلف، وسل الجارية فإنها ستصدقك.

    فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة ليسألها.
    قالت: فقام إليها علي فضربها ضربا شديدا، ويقول: اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    قالت: فتقول: والله ما أعلم إلا خيرا، وما كنت أعيب على عائشة شيئا، إلا أني كنت أعجن عجيني، فآمرها أن تحفظه، فتنام عنه، فتأتي الشاة فتأكله. قالت: ثم دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أبواي، وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي، فجلس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا عائشة، إنه قد كان ما بلغك من قول الناس، فاتقي الله، وإن كنت قد قارفت سوءا مما يقول الناس، فتوبي إلى الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده.
    قالت: فوالله إن هو إلا أن قال لي ذلك، فقلص دمعي، حتى ما أحس منه شيئا، وانتظرت أبوي أن يجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يتكلما.
    قالت: وأيم الله لأنا كنت أحقر في نفسي، وأصغر شأنا من أن ينزل الله في قرآنا يقرأ به ويصلى به، ولكني كنت أرجو أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه شيئا يكذب به الله عني؛ لما يعلم من براءتي، أو يخبر خبرا، وأما قرآنا ينزل فيّ، فوالله لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك.
    قالت: فلما لم أر أبوي يتكلمان، قلت لهما: ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
    فقالا: والله ما ندري بماذا نجيبه.
    قالت: ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام.
    قالت: فلما استعجما عليّ، استعبرت فبكيت، ثم قلت: والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبدا، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس، والله يعلم أني منه بريئة، لأقولن ما لم يكن، ولئن أنا أنكرت ما يقولون، لا تصدقونني، قالت: ثم التمست اسم يعقوب، فما أذكره، فقلت: ولكن سأقول كما قال أبو يوسف:”فصبر جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ”
    قالت: فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه، فسجي بثوبه، ووضعت وسادة من أدم تحت رأسه، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت، فوالله ما فزعت وما باليت، قد عرفت أني بريئة، وأن الله غير ظالمي، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده، ما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ظننت لتخرجن أنفسهما، فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس.
    قالت: ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس وإنه ليتحدر من وجهه مثل الجمان في يوم شات، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول: أبشري يا عائشة، قد أنزل الله عز وجل براءتك.
    قالت: قلت: الحمد لله .

    ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك، ثم أمر بمسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش، وكانوا ممن أفصح بالفاحشة، فضربوا حدهم .
    وهذا الحديث مخرج في “الصحيحين” عن الزهري. وهذا السياق فيه فوائد جمة، وذكر حد القذف لحسان ومن معه رواه أبو داود في “سننه
    __________________

    #965979
    tato079
    مشارك

    مشكور كثير .

مشاهدة 11 مشاركة - 121 إلى 131 (من مجموع 131)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد