الجنة ونعيمها :

أما في نعيمها وما أعده الله فيها لعباده , فانه لا يوصف ولا يعرف كنهه على حقيقته , ولكن تشبيها وتقديرا , كقول أحد المفسرين ” انه لا شئ في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء , وذلك كقولنا مثلا في الدنيا أنهار وفي الجنة أنهار , الاسم واحد والمعنى لا يتخيل لأن ذلك مخفي عنا لعظمته وقدسيته ” 0
( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )
صدق الله العظيم

وقد وصف لنا ربنا الجنة كي يرغبنا فيها ويشوقنا إليها علنا نعترف بفضله ونشكر نعمه ونتبع سبيله 0

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ” ثم قال بعد ذلك ” اقرؤوا إن شئتم ” ( فلا تعلم نفس )

وقال صلى الله عليه وسلم ” لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ” وقال عليه الصلاة والسلام ” لمناديل بني سعد في الجنة خير من الدنيا وما فيها ” 0

كما قال عليه الصلاة والسلام في بناء الجنة ” لبنة من فضة ولبنة من ذهب , وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ,وبلاطها المسك , وترابها الزعفران من يدخلها ينعم لا ييأس ويخلد لا يموت , لا تبلى ثيابه , ولا يفنى شبابه ” 0
وقال أيضا إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها ” اقرؤوا إن شئتم : ( وظل ممدود ) 0

وقال صلى الله عليه وسلم ” إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة , وتنصب له قبة من لؤلؤء وزبرجد , كما بين الجابية وصنعاء ” 0

وقال عليه الصلاة والسلام ” إن في الجنة نهرا يسمى البيدخ عليه قباب من ياقوت أحمر , تحته جواري نابتات يقول أهل انطلقوا بنا إلى البيدخ , وإذا أعجبت جارية رجلا مس معصمها فتبعته وتنبت مكانها ” 0

كما أن في الجنة أنهارا كثيرة أحدا الكوثر , وهو لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم , ويقول في وصفه ” حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن , وريحه أطيب من المسك , وكيزانه كنجم السماء , من شرب منه فلا يظمأ أبدا “0 وأيضا هنالك نهر من خمر , ونهر من لبن , ونهر من عسل , ونهر من كافور , ونهر من زنجبيل , ونهر من سلسبيل , ونهر من تسنيم , ونهر من رحيق , ونهر من ماء 000 إلى غير ذلك من الأنهار 0

خلاصة القول أن نعيم الجنة لا نعلم منه إلا الأسماء ولا يتسع المقام للشرح فهناك المزيد والمزيد , ومتع هذه الدنيا الفانية لا تساوي شيئا أمام متع الجنة الدائمة الخالدة وتبقى هناك سعادة في الدنيا لا تنقطع ولا تنفد فهي تصمد أمام الأهوال والأحزان مهما كانت , بل هي تزيد وتتجدد وذلك بتوفيق الله عز وجل وبمداومة الشكر والذكر له تعالى 0 وإذا ما مات أخذها معه بأضعاف مضاعفة مما كانت عليه , فإذا كانت قد حولت دنياه إلى جنة فما بالك بها وهي في الجنة الحقيقية , ألا وهي حلاوة الإيمان ولذة الذكر وقوة اليقين بالله عز وجل , يقول العزيز الحكيم :
( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )
صدق الله العظيم

الأحوة بلسم الحياة