مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #8055
    الوحش
    مشارك

    كان ذكر الحبيبة فى كلام الحبيب سواء كان شعرا أو غير شعر نوعا من الفضيحة التى تلحق بأهل الفتاة ، يشوه سمعتها ، ويقلل من هيبتها بين بقية القبائل .. يرجع هذا إلى الأصول الإجتماعية الموروثة منذ القدم ، فقد كانت عادات القبائل والقيود الإجتماعية عند العرب تحرم الغزل و التشبب بالبنات حتى أنه إذا عرفت القبيلة أن شخصا عرض لذكر فتاة من فتياتها فى حديثه أو شعره حرموا عليه الزواج منها ومنعوه من رؤيتها أبد الدهر .. لذلك كان الحديث عن خلجات القلب يتم بعيدا عن آذان المستمعين والواشين ، لذلك كانت وسيلة الوصل وآلة الكلام بين الأفئدة هى العيون لما تمتاز بخاصة الستر و الراحة .. ولولا وحى العيون ما استودع سر ، قال أحد الشعراء :

    لعمرى ما استودعت سرى وسرها سوانا حِــذارا أن تشيع السرائر

    ولا خاطبتــها مقلتاى بنـظرة فتعلم نجوانا العيون النــواظـر

    ولكنى جعلت اللحظ بينى وبينهـا رسولا فــأدى ما تُجِنُ الضمائر

    وإذا غابت الحبيبة فإن العين هى التى تهتدى إليها فيقول الباخرزى :

    قالت وقد فتشت عنها كل من لاقيته من حاضـــر أو بادى

    أنا فى فؤادك فارم لحظك نحوه ترنى فقلت لها وأين فــؤادى

    وعين الحبيبة تفعل فى الحبيب فعل السحر فهى تطير به إذا شاءت وتلقيه من أعلى إن أرادت .. فهى النعيم و العذاب فى آن ، يقول ابن الرومى :

    نظرت فأقصدت الفؤاد بسهمـها ثم انثنت عنه فكـــاد يهيم

    ويلاه إن نظرت وإن هى أعرضت وقع السهـــام ونزعهن أليم

    وحين تبخل العين على المحبوب ، فإنها لاتدرى أى ذنب أرتكبت ،لهذا يلجأ الحبيب إلى الحبيبة علّها تنقذه مم هو فيه من عذاب ، قال أبو جعفر الأندلسى :

    لو كنت تعلم ما عيناك قد صنعا لما بخلت على المشتاق بالأمـل

    لكن بخلت فلم تعلم بمـا صنعت فى مهجتى لحظات الأعين النُّجُلِ

    وإذا صرعت العين قلب الحبيب ، فيشكو الحبيب منها ، لكن العين تتبرأ من ذنبها وتلقى باللوم على القلب ، فيعود القلب ويلقى اللوم على العين ، يقول الصولى :

    إذا لمت عينى اللتــين أضـرتا بجسمى يوما قالتا لى لُمِ القلبا

    فإن لُمت قلبى قال : عيناك قادت إليك البلايا ثم تجعل لى الذنبا ؟

    و العين هى الملامة فى كل الأحوال ، فهى باب القلب ، جالبة الأسى له ، قال أبو تمام :

    لأعذبن جفون عينى إنمـــا بجفون عينى جُــل ما أتعذب

    وتكاد كلمة جرير هى الشعار فى عالم ضحايا العيون ،فهو يقول معترفا بضعفه أمام نظراتهن :

    إن العيون التى فى طرفها حــور قتــلننا ثم لم يحيين قتلانــا

    يصرعن ذا اللُّب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله أركـانا

    والعين فيها الداء وفيها الدواء للحبيب ، فإقبالها دواء وإعراضها داء ، يقول الشافعى :

    مــرض الحبيــب فعُدتـه فمرضت من حَــذَرِى عليه

    وأتــى الحبيب يعُــودنـى فبــرئت من نظــرى إليه

    #355139

    تحية إجلال وتقدير لك أيها الوحش.
    لقد كنت وحشا بحق رب السماء في مشاركتك هذه , أثرت موضوعا حلوا وجميلا , وعرضك للنص كان عرضا رائعلا , ولغة العيون هي أقول لغة في العالم:
    وتعطلت لغة الكلام فخاطبت ****** عيناي في لغة الهوى عيناك
    لو كنت أستاذا لفرضت على طلابي دراسة العيون ولغتها بل ولغاتها ولو كنت دكتورا في الجامعه لطلبت من الطلاب أن يبحثوا عن مكنونات ألحاظ العيون ويقدموه لي في بحث لأستمتع به .
    ما أستطيع أن أقوله أنك بموضوعك هذا أثرت الشجون بداخلي وحركت لواعج نفسي.
    أجدد أطرائي بموضوعك القيم وأتمنى أن تجدد كتاباتك القيمه.
    تحياتي.

    #355182
    السراب
    مشارك

    عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن لي الهوى من حيث ادري ولا ادري

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد