لقد أصبحت أشعر أنه لا يمكن أن يمر عليّ يوم دون أن أدخل على الشبكة, وأتنقل بين المواقع المختلفة, المفيد منها وغير المفيد, بهدف وبدون هدف, حتى تحوّل هذا الأمر – بالنسبة لي – إلى عادة يومية لا أستطيع الاستغناء عنها أنها أصبحت مثل الأكل والشرب..

وأسوأ ما في الأمر هو أنني أصبحت أدخل على الشبكة يومياً لمجرد أن أفعل هذا, دون أن يكون لدي هدف واضح من هذا الدخول – في أغلب الأحيان – لأن الدخول على الإنترنت هذه الأيام أصبح «بريستيج», فكل أصدقائي يفعلون هذا, فهم يسألون دائماً السؤال الذي أصبح مكرراً: «دخلت على النت النهاردة؟» وقد تجد آخر يقول: «أنا اكتشفت موقعاً جديداً إنما أيه..», كما أن الكل أصبح لديهم بريد إلكتروني خاص بهم, أو (e-mail), على الرغم من أنه ليس لهم أصدقاء أو أقارب بالخارج, فلماذا لا يكون عندي أنا أيضاً (e-mail) لمجرد السير مع التيار؟!

ولقد ازدادت الشكوى من أهلي, وأهل أصدقائي منا في الفترة الأخيرة بسبب هذا الموضوع, فقد أصبح لديهم شعور بأننا نقضي أوقات طويلة أمام الكومبيوتر والإنترنت, أكثر مما نقضي معهم!! وقد اشتكت والدة أحد أصدقائي إلى والدتي منذ أيام, من صديقي, قائلة: إنه منذ أن تعود على الإنترنت والكومبيوتر أصبحت تلك العادة نوعاً من الإدمان لديه, وقل كلامه مع إخوته, وأصبحت عيناه شديدتي الاحمرار دائماً… فقد أصبح من الواضح أن المغالاة في استخدام الإنترنت تسبب العديد من المشكلات, فهي من جهة تجعلني عبداً لها عندما أكون غير هادف أو محدد في استخدامي لها, لأنها تستنزف وقتي دون استئذان, ومن جهة أخرى تبعدني عن علاقاتي..

وأنا لم أفكر في مخاطر الإنترنت, من قبل, بهذه الصورة أبداً, ولكن ما جعلني أفكر بهذه الطريقة هو أنني أفقت منذ عشرة دقائق بالضبط على دقات ساعة منزلنا العتيقة معلنة تمام الثانية بعد منتصف الليل.. في البداية لم أصدق نفسي!! فقد جلست على مقعدي في غرفتي أمام جهاز الكومبيوتر الخاص بي لأمارس عادتي المدمرة, بالدخول على الإنترنت في تمام الساعة العاشرة مساءً… فهل يمكن أن يكون هذا قد حدث؟! هل ظللت لمدة أربع ساعات متواصلة أقفز من موقع لآخر دون وعي بالوقت أو التركيز على أي شىء؟؟! نعم لقد حدث هذا… ولقد صدمت مما جعلني أقر أمام نفسي اليوم أنني أصبحت «مدمن إنترنت رسمياً».. فقد أدركت في اللحظة التي سمعت فيها دقات الساعة معلنة أنني قضيت أربع ساعات كاملة أمام الكمبيوتر أنه لابد من وقفة لي مع نفسي… ولذا فمن اليوم:

– أنا أرفض أن أكون عبداً لرغباتي, فتحركني دون وعي…

– أنا أرفض أن أكون شخصاً غير منضبط في الوقت…

– لن أدخل على الإنترنت مرة أخرى دون هدف, بل سأكون واضحاً ومحدداً دائماً, فيما أريد منها, وفي الوقت الذي سأقضيه أمامها..

– لن أقضي وقتاً مع الكمبيوتر أكثر مما أقضي مع عائلتي…