خطة التنظيم التي قام بها القسام

اهتم القسام بأربعة عناصر أساسية في بناء تنظيمه وهى :-

الأصولية :- اهتم القسام ببناء تنظيمه على العقائد والأخلاق الإسلامية والقيام بنصرة المستضعفين ،
وإغاثة الملهوف وأداء الصلوات في جماعة والإكثار من تلاوة القرآن الكريم وقد وجدت مصاحف مع جميع الذين قبض عليهم أو استشهدوا .

الوعي :- فإن القسام وتنظيمه اهتموا ببث الوعي لدى الجماهير عن طريق الخطب والمنشورات ، وقد ركزوا على التنبيه لضرورة التصدي للخطر الصهيوني، وعدم الثقة في بريطانيا واعتبارها ها العدو أيضا ، كما دعوا إلى الجهاد ضد كافة أشكال الاستعمار والتهيئة النفسية للثورة، كما عمل القسام من خلال عدد من الإشكال العلنية لبث الوعي ى صفوف الجماهير مثل جمعية الشبان المسلمين والعمل كمأذون ليسهل الاتصالات السكانية.

وفى الإطار ذاته قام القسام بنشر المدارس وفصول محو الأمية في القرى التي كانت مركز
لحركته ( قرى منطقة حيفا ) كم قام عجارية التبشير ودعا إلى مقاطعة المدارس الأجنبية وعدم
تعليم أبناء المسلمين فيها .

كما دعا الكتل العائلية ( الحسيني والنشاشيبى ) أن يتركوا الحزبيات ويتفاهموا لصالح الوطن

ألثورية :- اختار القسام لتنظيمه العناصر التي تتميز بالثورية وكان يختارها أثناء تجواله فى القرى أو إلقاء خطب الجمعة أو ذهابه لهداية قطاع الطرق ، وقد ركز معهم على ضرورة ترك متاع الدنيا وعدم الانشغال إلا بالجهاد وتكاليف الجهاد ، وكان كلمن ينضم للتنظيم يعد نفسه شهيدا
منذ اللحظة الأولى ولا يهتم بشيء من جمع الأموال و غيرها من مشاغل الدنيا ، أي لا يهتم
أي لا يهتم إلا بالإعداد للثورة .

الشعبية :- وفقآ لما سبق فإن العناصر الثورية عادة ما تكون في التجمعات الشعبية ، لذا ركز القسام على التجمعات الشعبية الفقيرة لبناء تنظيمه ولم ينفصل يوما عن الجماهير ، ولا مارس عليها فوقية ثقافية أو قيادية وظل حتى أخر حياته يعيش حياة الفقراء وكل أنصاره كانوا
كانوا من الفقراء أو ماتوا فقراء بعد أن أنفقوا ثرواتهم في سبيل الله .

عقب حادث البران عام 1928 ، قرر القسام ورفاقه الانتقال من مرحلة الدعوة أي الجهاد إلى مرحلة التفييذ العملي ، وقد نفذ القسامييون عددا من العمليات الفدائية ضد اليهود ، وعلى سبيل المثال قام القسامييون بعمل كمين لقافلة سيارات يهودية كانت تسير باتجاه مستوطنة ( الباجور ) فقتلوا ثلاثة ولم يتركوا أي أثر وكان ذلك في يوم 5 أبريل عام 1931م ، كما نفذ القساميون عملية أخرى فدى 7/4/ 1931م ضد مستعمرة( نهلال)، وفى 16 يناير عام 1931م قاموا بتنفيذ عملية ضد مستعمرة( بلفوريا) ، وفى مارس عام1932م قتلوا حارس في مستعمرة صهيونية تابعة لمستعمرة ( كفارها سيديم ) ، وفى 30/4/1932م هاجموا مستوطنة ( كفار يجزكئيل ) وأصابوا اثنين من اليهود بجراح، وقاموا في 22/12/1932م بتفجير قنبلة في مستوطنة ( نهلال ) أدت إلى مصرع يهوديين .

هكذا ظل العمل الفدائي لعصبة القسام حتى عام 1935م حيث وقعت معركة ( يعبد ) الشهيرة ، حيث قرر القسام تفجير الثورة عقب اكتشاف اليهود بتهريب عدد كبير من الأسلحة والذخيرة إلى داخل فلسطين ، وعجزت الأحزاب عن إيقافها عن طريق الضغط على الإنجليز ، وكانت الجماهير فى حالة غليان ، كما أن التنظيم القسامى كان قد استكمل بناؤه ، وقرر الشيخ أن يخرج مع مجموعة رجاله للمرور على القرى وتعبئة المجاهدين لتفجير الثورة ، إلا أن أجهزة الشرطة الإنجليزية رصدت المجموعة ودخلت معها فى معركة بالقرب من قرية ( يعبد ) فى يوم 20/11/1935م وقد استشهد في المعركة 5 من المجاهدين كما قتل إنجليزيان ، ويرجع قلة القتلى من الإنجليز إلى أنهم كانوا يدفعون بالشرطة العرب الذين كان القسام لا يطلق النار عليهم وكان قد أمر جماعته بإطلاق النار على الإنجليز أساسا.

وقد قبض على الباقين وحوكموا وصدرت ضدهم أحكام قاسية وقد شيع القسام ورفاقه إلى مثواهم الأخير فى موكب مهيب كما أظهرت كل الطوائف والمجموعات السياسية تعاطف معه ، وتعد جنازة الشهداء ومحافل التأبين ألتى أقيمت من أجلهم هي الشرارة الأولى لاندلاع الثورة الكبرى عام 1936م .

القساميون على خطى القسام

بناء على تقديرات الأستاذ صبحي ياسين ، وعلى معلومات الوكالة اليهودية ، فإن أعضاء تنظيم القسام كان يبلغ المائتين في عام 1935م وهم جميعا يمتلكون القدرة على القتال ويتميزون بأخلاق المجاهدين .

وعقب استشهاد القسام قام الشيخ فرحان السعدي بقيادة مجموعة القساميين ومارس الكفاح المسلح وأنجز أكثر من عملية فدائية ، لعل أهمها كانت الهجوم على سيارة إنجليزية ويهودية قرب سجن ( نور شمس ) وقتلوا عددا من اليهود والإنجليز ، وقد كانت هذه العملية هي المفجرة لثورة عام 1936م ( وقعت العملية فى 5 أبريل عام 1936م ) وقد قام بها كل من ( فرحان السعدي – محمود سالم – داوود الديرانى ).

وقد ظلت المجموعة القسامية بقيادة فرحان السعدى تمارس العمل المسلح ، وظل الإنجليز يطاردونها دون جدوى ، كما تمكنت تلك المجموعة من مطاردة قاتلي القسام والشهود الذين شهدوا ضده ، وأعدمت الكثيرين منهم، كما تمكنوا من اغتيال ( اندروز ) حاكم اللواء الشمالي وهو بريطاني مجرم سهل الكثير من العمليات لليهود وقد اغتيل في 26/9/1937م .

وفى أثناء ثورة عام 1936م ، التي يعتبرها الفلسطينيون نتيجة مباشرة لحركة القسام ورفاقه ، استطاع القسامييون قيادة عدد من المناطق الفلسطينية للثورة وقاموا بعدد من العمليات الفدائية الجريئة .

تقييم إستراتيجي للحركة

يقول الأستاذ سميح حمودة في كتابه الرائع ( الوغى والثورة ) لقد تجاوز القساميون حالة التردي الحضاري للمسلمين ، وقدموا نموذج فذا للعطاء الإسلامي الممتد عبر أعوام طويلة .

واستطاعت هذه الحركة أن تخرج من أسار الإمكانيات المادية الضئيلة مقدمة صورة عظيمة للتضحية بالنفس والمال جهادا في سبيل الله .

تـــــــــــــــــــــــــــــم

( مـــــــــــــــــــــــــــــــــــنقول )