الرئيسية › منتديات › مجلس أخبار ومقالات › انتصرنا
- This topic has 0 ردود, مشارك واحد, and was last updated قبل 17 سنة، 5 أشهر by zayed all najjar.
-
الكاتبالمشاركات
-
28 يوليو، 2007 الساعة 1:38 م #78107zayed all najjarمشارك
اخر كلمات لمحمود درويش ( انتصرنا وانفصلت غزه عن الضفه )؟؟؟
——————————————————————————–
لا أتمني نهاية أعلي.. وأجمل.. وأكمل
“انتصرنا واستقلت غزة عن الضفة الغربية وصارت لشعب واحد دولتان ـ زنزانتان ـ لا تتبادلان التحية. فيا لنا من ضحايا في زي جلادين. وأدركنا أن لكل واحد منا أكثر من أب واحد لا لأننا أبناء زنا، بل لان الأنا المتضخمة تعمي البصر والبصيرة. أحاول، ما استطعت، أن أنزع عن هذا اللقاء صفة الحدث… إذ إن من الطبيعي أن يلتقي المرء بماضيه الحاضر، وبأهله، ومشهده الطبيعي وعناصر تكوينه الأول ولكن ليس من الطبيعي إلا في حياتنا غير الطبيعية، أن يصبح هذا اللقاء شأنا عاما احتفالي المظهر. وليس من الطبيعي أيضا أن أسأل: ألا تخشي على حياتك من زيارة الكرمل؟ وأنا أجيب: لا أتمني نهاية أعلي… وأجمل… وأكمل! هنا أنا الآن دون أن أتساءل: لماذا نزلت على الكرمل؟ ودون أن أضيف: كيف صعدت إلى الكرمل؟ إذ إنني أعلم أني بما يعنيكم مني وهو أن يكون صوتكم صوتي وأن يكون صوتي صوتكم. لم أغب تماما ولا أحضر إلا لماما لأن المجاز هو أداة الشاعر القادرة على جعل الخيال واقعيا وعلي جعل الواقعي خيالا دون أن تفقد اللغة طريق العودة إلى أرض مرجعيتها الأولي. وهنا، تكونت مرجعياتي الوطنية وتبلورت ذاتي الشعرية، وسلكت الطرق الوعرة إلى مغامراتي. قفزت إلى ما وراء البحر، إلى مجهول لا سر فيه.. فليس للفلسطيني ذات ذاتية، ولا حق له في الوجود خارج صراع حقه مع القوة التي اقترحت على ه طريقا وحيدا للنجاة هو: أن يكون الخروج من الجغرافيا خروجا من التاريخ. وقد تأذن له بتأليف أسطورته الخاصة شرط أن تكون ركيكة النهاية! من سوء حظنا أن الركاكة ماثلة أمامنا بعدتها الكاملة. من حسن حظنا أن البداية ما زالت مفتوحة على تجارب جديدة. وما يبدو أنه نهاية ركيكة ليس أكثر من فشل المؤلف في السيطرة على النص. لكننا نجحنا في ألا نموت، حني لو ارتكبا من الأخطاء ما سيدفع هوميروس إلى إعادة يوليسيس إلى أكلة اللوتس لينسوه طريق العودة لكننا لم ننس تاريخنا الذي نحاول إصلاح ما أصابه من عطب بكل ما أوتينا من قوة الذاكرة وتفاؤل الإرادة وعناد الصمود وبراءة الرومانسيين حتى لو لم نكن كنعانيين وليس من حق المؤرخين أن يسلخوا عن هذه الأرض اسمها وأن يشككوا في هوية أصحابها الأصليين. ولأن الإسراف في البحث عمن سيق من في بناء الأسطورة ومن كتب على الحجر قبل الآخر لا يخص سوي علماء الآثار العاجزين عن الإتيان بالبرهان.. فإن حقنا في وطننا الوحيد لا ينصاع إلى سجال البراهين المترف. لأننا نحن… نحن البرهان. إذ إننا لم نولد في غير هذا المكان ولم نضع على الورق مشروعا لبناء امة تبحث عن أرض خالية من السكان! ولأن للتاريخ طريقته الوحشية العشوائية في تحديد المصائر ولأنه لا يرحم ضحاياه ولا يمتثل لأبطاله دائما. ولأن البشر هم ضحاياه ونتاجه في آن واحد فقد أدركت الضحية الفلسطينية أن على ها لتبقي وتبقي حقها في الغد، أن تجري تمييزا ما بين حقها في الوطن وحقها في دولة على أرض وطنها الذي جعلته العملية التاريخية بلدا لشعبين، لعل سلاما ممكنا يحل على أرض سميت مجازا أرض المحبة والسلام دون أن تتمتع بهذه التسمية. لكن اللحظة التاريخية الراهنة ظلت تسخر من حلم هذا السلام لأن عقلية الجيتو الإسرائيلية تقبض على هويتها المضغوطة كما تقبض على قنبلة وتخشي من اندماج محتمل بين اللاعادي والعادي وتغلق الذات على الذات خوفا من هواء الآخرين. والآخرون جميعا من الدول المعتدلة والمتطرفة يتوسلون اتفاق سلام ما كامل التطبيع والأوصاف مقابل كيان هزيل على ل يسمي دولة فلسطينية قد يلبي عطش الهوية الفلسطينية إلى سراب في صحراء هذا العبث والخراب. لكن الجواب هو الجواب: تنازلوا أكثر إلى أن تصبح صورة المعتدلين صورة خونة، ويصبح المتطرفون هم الأبطال المحبطين القادرين على الحل. وهكذا ينتقل صراع الحضارات والأديان من فرضية إلى واقع، لأن الفوضي هي بديل العدل. فوضي في كل مكان، وتعديل خرائط. ولماذا تعجبون ـ يقولون ـ فمن حق من رسم خرائطكم أن يجري على ها تعديلا ضروريا لمتطلبات العصر الجديد. لكن كوابيسنا لم تزح بغزة في هذا المشهد إلى أن صحونا من الغيبوبة على علم ذي لون واحد يصرع علما رباعي الألوان وعلي محاولة انتحار المعني علانية في الشوارع وعلي أسري بزي عسكري أسري عراة إلى كاميرا النصر. انتصرنا واستقلت غزة عن الضفة الغربية وصارت لشعب واحد دولتان ـ زنزانتان ـ لا تتبادلان التحية. فيا لنا من ضحايا في زي جلادين. وأدركنا أن لكل واحد منا أكثر من أب واحد لا لأننا أبناء زنا، بل لان الأنا المتضخمة تعمي البصر والبصيرة. انتصرنا ونحن نعلم أن الاحتلال هو المنتصر. فمتي يصدق في هذه اللحظة أننا نؤتمن على مصائرنا وعلي مستقبل بلدنا الديمقراطي التعددي؟ سيجد الاحتلال من بلاغة الزيف ما يشرع له الوصاية وبناء المزيد من المستوطنات التي ستجعل إمكانية بناء الدولة الفلسطينية واحدة من عجائب الدنيا، وهو الذي أسهم، هو الاحتلال لا سواه في شحن المحاصرين المحبطين بطاقة العنف التي انفجرت داخل الأسرة الواحدة، المنتصر فينا مهزوم دون أن يعلم. والمهزوم فينا لا يتعلم درس الهزيمة. لكننا نؤمن بأن الروح الحية في هذا الشعب البطل الذي استعصي على مشروع الإبادة السياسية على أيدي أعدائه، سأعرف كيف تضع حدا لجنون أبنائه وكيف تمنع العبث المتربص بالمعني من قتل المعني! آن لي أن أتذكر أن هذا المساء مكرس للشعر. فماذا يفعل الشعر في زمن المحنة الطويل، تعديلا لسؤال أدورنو الشهير؟ أكاد أقول: لا شيء، وكل شيء في آن واحد. وبين اللاشيء وكل شيء، ثمة الشيء البسيط. يصبح البسيط هو الأصعب لأن على اللغة الشعرية أن تلملم شظايا الواقع وأن تكون وفية لتاريخها ولتعاليها المجازي معا. ويصبح الصعب هو الأبسط لأن اللغة الشعرية من مكر الاستعارات ومراوغة الغموض ما يجعلها توحي لنا بأنها تقول ما لا تقول ولا تقول ما تقول وبأن المعني متخف في ما وراء الكلام. قيل إن “الصدق يراد من الأنبياء وإن حسن الكلام يراد من الشعراء”، فكيف تفسر بشاعة واقعنا عن حسن الكلام في عملية التحويل الكيميائي الكبري في مختبر الشعر؟ وبعيدا عن أخلاقية أو لا أخلاقية عملية صنع الجمال الكلامي من مواد تراجيدية فليس على نا أن نصدق الشعراء إلا إذا أتقنوا هذا الكذب الصادق. فتلك هي طبيعة مهنتهم الخاصة، لا أن يقولوا الحقيقة كما تراها آلة التصوير بل أن يقولوا ما حجب منها ورأوه بالحدس والخيال والرؤيا وشفافية الحلم. إن على أرض وجودنا الإنساني والوطني ما يستحق الحياة. وما يستحق أن نحيا له وبه ومعه ينم عن رأي أوضح وأصرح في تطوير ثقافة الحياة وهي الهبة الإلهية الأسمي. وإذا كان لابد من موت ضروري فتلك تضحية نبيلة من اجل أن تكون الحياة أجمل وأسلس لا من اجل رفع الموت إلى مستوي الغاية المشتهاة. إن الشعر هو المرافعة النوعية المجانية للدفاع عن الحياة وعن حقنا في أن نحيا حياتنا كما نريدها بحرية وسلام وهو دفاع عن الروح والذاكرة الجمعية والهوية دفاع عن الحب والجمال وعما في أعماقنا من موسيقي خفيفة وقرح. وهو مقاومة لكل منا يجعل الحياة عبئا على الأحياء ومقاومة لكل ما يعوق حرية الإنسان وتطبيع علاقته مع ذاته ومع الوجود الإنساني. إنه البحث عن الأمل أو هو اختراع الأمل. شكرا لكم يا ملح هذه الأرض!
عن جريده العربى الناصرى -
الكاتبالمشاركات
- يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.