خالد بلحروز نجم المنتخب الهولندي
مع سخونة أجواء المونديال، هبت رياح تغيير جديدة على صورة الإسلام في الغرب تحمل معاني إيجابية مبعثها مشاركة عدة نجوم مسلمين من أبطال المنتخبات الأوربية في المونديال.

ويشير المراقبون إلى تغيير ملحوظ في صورة الإسلام مع تزايد انضمام لاعبي كرة القدم المسلمين ذوي الشعبية الجيدة من أصول عربية أو ممن أسلموا حديثا إلى المنتخبات الأوروبية التي تلعب في مونديال ألمانيا.

ويرى المراقبون أن هؤلاء اللاعبين يمارسون دورا مؤثرا لا يتوقف عند حدود منتخباتهم فقط، بل يراهم مفكرون غربيون وعرب “دعاة سوبرمان” أكثر تأثيرا من الساسة الغربيين وعلماء تقليديين من الذين يسعون لإيجاد صيغة لاندماج الأقليات المسلمة في المجتمعات الأوروبية.

ويلعب على الأقل خمسة لاعبين مسلمين مع المنتخبات الأوروبية المشاركة في كأس العالم حاليا يتقدمهم زين الدين زيدان، الذي ولد لأبوين جزائريين مسلمين، وهو نجم فرنسا الأفضل على الإطلاق في تاريخ كرة القدم.

وساعد على تحول هذه النظرة “فرونك ريبري” لاعب الوسط بمنتخب فرنسا، وهو أصغر عضو في الفريق؛ حيث اعتنق الإسلام حديثا، ولم يكن معظم الفرنسيين يعرفون حقيقة إسلام ابن وطنهم حتى كشف ذلك قراءته لسورة “الفاتحة” قبيل أول لقاء للمنتخب الفرنسي الشهير بـ”الديوك الزرق” ضد منتخب سويسرا في بداية المونديال الحالي.. وسبقه نجم الهجوم الفرنسي “تييري هنري” الذي تؤكد تقارير إعلامية أنه أسلم سرا منذ عامين.

وأضيف للقائمة “خالد بلحروز” وهو مغربي الأصل، ويلعب ” بلحروز” في المنتخب الهولندي مع زميله المسلم “روبين فان برسي” الهولندي الأصل الذي أحرز أول أهدافه في المونديال في مباراة هولندا وكوت ديفوار.

وفي المنتخب السويدي يوجد “زلاتان إبراموفيتش” اللاعب الفذ الذي ولد بالسويد لأب وأم بوسنيين مهاجرين، وحصل عام 2005 على الكرة الذهبية لأفضل لاعب في السويد.

نموذج “زيدان”

زين الدين زيدان نجم فرنسا الأفضل على الإطلاق في تاريخ كرة القدم

وفي تصريح لشبكة إسلام أون لاين.نت، يقول المفكر الفرنسي الشهير فرانسوا بورجا:”إن التفوق في الرياضة والفنون و العلوم يعد وسيلة لتواصل أقوى بالتأكيد من الدعوات السياسية والدينية والفلسفية لفهم أفضل للدين الإسلامي”.

وأضاف قائلا:”إن صعود المسلمين في كافة مستويات المجتمعات الأوروبية رياضيا وفنيا وعلميا يعد وسيلة قوية للتقليل من المصاعب والمقاومة التي ما زال يواجهها المسلمون في البيئة الأوروبية غير المسلمة”.

ويضيف بورجا: “تكرار اختيار اللاعب زيدان كأكثر الرجال شعبية على الإطلاق في فرنسا يعد خطوة مهمة في الاتجاه الجيد”.

وانتقد بورجا طريقة بعض الساسة في الانتخابات؛ حيث يخاطبون أمعاء مواطنيهم بدلا من عقولهم، على حد تعبيره. وأوضح قائلا: “من السهل عليهم أن يستغلوا مشاعر الخوف من الآخر -المتمثل في المسلمين- على أن يقرروا بمشاركتنا المسئولية فيما يقع من نزاعات وحالات توتر هنا وهناك”.

وتابع المفكر الفرنسي -المهتم بوضع المسلمين في أوروبا- قائلا: “قبل ربط التوتر مع الإسلام بالماضي، تحتاج أوروبا إلى مبررات أكثر في الواقع أو أكثر من زين الدين زيدان للمساعدة!”.

سوبرمان وداعية

ومن جانبه، دعا أنس التكريتي، الرئيس السابق لمجلس مسلمي بريطانيا، إلى الاستفادة من تلك الظاهرة “الإيجابية” للمساعدة على اندماج المسلمين في مجتمعاتهم الأوروبية، وقبول تلك المجتمعات لهم. وقال في تصريح لـ”إسلام أون لاين.نت”: “تأثير لاعب كرة قدم قد يفوق بكثير تأثير داعية أو عالم، إذا ما تم تقديم هذا اللاعب كقدوة طيبة للشباب”.

وأوضح التكريتي أن الشباب عندما يكونون في مقتبل العمر -خاصة من نشئوا في بيئة أوروبية- لا يقدرون كثيرا العلم الذي بين يدي العالم أو المفكر، لكنهم بحاجة إلى أن يروا بطلا مسلما معاصرا أو “سوبرمان” في مجال الرياضة، أو أي مجال آخر، بحيث يكون له قدوة يحاكيها ويفتخر بها.

وقال التكريتي مدللا على رأيه: “ذهبت لإلقاء محاضرة بمسجد في مدينة أبردين الأسكتلندية في شهر رمضان الماضي، فوجدت زحاما شديدا على غير المعتاد، وعندما سألت إمام المسجد أخبرني أن هناك اثنين من لاعبي الدوري الأسكتلندي يأتون للصلاة في المسجد في رمضان. وأكد أن اللاعبَين قاموا بعمل دعوي غير مباشر عبر ما وصلا إليه من شهرة ونجاحات.

وأوضح التكريتي أن ظهور مثل هؤلاء الرياضيين وتفوقهم يسهم في حل المشكلات التي يعاني منها الشباب المسلم في أوروبا، مشيرا إلى أن حالة من الضغط وفقدان الثقة بالنفس وعدم الرغبة في الظهور اجتماعيا تسود حاليا بين الشباب نتيجة الشعور بأن الخطاب السياسي العام في البلدان الأوروبية ينظر للمجتمع المسلم على أنه “عالة” وعبء على المجتمعات الأوروبية.

وأضاف قائلا: “وجود لاعبين مسلمين ضمن صفوف الفرق القومية الأوروبية يعطي الثقة للشباب، ويعد دليلا واضحا على أن المسلمين المقيمين في أوروبا لا تحجزهم تقاليدهم أو شعائرهم الدينية عن المساهمة في تطوير مجتمعاتهم في كافة المناحي وخاصة الرياضية، والتأكيد على أن الإسلام منهج حياة؛ وهو ما يسهم في تغيير تلك الصورة المغلوطة”.

خطاب متبادل

ودعا التكريتي إلى خطاب متبادل بين المجتمع الأوروبي الواسع والأقلية المسلمة فيه؛ حيث طالب الفقهاء ببحث ووضع حلول لبعض المشكلات الفقهية التي تؤثر على ممارسة الشباب المسلم للرياضة أو دخولهم في بعض المجالات خشية وقوعهم في حرج شرعي، مشيرا إلى أن هناك بعض التقاليد الرياضية والفنية تخالف أمور الشريعة، منها ما يتعلق بشركات الخمور التي ترعى المباريات والفرق الرياضية؛ وهو ما يؤدي إلى عزوف لاعبين موهوبين عن المشاركة في الفعاليات الرياضية.

وطالب المجتمع المسلم برعاية الرياضيين والتواصل معهم لوضعهم في موضع المسئولية؛ ليكونوا قدوة لغيرهم.

وعلى جانب آخر دعا التكريتي المجتمع الأوروبي بأن يخاطب الأقلية المسلمة بشكل يقدر فيه خصوصيتها الدينية والثقافية، وأعطى مثالا على ذلك بضرورة إقناع الأندية في أن توفر أماكن عازلة لتغيير ملابس الرياضيين؛ حيث يتم الآن تغيير الملابس دون استتار، وأيضا تهيئة أماكن للصلاة.

يذكر أن اللاعبين الرياضيين ساهموا في انتشار الإسلام بين أفراد المجتمع الأمريكي خلال العقود الأربعة الماضية، خاصة بعد إشهار بطل الملاكمة العالمي محمد على كلاي إسلامه في نهاية الستينيات. وساهمت الجمعيات الدينية التي يشرف عليها رياضيون في الولايات المتحدة في تخفيف حدة العنف ضد المسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر.