الرئيسية منتديات مجلس عـالـم حــواء دراسة في نصوص التفاضل بين الجنسين.

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #77055
    كبرياء
    مشارك

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

    دراسة في نصوص التفاضل بين الجنسين

    د.احسان الأمين

    الرجل والمرأة يتساويان في فرص التفاضل في الميادين الخيِّرة في الاسلام ، وفي مقدّمتها التقوى ، قال تعالى :
    (إنّا خلقناكُم مِن ذَكر وأنثى وجَعَلْناكُم شُعوباً وقَبائِلَ لِتعارَفوا إنّ أكْرَمَكُم عِندَ اللهِ أتقاكُم ) . ( الحجرات / 13 )
    لذا فيمكن أن تكون المرأة أفضل من الرجال ممّن لا يملكون تقواها ، أو تتفاضل عليهم في مجالات التفاضل الأخرى .
    ولكن يرد في هذا المجال ، نصوص قرآنية كريمة ، استدلّ بها البعض على أنّ الرجل مُقدّم ، أو مُفضّل ذاتاً على المرأة في الاسلام ، وأنّ الاسلام بشكل عام يجعل الرجال مُقدّمين في أمور المجتمع والأسرة على النساء ، ومن هذه الآيات :
    1 ـ قوله تعالى في سورة النساء (الآية 34) :
    (الرِّجال قوّامون على النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُم عَلَى بعض وَبِما أَنْفَقوا مِن أَمْوالِهِم ).
    2 ـ قوله تعالى في سورة البقرة (الآية 228) :
    (… وَلَهُنَّ مِثلُ ا لّذي عَلَيْهِنَّ بالمَعْروفِ، وللرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ، واللهُ عَزِيزٌ حَكيمٌ ).
    فقد استفاد البعض من الآية الاُولى ، أنّ الحكم مجعول لقبيل الرجال ، على قبيل النساء من الجهات العامّة التي ترتبط بها حياة القبيلين جميعاً () .
    ومقتضى هذا الفهم أنّ كل رجل قيِّم على جميع النساء في الدنيا في الحياة العامّة والمسـؤوليات العامّة والخاصّة ، ومن ذلك رئاسـة الدولة ، لأ نّها قاصرة وليست لها أهلية القيمومة بالنسبة إلى الرجل .
    وقد نوقشَ في الآية ، بأ نّها إن لم تكن بمعنى الولاية على التصرّف ، فلا دلالة فيها على عدم أهلية المرأة ، وقد فُسِّرت بمعنىً آخر ، وهو أ نّهم قوّامون بحقوق النساء التي لهنّ على الأزواج ، كما ذهب إلى ذلك القاضي عبدالعزيز بن البراج في كتابه المهذّب ، وهو الظاهر أيضاً من كلام ابن الراوندي في فقه القرآن ، من أنّ القوّام على الغير هو المتكفِّل بأمره من نفقة وكسوة وغير ذلك .
    والمعنى اللّغوي يفيد ذلك ، حيث أنّ (قَوَم) لا ينحصر معناها بالولاية والسياسة ، بمعنى سلطة الأمر والنهي ، بل تأتي بمعنى الاصلاح والرعاية والكفالة .
    قال الزبيدي في تاج العروس : ( … وقيِّم المرأة زوجها في بعض اللغات ، لأ نّه يقوم بأمرها وما تحتاج إليه … قال الفرّاء … والقوّام المتكفِّل بالأمر) .
    وإلى ذلك أيضاً ذهب بعض المفسِّرين كأبي الفتوح والرازي في تفسيره ، وعلي بن إبراهيم الذي قال : يعني فرض الله تعالى أن ينفقوا على النساء ، وكذلك القرطبي .()
    وقد حصر بعضهم هذه القوامة في الحياة الزوجية ، مع ملاحظة تعليلها أيضاً بجملة «وبما أنفقوا» ، وهو المناسب لسياق الآيات ومناسبة نزولها .
    كما إنّ هذه القوامة هنا ، ليست مطلقة بل تختص بحدود الحياة الزوجية المشتركة .. فإنّ «معناها أنّ الرجل إذا كان ينفق من ماله بإزاء الاستمتاع ، فعليها أن تطاوعه وتطيعه في كل ما يرتبط بالاستمتاع والمباشرة عند الحضور ، وأن تحفظه في الغيب ، فلا تخونه عند غيبته بأن توطئ فراشه غيره ، وأن تمتِّع لغيره من نفسها ما ليس لغير الزوج التمتّع منها بذلك ، ولا تخونه فيما وضعه تحت يدها من المال وسلّطها عليه في ظرف الازدواج والاشتراك في الحياة المنزلية» () .
    أمّا في غير ذلك ، فإنّ المرأة مستقلّة في حفظ حقوقها الفردية والاجتماعية ، والدفاع عنها ، والتوسّل إليها بالمقدمات الموصلة إليها ، فتعمل ما تحبّ ، وتفعل ما تشاء من غير أن يحقّ للرّجل أن يعارضها في شيء من ذلك في غير المنكر ، فلا جناح عليهم فيما فعلن في أنفسهنّ بالمعروف . ()
    جدير ذكره ، أنّ كلمة (فضّل) تعني الزيادة ، وقد جاءت هنا عامّة لا لتبيِّن فضل البعض على الآخر ، وإنّما لتبيِّن تفاوتهما في الامكانات والقـدرات ، فالرجل متميِّز ببعض الصفات ، كما إنّ المرأة متميِّزة بقابليات وإمكانات فريدة وخاصة بها ، والآية ليست في مقام بيان «الفضل» بمعنى الأفضلية ، وإنّما بمعنى مسؤوليته وتخصيصه بالقيام بدور معيّن من خلال الانفاق وغيره .
    ولذا فلو كانت القيمومة مطلقة بالرجل ، لأ نّه رجل ، ولا تستحقّها المرأة ، لكانت المرأة البالغة الرشيدة بحاجة أيضاً إلى رجل ، يتولّى أمورها الاجتماعية ويشرف على تصرّفاتها المالية ، مع أ نّها مستقلّة لها كامل الحرية في ذلك ، ولكانت الأسرة الفاقدة للولي ، تحتاج إلى قيِّم غير الأم ، مع أنّ المرأة في تلك الحالات هي التي تقوم بشؤون الأسرة وهي التي تديرها .
    كما إنّ تحـديد وجوب تمكين المرأة للرجل من نفسها بقيام الرجل بمسـؤولية الإنفاق ، وسـقوط حق الرجل ، مع عدم انفاقـه ، يدلّ أيضاً على أنّ القيمومة هنا مرتبطة بالشؤون الزوجية وبالانفاق المالي للرجل وتعهّده بمسؤولياته في الأسرة .
    أمّا في الآية الثانية، فإنّ المقصود من عبارة «وللرجال عليهنّ درجة» هو أنّ الطلاق بيده من دونها () . كما يدلّ على ذلك سياق الآيات .
    ويبقى الأصل المستفاد من قوله تعالى : (إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى ) (الحجرات / 13 ) ، أنّ البشر رجالاً ونساءً متساوون في الفضل في أصل الخلقة ، ولا أفضليّة للرجل على المرأة، أو لرجل على رجل، أو امرأة على امرأة ، بحسب أصل الخلقة والتكوين … فإنّ المستفاد من النصوص الشرعية في الكتاب والسنّة الشريفة هو أنّ الرجل يمتاز بخصائص ومواهب تناسب مهمّته في المجتمع والحياة العامّة من العمل والانتاج ، وتمتاز المرأة بخصائص تناسب مهمّتها في المجتمع والأسرة .()
    وهذا التمـيّز موجود بين الرجال أنفسهم ، من حيث الاسـتعداد والإمكانات والقدرات ، كما هو موجود بين النساء ، فقد يكون بعضهم أقدَر من بعض لتولِّي بعض الأعمال ، أو التخصّص في بعض المجالات ، ولا يسـتطيع أحد أن ينكر وجود هذه الفوارق ، إلاّ أنّ ذلك لا يعني بحال اختلافهم في إنسانيتهم وحقوقهم العامّة ، وما تأتي من أحكام في هذا السـياق ، فهي لتنظيم الحـياة وسبل التعامل بما يناسب إمكانات وظروف كل طرف .
    والملاحظ الدقيق للأحكام المتعلِّقة بالمرأة في الاسلام ، يجدها أ نّها جاءت لحماية المرأة وتوفير الأجواء النفسية والمادية الملائمة لها ..
    والقيمومة بهذا الاتجاه أيضاً ، حيث توجب على الرجل ـ الأب أو الزوج ـ تأمين نفقتها وحاجياتها المادية من أكل وشرب ولباس وسكن وغيره ، وأن يحميها ويوفِّر لها الأمن اللاّزم لها لتعيش في اطمئنان وسلامة خاطر ، كما أكّد الاسلام على الرفق بها وإكرامها ومعاملتها بالحُسـنى ، وبالتالي كل ما يجعلها هنيئة راضية مفعمـة بالمـودّة والمحبّة والسرور .
    ونستطيع أن نلخص ما سبق بأنّ الآيات الكريمة التي تطرّقت إلى قيمومة الرجال ، واكتسابهم درجة على النساء، إنّما تختصّ بالشؤون الأسرية بخصوص القرائن الحالية والمقالية وسياق الآيات ، وعدم وجود هذا التمييز في سائر الآيات الأخرى ، وكذا الأحكام الشرعية المتعلِّقة بالمرأة غير المتزوِّجة ، وأنّ هذه القيمومة وتلك الدرجة لها تفسـيرها الخاص بقيام الرجل بالأمور المتعلِّقة بالحياة الزوجية كالإنفاق وتوفير السكن واللباس والحماية اللاّزمة للمرأة في مقابل تمكين المرأة نفسها له وامتناعها عن الغير وحفظه في ماله وفراشه ، في حضوره وغيبته ، وأن يكون بيده الطلاق .
    جدير بالذكر أنّ الاسلام أوجب على الرجل الانفاق على الأنثى لأ نّها من عياله ، إن احتاجت ، وعليه أن يعولها وعليه نفقتها دون أن يوجب على الأنثى الإنفاق على الرجل ، ولا تؤخذ بنفقـته إن احـتاج ، وذلك قول الله تعالى : (الرِّجال قوّامون على النساء … ) ( النساء / 34 ) .
    أمّا في مقام الفضل ـ سواء عند الله تعالى ، أو عند الناس ـ فقد تكون زوجته أو ابنته أفضل منه بكثير ، وقد تكون في مقام القدوة له ، بل لسائر المؤمنين ، بل قد يكون هو من أصحاب النار وتكون هي من سيِّدات أهل الجنّة ، كما جاء مثل ذلك في زوجة فرعون في قوله تعالى :
    (وضربَ الله مثلاً للّذينَ آمنوا إمرأة فِرعون إذ قالت ربِّ ابنِ لي عندكَ بيتاً في الجنّة ونَجِّني مِن فِرعونَ وعمله ونجِّني من القوم الظالمين ). ( التحريم / 11 )
    أمّا في مجالات الحياة المختلفة ، فإنّ الرجل والمرأة ومع تميّزهما بخصوصيات معيّنة ، واحترام الاسلام لهذه الخصوصيات ، إلاّ أ نّه أعطى المجال لهما معاً ليساهما في صناعة حركة الحياة بنشاطاتها المتنوِّعة، وحفظ لكل منهما حقّه الذي يكتسبه بجهده ونضاله .
    فهو يقرِّر : (للرِّجالِ نصيبٌ ممّا اكتَسَبوا وللنِّساءِ نصيبٌ ممّا اكتَسَبْنَ ) ( النساء/ 32 ) ، (ممّا قلّ أو كثرَ نَصيباً مَفْروضاً ) ( النساء / 7 ) .


    و شكراً
    أخوكم هيثم


مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد