السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
* * *
الغَدْرُ غدران.

الغدر غدران: غدرٌ مجرَّد، وغدرٌ مغلَّظ، وزره أعظم وأغلظ.

أمَّا الغدر المجرَّد: هو الغدر الذي تنعكس آثاره السيئة على شخص الغادر لا تتعداه إلى ما سواه.

وأما الغدر المُغلَّظ: هو الغدر الذي تتعدى آثاره السيئة شخصَ الغادر .. ليكون سبباً في صدِّ الناس عن فعل

الخير .. وحملهم على سوء الظن بكل من حولهم .. فتُغلَق بسببه أبواب الخير والكرم والجود، والحب،

والإحسان، والوفاء، والثقة .. بعد أن كانت مُشْرَعةً للجميع .. الكل يتفيأ ظلالها .. ويتقلب في خيراتها وحسناتها!
هذا النوع من الغدر .. لا تسأل عن هلَكة صاحبه!

الأدبُ أدبان: أدَبٌ مذموم، وأدَبٌ ممدوح.

أما الأدَبُ المذموم: هو أدب المنافقين، المتزلِّفين، المتكلِّفين .. الذين يُراؤون الناس ليقعوا في

شباكهم ومكرهم .. ويسطوا على ما في أيديهم .. حيث ترى أحدَهم في ظاهره يتكلف العبارات المنمَّقة

الخاضعة المتكسِّرة .. والبسمات الكاذبة الصفراء .. والهندام المرتَّب النظيف .. والحياء الكاذب الذي يعلوه

التكلف .. والتواضع الخادع .. كتواضع الثعلب عندما يُلصق بطنه في الأرض ويريد الدنو من فريسته .. وهو لا

يتردد بأن يتشبَّع بما لم يُعطَ، وليس فيه .. بينما باطنه يكون عبارة عن كتلة مظلمة من الحقد والكراهية ..

والكذب .. والغش .. والحسد .. والغدر .. والخيانة .. والدناءة .. والكبر .. والأنانية .. والحرص .. والطمع ..

والشُّح على فعل الخير .. وما أكثر الذين يتأدبون بهذا الأدب في زماننا .. وما أكثر هؤلاء الذين يقعون في شباكهم ويكتوون بنارهم!

وأما الأدب الممدوح: فهو أدب الصادقين المخلصين الأوفياء .. الأتقياء الأنقياء .. الذين يصدق

ظاهرهم باطنهم، وباطنهم ظاهرهم .. فأدبهم الظاهر مرآة لأدبهم الباطن وثمرة من ثماره .. فهم في

الباطن والظاهر سواء: وجه واحد .. وخُلُقٌ رفيع واحد .. وأدبٌ جمٌّ واحد .. لا يعرفون التلون والتذبذب، ولا

التكلَّف ولا الغدر، ولا الرياء ولا الكذب ولا الغش .. وما أقل الذين يتأدبون بهذا الأدب في زماننا!