مشاهدة 14 مشاركة - 1 إلى 14 (من مجموع 14)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #75281

    قالت زهرة لاخواتها:

    (( ما اتمناه ان تكون الحديقه التى سيحملوننا اليها مواتيه لنا: شمس دافئة وهواء طلق!)).
    ايدتها زهرة متفتحه حديثا:(( وعندئذ نعطيعهم احسن ما عندنا من رائحه طيبه)) فاعترضت على قولها زهرة ا خرى:(( اتظنن ان حديقة بين البيوت يمكن ان يتوافر فيها من الهواء والشمس مثل لقيناه فى هذا المشتل المفتوح على كل الجهات؟ نحن هنا نستمتع ب…….))وتعذر عليها ان تكمل عبارتها ذلك ان عامل المشتل قد اطبق بفم كماشته القاسى على طرف الصفيحة ورفعهاالى ما بين ساعديه بجذبه قوية افقدت الاغصان توازنها فاخذت تترنح مع كل خطوه يخطوهاالرجل باتجاه سيارة تنتظر الى جانب الرصيف.

    بعد ان استقرت(( الزرعة)) بصيفحتها الصدئة فى مؤرة السيارة واستعادت الازهار هدوءها وعادت الزهة الصغيرة تثرثر قائلة:((يتحدثون عن اصحاب الحدائق المنزليه هم اكثر عناية بنا نحن معشر النبات وان المشاتل ستنبتنا هنا لتبيعنا لهم جنيا للارباح!)) وترامى الى اسماعهن صوت المشترى الشاب يسأل البستانى بلهجة جادة وهو يشغل محرك سيارته:(( وهل هذه الزرعة التى سميتها لى((زهر العسلة)) تحتاج الى كثير من شمس الربيع؟ وان حديقة بيتنا لا ترى الشمس الا سويعات الظهيرةفان ازهارك المدلله هذه مغرمه بالشمس فن لك ان تتوقع ان نقتلعها من حديقتنا عما قريب ونلقى بها اعوادا يابسة علىرصيف الحارة فيحملها جامعو القمامة الى حيث الحرق والفناء!))

    دخل الشب حديقة بيته بحمله الثقيل فخرج من البيت على الجبلة رجل قد جلل البياض هامته قال الشاب(( قد اتيت لك يا ابى بزرعة لم تدخل بيتنا قبل اليوم اسمها (( زهر العسلة)) حدثنى البستانى عن عبق زهرها سيغمر الحديقة طوال الموسم… انظر يا ابت الى ماتفتح منها هذه الازهار العسلية اللون ما اجملها واطيب رائحتها!))

    استدعى كلام الابن فى خاطر ابيه اعذب ماتحمله الذاكرة من عهد الطفولة … قال:((شجيرة العسلة هذه التى تاتينا بها من المشتل اليوم ياولدى… لتعلم انها رافقتنى فى طفولتى وصباى فى دارنا القديمكة كانت لنا معها حكايات لا تمحى من ذاكرة الاسرة والان لنختر لهامكانا مناسبا لننزلها فيه هناك بقرب شجرة الكباد العتيقة اسندها الى الحائط الذى يقصل بيننا وبين حديقة الجيران تعالى ام شادى انظرى مااتى به ابنك من زرعة متميزة!))انهال شادى بالمعول على الحوض يصطنع فيه حفرةة .. ضربة اثنتين ثلاثا.. وبالرفش اخذ يرفع التراب.
    قال الاب هل تعلم يا بنى لماذا سموها زهر العسلة؟ نزل شادى الزرعة فى الحفرة مجرد اياها من الصفيحه التى تحتويها اجاب: لان زهرها كما اراه – بلون العسل!صحح الاب حين يفتح زهرها يكون ابيض اللون اولا ثم يكتسب اللون العسلى وتزيد كثافة هذا اللون باقتراب الزهرة من نهاية عمرها.

    وشع فى العينين المتعبتين بفعل السنين وميض ذاكرى بعيدة: فى دارنا التى كانت يا ولدى كثيرا ما عمدنا -نحن الصغار- الى تويج الزهرة هذا الذى تراه يشبه الكأس فنسل الخيوط منه ونمتص مافيها من رحيق وكنا- لحلاوة فيه- نظن انه شى من العسل!جمع شادى السوق الرفيعة الطالعة من الزرعة وشدها مع القصبة بخيط ودفعها نحو الجدار
    (( هنا موطنك الجديد ايتها العسلة التى يحبها ابى منذ ان كان طفلا! فاحيى لنا ذكرياته العزيزة!))قال شادى ذلك وهو يغرق بالماء تراب الزريعة وقبل ان ينفض يديه من العمل استأذن والده:: هل تسمح لى ابى ان اسل الخيوط من هذا التويج وامتص منها الرحيق العسلى المذاق! ام انا اليوم اكبر سنا من ان افعل ذلك!.
    كانت الام قد وافتهما الى الحديقة ابدت استحسانها بالزرعة الجدية – القديمة وانحنت على زهرة فيها تشمها وتقول::(( اللهم صلى على النبى!يالهذه الرائحة التى تذكرنا بايام الصبا!))

    راق لزهرات العسلة ما استمعن اليه من حديث جرى بين الاب وابنه. واما العسلة الام فان قلقا عظيما اعتراها فهو يسرى فيها من جذورها التى دفنت فى التراب صاعدا الى سوقها المرهفة والى اغصانها. انها تتسال عما اذا كان هذا المكان الذى ادوعت فيه مناسبا ؟ هل ترى الشمسفى الربيع الجديد والهواء الطلق للحياة والنماء؟وكانت تخشى شجرة الكبادذات الثمار الصفراءوالتى تنمو خلا ل الصيف فتقطع عنها الشمس والهواء.

    اخذت جذور تعمل فى الربيع تضرب فى اعماق الارض بحثا عن الغذاء ونشطت الاغصانتتفرع وتنمو فى كل مكان وكان الغصن ينمو من نهايته انه يشبه كفا مبسوطة نحو السماء وقد غمرتها البراعم زوجين منها متجاورين فزوجين واحتضن كل برعم ورقة خضراء تحته اشبه بفراش وثير. وعند الاصيل تتحرك انسام الربيع العليلة فتحمل رائحتين رائحه زهرة العسلة وزهر الكبادولكن هيهات بينهما عبير العسلة اطيب وارق.
    وسمعت الازهار الاب يقول:(( كانت امى رحمها الله تهيب بنا ساعة الاصيل ونحن داخل غرف الدرا : (( افتحوا النوافذ يا اولادحتى تدخل علينا رائحة العسلة)) وتترنح الازهار طربا وهن يصغين الى هذا الحديث العذب ويتهامسن::(( كم يقد رب الاسرة عطاءنا الطيب ! ياله من رجل نبيل))
    وفى مساء اخر سمعته يحدث اسرته ان زهر العسلة يعد نوعا من انواع الياسمين المختلفة منها الياسمين الابيض والياسمين الزنبقى وياسمين العسل الذى يسميه البعض العراتلى وهويشبه االعناكب

    وكان لابد للربيع ان ينقضى فتكطف عن الازهار وعندما ياتى الخريف تكون العسلة عباره عن سوق خشبية المظهر

    وكان يزيد من قلق العسلة الامتدادالواسع للشجرة الكباد وفى الشتاء تحول القلق الى خوف شديد من البرق والرعد والرياح وماكان للعسلة المناضلة ان تدع هذه المخاوف تنال من عزمها او تحملها على الاستسلام وكان الكباد خلال فصول العام لا يتساقط من ورقه الا القليل

    وعندما اتى الربيع واخذت الطبيعة تستفيق من سباتهخا فسرى الماء فى العروق

    والعسلة ماذا فعلت فى هذا الربيع الجديدظ تركت سوقها قرب الحائط جرداء من غير اخضرار ولكنها استحثت اغصانها على الامتداد وان تزيد منه الى اعلى متسلله عبر خيمة شجرة الكباد المنصوبة فوقها ومتسلقة اغصان النارنج المدلاة

    فى سباقها مع الزمن كانت تهيب اغصانها::(( هيا يا بناتى ان احجبت الشمس عنا خرجنا اليها وانتن على قمم الاشجار))وذات يوم مر شادى قرب العسلةفلم يبدله الا السوق الجرداء. اعلبن بنزق:: (( ابى عسلتك خيبت امالنا!كل ما قدمته لنا انها تابعت الازهار حين جئت بها من المشتل فى الربيع الماضى! لم يكن البستانى مخلصا فى قوله انها هذا الربيع اعوادا يابسةمفروض ان تلقى على الرصيف. وتلفتت عيناه تبحث عن فأس
    وارتعدت العسلةوعمها الخوف وهمت بان تصرخ باعمقما تملك من حب للحياه ارفع نظرك الى اعلى ايها الفتى المتهور., وجاء صوت الاب اياك ان تفعهل ذلك يا شادى لا تخدعنك سوقها اليابسة ! لسوف تعطيك اضعاف ما اعطت فى الريبيع الماضى ان النبات الذى اعتاد على العطاء يستحيل ان يكف عن عطائه فذلك يعنى له الموت
    فتراخت يد الابن عن الفأس وتنفست العسلة وبناها الصعداء
    ذات مساء نزل الاب الى الحديقة يتنقل فى ارجائها فى عتمة الليل الامن ضوء القمر المنسفح على الاشجار والذى يتسلل بعض ضوئه من خلال الاغصان متساقطا على ارض الحديقة وتوقف قرب العسلة
    تنبه فجأة الى رائحة زكية انها رائحهة العسلة لكن اين؟

    نظر هنا وهناك دار حول المكان رفع ناظريه الى اعلى فرأى اكف الزهر فوق الكباد

    (( شادى! تعال انت وامك فانظر اى عالم من الازهار مدهش يجلل قمم الاشجار واىرائحه ))

    وعندما سمعت ذلك هى وبناتها دمعت اعينهن من الفرح

    وفى يوم من الايام اقترح شادى الصعود فوق شجرة الكباد وانزال اغصان العسلة

    قال الاب بحزم انت بذلل تقتلها يا شادى !

    وظلت العسلة تنمو وتزكو ربيعا بعد ربيع مرسلة عطرهايتنشقه العابرون فيقولون::(( اللهم صلى على النبى! ما هذ1ه الرائحة الزكية!))
    وجيب العارفون:(( انها ..(( عسلة ابو شادى))!))

    مع ارق امنيات لكم

    هذه القصه منقوله من مجله العربى- العدد503- اكتوبر2000

    الكاتب هو فاضل السباعى

    #848363

    اشكرك اخي المبدع شاعر الشباب ….

    موضوع رائع … بارك الله فيك

    #848699

    شاعر الشباب

    مشكور والله لا يحرمنا من مواضيعك

    #849146

    هلا شاعر الشباب

    هلا حبيبى

    بارك الله فيك على القصه الجميله

    الى الامام دائما

    تحياتى

    #849198

    اشكرك اخى العزيز الخيال الواسع على مرورك الطيب

    بارك الله فيك

    اخوك مهدى الباز

    #849202

    اشكرك الغالى فتى العرين على مرورك الطيب

    تقبل تحياتى

    #849204

    اشكرك الغالى بقايا انسان على مرورك الطيب

    اتمنى ان اكون عند حسن ظنكم

    #849530

    مشكور اخوي

    #849714


    ماأروع زهرك يا شاعر الشباب

    أقصد ما أروع قصتك

    سلمت يداك

    #850308

    مشكور اخى تركى على مرورك الطيب

    بارك الله فيك

    تقبل تقديرى

    #850309

    بارك الله فيكى اختى الغاليه اريج الجنة

    يسلمو على مرورك الطيب

    تحياتى

    مهدىىىىىىىىىىىى

    #851446

    شاعر الشباب

    تسلم مهدى روعه كتير كتير

    مشكور شاعر على كل تميز يقدم منك

    بارك الله فيك

    فى انتظار كل جديد ومتميز شاعر الشباب

    #851515

    مشكوره اختى ساره على مروك الجميل

    بارك الله فيك
    تحياتى

    #853853

    مشكوره ساره سالم على مرورك الجميل

    تحياتى لكى

مشاهدة 14 مشاركة - 1 إلى 14 (من مجموع 14)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد