الرئيسية منتديات مجلس شؤون العائلة تربية مجتمع المدينة

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #75097
    الراسبي 2
    مشارك

    قام المجتمع المدني على عدّة دعائم، أهمّها ما يأتي:
    أولاً: المسجد.
    فكان أوّل عمل قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة بناء المسجد كما في البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (( ..بَنَاهُ مَسْجِدًا وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ:
    .

    هَذَا الْحِمَالُ لا حِمَالَ خَيْبَرْ هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ

    وَيَقُولُ:
    اللَّهُمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الآخرة فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ

    وهذا يدل على أهمّيّة المسجد ومكانته في الإسلام، وأصبح المسلمون كلّما بنوا مدينةً أو مصراً أول ما يبدأون بالمسجد ثم يبنون بيوتهم حوله كما فعل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حين بنى الكوفة والبصرة.
    والمسجد له مكانة عظمى ودور كبير في حياة الأمّة المسلمة فاستخدم المسجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لأكثر من غرض منها:
    1- إقامة الصلاة فيه، وكان الصحابة يحرصون أشدّ الحرص على الصلاة مع الجماعة، حتى إنّ الرجل منهم لا يستطيع المشي فيهادى بين رجلين حتى يأتون به المسجد، وكانوا يعتبرون المتخلف عن المسجد منافقاً معلوم النفاق.
    روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود قال: (( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ))( ).
    وروى مسلم أيضا عن ابن مسعود قال: (( لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلاةِ إِلا مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ أَوْ مَرِيضٌ إِنْ كَانَ الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يَأْتِيَ الصَّلاةَ وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى الصَّلاةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ )).
    ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعذر أحداً بالتخلف عن المسجد.
    فروى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (( أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ قَالَ: نَعَمْ قَالَ فَأَجِبْ )).
    فمع كونه صلى الله عليه وسلم رحيم بأمته يشقّ عليه ما يشقّ عليهم رؤوف فيهم لم يرخّص لهذا الأعمى في التخلف عن الصلاة في المسجد. وقد ورد في بعض روايات الحديث أنه كبير وبعيد الدار عن المسجد.
    بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم هَمَّ بتحريق أناس لم يشهدوا الصلاة في المسجد كما في صحيح البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (( لَيْسَ صَلاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لاتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يَؤُمُّ النَّاسَ ثُمَّ آخُذَ شُعَلاً مِنْ نَارٍ فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لا يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاةِ بَعْدُ )).
    وقد رتّب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصلاة في المسجد فضلاً كبيراً وأجراً عظيماً كما في الصحيحين عن أبي هريرة: (( أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لا يَنْهَزُهُ إِلا الصَّلاةُ لا يُرِيدُ إِلا الصَّلاةَ فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلا رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلاةِ مَا كَانَتِ الصَّلاةُ هِيَ تَحْبِسُهُ وَالْمَلائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ يَقُولُونَ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ )).
    2- مدرسة وجامعة للتعليم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الناس ويجلسون إليه في المسجد فيتعلمون منه أصول الدين وفروعه، وكان الواحد منهم إذا شغله شاغل عن حضور المسجد ذلك اليوم أوصى غيره يأتيه بما يتعلّمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وربما استفيد من المسجد في الأمور التالية:
    1- إيواء الضعفاء والفقراء والعزّاب.
    2- إنشاد الشعر في نصر الدعوة.
    3- مكان لاعتقال الأسرى حتى يشاهدوا المسلمين فيتأثروا بهم.
    4- مكان لعلاج المرضى (مثل خيمة رفيدة لمعالجة سعد بن معاذ).
    5- استقبال الرسل والسفراء.
    6- عقد ألوية الجهاد.
    7 – لقاء المسلمين بأميرهم وقائدهم( ).
    ولما اهتمّ المسلمون بشكل المساجد وزخرفتها فرغوها من محتواها ومقاصدها، وأصبحت مكاناً لأداء الصلاة ثم يقفل حتى عن حلق العلم والتعليم.
    وهذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: (( لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد ))( ). وفي الحديث الآخر: (( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتباهى الناس في المساجد ))( ).
    وعن ابن عباس مرفوعاً: (( ما أمرت بتشييد المساجد )) ثم قال ابن عباس: (( لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى ))( ).
    ثانيا: المؤاخاة.
    لـمّا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة وقد تركوا ديارهم وأموالهم وهربوا إلى الله بأبدانهم، تنافس الأنصار – رضي الله عنهم – في إيواء إخوانهم المهاجرين حتى أصبح إسكانهم بالقرعة فهذه امرأة من الأنصار ممن بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحكي لنا قصة في ذلك: روى البخاري عن أم العلاء قَالَتْ: (( طَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فِي السُّكْنَى حِينَ اقْتَرَعَتِ الْأَنْصَارُ عَلَى سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ فَاشْتَكَى فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى تُوُفِّيَ.. )).
    بل طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقسّم بينهم وبين إخوانهم من المهاجرين نخيلهم فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَتِ الْأَنْصَارُ: (( اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ النَّخْلَ قَالَ: لا قَالَ: يَكْفُونَنَا الْمَئُونَةَ وَيُشْرِكُونَنَا فِي التَّمْرِ قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا )).
    وروى الإمام أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: (( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ كِتَابًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنْ يَعْقِلُوا مَعَاقِلَهُمْ وَأَنْ يَفْدُوا عَانِيَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِصْلاحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ )).
    ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار فكانت هذه الآصرة أقوى من آصرة القبيلة والنسب حتّى وصل بهم الحال إلى التوارث بينهم كما روى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا: (( {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قَالَ: وَرَثَةً {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرُ الْأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نَسَخَتْ ثُمَّ قَالَ {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إِلا النَّصْرَ وَالرِّفَادَةَ وَالنَّصِيحَةَ وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ وَيُوصِي لَهُ )).
    وقد ضرب الأنصار أروع المثل في إكرام إخوانهم المهاجرين بل في إيثارهم على أنفسهم كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}.
    ولما فتحت البحرين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعوّض الأنصار بعض ما صرفوه على إخوانهم المهاجرين، يقول أنس بْنَ مَالِكٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ: (( دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَنْصَارَ إِلَى أَنْ يُقْطِعَ لَهُمُ الْبَحْرَيْنِ فَقَالُوا: لا إِلا أَنْ تُقْطِعَ لِإِخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَهَا قَالَ: إِمَّا لا فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي فَإِنَّهُ سَيُصِيبُكُمْ بَعْدِي أَثَرَةٌ ))( ).
    ويحسن أن نسوق نموذجاً واحداً من نماذج المؤاخاة الرائعة:
    روى البخاري عن إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ عبدُ الرحمنِ بْنُ عَوْفٍ: (( لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ: إِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْصَارِ مَالاً فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي وَانْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا فَإِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا قَالَ: فَقَالَ لَهُ عبدُ الرحمنِ: لا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ: سُوقُ قَيْنُقَاعٍ قَالَ: فَغَدَا إِلَيْهِ عبد الرحمنِ فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ قَالَ: ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ عبد الرحمنِ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَزَوَّجْتَ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَمَنْ قَالَ: امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: كَمْ سُقْتَ قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ )).
    وقد ذابت العنصرية والقبلية في الأخوّة الإيمانية، وأصبح التفاضل على أساس {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
    ولقد أكّد النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضع أهمّيّة الأخوة بين المسلمين ووجوب الترابط بينهم، ونهى عن الشحناء والبغضاء، والشقاق والخلاف والفرقة:
    فشبّههم مرّةً بالبنيان في قوّة ترابطه وتماسكه.
    روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: (( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا )) وشبك بين أصابعه )).
    وشبّههم بالجسد الواحد في دقّة الإحساس وسرعة المواساة.
    روى البخاري ومسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )).
    ورغّب بالقيام بحاجة المسلم ومساعدته ونصحه وإعانته في جميع أحواله:
    روى مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ.. )).
    بل إنه ساواه بالنفس في محبّة الخير وكره الشر:
    روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ )).
    وحذّر من جميع الخصال التي توجب الفرقة والبغضاء والتباعد بين المسلمين:
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلا تَحَسَّسُوا وَلا تَجَسَّسُوا وَلا تَبَاغَضُوا وَلا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ))( ).
    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( لا تَبَاغَضُوا وَلا تَحَاسَدُوا وَلا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ ))( ).
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( لا تَحَاسَدُوا وَلا تَنَاجَشُوا وَلا تَبَاغَضُوا وَلا تَدَابَرُوا وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ وَلا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ))( ).
    وأصبحت الآيات القرآنية تنـزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم محذّرةً من الفرقة والخلاف والشقاق وآمرةً بالاجتماع والإتلاف والترابط على حبل الله المتين وصراطه المستقيم.
    قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} وقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} وقال: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}.

    ثالثا: المعاهدة مع اليهود.
    سكن اليهود المدينة لانتظار مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يجدون صفته وصفة بلده ومكان مبعثه في التوراة، وكانت اليهود تذكر ذلك كثيراً للأوس والخزرج سكّان المدينة، وتقول: إن نبياً مبعوث الآن قد أظلّ زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم.
    ولهذا لـمّا التقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوفد الخزرج عند العقبة فكلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله، قال بعضهم لبعض: (( يا قوم، تعلموا والله إنه للنبي الذي توعّدكم به يهود فلا يسبقنكم إليه ))، فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدّقوه وقبلوا منه لـمّا عرض عليهم الإسلام.
    ولكن اليهود حسدوا العرب أن بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكذّبوه وعادوه، مع معرفتهم التامّة بصدقه، ووضوح علامات النبوّة التي يجدونها في التوراة عليه. كما قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} وقال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ}.
    فلمّا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أقرّ اليهود على منازلهم وعلى ممتلكاتهم وعلى دينهم وأعمالهم، مع معرفتهم التامّة به وأنه النبيّ الذي يجدونه عندهم، ومعرفته بهم وأنهم أهل خيانة ومكر وكذب، وإظهارهم عداوته وبغضه.
    وقد تبيّن ذلك جلياً عند أوّل مقدمه المدينة كما في قصّة عالمهم وإمامهم وحبرهم عبد الله بن سلام رضي الله عنه.
    يقول عبد الله بن سلام: (( يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ إِنْ عَلِمُوا بِإِسْلامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ بَهَتُونِي عِنْدَكَ فَجَاءَتِ الْيَهُودُ وَدَخَلَ عَبْدُاللَّهِ الْبَيْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَلامٍ قَالُوا أَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا وَأَخْيرُنَا وَابْنُ أَخْيَرِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُاللَّهِ قَالُوا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَخَرَجَ عَبْدُاللَّهِ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالُوا شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا وَوَقَعُوا فِيهِ ))( ).
    ومع ذلك فقد أبرم معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معاهدةً جاء فيها: (( أنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ومواليهم وأنفسهم، إلا من ظلم نفسه وأثم، فأنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته، وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة والبرّ دون الإثم، وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث، أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا تجار قريش ولا من نصرها، وأن بينهم النصر على من دهم يثرب، وأنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد، وأنه يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة، وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم ولا آثم.. )).
    فهذا الصحيفة التزم اليهود فيها بدفع قسط من المال في الحروب دفاعاً عن المدينة، وأن المجرم ينال جزاءه من أيّ فريق كان، وأن اليهود لا يخرجون من المدينة إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتبرت المعاهدة أن المدينة حرم والحرم لا يحل انتهاكه، والمرجع الوحيد عند التحاكم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنعت الصحيفة من إجارة قريش أو نصرها.
    وعلى الرغم من هذه المعاهدة ووضوح بنودها، وتحقيقها حياةً آمنةً مطمئنّةً لليهود في المدينة، إلا أن اليهود ما انفكّوا عن الكيد للإسلام وأهله، ومحاولة طرح الشبه للتشكيك في نبوّة الرسول صلى الله عليه وسلم فيستغلون بعض الحوادث للتلبيس على الناس كما في صرف القبلة وغيرها، كما يلقون الأسئلة المتعنتة على الرسول أمام الملأ ومع ذلك كان يحلم عليهم. وهذا يعتبر نوعاً من فصول المقاومة للرسول صلى الله عليه وسلم.
    كما قاموا بتدبير المؤامرات والكيد للمسلمين في كل فرصة ينتهزونها، فمرّةً يثيرون العداوة بين المسلمين ويذكرونهم بثاراتهم الماضية حتى كاد الأوس والخزرج أن يقتتلوا، وتارةً يهددون رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جمعهم في سوق بني قينقاع ورأى ما بهم من الشرّ والنوايا الفاسدة في نقض المعاهدة – بعد ما شرقوا بانتصار المسلمين في بدر – فوعظهم وذكرهم فقالوا له: (( يَا مُحَمَّدُ لا يَغُرَّنَّكَ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّكَ قَتَلْتَ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا أَغْمَارًا لا يَعْرِفُونَ الْقِتَالَ إِنَّكَ لَوْ قَاتَلْتَنَا لَعَرَفْتَ أَنَّا نَحْنُ النَّاسُ وَأَنَّكَ لَمْ تَلْقَ مِثْلَنَا )).
    ودعوا على النبي صلى الله عليه وسلم بالموت كلّما لقوه في وجهه. تقول عَائِشَةَ: (( اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ قَالَتْ: أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ: قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ ))( ).
    وقام رجل منهم يقال له لبيد بن الأعصم بعمل السحر ا للنبي صلى الله عليه وسلم. وهذا من شأن اليهود كلّما أعياهم أمر لجأوا إلى السحر والشعوذة والاستعانة بالشياطين. فليس عندهم حجة يجادلون عنها، ولا رأي صحيح يناظرون عليه.
    فانتصار المسلمين في بدر أفقد اليهود صوابهم فنقلوا الحرب والمقاومة من الكلام إلى ميدان الحرب الدامية:
    فتحرّشوا بامرأة مسلمة في سوقهم وكشفوا عن سوأتها.
    ثم كان منهم التحريض لقريش على غزو المدينة، وقامت بنو النضير بتنظيم عملية اغتيال للنبي صلى الله عليه وسلم، وجنّدوا شعراءهم للتشبيب بنساء المسلمين والتغزّل بهنّ.
    فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم سلكوا طريق القوّة في مقاومتهم للمسلمين واستنصار الأعداء عليهم والتهديد السافر للمسلمين فأجلا من نقض العهد منهم كبني قينقاع وبني النضير بموجب المعاهدة بينهم.
    فالتقى جمع من أحبارهم بزعماء قريش وشهدوا لهم أنهم أهدى سبيلاً من محمد صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً}.
    ثم حزبوا الأحزاب على رسول الله وقاموا بنفير عام وتجميع لجميع قوّات القبائل لغزو المدينة في السنة الخامسة، ولما حوصرت المدينة كان الواجب طبقاً للمعاهدة أن ينضمّ يهود بني قريظة إلى جانب المسلمين للدفاع عن المدينة، ولكنّ الذي حدث هو العكس فقد غدروا بالمسلمين وحاولوا ضرب جيشهم من الخلف في أحرج الظروف، وفي تلك الساعات الرهيبة الحاسمة التي كان فيها مصير كل الكيان الإسلامي في خطر في جميع التقديرات العسكرية، فأصبح المسلمون بين فكي كماشة.
    وأعلن اليهود مؤازرتهم للغزاة المعتدين بقصد إبادة المسلمين جميعاً ووأد الإسلام. ومع ذلك فقد أرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفداً يفاوضهم ويذكّرهم بالعهد والعقد، فناكروهم وسبّوهم وأغلظوا القول عليهم وسبّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامهم.
    وقد قام يهود بني قريظة بهذه الخيانة العظمى. بالرغم من أن هؤلاء اليهود باعتراف زعيمهم كعب بن أسد لم يروا من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا الصدق والوفاء، قاموا بتلك الخيانة وهم في حالة ارتباط مع المسلمين بموجب عهد وميثاق بأن يقاتلوا كل من حارب المدينة.
    فيهود بني قريظة بالإضافة إلى ارتكابهم جريمة الخيانة العظمى يعتبرون غزاةً مُحَارِبِينَ حيث أصبحوا جزءاً لا يتجزّأ من الجيش الغازي.
    فلمذا اندحر الأحزاب وانسحب الجناح الوثنيّ يجرّ أذيال الخيبة، بقي على المسلمين الجناح اليهودي من هذه الجيوش. الذي احتمى بالحصون فلمّا وصلت مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حصونهم سبّوهم وشتموهم وشتموا رسول الله. فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا اشتدّ الحصار عليهم انهارت قواهم عن المقاومة، فنـزلوا على حكم حليفهم من الأوس وهو سعد بن معاذ ومع ذلك وافق رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، فحكم فيهم سعد بقتل المقاتلة وسبي النساء والذريّة.
    لقد تجمّعت فلول اليهود عند إخوانهم يهود خيبر، وقاموا بتنظيم قوّات مشتركة لغزو المدينة والقضاء على أهلها.
    لقد كشفت الأحداث أن اليهود خلال أربع سنوات ما قبلوا تلك المعاهدة إلا مكراً وخداعاً، وأنهم اتّخذوا تلك المعاهدة مع المسلمين ستاراً ينفّذون من خلالها مخطّطاتهم. وأنهم كلّما سنحت لهم فرصة خالفوا تلك المعاهدة وشرعوا في تسديد ضرباتهم ضدّ الإسلام والمسلمين( ).

    #846785

    مجهود كبير ونشكرك عليه أخي الكريم الراسبي

    لك شكري وتقديري

    #846886

    مشكور اخوي ع الموضوع
    و يزاك الله الف خير

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد