تعريف الدمج فى المصارف

الدمج هو اتفاق بين مصرفين او اكثر على ضم كافة مواردهما واتحادهما فى وحدة واحدة بحيث

يصبح الناتج كيانا واحدا له شخصية اعتبارية مستقلة عن المصارف التى اندمجت وفقدت بالتالى

شخصيتها الاعتبارية المستقلة

ونظرا الى الصعوبات التى يمر بها التعاون والتنسيق الاقتصادى المصرفى فان المجال الذى نراه

فى الدمج فى الدول العربية اصبح من الناحية العملية محصورا داخل البلد الواحد ولايمتد لاكثر

من بلد عربى واحد . فعلى سبيل المثال من الصعب ان يتم الدمج بين مصرف مصرى ومصرف

تونسى مثلا او مصرف خليجى نظرا لاختلاف الخلفيات القانونية لكل بلد لذلك كان ويظــــل من

الايسر عربيا على الاقل ان يتم الدمج بين مصرفين داخل البلد الواحد على الاقل كمرحلة اولى

ثم يفكر بعد ذلك فى الدمج مع بلدان اخرى ولكن ماهى الاسباب التى تدعو للدمج؟

الاسباب الداعية للدمج:

أ- مواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة والتى ياتى فى طليعتها التكتلات الاقتصادية العملاقة

كالاتحاد الاوربى واتحاد دول شمال امريكا للتجارة الحرة (النافتا) والتكتل الاسيوى الباسيفيكى

الاقتصادى (APEC) والتكتل المتوسطى بين الدول الاوربية المطلة على البحر الابيض المتوسط

يضاف الى ذلك ظهور منطقة التجارة العالمية W.T.O وريثة الجات هذه الآليات جميعها تجعل من

غير المعتدل ابقاء وحدات مصرفية صغيرة تكاد تخدم متطلبات اقتصادها المحلية بصعوبة ولا تسـ

ـتطيع القيام بالخدمات المصرفية العالمية التي يتطلبها الاقتصاد وهي مهام تقوم بها المصارف

الاجنبـية الممتدة في جميع انحاء البلدان العربية

ب- التقنيات المذهلة التى مرت بها الصناعة المصرفية الدولية فى السنوات الماضية جعلت من

المحتم والضرورى ان يكون هناك وحدات مصرفية ذات امكانيات وموارد مالية وافرة بوسعها

الاستثمار فى تلك التقنيات حتى تستطيـــــــع مواكبة اخر المستحدثات فى تكنولوجيا المصارف

وهو الامر الذى لن يتاتى لمصرفا بمفرده وخصوصا فى المنطقــــة العربية التى ماتزال احجام

المصارف بها صغيرة او متوسطة

ج – التذبذبات الاقتصادية التى تحدث على فترات مختلفة والتى تؤدى فى بعض الاحيان الى

مجابهة مشاكل قد تستعصى على البنوك ذات الموارد المالية المحدودة نظرا لحجمها المتوا

اضع مقارنة بالبنوك العملاقة التى تكونت من الاندماجــــــات هذه الظروف قد تدفع البنوك الصـ

ـغيرة الى ضرورة التفكير فى الاندماج لخلق قاعدة راسمالية كبيرة تستطيع مجابهــــــة العوا

اصف الاقتصادية والظروف الاستثنائية … ومثال على ذلك حرب تحر ير الكويت التى كانت بمثابة

هزة للمصــارف العربية بصورة عامة اذ ادت السحوبات المفاجئة والسريعة الى هروب رساميل

ضخمة من المنطقة الى الخارج فـــــي غضون ايام تعد على الاصابع ولولا النهج السليم الذى

اتبعته السلطات النقدية والاشرافية لشهد النظام المصرفى كارثة مروعة لايعلم مداها الا الله

وليس سرا ان بعض البنوك كان فى وضع مالى صعب جدا يقترب من الافلاس لعدم قدرتـه على

مجابهة حركة السحوبات التى حدثت للرساميل العربية وهجرتها للخارج هربا من الظروف السيا

سية المضطربــة انذاك لولا تدخل السلطات الاشرافية المختصة والتى عالجت هذه المواقف بكـ

ـل جرأة وحكمة اقتضتها الظروف وقد اثبتت تجربة حرب الخليج انه ليس بوسع الوحدات الصغيرة

من المصارف الصمود امام ازمات مالية مماثلة وان هذه الوحدات لو اندمجت لشكلت كيانا عملاقا

قادرا على مجابهة مثل هذه الازمات بقدرة اكبر واشمل مما حدث ايجابيات وسلبيات الدمج

اولا :

الايجابيات

أ- من شأن الدمج ان يحقق اقتصاديات الحجم الكبير وهو امر يحقق تخفيضا كبيرا وملموسا

فى النفقات نظرا لزيادة الانتاج وانخفاض وحدة التكلفة تبعا لذلك. واندماج كميكال بنك مع تشيز

بنك الامريكيان دليل على ذلك وامثلة اخرى فى اليابان وغيرها تدل على ان العالم يدرك الوفورات

الحقيقية التى تتحقق من الاندماج

ب- توسيع القاعدة الراسمالية وتجميع الموارد المالية والبشرية من مواهب وكفاءات ومهارات مما

يساعد على الانطـلاق السليم والاداء المتميز وعلى تحقيق الاستخدام الافضل والامثل للموارد

مع عناصر الانتاج المتوفرة

ج- تقليل عدد المصارف غير المجدية اقتصاديا والتى تستمد وجودها فقط من عنصر التفاخر والمبـ

ـاهاة وليست لها مساهمةعملية فى الاقتصاد بل يعتبر استمرارها عبئا ماليا على اقتصاد البلد المـ

ـعنى بها

د- كبر حجم المؤسسة المصرفية يساعد على دخول الاسواق العالمية بشكل اقوى ويمكنها من

المنافسة . كما انه يساعدها على التوسع وانشاء شبكة كبيرة من الفروع الامر الذى يساعدها على

ربط العديد من اقتصاديات الدول مع مركزهــا الرئيسي وبالتالى مع اقتصاد بلادها .. ومثال على ذلك

البنوك الامريكية العاملة فى مخنلف بلدان العالم كما يجب الا ننسى ان كبر حجم المؤسسة المصر

رفية يساعدها على استقطاب العملاء الكبار وفى طليعتهم الموسسات المتعددة الجنسيات وتقديم

تسهيلات كبيرة لهم وليس بوسع ولا بامكان المصارف الصغيرة مجرد التفكير فى الاقتراب من مثل

هذه الشريحة من العملاء لذلك فان كبر المصرف واتساع قاعدته الراسمالية يساعدانه على زيادة

مقدرته على التعامل مع المصارف الكبيرة والمراسلين بشروط افضل بالنسبة لسقوف التسليف

ونسب العمولات وخدمات مصرفية اخرى

ثانيا:

السلبيات

أ- من سلبيات الدمج ظهور مؤسسات مالية كبيرة الحجم تعمل على ترسيخ وتعميق الاحتكار مما

يؤدى الى فرض شروط تعاملها على السوق وعلى المتعاملين فى غياب وحدات صغيرة على اسـ

ـتعداد للمناقشة ولتقديم شروط افضل واسعار ارخص ولكن ذلك يمكن الحد منه اذا مافرضت السلـ

ـطات الاشرافية قيودا من شأنها ان تحد من الاحتكار وان تراقب تمشى المصارف مع الاسعار والشـ

ـروط السائدة عالميا

ب – كشفت بعض التجارب ان الدمج قد ياتى لاعتبارات سياسية لاتاخذ الجدوى الاقتصادية بعين الاعـ

ـتبار مما يعنى تسلم ادارة غير كفؤة وغير مؤهلة للوحدة المندمجة مما يؤدى بالتأكيد الى تعثرها وفـ

ـقدانها القدرة على المنافسة والمؤسف ان التنافس على المراكز والوجاهة وحب المظاهر واغراءات

المناصب من شانها ان تؤدى الى افشال اى جهد حقيقى للدمج نظرا للتنازع فيما بين من يترأس ومن

يقود الوحدات المرشحة للدمج

ج – مخاطر ان تختفى الكفاءات والمؤهلات فى الوحدات الصغيرة اذا ماضمت الى وحدات رؤساؤها

ومديروها ذوو ثقل سياسى ونفوذ كبير ولكن بدون مؤهلات مهنية ومصرفية مشهود لها وهذا خطر

لايجب التقليل من شانه اذ ان فقدان تلك العناصر يؤدى الى اللجؤ الى الخبرات الاجنبية وهو مالا

نريده عربيا من الدمج

د- من المؤكد ان الدمج سؤدى الى الاستغناء عن بعض الموظفين والعاملين فى المصارف المدمجة

وهذا امر يجب الانتباه اليه والاستعداد لامتصاص هذه العمالة الفائضة والمستغنى عنها وعدم زيادة

عدد العاملين وكذلك نسبة البطالة السائدة التى تشكل هاجسا خطيرا لبعض البلاد العربية . انواع

الدمج المصرفى

تنقسم انواع الدمج الى مايلى

أ- الدمج الودى

وهو الدمج الذى يتم وديا بين مصرف واخر بقصد الحصول على فوائد تتمثل فى تحقيق عوائد مرتفعة

فى ضوء اقتصاديات الحجم الكبير وما يتحقق عنها من وفورات

ب- الدمج القسرى

ويتم عادة عندما تلجا السلطات الاشرافية الى سن قوانين وتشريعات وتفرض شروطا بهدف اقالة

القطاع المصرفى من العثرات وتقدم بالمقابل حوافز تشجع المصارف على الاندماج والاعفاءات الضـ

ـريبية والقروض الميسرة

ج- الدمج المعادى

ويتم عندما تقوم سلطات المصرف الدامج بالاتصال مباشرة بمساهمى المصرف المرشح

للدمج دون علم او موافقة ادارته وتقوم بتقديم عرض لشراء اسهمهم وفق سعر معين يتم

من خلاله الموافقة على عملية الشراء

د- الدمج الافقى

وذلك عندما يتم الدمج بين مؤسستين تعملان فى نفس المجال

هـ – الدمج الراسى

وذلك عندما يمتلك احدى المؤسسات احد العملاء او المودعين او المساهمين

و – الدمج المختلط

وذلك عندما تمتلك مؤسسة مؤسسة اخرى تختلف عنها فى طبيعة عملها ونشـ

ـاطها

معوقات الدمج المصرفى العربى

أ- هيكلية بعض القطاعات المصرفية العربية واتصافها بالسيطرة العائلية وبالتالى عدم

رغبتها بل ومقاومتها لاية محاولات لانتقاص من امتيازاتها او زعزعتها

ب- الافتقار الى الحوافز الحقيقية للدمج واقعيا وتشريعيا والتى من شأنها حفز اصحاب

المصارف على التخلى عن امتيازاتهم اذا ماضمنوا الحصول على حوافز حقيقية جوهرية مجزية

ج- عدم ظهور مؤسسات مصرفية تحقق المنافسة القوية فى الخدمات المصرفية كما ونوعا

اذ ان ذلك ترك حكرا على المؤسسات والبنوك الاجنبية التى تصول وتجول فى ساحتنا المصـ

ـرفية وقد يستثنى من ذلك دول مجلـس التعاون الخليجى حيث ظهرت مؤسسات مالية قوية

عملاقة ذات مستوى مالى جيد

د- وجود بدائل للدمج قد تبدو للبعض اسهل من وجوه عديدة كزيادة راس المال او زيادة تفرعاته

فى المشاركةالاجنبية .. كذلك توهم البعض ان الدمج سيورث مشاكل وهموما هم فى غنى

عنها سواء فى المجال القانونى او الادارى او المالى

هـ – صعوبة عمليات التقييم ودخول عناصر قد يختلف فى تقييمها كالخلو والشهرة والامتياز مما

يجعل عملية التقييم الحقيقى للبنوك صعبة ومما يزيد الامر صعوبة افتقار الاسواق المصرفية

العربية الى بنى تحتية ومؤسسات متخصصة فى شئون الدمج والشراء والاعتماد فى هذا المـ

ـجال على مؤسسات اجنبية تجهل الظروف والبيئة الحقيقية للاسـواق العربية وهو الامر الذى

لايمكنها من اجراء التقييم السليم والدقيق

و – النقص الواضح فى اللوائح والتشريعات التى تنظم عمليات الدمج وتحدد اطرها ووسائلها فى

الكثير من التشريعــات المصرفية

خاتمة

ان المصارف العربية هى فى امس الحاجة الى الاندماج والتكتل كما انها فى امس الحاجة الى

اجراء تغييرات هيكلية شاملة كى تستطيع ان تواجه التحديات المصرفية المتربصة بها ولايمكن

ان يتأتى لها ذلك الا اذا وعت جيدا لما يحدث حولها فى عالم المصارف من اندماجات وتكتلات تؤدى

الى نشأة كيانات مصرفية عملاقة تكتسح فى طريقها كل ماهو صغير وضعيف ولازالت مقومات

الاندماج داخل السوق العربية المصرفية موجودة ومتوفرة ..ولكن تبقى النيات والارادة والتعالـي

على المصالح الانية فى سبيل المستقبل الافضل هى المفاتيح الحقيقية لكى تبرز كيانات مصرفية

عربية الى الوجود.

منقوووول