عن أبي يعلى بن شداد بن أوس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ( الكيس من دان نفسه وعمل

لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله ) رواه الترمذي وقال حديث حسن

” الكيس ” معناه الرجل الحازم الذي يغتنم الفرص ، ويتخذ لنفسه الحيطة حتى لا تفةت عليه الأيام والليالي فيضيع

وقوله :” من دان نفسه ” أي حاسبها ونظر ماذا فعل من المأمورات ، وماذا ترك من المنهيات ، هل قام بما أمر به وهل ترك

ما نهي عنه ؟؟

وإذا رأى من نفسه تفريطا في الواجب استدركه إذا أمكن استدراكه وقام به أو بدله ، وإذا رأى من نفسه انتهاكا لمحرم أقلع

عنه وندم وتاب واستغفر.

وقوله :” عمل لما بعد الموت ” يعني عمل للآخرة ، لأن بعد الموت فإنه من الآخرة وهذا هو الحق ، والحزم أن الإنسان يعمل

لما بعد الموت فإذا فرط ومضت عليه الأيام وأضاعها في غير ما ينفعه في الآخرة فليس بكيس .

الكيس هو الذي يعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وصار لا يهتم إلا بأمور الدنيا ، فيتبع نفسه هواها في التفريط

في الأوامر وفعل النواهي ، ثم يتمنى على الله الأماني ، فيقول : الله غفور رحيم ، وسوف أتوب إلى الله في المستقبل

وسوف أصلح من حالي إذا كبرت وما أشبهه من الأماني الكاذبة التي يمليها الشيطان عليه فربما يدركها وربما لايدركها.

ففي هذا الحديث: الحث على انتهاز الفرص وعلى أن لا يضيع الإنسان من وقته فرصة إلا فيما يرضي الله عز وجل

وأن يدع الكسل والتهاون والتمني ، فإن التمني لا يفيد شيئا ، كما قال الحسن البصري -رحمه الله- : ” ليس الإيمان بالتمني

ولا بالتحلي ، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقته الأعمال ) رياض الصالحين..ج/1 .

محاسبة النفس

هو أن ينظر العبد في أعماله وأحواله وأقواله ليومه أو شهره أو سنته أو عمره ، فما وجد من حسنة حمد الله عليها

وما وجد من سيئة أحدث لها ندما

أهمية محاسبة النفس

– من طرق التربية .. نهي النفس عن الهوى ، وتصبير النفس ، مكابدة النفس ، ومداراة النفس ، وحاسبة النفس.

– زكاة أو تزكية النفس وطهارتها موقوفه على محاسبتها .

– إن صلاح القلب بمحاسبة النفس ، وفسادها بإهمالها والاسترسال معها ، وهذا حال أهل الغرور ومن اهمل محاسبة نفسه.

– محاسبة النفس سمة المؤمن لحديث (الكيس) من دان نفسه أي اتهمها وحاسبها .

– محاسبة النفس لا تكون إلا بعد تصحيح التوبة .

– بداية المحاسبة أن يقايس المرء بين نعمة الله عز وجل وجنايته وأن يقايس بين الحسنات والسيئات .

أنواع المحاسبة

محاسبة النفس نوعان … نوع قبل العمل ونوع بعده

1 / قبل العمل .. فهو أن يقف المرء عند أول همه وإرادته .. ولا يبادر بالعمل حتى يتبين له رجحانه على تركه

وللعبد أربع مقامات يحتاج فيها إلى محاسبة نفسه عليها قبل العمل وهي ..

– وقفه وسؤال النفس قبل العمل : هل ذلك العمل مقدور عليه أو غير مقدور ولا مستطاع.
– هل فعله خير له من تركه ، أو تركه خير له من فعله .
– هل الباعث عليه إرادة وجه الله عز وجل وثوابه أم إرادة الجاه والثناء والمال من المخلوق.
– هل هو معان عليه وله أعوان يساعدونه وينصرونه أم لا .

2 / بعد العمل .. من خلال ثلاثة أمور .. هي :

– محاسبتها على طاعة قصرت فيها من حق الله تعال ، وحق الله في الطاعة ستة أمور (الإخلاص في العمل ، والنصيحة لله ،
ومتابعة الرسول ، وشهود مشهد الإحسان ، وشهود منة الله عليه ، وشهود تقصيره بعد ذلك كله)
– محاسبتها على كل عمل ، كان تركه خيرا له من فعله .
– محاسبتها على أمر مباح لِمَ فعله ، وهل أراد به الله تهالى والدار الاخرة .

كيف تكون محاسبة النفس في حياة المسلم؟

– الولاء والبراء
– تذكر الموت
– التوبة النصوح
– الثبات على الحق
– تذكر علامات الساعة
– طلب العلم الشرعي
– فهم الواقع
– التهجد بالاسحار
– صيام التطوع
– الذكر
– النوافل
– الجلسة الأسرية
– مساعدة المحتاجين
– الأخوة في الله
– المساجد وعمارتها
– حفظ الجوارح

لماذا يحاسب العبد نفسه ؟؟

1 / حتى يخفف عنها حساب الآخرة

2 / العبد يحاسب نفسه لأن الشهود على أفعاله كثر .. ومن ذلك :
– الله عز وجل .. (ألم تر أن الله يعلم مافي السموات وما في الأرض …) المجادلة/7
-الرسل عليهم السلام .. (ما قلت لهم إلا ما امرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنتُ عليهم شهيدا مادمت فيهم …) المائدة / 117
-الملائكة الكرام .. (إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ق /17_18
– الجوارح .. (اليوم نختم على افواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) يس/65
-الجلود .. (وقالوا لجلودهم لم شهدتم عليناقالوا انطقنا الله الذي انطق كل شئ وهو خلكم أول مرة وإليه ترجعون) فصلت /21
– الأرض .. (يومئذن تحدث أخبارها ) الزلزلة /4

3/ العبد يحاسب نفسه لأن ألد عدو له نفسه ، فهي الأماراة بالسؤ .

فوائد محاسبة النفس

1/ الاطلاع على العيوب

2/ معرفة حق الله تعالى

3/ أنها سبب من أسباب رفع البلاء

4/ أنها سبب من أسباب انشراح الصدر للخير

5 / أنها باب من أبواب التوبة

6 / أنها سبب من أسباب المغفرة

7 / أنها سبب من أسباب البراءة من النفاق

نسأل الله وإياكم أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته