مشاهدة 10 مشاركات - 1 إلى 10 (من مجموع 10)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #67657

    بصراحة..أنا مستغرب
    لم يتطرق أحد إلى الشاعر الكبير الراحل نزار قباني (رحمه الله)
    من منا لا يعرف نزار ؟ أو لم يسمع عنه
    من منا لم يسمع إحدى أغنياته..بصوت عبد الحليم
    أو فيروز أو نجاة الصغيرة أو كاظم الساهر أو….
    كتابتي عنه..لن تضيف إليه شيئاً..
    لقد فكرت كثيراً وأنا أحاول الكتابة عنه
    هل أكتب عن أشعاره العاطفية ؟ أم عن أشعاره الوطنية ؟
    أم أغنياته ؟ أم حياته ؟ أم…
    ثم اقتنعت أخيراً بفكرة ..(إن شعر الشاعر..هو الشاعر نفسه )
    فلا يوجد شاعر (حر)..يكتب أو يفكر بما لا يرغب فيه..
    لذا..هذه (بعض) من مقاطع..لقصائد هذا الشاعر العظيم
    وهو الذي قال..(لو رشحت نفسي لرئاسة جمهورية الشعر..لفزت بأغلب الأصوات)
    أعطيه صوتي….

    مقاطع من شعر نزار..
    1- قلبي كمنفضة الرماد أنا…إن تنبشي ما فيه تحترقي
    شعري أنا قلبي و يظلمني…من لا يرى قلبي على الورق
    2-أحبكِ..فوق التصورِ..فوق المسافاتِ…فوق حكايا العدا..
    جرحت الأزاميل فيكِ..حملت إلى شعركِ القمر الأسودا
    و شجعت نهديكِ فاستكبرا..على الله..حتى فلم يسجدا
    3-الحب في الأرض بعض من تخيلنا..لو لم نجده عليها..لا خترعناهُ
    4-الشمس أنتِ..
    ما كان حرف في غيابكِ ممكناً…وتكونت كل الثقافة يوم كنتِ..
    5-حبيبتي..
    ماذا يضيف الكلام إليكِ..وليس على كوكب الحب شيء جديد
    6-يا رب..إن لكل جراحٍ ساحلاً…و أنا جراحي بغير سواحلِ
    كل المنافي لا تبدد وحشتي…ما دام منفاي الكبير بداخلي
    7- إن الشعر…يجعل كل حلمٍ ممكنا
    8-ستقتلون كاتباً…
    لكنكم..لن تقتلوا الكتابة
    9- لا تتعبي نفسكِ يا غالية..في البحث عن تجاربي الماضية..
    فكل نساء الأرض في كفة..وأنت يا أميرتي..في الكفة الثانية..
    10-ماهو الشعر ؟ لن تلاقي مجيباً…هو …بين الجنون والهذيان
    11-ماذا سأكتب عنكِ في كتب الهوى ..فهواكِ لا يكفيه ألف كتاب
    12-أحبكِ..حتى يتم انطفائي..بعينينِ..مثل اتساع السماءِ
    13-إن الجنون وراء نصف قصائدي ..أو ليس في بعض الجنون صوابُ
    14- لم تخترعني دولة أو سلطة…أنا أخترعت قبيلتي..وبلاديا
    15-أليس يكفي…
    أني تركت للأطفال بعدي لغة..
    وأنني تركت للعشاق أبجدية
    16-كل ليمونة ستنجب طفلاً…ومحال أن ينتهي الليمونُ
    17-لم يزل ماكتبته يسكر الكون…ويجري كالشهد تحت لساني

    ——————————————————————————–
    قلبي…عاصفة
    لذا…لا توجد زهرة مستعدة لأن تعانقني

    أصدقائي الغاليين أتمنى من كل شخص

    اذا يعرف قصائد لنزار قباني الشاعر العظيم

    أن يكتبها ويشترك في موضوعي وهذا اكيد شرف كبير لي

    #778616

    قصيدة رائعة لنزار قباني

    قولي أحبك

    قولي “أحُبكَ” كي تزيدَ وسامتي
    فبغيرِ حبّكِ لا أكـونُ جميـلا
    ***
    قولي “أحبكَ” كي تصيرَ أصابعي
    ذهباً… وتصبحَ جبهتي قنـديلا
    ***
    قـولي “أحبكَ” كي يتمَّ تحـولي
    فأصيرُ قمحاً… أو أصيرُ نخيـلا
    ***
    الآنَ قوليهـا… ولا تتـردّدي
    بعضُ الهوى لا يقبلُ التأجيـلا
    ***
    قولي “أحبكَ” كي تزيدَ قداستي
    ويصيـرَ شعري في الهوى إنجيلا
    ***
    سأغيّرُ التقويمَ لـو أحببتـني
    أمحو فصولاً أو أضيفُ فصولا
    ***
    وسينتهي العصرُ القديمُ على يدي
    وأقيـمُ مملكـةَ النسـاءِ بديـلا
    ***
    قولي “أحبكَ” كي تصيرَ قصائدي
    مـائيـةً… وكتابتي تنـزيـلا
    ***
    مـلكٌ أنا.. لو تصبحينَ حبيبتي
    أغزو الشموسَ مراكباً وخيولا
    ****************************

    #778617

    قصيدة التحديات

    أتحدى..
    كل عشاقك يا سيدتي..
    من ملوك…… و مشاهير……و قواد عظامِ…
    أن يكونوا صنعوا تختكِ من ريش النعامِ…
    أو يكونوا أطعموا نهديكِ… يا سيدتي
    بلح البصرةِ….أو توت الشآمِ…
    أتحداهم جميعاً…
    أن يخطوا لكِ مكتوب هوى…
    كمكاتيب غرامي…
    أو يجيئوكِ….(على كثرتهم)..بحروف كحروفي..وكلام ككلامي…

    أتحدى..
    من إلى عينيكِ يا سيدتي قد سبقوني..
    يحملون الشمس في راحاتهم…
    و عقود الياسمين…
    أتحدى…
    كل من عاشرتهم…
    من مجانين و أطفال…. ومفقودين في بحر الحنين
    أن يحبوكِ بإسلوبي..و طيشي و جنوني…
    أتحدى…
    كتب العشق و مخطوطاتهِ…
    منذ الآف القرونِ..
    أن تري فيها كتاباً واحداً…
    فيه يا سيدتي ما ذكروني…
    أتحداكِ أنا…أن تجدي..
    وطناً مثل فمي …و سريراً دافئأً…مثل عيوني..

    أتحدى…
    كل من جاؤوكِ يا سيدتي..
    من آسيا…بصناديق الحلي..و قوارير العطورِ..
    فمن الصين الأواني… ومن الهند البخور
    أتحدى…
    كل من جاؤوكِ من افريقيا…
    بصنوف العاج…أو جلد النمورِ..
    واشتروا حبكِ يا سيدتي…
    بخرافي المهورِ…
    أتحداهم جميعاً…
    أن يكونوا اكتشفوا….
    كيف تغفوا بين أهدابكِ…الآف الطيور..
    أو يكونوا اقتنعوا…
    أن نهديكِ يدورانِ…كما الشمس تدور..

    أتحداكِ أنا….أن تذكري..
    رجلاً من بين من أحببتهم..
    أفرغ الصيف بعينيكِ….وفيروز البحور
    أتحدى…
    مفردات الحب في شتى العصور
    والكتابات على جدران صيدون وصور
    فاقرئي أقدم أوراق الهوى..
    تجديني…دائماً….بين السطور
    إنني أسكن في الحب ..
    فما من قبلة أخذت…أو أعطيت
    ليس لي فيها…حلول أو حضور..
    أتحدى أشجع الفرسان يا.. سيدتي
    وبواريد القبيلة…
    أتحدى من أحبوكِ…ومن أحببتهم..
    منذ ميلادكِ…حتى صرتِ كالنخل العراقي..طويلة
    أتحداهم جميعاً…
    أن يكونوا ..قطرة صغرى ببحري…
    أو يكونوا..أطفؤوا أعمارهم..
    مثلما…أطفئت في عينيكِ عمري
    أتحداكِ أنا…أن تجدي…
    عاشقاً مثلي…
    وعصراً ذهبياً….مثل عصري…

    فارحلي…حيث تريدين …ارحلي
    واضحكي…وابكي..وجوعي…وتعري..
    فأنا أعرف أن لن تجدي…
    غابة فيها تنامين كصدري….
    (نزار قباني)

    #778619

    بلقيس…

    شُكراً لكم ..
    شُكراً لكم . .
    فحبيبتي قُتِلَت .. وصار بوُسْعِكُم
    أن تشربوا كأساً على قبر الشهيدهْ
    وقصيدتي اغْتِيلتْ ..
    وهل من أُمَّـةٍ في الأرضِ ..
    – إلا نحنُ – تغتالُ القصيدة ؟

    بلقيسُ …
    كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ
    بلقيسُ ..
    كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ
    كانتْ إذا تمشي ..
    ترافقُها طواويسٌ ..
    وتتبعُها أيائِلْ ..
    بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..
    ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ
    هل يا تُرى ..
    من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ ؟
    يا نَيْنَوَى الخضراءَ ..
    يا غجريَّتي الشقراءَ ..
    يا أمواجَ دجلةَ . .
    تلبسُ في الربيعِ بساقِهِا
    أحلى الخلاخِلْ ..
    قتلوكِ يا بلقيسُ ..
    أيَّةُ أُمَّةٍ عربيةٍ ..
    تلكَ التي
    تغتالُ أصواتَ البلابِلْ ؟
    أين السَّمَوْأَلُ ؟
    والمُهَلْهَلُ ؟
    والغطاريفُ الأوائِلْ ؟
    فقبائلٌ أَكَلَتْ قبائلْ ..
    وثعالبٌ قَتَـلَتْ ثعالبْ ..
    وعناكبٌ قتلتْ عناكبْ ..
    قَسَمَاً بعينيكِ اللتينِ إليهما ..
    تأوي ملايينُ الكواكبْ ..
    سأقُولُ ، يا قَمَرِي ، عن العَرَبِ العجائبْ
    فهل البطولةُ كِذْبَةٌ عربيةٌ ؟
    أم مثلنا التاريخُ كاذبْ ؟.

    بلقيسُ
    لا تتغيَّبِي عنّي
    فإنَّ الشمسَ بعدكِ
    لا تُضيءُ على السواحِلْ . .
    سأقول في التحقيق :
    إنَّ اللصَّ أصبحَ يرتدي ثوبَ المُقاتِلْ
    وأقول في التحقيق :
    إنَّ القائدَ الموهوبَ أصبحَ كالمُقَاوِلْ ..
    وأقولُ :
    إن حكايةَ الإشعاع ، أسخفُ نُكْتَةٍ قِيلَتْ ..
    فنحنُ قبيلةٌ بين القبائِلْ
    هذا هو التاريخُ . . يا بلقيسُ ..
    كيف يُفَرِّقُ الإنسانُ ..
    ما بين الحدائقِ والمزابلْ
    بلقيسُ ..
    أيَّتها الشهيدةُ .. والقصيدةُ ..
    والمُطَهَّرَةُ النقيَّةْ ..
    سَبَـأٌ تفتِّشُ عن مَلِيكَتِهَا
    فرُدِّي للجماهيرِ التحيَّةْ ..
    يا أعظمَ المَلِكَاتِ ..
    يا امرأةً تُجَسِّدُ كلَّ أمجادِ العصورِ السُومَرِيَّةْ
    بلقيسُ ..
    يا عصفورتي الأحلى ..
    ويا أَيْقُونتي الأَغْلَى
    ويا دَمْعَاً تناثرَ فوق خَدِّ المجدليَّةْ
    أَتُرى ظَلَمْتُكِ إذْ نَقَلْتُكِ
    ذاتَ يومٍ .. من ضفاف الأعظميَّةْ
    بيروتُ .. تقتُلُ كلَّ يومٍ واحداً مِنَّا ..
    وتبحثُ كلَّ يومٍ عن ضحيَّةْ
    والموتُ .. في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا ..
    وفي مفتاح شِقَّتِنَا ..
    وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا ..
    وفي وَرَقِ الجرائدِ ..
    والحروفِ الأبجديَّةْ …
    ها نحنُ .. يا بلقيسُ ..
    ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ ..
    ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ ..
    والتخلّفِ .. والبشاعةِ .. والوَضَاعةِ ..
    ندخُلُ مرةً أُخرى .. عُصُورَ البربريَّةْ ..
    حيثُ الكتابةُ رِحْلَةٌ
    بينِ الشَّظيّةِ .. والشَّظيَّةْ
    حيثُ اغتيالُ فراشةٍ في حقلِهَا ..
    صارَ القضيَّةْ ..
    هل تعرفونَ حبيبتي بلقيسَ ؟
    فهي أهمُّ ما كَتَبُوهُ في كُتُبِ الغرامْ
    كانتْ مزيجاً رائِعَاً
    بين القَطِيفَةِ والرخامْ ..
    كان البَنَفْسَجُ بينَ عَيْنَيْهَا
    ينامُ ولا ينامْ ..

    بلقيسُ ..
    يا عِطْرَاً بذاكرتي ..
    ويا قبراً يسافرُ في الغمام ..
    قتلوكِ ، في بيروتَ ، مثلَ أيِّ غزالةٍ
    من بعدما .. قَتَلُوا الكلامْ ..
    بلقيسُ ..
    ليستْ هذهِ مرثيَّةً
    لكنْ ..
    على العَرَبِ السلامْ

    بلقيسُ ..
    مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ ..
    والبيتُ الصغيرُ ..
    يُسائِلُ عن أميرته المعطَّرةِ الذُيُولْ
    نُصْغِي إلى الأخبار .. والأخبارُ غامضةٌ
    ولا تروي فُضُولْ ..

    بلقيسُ ..
    مذبوحونَ حتى العَظْم ..
    والأولادُ لا يدرونَ ما يجري ..
    ولا أدري أنا .. ماذا أقُولْ ؟
    هل تقرعينَ البابَ بعد دقائقٍ ؟
    هل تخلعينَ المعطفَ الشَّتَوِيَّ ؟
    هل تأتينَ باسمةً ..
    وناضرةً ..
    ومُشْرِقَةً كأزهارِ الحُقُولْ ؟

    بلقيسُ ..
    إنَّ زُرُوعَكِ الخضراءَ ..
    ما زالتْ على الحيطانِ باكيةً ..
    وَوَجْهَكِ لم يزلْ مُتَنَقِّلاً ..
    بينَ المرايا والستائرْ
    حتى سجارتُكِ التي أشعلتِها
    لم تنطفئْ ..
    ودخانُهَا
    ما زالَ يرفضُ أن يسافرْ

    بلقيسُ ..
    مطعونونَ .. مطعونونَ في الأعماقِ ..
    والأحداقُ يسكنُها الذُهُولْ
    بلقيسُ ..
    كيف أخذتِ أيَّامي .. وأحلامي ..
    وألغيتِ الحدائقَ والفُصُولْ ..
    يا زوجتي ..
    وحبيبتي .. وقصيدتي .. وضياءَ عيني ..
    قد كنتِ عصفوري الجميلَ ..
    فكيف هربتِ يا بلقيسُ منّي ؟..
    بلقيسُ ..
    هذا موعدُ الشَاي العراقيِّ المُعَطَّرِ ..
    والمُعَتَّق كالسُّلافَةْ ..
    فَمَنِ الذي سيوزّعُ الأقداحَ .. أيّتها الزُرافَةْ ؟
    ومَنِ الذي نَقَلَ الفراتَ لِبَيتنا ..
    وورودَ دَجْلَةَ والرَّصَافَةْ ؟

    بلقيسُ ..
    إنَّ الحُزْنَ يثقُبُنِي ..
    وبيروتُ التي قَتَلَتْكِ .. لا تدري جريمتَها
    وبيروتُ التي عَشقَتْكِ ..
    تجهلُ أنّها قَتَلَتْ عشيقتَها ..
    وأطفأتِ القَمَرْ ..

    بلقيسُ ..
    يا بلقيسُ ..
    يا بلقيسُ
    كلُّ غمامةٍ تبكي عليكِ ..
    فَمَنْ تُرى يبكي عليَّا ..
    بلقيسُ .. كيف رَحَلْتِ صامتةً
    ولم تَضَعي يديْكِ .. على يَدَيَّا ؟

    بلقيسُ ..
    كيفَ تركتِنا في الريح ..
    نرجِفُ مثلَ أوراق الشَّجَرْ ؟
    وتركتِنا – نحنُ الثلاثةَ – ضائعينَ
    كريشةٍ تحتَ المَطَرْ ..
    أتُرَاكِ ما فَكَّرْتِ بي ؟
    وأنا الذي يحتاجُ حبَّكِ .. مثلَ (زينبَ) أو (عُمَرْ)

    بلقيسُ ..
    يا كَنْزَاً خُرَافيّاً ..
    ويا رُمْحَاً عِرَاقيّاً ..
    وغابَةَ خَيْزُرَانْ ..
    يا مَنْ تحدَّيتِ النجُومَ ترفُّعاً ..
    مِنْ أينَ جئتِ بكلِّ هذا العُنْفُوانْ ؟
    بلقيسُ ..
    أيتها الصديقةُ .. والرفيقةُ ..
    والرقيقةُ مثلَ زَهْرةِ أُقْحُوَانْ ..
    ضاقتْ بنا بيروتُ .. ضاقَ البحرُ ..
    ضاقَ بنا المكانْ ..
    بلقيسُ : ما أنتِ التي تَتَكَرَّرِينَ ..
    فما لبلقيسَ اثْنَتَانْ ..

    بلقيسُ ..
    تذبحُني التفاصيلُ الصغيرةُ في علاقتِنَا ..
    وتجلُدني الدقائقُ والثواني ..
    فلكُلِّ دبّوسٍ صغيرٍ .. قصَّةٌ
    ولكُلِّ عِقْدٍ من عُقُودِكِ قِصَّتانِ
    حتى ملاقطُ شَعْرِكِ الذَّهَبِيِّ ..
    تغمُرُني ،كعادتِها ، بأمطار الحنانِ
    ويُعَرِّشُ الصوتُ العراقيُّ الجميلُ ..
    على الستائرِ ..
    والمقاعدِ ..
    والأوَاني ..
    ومن المَرَايَا تطْلَعِينَ ..
    من الخواتم تطْلَعِينَ ..
    من القصيدة تطْلَعِينَ ..
    من الشُّمُوعِ ..
    من الكُؤُوسِ ..
    من النبيذ الأُرْجُواني ..

    بلقيسُ ..
    يا بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
    لو تدرينَ ما وَجَعُ المكانِ ..
    في كُلِّ ركنٍ .. أنتِ حائمةٌ كعصفورٍ ..
    وعابقةٌ كغابةِ بَيْلَسَانِ ..
    فهناكَ .. كنتِ تُدَخِّنِينَ ..
    هناكَ .. كنتِ تُطالعينَ ..
    هناكَ .. كنتِ كنخلةٍ تَتَمَشَّطِينَ ..
    وتدخُلينَ على الضيوفِ ..
    كأنَّكِ السَّيْفُ اليَمَاني ..

    بلقيسُ ..
    أين زجَاجَةُ ( الغِيرلاَنِ ) ؟
    والوَلاّعةُ الزرقاءُ ..
    أينَ سِجَارةُ الـ (الكَنْتِ ) التي
    ما فارقَتْ شَفَتَيْكِ ؟
    أين (الهاشميُّ ) مُغَنِّيَاً ..
    فوقَ القوامِ المَهْرَجَانِ ..
    تتذكَّرُ الأمْشَاطُ ماضيها ..
    فَيَكْرُجُ دَمْعُهَا ..
    هل يا تُرى الأمْشَاطُ من أشواقها أيضاً تُعاني ؟
    بلقيسُ : صَعْبٌ أنْ أهاجرَ من دمي ..
    وأنا المُحَاصَرُ بين ألسنَةِ اللهيبِ ..
    وبين ألسنَةِ الدُخَانِ …
    بلقيسُ : أيتَّهُا الأميرَةْ
    ها أنتِ تحترقينَ .. في حربِ العشيرةِ والعشيرَةْ
    ماذا سأكتُبُ عن رحيل مليكتي ؟
    إنَ الكلامَ فضيحتي ..
    ها نحنُ نبحثُ بين أكوامِ الضحايا ..
    عن نجمةٍ سَقَطَتْ ..
    وعن جَسَدٍ تناثَرَ كالمَرَايَا ..
    ها نحنُ نسألُ يا حَبِيبَةْ ..
    إنْ كانَ هذا القبرُ قَبْرَكِ أنتِ
    أم قَبْرَ العُرُوبَةْ ..
    بلقيسُ :
    يا صَفْصَافَةً أَرْخَتْ ضفائرَها عليَّ ..
    ويا زُرَافَةَ كبرياءْ
    بلقيسُ :
    إنَّ قَضَاءَنَا العربيَّ أن يغتالَنا عَرَبٌ ..
    ويأكُلَ لَحْمَنَا عَرَبٌ ..
    ويبقُرَ بطْنَنَا عَرَبٌ ..
    ويَفْتَحَ قَبْرَنَا عَرَبٌ ..
    فكيف نفُرُّ من هذا القَضَاءْ ؟
    فالخِنْجَرُ العربيُّ .. ليسَ يُقِيمُ فَرْقَاً
    بين أعناقِ الرجالِ ..
    وبين أعناقِ النساءْ ..

    بلقيسُ :
    إنْ هم فَجَّرُوكِ .. فعندنا
    كلُّ الجنائزِ تبتدي في كَرْبَلاءَ ..
    وتنتهي في كَرْبَلاءْ ..
    لَنْ أقرأَ التاريخَ بعد اليوم
    إنَّ أصابعي اشْتَعَلَتْ ..
    وأثوابي تُغَطِّيها الدمَاءْ ..
    ها نحنُ ندخُلُ عصْرَنَا الحَجَرِيَّ
    نرجعُ كلَّ يومٍ ، ألفَ عامٍ للوَرَاءْ …
    البحرُ في بيروتَ ..
    بعد رحيل عَيْنَيْكِ اسْتَقَالْ ..
    والشِّعْرُ .. يسألُ عن قصيدَتِهِ
    التي لم تكتمِلْ كلماتُهَا ..
    ولا أَحَدٌ .. يُجِيبُ على السؤالْ
    الحُزْنُ يا بلقيسُ ..
    يعصُرُ مهجتي كالبُرْتُقَالَةْ ..
    الآنَ .. أَعرفُ مأزَقَ الكلماتِ
    أعرفُ وَرْطَةَ اللغةِ المُحَالَةْ ..
    وأنا الذي اخترعَ الرسائِلَ ..
    لستُ أدري .. كيفَ أَبْتَدِئُ الرسالَةْ ..
    السيف يدخُلُ لحم خاصِرَتي
    وخاصِرَةِ العبارَةْ ..
    كلُّ الحضارةِ ، أنتِ يا بلقيسُ ، والأُنثى حضارَةْ ..
    بلقيسُ : أنتِ بشارتي الكُبرى ..
    فَمَنْ سَرَق البِشَارَةْ ؟
    أنتِ الكتابةُ قبْلَمَا كانَتْ كِتَابَةْ ..
    أنتِ الجزيرةُ والمَنَارَةْ ..

    بلقيسُ :
    يا قَمَرِي الذي طَمَرُوهُ ما بين الحجارَةْ ..
    الآنَ ترتفعُ الستارَةْ ..
    الآنَ ترتفعُ الستارِةْ ..
    سَأَقُولُ في التحقيقِ ..
    إنّي أعرفُ الأسماءَ .. والأشياءَ .. والسُّجَنَاءَ ..
    والشهداءَ .. والفُقَرَاءَ .. والمُسْتَضْعَفِينْ ..
    وأقولُ إنّي أعرفُ السيَّافَ قاتِلَ زوجتي ..
    ووجوهَ كُلِّ المُخْبِرِينْ ..
    وأقول : إنَّ عفافَنا عُهْرٌ ..
    وتَقْوَانَا قَذَارَةْ ..
    وأقُولُ : إنَّ نِضالَنا كَذِبٌ
    وأنْ لا فَرْقَ ..
    ما بين السياسةِ والدَّعَارَةْ !!
    سَأَقُولُ في التحقيق :
    إنّي قد عَرَفْتُ القاتلينْ
    وأقُولُ :
    إنَّ زمانَنَا العربيَّ مُخْتَصٌّ بذَبْحِ الياسَمِينْ
    وبقَتْلِ كُلِّ الأنبياءِ ..
    وقَتْلِ كُلِّ المُرْسَلِينْ ..
    حتّى العيونُ الخُضْرُ ..
    يأكُلُهَا العَرَبْ
    حتّى الضفائرُ .. والخواتمُ
    والأساورُ .. والمرايا .. واللُّعَبْ ..
    حتّى النجومُ تخافُ من وطني ..
    ولا أدري السَّبَبْ ..
    حتّى الطيورُ تفُرُّ من وطني ..
    و لا أدري السَّبَبْ ..
    حتى الكواكبُ .. والمراكبُ .. والسُّحُبْ
    حتى الدفاترُ .. والكُتُبْ ..
    وجميعُ أشياء الجمالِ ..
    جميعُها .. ضِدَّ العَرَبْ ..

    لَمَّا تناثَرَ جِسْمُكِ الضَّوْئِيُّ
    يا بلقيسُ ،
    لُؤْلُؤَةً كريمَةْ
    فَكَّرْتُ : هل قَتْلُ النساء هوايةٌ عَربيَّةٌ
    أم أنّنا في الأصل ، مُحْتَرِفُو جريمَةْ ؟
    بلقيسُ ..
    يا فَرَسِي الجميلةُ .. إنَّني
    من كُلِّ تاريخي خَجُولْ
    هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ ..
    هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ ..
    مِنْ يومِ أنْ نَحَرُوكِ ..
    يا بلقيسُ ..
    يا أَحْلَى وَطَنْ ..
    لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يعيشُ في هذا الوَطَنْ ..
    لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يموتُ في هذا الوَطَنْ ..
    ما زلتُ أدفعُ من دمي ..
    أعلى جَزَاءْ ..
    كي أُسْعِدَ الدُّنْيَا .. ولكنَّ السَّمَاءْ
    شاءَتْ بأنْ أبقى وحيداً ..
    مثلَ أوراق الشتاءْ
    هل يُوْلَدُ الشُّعَرَاءُ من رَحِمِ الشقاءْ ؟
    وهل القصيدةُ طَعْنَةٌ
    في القلبِ .. ليس لها شِفَاءْ ؟
    أم أنّني وحدي الذي
    عَيْنَاهُ تختصرانِ تاريخَ البُكَاءْ ؟

    سَأقُولُ في التحقيق :
    كيف غَزَالتي ماتَتْ بسيف أبي لَهَبْ
    كلُّ اللصوص من الخليجِ إلى المحيطِ ..
    يُدَمِّرُونَ .. ويُحْرِقُونَ ..
    ويَنْهَبُونَ .. ويَرْتَشُونَ ..
    ويَعْتَدُونَ على النساءِ ..
    كما يُرِيدُ أبو لَهَبْ ..
    كُلُّ الكِلابِ مُوَظَّفُونَ ..
    ويأكُلُونَ ..
    ويَسْكَرُونَ ..
    على حسابِ أبي لَهَبْ ..
    لا قَمْحَةٌ في الأرض ..
    تَنْبُتُ دونَ رأي أبي لَهَبْ
    لا طفلَ يُوْلَدُ عندنا
    إلا وزارتْ أُمُّهُ يوماً ..
    فِراشَ أبي لَهَبْ !!…
    لا سِجْنَ يُفْتَحُ ..
    دونَ رأي أبي لَهَبْ ..
    لا رأسَ يُقْطَعُ
    دونَ أَمْر أبي لَهَبْ ..

    سَأقُولُ في التحقيق :
    كيفَ أميرتي اغْتُصِبَتْ
    وكيفَ تقاسَمُوا فَيْرُوزَ عَيْنَيْهَا
    وخاتَمَ عُرْسِهَا ..
    وأقولُ كيفَ تقاسَمُوا الشَّعْرَ الذي
    يجري كأنهارِ الذَّهَبْ ..

    سَأَقُولُ في التحقيق :
    كيفَ سَطَوْا على آيات مُصْحَفِهَا الشريفِ
    وأضرمُوا فيه اللَّهَبْ ..
    سَأقُولُ كيفَ اسْتَنْزَفُوا دَمَهَا ..
    وكيفَ اسْتَمْلَكُوا فَمَهَا ..
    فما تركُوا به وَرْدَاً .. ولا تركُوا عِنَبْ
    هل مَوْتُ بلقيسٍ …
    هو النَّصْرُ الوحيدُ
    بكُلِّ تاريخِ العَرَبْ ؟؟…

    بلقيسُ ..
    يا مَعْشُوقتي حتّى الثُّمَالَةْ ..
    الأنبياءُ الكاذبُونَ ..
    يُقَرْفِصُونَ ..
    ويَرْكَبُونَ على الشعوبِ
    ولا رِسَالَةْ ..
    لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا ..
    من فلسطينَ الحزينةِ ..
    نَجْمَةً ..
    أو بُرْتُقَالَةْ ..
    لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا ..
    من شواطئ غَزَّةٍ
    حَجَرَاً صغيراً
    أو محَاَرَةْ ..
    لو أَنَّهُمْ من رُبْعِ قَرْنٍ حَرَّروا ..
    زيتونةً ..
    أو أَرْجَعُوا لَيْمُونَةً
    ومَحوا عن التاريخ عَارَهْ
    لَشَكَرْتُ مَنْ قَتَلُوكِ .. يا بلقيسُ ..
    يا مَعْشوقتي حتى الثُّمَالَةْ ..
    لكنَّهُمْ تَرَكُوا فلسطيناً
    ليغتالُوا غَزَالَةْ !!…

    ماذا يقولُ الشِّعْرُ ، يا بلقيسُ ..
    في هذا الزَمَانِ ؟
    ماذا يقولُ الشِّعْرُ ؟
    في العَصْرِ الشُّعُوبيِّ ..
    المَجُوسيِّ ..
    الجَبَان
    والعالمُ العربيُّ
    مَسْحُوقٌ .. ومَقْمُوعٌ ..
    ومَقْطُوعُ اللسانِ ..
    نحنُ الجريمةُ في تَفَوُّقِها
    فما ( العِقْدُ الفريدُ ) وما ( الأَغَاني ) ؟؟
    أَخَذُوكِ أيَّتُهَا الحبيبةُ من يَدِي ..
    أخَذُوا القصيدةَ من فَمِي ..
    أخَذُوا الكتابةَ .. والقراءةَ ..
    والطُّفُولَةَ .. والأماني

    بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
    يا دَمْعَاً يُنَقِّطُ فوق أهداب الكَمَانِ ..
    عَلَّمْتُ مَنْ قتلوكِ أسرارَ الهوى
    لكنَّهُمْ .. قبلَ انتهاءِ الشَّوْطِ
    قد قَتَلُوا حِصَاني
    بلقيسُ :
    أسألكِ السماحَ ، فربَّما
    كانَتْ حياتُكِ فِدْيَةً لحياتي ..
    إنّي لأعرفُ جَيّداً ..
    أنَّ الذين تورَّطُوا في القَتْلِ ، كانَ مُرَادُهُمْ
    أنْ يقتُلُوا كَلِمَاتي !!!
    نامي بحفْظِ اللهِ .. أيَّتُها الجميلَةْ
    فالشِّعْرُ بَعْدَكِ مُسْتَحِيلٌ ..
    والأُنُوثَةُ مُسْتَحِيلَةْ
    سَتَظَلُّ أجيالٌ من الأطفالِ ..
    تسألُ عن ضفائركِ الطويلَةْ ..
    وتظلُّ أجيالٌ من العُشَّاقِ
    تقرأُ عنكِ . . أيَّتُها المعلِّمَةُ الأصيلَةْ …
    وسيعرفُ الأعرابُ يوماً ..
    أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرسُولَةْ ..
    قَتَلُوا الرسُولَةْ ..
    ق .. ت .. ل ..و .. ا
    ال .. ر .. س .. و .. ل .. ة

    #778621

    قصيدة غير منتهية في تعريف العشق ……نزار قباني

    عندما..قررت أن أكتب عن تجربتي في الحب….
    فكرت كثيراً…….
    ما الذي تجدي اعترافاتي ؟
    و قبلي كتب الناس عن الحب كثيرا…
    صوروهُ….فوق حيطانِ المغاراتِ…
    و في أوعية الفخار و الطين قديماً….
    نقشوه فوق عاج الفيل في الهند…
    وفوق الورق البردي في مصر…
    وفوق الرز في الصين…
    و أهدوه القرابين و أهدوه النذور……..

    عندما..قررت أن أنشر أفكاري عن العشق…
    ترددت كثيراً…….
    فأنا لست بقسيسٍ…
    ولا مارست تعليم التلاميذ…
    و أؤمن أن الورد مضطرٌ…
    لأن يشرح للناس العبيرا….
    ما الذي أكتب يا سيدتي ؟
    إنها تجربتي أنا وحدي…
    و تعنيني أنا وحدي…
    و تلغيني أنا وحدي…
    إنها السيف الذي يثقبني وحدي…
    فأزداد مع الموت حضورا………

    عندما..سافرت في بحركِ يا سيدتي…
    لم أكن أنظر في خارطة البحر…
    ولم أحمل معي زورق مطاطٍ…
    و لا طوق نجاةٍ….
    بل تقدمت إلى ناركِ كالبوذي…
    و اخترت المصيرا….
    لذتي كانت بأن أكتب بالطبشور…
    عنواني على الشمسِ…
    و أبني فوق نهديكِ الجسورا……..

    حين أحببتكِ…
    لاحظت بأن الكرز الأحمر في بستاننا…
    أصبح جمراً مستديرا…
    وبأن السمك الخائف من صنارة الأولاد..
    يأتي بالملايين..ليلقي في شواطينا البذورا…
    و بأن السرو قد ازداد ارتفاعاً…
    و بأن العمر قد ازداد اتساعاً…
    و بأن الله…
    قد عاد إلى الأرض أخيرا………

    حين أحببتكِ..
    لاحظت بأن الصيف يأتي..
    عشر مرات إلينا كل عام…
    و بأن القمح ينمو…
    عشر مرات لدينا كل يوم…
    و بأن القمر الهارب من بلدتنا…
    جاء يستأجر بيتاً وسريرا…
    و بأن العرق الممزوج بالسكر والينسون…
    قد طاب على العشق كثيرا………

    حين أحببتكِ…
    صارت ضحكة الأطفال في العالم أحلى…
    و مذاق الخبز أحلى…
    و سقوط الثلج أحلى…
    و مواء القطط السوداء في الشارع أحلى…
    و لقاء الكف بالكف على أرصفة (الحمراء) أحلى…
    و الرسومات الصغيرات التي نتركها في فوطة المطعم أحلى…
    و ارتشاف القهوة السوداء…
    و التدخين…
    و السهرة في المسرح ليل السبت…
    و الرمل الذي يبقى على أجسادنا من عطلة الأسبوع…
    و اللون النحاسي على ظهركِ…من بعد ارتحال الصيف…أحلى…
    و المجلات التي نمنا عليها…
    و تمددنا… و ثرثرنا لساعات عليها…
    أصبحت في أفق الذكرى.. طيورا……..

    حين أحببتك يا سيدتي…
    طوبوا لي…
    كل أشجار الأناناس بعينيكِ…
    و الآف الفدادين على الشمسِ…
    و أعطوني مفاتيح السمواتِ…
    و أهدوني النياشين…
    و أهدوني الحريرا……..

    عندما…حاولت أن أكتب عن حبي…
    تعذبت كثيرا…
    إنني في داخل البحرِِ…
    و إحساسي بضغط الماء لا يعرفهُ…
    غير من ضاعو بأعماق المحيطاتِ دهورا…….

    ما الذي أكتب عن حبكِ يا سيدتي ؟
    كل ما تذكره ذاكرتي…
    أنني استيقظت من نومي صباحاً…
    لأرى نفسي أميرا………

    #778626

    دعوة إلى حفلة قتل /نزار قباني

    ما لعينيك على الأرض بديل
    كل حبٍ …غير حبي لكِ…حبٌ مستحيل
    فلماذا أنتِ يا سيدتي باردة ؟
    حين لا يفصلني عنكِ سوى
    هضبتي رملٍ… وبستاني نخيل ..
    و لماذا ؟
    تلمسين الخيل إن كنتِ تخافين الصهيل ؟
    طالما فتشت عن تجربة تقتلني…
    و أخيراً…. جئتِ يا موتي الجميل
    فاقتليني…نائماً أو صاحياً
    اقتليني..ضاحكاً أو باكياً
    اقتليني.. كاسياً أو عارياً
    فلقد يجعلني القتل وليا مثل كل الأولياء
    ولقد يجعلني سنبلة خضراء…أو جدول ماء
    أو حماماً…….. أو هديل

    أقتليني الآن…
    فالليل مملٌ.. وطويل
    أقتليني دونما شرطٍ…فما من فارقٍ
    عندما تبتدىءُ اللعبة يا سيدتي…
    بين من يقتلُ….أو بين القتيل….

    #778627

    فالنتاين

    في عيد فالنتاين…
    بحثت يا حبيبتي عن وردة حمراء…
    أرسلها سفيرة عني…
    بعيد العشق والعشاق…
    فلم أجد في السوق أي وردة…
    حمراء…أو بيضاء..أو صفراء..
    لأن كل الورد في الأسواق..
    _ كما يقول بائع الأزهار_
    قد اشترته شعبة المباحث ..لزوجة الخليفة الرشيد….

    في عيد فالنتاين…
    أردت أن أرسل يا أميرتي..بطاقة وردية
    أكتب فيها كل ما أريد
    عن ذلك الحب الذي يذبحني
    ذبحاً..من الوريد إلى الوريد…
    نخلتُ يا حبيبتي…شوارع المدينة
    مكتبة ..مكتبة
    واجهة …واجهة
    زاوية…زاوية
    لكنني فشلت في مهمتي..
    لأنهم في شعبة المباحث..
    _كما روى موظف في المكتبة_
    قد صادروا كل البطاقات التي تباع في المدينة..
    و أرسلوها كلها لزوجة الخليفة الرشيد…

    في عيد فالنتاين…
    حاولتُ أن أكتب عن عينيكِ يا حبيبتي..قصيدة جميلة
    ما كُتبت يوما بتاريخ الأدب
    حروفُها من الذهب…زُنارها من الذهب….سروالها من الذهب
    و عندما فرغت من كتابتي…
    جاء رجال من لدى ( ابي لهب)
    فا عتقلوا القصيدة…و أغلقوا بالشمع و الرصاص…علبة البريد

    في عيد فالنتاين….
    لا هاتفٌ يرن في بلادنا..
    لا طائرٌ يطير في سمائنا..
    لا قمر..
    يرشرش الحليب و الثلج على ثيابنا
    لا كلمة جميلة..
    تغير العادي من كلامنا..
    لا امرأة..
    تُذوب الصقيع في أيامنا..
    لا رزمة تُحرك الفضول في أعماقنا
    يحملها موزع البريد

    في عيد فالنتاين…
    فكرت أن أستعمل الفرشاة والألوان..
    في وصف ما أُحسهُ..
    فكرتُ في رينوار…في ماتيس…في سيزان
    فكرتُ أن أفعل ما يفعله نيسان
    و ألحس القشطة عن رافعة النهدين
    كما شفاه الموج تلحس الشطآن

    في عيد فالنتاين…
    فكرت في اسبانيا..
    و حزننا المخزون حتى الآن
    في أعين الإسبان

    في عيد فالنتاين
    فكرت في مدائن الحب التي أعرفها
    فكرت في (فينيسيا)
    الجسد المغسولِ بالماء..وبالحبِ..وبالأحلام
    فكرت في (فلورنسا)
    تلك التي قرأت في ساحاتها… قصائد الرخام..
    فكرت في (باريس)
    في تاريخنا المكتوب بـ (الباغيث)
    و الجبنة…و النبيذ..والأمطار..
    فكرت في (إلزا) ..و في عيونِها..
    فكرت في (رامبو)..وفي (إيلوار)
    كم يستطيع الحب في باريس…أن يغير الأقدار

    في عيد فالنتاين….
    حين تنامين على سجادة الكاشان..
    مليسة كقطعة الكشمير
    معجونة بالمسك…والقرفة…. و الحرير
    طازجة كحزمة الريحان..
    أعيد أقوال أبي
    (أن ليس بالإمكان…أبدع مما كان )

    في عيد فالنتاين…
    يمكنني بقيلة واحدة..
    أن ألبس التاريخ في أصابعي..
    و أمحو الزمان..والمكان

    في عيد فالنتاين…
    أواصل التنقيب في يديكِ..
    عن حضارة الإغريق..و الرومان
    أواصل التنقيب في نهديكِ…
    عن قصيدة مجهولة…
    و حبتي رمان…
    أواصل العزف على خصركِ…
    حتى تتعب الكمان..

    في عيد فالنتاين…
    يبدو خيار العطر غير مقنعٍ…
    من ينقل الماء إلى بحيرةِ ؟
    من يحمل الورد إلى بستان ؟

    يا قمري..يا قمر الزمان
    سوف أظل مبحراً كعقبة بن نافعٍ
    حتى أرى افريقيا…و أعرف الإحساس بالأمان
    سوف أظل عاشقا…حتى أرى سفينتي
    راسية في مدخل الشريان…

    في عيد فالنتاين..
    سوف أظل مخلصاً لمهنة الحب التي أجيدها
    و مهنة الرقص على ألسنة النيران..
    فليس عندي سوى خرمشة النصوصِ..أو خرمشة السماءِ
    أو حرمشة الحيطان…

    في عيد فالنتاين…أشعر بالإحباط يا سيدتي
    أشعر أنني رجل مستلبٌ..منسحقٌ …وحيد
    ففي بلادٍ أصبح الحب بها محاصرا بالنار و الحديد
    و في بلادٍ أصبح القلب بها لوحا من الزجاج و الجليد
    و في بلادِ أصبح الشعر بها…
    يحترف التزوير..والتبخير ..و التمجيد..
    يعاقب الإعلام كل شاعرٍ يبقى على عفافهِ
    إذا تعرت زوجة العزيز

    في عيد فالنتاين…
    يدور في رأسي سؤال ساخرٌ..
    هل صارت السيدة الأولى التي تحكمنا…خاتمة النشيد ؟
    ما أسخف الشعر الذي نظطر أن نكتبه..
    تغزلاً…بامرأة الرشيد ……..

    #778628

    لا تسـألوني… ما اسمه حبيبي ُ أخشى عليكمْ.. ضوعةَ الطيوبِ
    والله.. لو بُحـتُ بأيّ حرفِ تكدَّسَ الليـلكُ في الدروبِ
    لا تبحثوا عنهُ هُـنا في بصدري تركتُهُ يجـري مع الغـروبِ
    ترونَهُ في ضـحكةِ السواقي في رفَّةِ الفـراشةِ اللعوبِ
    في البحرِ، في تنفّسِ المراعي وفي غـناءِ كلِّ عندليـبِ
    في أدمعِ الشتاءِ حينَ يبكي وفي عطاءِ الديمةِ السكوبِ
    لا تسألوا عن ثغرهِ …فهلا رأيتـمُ أناقةَ المغيـبِ
    ومُـقلتاهُ شاطـئا نـقاء وخصرهُ تهزهزُ القـضيبِ
    محاسنٌ.. لا ضمّها كتابٌ ولا ادّعتها ريشةُ الأديبِ
    وصدرهُ.. ونحر ه ..كفاكم فلن أبـوحَ باسمهِ حبيبي

    #780129
    شمس _1
    مشارك

    والله انا احب شعر نزار القباني
    وخاص الشعر الذي بصوت العندليب الاسمر عبد الحليم حافط
    شكرا علئ طرح مثل هذا الموصوع

    #780580

    أهلآ أخت شمس

    مرورك أسعدني وشرفني

مشاهدة 10 مشاركات - 1 إلى 10 (من مجموع 10)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد