يرد على هذا التساؤل : فضيلة السيد خليفة بن سعيد البوسعيدي ـ القاضي بالمحكمة العليا.

نصت المادة 269 من قانون الجزاء ” العماني ” على أنه ( يعاقب بالسجن من عشرة أيام إلى ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز عشرة ريالات كل من أهان كرامة أحد الناس بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 34 من هذا القانون وتتوقف الملاحقة على اتخاذ المعتدى عليه، أو أقربائه حتى الدرجة الرابعة إذا كانت الإهانة موجهة إلى ميت، صفة الادعاء الشخصي، وللقاضي أن يعفي الفريقين أو أحدهما من العقوبة إذا كان المعتدى عليه قد تسبب في الإهانة بعمل غير محق أو كانت الإهانة متبادلة. ) ومن ثم يمكن القول: أن المادة جاءت عامة بمعاقبة كل شخص يعتدي على كرامة الغير أو شهرته أو اعتباره أو سمعته الأدبية أو شرفه بوسيلة من الوسائل المحددة في المادة 34 من قانون الجزاء وهي:

1 ـ الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرّض للأنظار أو إذا شوهدت بسبب خطأ الفاعل من قبل من لا دخل له في الفعل.

2 ـ الكلام والصراخ سواء جهر بها الفاعل أو نقلت بالوسائل الآلية بحيث يسمعها في كلا الحالين من لا دخل له في الفعل.

3 ـ الكتابة والرسوم والصور اليدوية أو الشمسية والأفلام والشارات على اختلافها إذا عرضت في محل عام أو في مكان معرّض للأنظار أو مباح للجمهور.

وبالتالي يتحقق الجرم بأي لفظ ينمّ عن الحط من قدر الإنسان كإطلاق لفظ الحمار أو الأبله عليه ، وكذلك وصف الجاني المجنى عليه بأنه حقير أو منحرف أو بعيد عن الأخلاق ، كما تعد إهانة عبارات الغزل التي توجه إلى النساء سواء اتخذت صورة الإطراء المجرد كقوله ( رايحه فين يا سلام يا سلام هو حرام لما أنا أكلمك ردي عليّ ) أم جاوز ذلك إلى حثها على سلوك مخل بحيائها.

ومن المقرر أن المرجع في تعريف حقيقة ألفاظ الإهانة هو ما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم واقع الدعوى شريطة ألا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة، ولابد عند تفهم معاني الألفاظ ومراميها من الرجوع إلى عرف الجهة التي استعمل فيها اللفظ، وعليه إذا علم الجاني بأن الألفاظ خادشة للشرف أو الاعتبار ورغم ذلك اتجهت إرادته إلى النطق بتلك العبارات وإعلانها فيصح عقابه ، وقد أكدت المحكمة العليا ذلك في الطعن 129/2006 الدائرة الجزائية ( حيث خلصت المحكمة إلى ثبوت الاتهام قبل الطاعن آخذاً من شكوى المجني عليها وأقوالها أمام المحكمة ومن اعتراف المتهم في سائر مراحل الدعوى باتصاله إلى هاتف الشاهدة ونصحه لها بالابتعاد عن المجني عليها لإتيان الأخيرة أفعالاً غير جيدةً ومن شهادة شاهدي الدعوى ، الأمر الذي تطمئن إليه المحكمة وتقضي معه بإدانته ومعاقبته عملاً بمادة الاتهام وتلتفت المحكمة عما أثاره المتهم بأنه لم يكن يقصد إهانة كرامة المجني عليها خوفاً على الشاهدة وحرصاً عليها فما هو الدافع بالاتصال بالشاهد وإخباره بأنها غير مستقيمة ولديها علاقات ناهيك عن أن هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي يتخذ الركن المعنوي فيها هو القصد الجنائي العام … وقد تحققت للطاعن إرادة الإسناد وهي إرادة الفعل الإجرامي التي هي أحد عناصر القصد الجنائي في جريمة إهانة الكرامة نية الإضرار بالمجنى عليه، كما لا ينفي القصد حسن النية ويكفي أن يثبت الحكم فحش العبارة وعلانيتها ولا ينفيه أيضاً أن الباعث إلى الفعل حث المجنى عليه على سلوك أقوم أو تحذير الناس من التعامل معه تحقيقاً للمصلحة العامة. )

المصدر : جريدة الوطن ” العمانية ” العدد 8535 الصادرة بتاريخ 12 ذو القعدة الموافق 5/12/2006م.