كنت قد قررت السفر الى المانيا يوما. فقللت ان كانو لايأتون الينا نذهب نحن اليهم فقد انجح في تقريب الحضارات او “جمع راسين في الحلال” كما يقولون. كي لا اطيل المقال فقد ذهبت الى مدينة فرانكفورت. اعجبني كل شيء هناك,حتى القطط في الشوارع اعجبتني فهي تعطيك انطباعا انها قطط منازل من الطبقة المخملية. كل شيء بنظام الاكل بنظام المشي بنظام قيادة السيارات بنظام, خيل الي انه حتى اشجارهم وحيواناتهم وامطارهم بنظام. فقد خرجت من الطائرة الى ممر طويل ومتفرع لكن الناس يمشون فيه في صف واحد وكأنهم في طابور صباحي, ينقصه تحية العلم, لا يفرقهم الا حقائبهم ذات العجلات. تبادر الى ذهني ان اتخلل ذلك الصف لاصل قبل المجموعة وانتهي من اجراءات الوصول وختم الجوازات, لكني خجول و انا عربي وهذا ليس في مصلحة الصورة العامة للعرب, فقررت ان التزم لاول مرة بالنظام. وصلت بعد ان ختم على .. جوازي بالدخول وتسائلت : انا لا اجيد اللغة الامانية فكيف ساجد تاكسي؟ وفجأة وجدت نفسي في التاكسي يأخذني الى الفندق بعد ان اريته ورقة مكتوب فيها اسم ذلك الفندق. وصلت وكل شيء على مايرام لكن اين حقائبي؟ اها سرقت؟ ولكني فوجئت ان حقائبي قد صعدت الى الغرفة لتستطلع ,على ما أضن, المكان ان كان يناسبها او لا فهي الان في بلد غير عربي ولها كامل الحقوق. اول اربعة ايام قضيتها فقد حصلت على اربع مخالفات مرورية , مع اني لم اقود سيارة ولا اي وسيلة مواصلات اخرى, فقد كنت مترجلا وكنت امشي على الرصيف وفي منطقة خالية وبعيدة عن المشاة محددة بخط مرسوم على الارض بلون ابيض. فجاء المحارب , اقصد عسكري المرور, فقد كان عملاقا وتلطف الي وابتسم ودفعني دفعة خفيفة ابعدني بها عن المنطقة التي كنت امشي عليها وحرر لي ورقة. لم القي له بالا فهم غرب ونحن عرب وهم يتصرفون تصرفات تثير الاشمئزاز احيانا, فما دخلي انا. في الايام الثلاثة الاخرى تكررت نفس العملية لكنه في المرة الاخيرة احضر لي شابا عربيا يعمل نادلا في احد المقاهي المجاورة تماما لمنطقة عدم التفاهم التي بيني وبين العسكري وتكلما بينهما وابتسم الشاب ثم التفت الي وقال: الاخ عربي؟ قلت نعم وانت عربي ايضا؟ قال نعم , فقلت اهلا بك يا اخي المغترب , فابتسم وقال: يا اخي والله “فضحتونا” قد عملت هنا اربع سنوات لم ارى خلالها احد قد تجاوز هذا الخط., قلت: وما هذا الخط الاستوائي الذي يكاد نقطة حوار الحضارات؟, قال: هذه المنطقة كحددة للدراجات فقط يا اخي. عجبت من كلامه وقلت في نفسي: حتى دراجاتهم لها حقوق؟!. اعتذرت للعسكري وقلت له بالعربية العامية بعد ان طلبت ترجمتها من الاخ المفضوح سابقا: ياخي لو كنت اعلمتني بذلك من البداية لما ارتكبت المخالفة اربع مرات. حاولت ان اعزمه على فنجان قهوة لكنهما تجهما في وجهي, فغادرت صامتا. فكرت بيني وبين نفسي واستخلصت الفكرة الاتية: لن نصل الى ما وصل اليه الغرب حتى نعطي دراجاتنا حقوقها.

دمتم