في أغسطس 1991 يتعرض فريق جوردان-فورد المشارك في بطولة العالم للفورميولا وان لموقف حرج بعد سجن السائق الثاني بالفريق برتراند جاشوت قبل ساعات من سباق بلجيكا.

يقوم ويلي ويبر مدير أعمال عدد كبير من سائقي الفورميولا وان بتقديم شاب يبلغ من العمر 22 عاما إلى صديقه إيدي جوردان مدير فريق جوردان مؤكدا له أنه موهبة من الصعب أن تتكرر مرة أخرى ، ويضطر جوردان إلى إشراك السائق الشاب الذي فاجأ الجميع بالحصول على المركز السابع في التجارب التأهيلية ولكنه فشل في إكمال السباق ويخرج مبكرا.

وفي ذلك الوقت تلتقط أعين الإيطالي فلافيو برياتوري مدير فريق بينيتون-رينو ذلك الشاب ويوقع معه عقدا لينتقل إلى فريقه لتعرف سباقات الفورميولا وان مولد الأسطورة الألمانية مايكل شوماخر.

شوماخر هو بالتأكيد أنجح سائق عرفه تاريخ الفورميولا وان منذ بدايتها عام 1950 وهو في الوقت ذاته السائق الأكثر جدلا بسبب تصرفاته داخل الفورميولا وان وليس خارجها فبداخله يكون ملاكا خارج السباقات ولكن إذا وضع قدمه في سياراته يتحول إلى شخص آخر.

فالأسطورة الألمانية خارج عمله إنسان هادئ يفضل الحياة بجانب أسرته وأولاده بينما هو داخل السباقات إنسان مثير للجدل قد يفعل أي شيء ليصل إلى خط النهاية فائزا ، وربما تفوق على ما فعله زين الدين زيدان في المباراة النهائية لكأس العالم أو الأرجنتيني دييجو مارادونا.

وتوجد بعض المشاهد تستطيع إبراز مدى التناقض النفسي الذي يعيش فيه شوماخر فهذه هي ثمانية مشاهد من حياة الألماني قد لا يريد استعادتها مرة أخرى.

المشهد الأول :

المكان : حلبة إيمولا
التوقيت : الأول من مايو 1994

يتعرض الأسطورة البرازيلية إيرتون سينا لموقف حرج في أول سباقين في الموسم في البرازيل وفي اليابان بعد خروجه من السباقين في حين فاز شوماخر بالسباقين ليتصدر بطولة العالم مبكرا ويبدأ القلق يسيطر على بطل العالم ثلاث مرات.

يبدأ شوماخر سباق سان مارينو في المركز الثاني خلف سينا وفي اللفة الخامسة يفقد البرازيلي السيطرة على السيارة ويخرج من السباق ويصطدم بالحائط ويتوقف السباق لنقل سينا بالطائرة إلى المستشفى وبعودة السباق يفوز الألماني وفي المؤتمر الصحفي قال : “لقد توقعت أن أرى سينا يخرج من سيارته ليشتبك معي ليؤكد أنني المسئول عن خروجه من السباق كما فعل في البرازيل واليابان”.

ولكن بعد ساعات من المؤتمر وصل الجميع خبرا صعبا فقد توفى سينا في الحادث الذي تعرض له ليظهر الوجه الآخر لشوماخر فجاءت تصريحاته : “بعد وفاة سينا كنت أنام بالكاد ساعتين أو ثلاثة فقد أريده أن يتواجد دائما فكيف أشارك في السباقات في الوقت الذي لا يوجد فيه سينا”.

المشهد الثاني :

التوقيت : نهاية موسم 1995

شوماخر يتوج بطلا للعالم للمرة الثانية مع فريق بينتون بقيادة برياتوري ويتوقع الجميع أن يستمر مع الفريق لموسم أو موسمين على الأقل كتكريم للفريق الذي أعطى شوماخر سيارة ليست هي الأفضل بين سيارات الفورميولا وان ولكن الفريق قام بعمل شاق طوال موسمين.

وفي ذلك الوقت يأتي قرار شوماخر بالانتقال إلى فريق فيراري الذي كان يعاني بشدة ، ويحاول أبناء الحصان الطامح بناء فريق جديد بعد استقدام روس براون وجون تودت ويتساءل الجميع “كيف يستطيع شوماخر أن يترك فريقا يعتمد عليه”.

المشهد الثالث :

المكان : حلبة خيريث
التوقيت : 26 أكتوبر 1997

يتصدر شوماخر بطولة العالم للسائقين بفارق نقطة واحدة عن الكندي جاك فيلينوف ويحتاج الألماني لاحتلال مركز متقدم عن سائق فريق ويليامز ليحصل لفريق فيراري على أول بطولة منذ الجنوب أفريقي جودي شيكتر عام 1979.
وقبل عدة لفات من النهاية يتثدم فيلينوف على شومي الذي يحاول الاصطدام بالكندي وإخراجه من السباق والفوز ببطولة العالم ولكنه خرج من السباق ويأتي قرار الاتحاد الدولي بخصم جميع نقاطه ويفوز فيلينوف ببطولة العالم للمرة الأولى والأخيرة ليتأكد للجميع هاجس الفوز لدى شوماخر والذي أكده هلموت أوول محرر مجلة بيلد الذي أكد أنه رأى غضب غير طبيعي في عيون الألماني بعد خسارته دورة تنس طاولة في فريق بينتون عام 1995.

المشهد الرابع :

المكان : حلبة مونزا
التوقيت : 10 سبتمبر 2000

“إنه يستطيع البكاء” هكذا قالت جماهير الفورميولا وان العريضة وهي ترى الألماني يبكي للمرة الأولى في تاريخه أمام كاميرات التليفزيون بعد فوزه بسباق إيطاليا وتحطيمه الرقم القياسي المسجل باسم سينا في عدد مرات الفوز بالسباقات لينهار في المؤتمر الصحفي غير مصدق أنه حطم الرقم القياسي لأسطورته الذي طالما عشقه لتستمر حيرة متابعي الفورميولا .. هل هو ملاك أم شيطان؟

المشهد الخامس :

المكان : حلبة إيمولا
التوقيت : 20 أبريل 2003

يتلقى شوماخر نبأ وفاة والدته قبل السباق بيوم واحد ليسافر إلى ألمانيا ليحضر جنازة والدته ويعود إلى الحلبة ليحقق الانتصار الأصعب في تاريخه ويعتذر عن حضور المؤتمر الصحفي مطالبا الجميع بتفهم موقفه ومدى حزنه ويعود للبكاء في غرفة مغلقة حتى لا يراه أحد.

المشهد السادس :

التوقيت : بعد كارثة تسونامي

قرر شوماخر التبرع بمبلغ عشرة ملايين دولار من أجل بناء مدارس ومستشفيات للأطفال الذين تضرروا من كارثة تسونامي ليواصل الألماني مسلسل التناقض بين حياته خارج الفورميولا وان وداخلها.

المشهد السابع :

التوقيت : موسم 2006

مع نهاية موسم 2005 يطالب الجميع شوماخر بالاعتزال بعد الأداء السيء لفريق فيراري وخسارته بطولتي السائقين والصانعين وفوزه بسباق واحد فقط في أمريكا بسبب عدم مشاركة الفرق التي تستخدم إطارات ميشلان.

ولكن الألماني يأبى أن يعتزل ليعود بقوة بمساعدة فريق فيراري إلى الفوز وينافس على بطولة العالم ولكن بعد سباق اليابان يؤكد أنه لن يستطيع الفوز ببطولة العالم بعد اتساع الفارق بينه وبين ألونسو إلى عشر نقاط قبل نهاية البطولة بسباق واحد فهل هو خبث الشيطان أم الأعتراف بالهزيمة.

المشهد الثامن :

كثيرا ما عانى زملاء شوماخر بالفريق من نقد الصحافة بسبب وجودهم في ظله وعدم قدرتهم على هزيمته ولكن بالرغم من ذلك فإن البرازيلي روبنز باريكيللو زميل شوماخر لأكثر من خمسة مواسم أكد أن الألماني يحصل على مساعدات من فيراري لا يحصل هو عليها والدليل على ذلك أوامر الفريق بتفويت شوماخر في اللفة الأخيرة لسباق النمسا عام 2002 على الرغم من إنه تصدر السباق منذ البداية.

وهو عكس مع قاله البرازيلي فيليب ماسا ، فعلى الرغم من أنه قضى موسما واحدا مع شوماخر فقد أكد أن من لا يعمل معه أو لا يراه يعمل فقد خسر جزءا كبيرا من متعة الفورميولا وان.

المشهد التاسع :

المكان : حلبة إنترلاجوس بالبرازيل
التوقيت : 22 أكتوبر

شوماخر أمامه سباق واحد ، بحاجة إلى الفوز بكل النقاط وألا يحصل سائق يصغره بـ12 عاما على أية نقاط ، لا أحد يعلم بعد ما الذي سيحدث ، ولكن شومي إما أن يكون شيطاناً فائزاً أو ملاكاً خاسراً او بطلاً باستحقاق ، الإجابة في إنترلاجوس يوم الأحد.