اذا كان (فن الطبخ) قد بلغ مستوى عاليا من الجودة و اللذة ، فهذه مسالة تتعلق (الشكل) دون (الموضوع) ، لاننا اعتدنا على التفنن في اعداد اطعمتنا وفي ابتكار انواع و اشكال شتى لها ، ولكن الامرالمهم الذي نسيناه ، هو ان تناول الطعام شيئ ، وتناول (الغذاء) شيئ اخر.

صحيح اننا نقيم اودنا بما نتناوله من طعام .. وصحيح اننا نلمس نتائج صحية واضحة بسبب هذا الطعام ، ولكن ليس معنى ذلك اننا جنينا الفوائد المطلوبة منه كاملة ، واننا اعطينا اجسامنا كل ما هي بحاجة اليه من الغذاء الكامل يحوي الفيتامينات كما يحوي الاملاح المعدنية ، ويضم المواد البانية للجسم مثلما يضم المواد الواقية له من الامراض المختلفة.

فاعداد الطعام وحفظه ، وتحقيق الفائدة منه ، كل هذه نقاط رئيسية تعتمد – الى حد كبير- على ادراكنا لطبيعة المواد ، وطرق حفظها والاستفادة منها.

فمن الضروري ان نحافظة على القيم الغذائية الموجودة في الاطعمة، كالبروتئين
والكالسيوم والحديد ، والفيتامينات وبشكل خاص فيتامين (ا) وفيتامين (ج)، وانواع الفيتامينات الثلاثة المسماة (تيامين) و (ريبوفلافين) و(نياسين) .وهذه المواد المغذية يمكن ان توجد في أي وجبة غذائية معتدلة ، ولكن ليس معنى هذا ان توفر هذه الوجبة-وحدها-يستطيع امدادنا بكل ما نحن بحاجة اليه من غذاء.

ولا بد من نلم بطرق حفظ الطعام ، لتلافي تخرب فيتاميناته ومعادنه . فالحليب الذي يحتوي على الكالسيوم ، والفيتامين ، والريبوفلافين والبروتئين ،يجب ان يحفظ مبردا وبعيدا عن الضوء ، لان هذا يفسد الريبوفلافين .

واللحوم والاسماك ، والحبوب الجابة ،والبيض ، تمدنا بجانب غير قليل من البروتئين ، ويمكن الاحتفاظ بهذا البروتئين اثناء الطبخ ويضيع اذا نقع الطعام او صفي، كما تتلف الحرارة -بشكل عام –اكثر انواع الفيتامين، ولذا فان وسيلة الاحتفاظ بالفيتامين هي تحاشي تعريضه للحرارة اللتي تفقدنا اياه وذلك بتغيير طريقة الطهو .

ونحن نعلم كم تحتوي الحبوب -عموما-على عناصر غذائية يمكن الاحتفاظ بها بسهولة اكثر من غيرها ، ولكن بعضها يفقد جانبا من هذه العناصر ، بسبب طريقة الطهو ، فالخبز المحمص يفقد بعض فيتاميناته ولذا فيجب تحميصه باقل حرارة ممكنة ، كما ان الارز يجب ان لان بالغ في غسله، والا نكثر من الماء الذي يطها فيه .

و الفواكه مصدر ممتاز للفيتامينات والاملاح المعدنية ، ولكن اكثر هذه المواد تضيع اذا مضى زمن على تلك الفواكه دون ان تامن شروط الحفظ الجيدة .وكما كانت الخضار والفواكه التي ناكلها طازجة ، استطعنا ان نتناول غذاءا غنيا بالفيتامينات والاملاح. كما ان حفظها بطريقة التثليج و التبريد يتيح لنا فرصة اكبر للافادة من محتوياتها المغذية .

اكثر الخضروات النيئة يمكن ان تحفظ بالتبريد ، ولكن لبعضها شروط خاصة لكي تحتفظ بفوائدها المغذية ، فالخضروات ذات الاوراق القاتمة كالخص والهليون يجب ان توضع في ابرد مكان بعد لفها بقطعة قماش مبتلة، بينما تحتاج الفاصوليا والبازلا والبندورة الى برودة اقل ، وبالنسبة للبندورة لا يجوز انضاج الخضراء منها بوضعها في مكان حار او بارد ، فهي ادا وضعت في مكان بارد اصبحت لينة ذات قوام مائي لا طعم له ، وخير طريقة لانضاجها هو وضعها في وسط مضيىء بحرارة تتتراوح بين 60- 75 درجة ، واذا ماحفظنا البندورة الناضجة في غرفة ذات حرارة معتدلة ، فانها تبقى لمدة اسبوع دون ان تفقد كثيرا من فيتامينهاتها ، اما اذا نضجت كثيرا فانها تصبح اكثر قابلية للتلف .

وتحتفظ الثمار الدرنية ، كالبطاطا و الجزر والكرنب والخضار التي تنمو تحت الارض ، بقيمتها الغذائية اذا وضعت في وسط بارد ، وخير انواع البطاطا ما كان صغيرا وطازجا ، فهي مورد ممتاز للفيتامين (ج).

اما البرتقال و الثمار الحمضية ، فانها تحتفظ بمحتواها من الفيتامين (ج) اذا وضعت في حرارة عادية ، ويمكن حفظ عصيرها اذا وضع في براد ضمن وعاء مغلق.