الفصاحه في الكلام عند الخطيب خلوصه من ثلاثه أشياء: ضعيف التأليف وتنافر الكلمات ،والتعقيد، فإذا خلا الكلام من هذه الثلاثة كان فصيحاً ،ولكن لا بد فيه مع ذلك من فصاحة كلماته التي تتألف منها ،بخلوها هي أيضاً مما يخل بفصاحتها ،فإذا لم تخل ممل يخل بفصاحتها لم يكن هو أيضاً فصيحاً.

ضعيف التأليف:
وضعف التأليف أن لا يكون الكلام جاريا على قانون النحو المشهور،بأن يكون هناك قولان فيجرى على الضعيف فيما ،كعود الضمير على متأخير لفظاً ورتبة في قول حسان بن ثابت:
ولـــــــو أن مجــداً أخلـــــدَ الدهــــــرَ واحــــــداَ
………………من النــــاس أبقـــــى مَجـــدهُ الدهـــــرَ مُطعمِــــا
وقد أجاز ابن ماللك ذلك قياسا على إجازتهم له في باب نعم وبئس وضمير الشأن وغيرهما، ومن ذلك وصل الضمير بإلا في قول الشاعر:
ليــس إلاك يا على هُمــامٌ … سيفــهُ دون عِرضــهِ مسلول ُ
ومنــه نصب المضــارع مع حذف “أن” في قول طرفه بن العبد:
ألا أيهذا الزا جِـرى أخضُرَ الوغـى …وأن أشهــد اللذاتِ هـل أنت مُخلدِى

ضعيف التأليـف لا يخــل بالفصــاحه :
وقد يكون تشديد الخطيب إلى هذا الحد في أمـر الإعراب واشتراطه في فصاحة الكلام أن يجرى على قانون النحو المشهور نتيجة تساهل قوم قبله في أمر الإعراب، ومنعهم أن يكون إعراب الكلام شرطاً في فصاحته،وقد عنى أبن سنان الخفاجي بالرد عليهم،ولكنه لم يشدد في مراعاة الإعراب هذا التشديد الذي سلكه الخطيب، ولعل التوسط في ذلك خير من التشديد فيه،فلا يكون مراعاة مذهب الجمهور شرطاً في فصاحة الكلام، بل يكفي مراعاة ما يجوز في ذلك وإن لم يكن هو المذهب المشهور،وقد جاء في القرأن الكريم قراءات كثيره على غير مذهب جمهور النحاة قوله تعالى 🙁 قالوا إن هذانِ لَساحرانِ يرايدانِ أن يخرجاكم مِن أرضكم بسحرِهما ويذهبا بطريقتكم المثلى)”سورة طه الأيه رقم 63″ فقد جرى في بعض القراءات على لغة من مجرى المثنى باللألف في أحواله الثلاث ،وهي لغه مشهوره لكنانة وقيل لبني الحارث: “لا قبح الا فيما يجيزه النحو اصلا”
فمثل هذا إذن لا يصح أن يؤثر في فصاحة الكلام ،وإنما يجب أن يقصر ذلك على ما لا يجيزه النحو أصلا كحذف الإعراب في قول أمرىء القيس:
فاليوم أشربُ غيرَ مستحقب … إثما من الله ولا واغِــلِ
وكتحريك ياء المنقوص المجرور في قول الشاعر:
ما إن رأيتُ ولا أرى في مدتي … كجواري يلعبنَ في الحراءِ