الرئيسية منتديات مجلس الفقه والإيمان بين الـذوق واليقيـن

مشاهدة 4 مشاركات - 1 إلى 4 (من مجموع 4)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #55070

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله ومن والاه ؛
    دخل علي احد طلاب العلم وهو يقول : استغفر الله العظيم استغفر الله العظيم آمنت بالله ورسله اللهم لا تجعل مصيبتي في ديني ، قلت : اراك مُحرَجا فماذا ؟ قال : وقفت امام هذه الاية { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } قلت : وما اشكل عليك منها ؟ قال : معاذ الله ان اشك في ايمان ابراهيم عليه السلام لكن كيف لم تحصل له الطمانينة مع علمه بالله سبحانه وتعالى ! قلت : يرحمك الله يا اخي هنالك فرق بين الذوق واليقين . قال لست ادري ما تعني . قلت : اليقين والعلم والادراك والمعرفة كلها كلمات مترادفة ومعناها التصديق الجازم الذي لا يتطرق اليه الشك ، كما تقول : الليث الهزبر الضيغم الهيثم … الخ ومعناها كلها الاسد ، وان قال بعض علماء اللغة : لا تَرادُف في اللغة العربية ، فهم يعنون فوارق بسيطة في صفات المسمى كالاسد الشاب والاسد الكبير في السن والاسد الذي له لبدة كبيرة والاسد الاجرد ، وكذلك اسماء السيف وكذلك اسماء الرمح والا فالترادف موجود في اللغة العربية قال في السلم :
    ونسبة الالفاظ للمعاني خمسة اقسام بلا نقصــــان
    تواطئ تشاكك تخالف والاشتراك عكسه الترادف
    فالانسان تولد معه جميع غرائزه لكن عقله صفحة بيضاء من حيث العلم قال سبحانه : { وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ }فالعلم يصل الى العقل بثلاثة طرق فقط : 1- الحواس الخمس وترجم الله سبحانه عنها بالأبصار لانها اكثر الحواس تذوقا للمعلومات واكثر الحواس جلبا للعلوم المحسوسة . 2- السمع وان كان هو احد الحواس الخمس الا ان الله سبحانه عنى به المسموعات وهي اكثر المعلومات فائدة للانسان ولذلك بدأ بها والدليل على ذلك ان اكثر العقائد التي يعتقدها المسلم سمعية ، والعقيدة هي سبيل السعادة في الدنيا والاخرة ، وقال ان معرفة الله التي هي اهم من كل شيء آتية عن طريق المشاهدة للمخلوقات العجيبة وهي تدرك بالبصر قال سبحانه : { أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } الى اخر الايات وقال سبحانه : { أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا }الى اخر الايات . قلت كانوا يرونها ويعبدون الحجارة فلما جاء الوحي من الله بالهدى كانت دليلا على الله سبحانه وتعالى . قال : وهذا والله عجيب فلم ذلك ؟ قلت : لان الانسان يرى في نصف دائرة طولا ونصف عرضا هذا ببصره ، اما العقل فهو اضيق من ذلك فانت اذ اردت ان تدخل خيطا في ثقب ابرة في تلك اللحظة اين يكون تفكيرك كله ؟ قال : في ثقب الابرة . قلت : وهل يخطر ببالك في تلك اللحظة شيء من العلم غير ذلك ؟ قال : لا . قلت : فالعقل لا يفكر في موضوعين في آن واحد ، فالعرب كانوا مشغولين عن هذا التفكير بمصالح الحياة الدنيا حتى نزل الوحي الرباني على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفت انظارهم الى صانع هذه النعم وحوّل عقولهم عن الانهماك في هذه النعم والتفكر في طرق جمعها والتفنن بالاستمتاع بها الى التفكر في صانعها ومعرفته عن طريق ملاحظة حكمته واتقانه سبحانه وتعالى لكل جزء فيها . فالعقل الذي ينحصر بعض الوقت في ثقب الابرة يمكن ان تنقضي جميع ايامه وهو مشغول بمصالحه دون الاهتداء الى خالق الكون ولذلك لم يستغن الناس عن الرسل الذين لفتوا انظار الناس الى : 1- صانع الكون وانه عليم خبير وانه لا يظلم احدا … الخ . 2- إخبار الناس بالقيامة والحساب والجنة والنار والملائكة والعلوم التي لا يمكن للانسان استخراجها من تلقاء نفسه .3- الحلال والحرام والحكم بين الناس واحكام الصلاة والزكاة والصيام وجميع طرق التقرب الى الله والى ما تقوم به مصالح العباد من عدل وصلة رحم وامن وامانة وحسن خلق … الخ .
    وهذه الامور كلها لا يستغني الانسان فيها عن تعاليم الله سبحانه وهي اضر الضروريات للانسان اذ لا يستقيم امره ولا يصفو عيشه وروحه الا بها وانما وصلت الينا عن طريق السمع ، اذن فالسمع انفع من البصر ، قال : فنحن نقرأ الكتب المتضمنة لهذه العلوم بابصارنا . قلت : الحرف نائب عن الصوت وهو اصطلاح تعارف عليه الناس فيما بعد ولذلك يشكل على بعض الناس كيف نحن الامة المتاخرة صناعيا تكون عقيدتنا صحيحة والامم التي تصنع الصواريخ الموجهة والمخترعات العجيبة تكون عقائدها فاسدة ! والجواب على ذلك ان الذي يصنع الصاروخ لا يعرف في الطب والزراعة شيئا وذلك لانحصار فكره في جهة معينة .
    وكذلك الذي يتقن اصعب العمليات الجراحية لا يعرف في غير مجاله الكثير وكلاهما لم يلتفت الى تعاليم الرسل ولم يناقشها عقليا كما يناقشها المسلم فلا غرابة انهم جهلوا ونحن اصبنا في العقائد . واما سبب تاخرنا صناعيا فليس بسبب تمسكنا بالدين ولكن ساحدثك عنه ان شاء الله حديثا مستقلا ولنعد الى حديثنا .
    الطريقة الثالثة التي يصل بها العلم الى العقل هي الاستنتاج والقياس ، واضرب لك مثلا : اذا مررت انا وانت على اثار مدينة قديمة ومعنا قطيع من الانعام ، اما الانعام فانها تاكل الكلأ وترى الحجارة بابصارها ولا تفهم شيئا ، واما انت وانا فنقول : من بنى هذه الحجارة ؟ لا شك انه كان فيهم المهندسون المهرة حتى استطاعوا رفع هذا البناء العجيب ، لا شك انهم كانوا على جانب رفيع من الفن حتى اتقنوا هذه النقوش المدهشة اذن كان عندهم استقرار حتى تمكنوا من ذلك ، وايضا كان لهم نظام ودولة حتى حصل الاستقرار والتعاون ، اذن هذه العلوم كلها قطعية ، وانما وردت اليناعن طريق الاستنتاج العقلي وهي علوم قطعية وليست ظنية وهذا معنى قوله سبحانه وتعالى { وَالأَفْئِدَةَ }والمراد الفكر السليم .
    قال جزاك الله خيرا . ففسر لي معنى الاية . قلت لا بد لك بعد ان عرفت ان العلم يصل الى العقل بالطرق الثلاثة وهي : 1- النقل القطعي يعني التواتر ومساعديه ظن او شك او وهم ، واطلاق كلمة علم على هذه الاصناف الثلاثة تجوزا . 2- الحواس الخمس . 3- القياس والاستنتاج العقلي .
    فالان يجب علي ان ابين لك الفرق بين الذوق واليقين : واما الذوق فهو معرفة الكيفية فانه لا يحصل الا بالحواس الخمس مثال : انا عشت في قرية لا كهرباء فيها ولما دخلت المعهد الشرعي في دمشق وجدت كهرباء ، قال لي احد الطلاب : هل في بلدكم كهرباء ؟ قلت : لا . قال : فلا تضع يدك على الاسلاك العريانة فان الكهرباء تؤلمك . فلم اقتنع بذلك . رأى زميلي انني لم اقتنع بذلك فاستشهد بالاخوان كلهم ، هرع الي بدهشة وحماس وحذرني من ملامسة الكهرباء عند ذلك ايقنت بان الكهرباء تؤلم ولم يبق عندي شك في ان الكهرباء تؤلم لكن اخذت افكر كيف هو ايلام الكهرباء وسيطر هذا الفكر علي واشتد شوقي الى معرفة كيفية الايلام واخذت اسال اخواني كيف ايلام الكهرباء هل هو كالحرق بالنار ؟ قالوا : لا . قلت : هل هو كالجرح بالسكين ؟ قالوا : لا . قلت : هل هو كالرضخ بالحجر ؟ قالوا : لا . وهنا اشتد شوقي الى معرفة كيفية ايلام الكهرباء فوضعت اصبعي مكان زجاجة الكهرباء ( اللمبة المضيئة ) فنفضت يدي تلك النفضة العجيبة المؤلمة . اتدري يا اخي لقد كان تألمي بالكهرباء اهون علي من تالمي لعدم معرفتي لكيفية ايلام الكهرباء لان حب الاستطلاع غريزة في الانسان يجب اشباعها وتتالم لجوعتها ومثل ما حدث لسيدنا ابراهيم عليه السلام اعلمه الله سبحانه انه يحيي الموتى فلم يبق عنده شك بذلك لكن احياء الميت شيء لم يعهده ابراهيم عليه السلام وهو امر اعجب من عجيب فاخذت نفسه تتشوق الى ذلك الشيء العجيب فقال : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى } فاجابه الله سبحانه { أَوَلَمْ تُؤْمِن } يعني اما يكفيك انني مننت عليك بعلم لم يكن يطرأ لك على بال { قَالَ بَلَى } نعم ، ربي لك الفضل والمنة { وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } وليستريح من هذه الرغبة وهذا الشوق المزعج الذي لا يهدأ الا بإروائه وهو مشاهدة الكيفية حتى اتذوقها عن طريق الحواس كما آمنت بها عن طريق الإخبار منك يا رب وانت اصدق القائلين فاستجاب له الله سبحانه وهو ارحم الراحمين . والحمد لله رب العالمين .

    الشيخ محمد علي سلمان القضاه عليه رحمة الله

    #677085

    مشكور عزيزى على هذا الموضوع وتحليلك للفروق بين الحواس

    مع تحياتى

    #679901

    الله يجزيك الخير اختي مهرة الشرق
    اخوكم

    #684791

    الحمد لله رب العالمين

مشاهدة 4 مشاركات - 1 إلى 4 (من مجموع 4)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد