ترجع الأهمية البالغة في توفير الحماية الجزائية للحاسب الآلي نتيجة لدخوله شتى نواحي الحياة حيث أصبح العالم قرية صغيرة وأصبحت ثقافات الأمم والشعوب مفتوحة على بعضها البعض وكان الحاسب نواة لهذا التطور العظيم حيث يستطيع الشخص معرفة ما يحدث من حوله في ثوان,وقد رافق هذا الانتشار ظهور صور جديدة من الجرائم,وذلك ليس فقط لان الحاسب يلعب دورا هاما في كونه وسيله متطورة لارتكاب الجرائم بفاعلية وسرعة وإنما لكونه أيضا البيئة التي ترتكب فيها الجرائم,إلى جانب امتداد هذه الجرائم لعدت دول فجرائم الحاسب الآلي تعرف بأنها جرائم عابرة للحدود.
إن الحاسب الآلي يقسم إلى كيان مادي وكيان معنوي وما يهمنا في هذا الصدد هو الجانب المعنوي للحاسب أي البرامج والمعلومات لان الجرائم لم تعد تقتصر على الجانب المادي للحاسب أو ما يعرف بال(Hardware)أو القطع المكونة للحاسب الآلي- ولا خلاف هنا في تطبيق قانون العقوبات فيما يتعلق بالجرائم الواقعة على الأموال- لكن الاعتداء امتد ليشمل الجانب المعنوي أو ما يسمى ال(Software)كالبرامج والبيانات المخزنة.
بناءا على ذلك يمكن تقسيم جرائم الحاسب الآلي إلى قسمين يشمل الأول: الجرائم الواقعة على الحاسب أي التي يكون فيها الحاسب بمكوناته المادية والمعنوية محلا للجريمة,أي انه إلى جانب الجرائم التقليدية التي تقع على الحاسب بمكوناته المادية فهناك أيضا جرائم تقع على الجانب المعنوي وتتمثل في الاعتداء على حقوق منتج البرامج بشقيها الأدبية والمالية ويكمن إدراجها تحت مسمى القرصنة وادرج عدت صور لها كالتقليد والنسخ غير المشروع و إتلاف البرامج وتدميرها كليا أو جزئيا بالفيروسات الإلكترونية والقنابل المعلوماتية والتي تحدث إضرار جسيمة بالحاسب الآلي سواء في الجانب المادي أو المعنوي منه,أما القسم الثاني:فيشمل الجرائم التي يكون الحاسب فيها وسيلة في ارتكابها كالجرائم المتعلقة ببطاقات الائتمان والتزوير والاحتيال..وغيرها,وما يهمنا في هذا الصدد القسم الأول هو الجرائم المرتبطة بالإخلال بحقوق المؤلف,حيث أن برامج الحاسب الآلي من المصنفات المحمية وفقا للمادة10من اتفاقية تربس والمادة 3/8 من قانون حماية حق المؤلف الأردني رقم 78لسنة 2003 ولا يفوتني هنا أن اذكر أن المملكة العربية السعودية هي أول دولة عربية أولت الرعاية لبرامج الحاسب الآلي,فقبل صدور نظام حماية حق المؤلف لم تكن هناك إشارة بعد لحقوق التأليف إلا في نظام المطبوعات والنشر السعودي إلا إن المديرية العامة للمطبوعات بوزارة الإعلام قامت بتسجيل برامج الحاسب الآلي مصنفا أدبيا محميا وفق المادة (20)من هذا النظام إلا أنها عادت وأصدرت نظام حماية حق المؤلف وشملت برامج الحاسب في البند العاشر من المادة الثالثة منه.
من هنا كان لا بد من تحديد مدى كفاية القوانين الجزائية وقوانين حماية حق المؤلف في مجال تناول برامج الحاسب بالحماية والإحاطة بكافة جوانب الجرائم الوقعة عليها,وهذا ما نلاحظه فعلا في قانون حماية حق المؤلف الأردني الذي نص منذ نشأته على حماية برامج الحاسب الآلي إلا انه لم يشير إلى نصوص تجريمية تتصدى للجرائم المستحدثة في بيئة الحاسب سواء من حيث تحديد السلوك المجرم ومدى العقوبة وتحديد الفاعل بالإضافة إلى بيان أركان الجريمة وفق نموذج محدد وحيث أننا نلاحظ القصور الشديد في نصوص الحماية الجزائية لبرامج الحاسب الآلي في قوانين حماية حق المؤلف والقوانين الجزائية المقارنة وخاصة فيما يتعلق بالإجراءات الخاصة بحماية هذه البرامج وجمع الأدلة وحجتها وإجراءات المحاكمة والتحقيق,والتي تتطلب معرفة تقنية بالحاسب الآلي ومعرفة آلية عمله من قبل أفراد الضابطة العدلية وأعضاء التحقيق وكذلك القضاة لذلك كان لابد من العمل على تطوير نصوص قانون حماية حق المؤلف والقوانين الجزائية وما يتلو ذلك من تطبيقات عملية من إجراءات التحقيق والمحاكمة وزيادة كفاءة القضاة والكوادر الأخرى صاحبة الصلة مجال الجرائم الواقعة على برامج الحاسب الآلي لأننا بحاجة دائما إلى ذلك طالما أن هناك أساليب وطرق جديدة للاعتداء تتطور يوما بعد يوم إلى جانب التطور العلمي والتكنولوجي الذي يصحبه دائما أشخاص من ذوي النفوس الضعيفة,إذ لا بد من سن المزيد من التشريعات التي تكفل أقصى الحماية لمبدع البرامج وأقصى عقوبة للمعتدي , إلى جانب التواجد على الساحة الدولية للاطلاع على المستجدات العالمية فيما يتعلق بحماية برامج الحاسب الآلي والإسراع إلى تطبيق كل ما هو جديد ليتلاءم مع الحاجات الدولية .dama