مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #53560

    موقف مضحك وطريف

    «في بلادنا شتاء قصير، وطوال العام صيف وليس فيه ربيع مزهر ولا حتى خريف فكيف أصف ما لا أرى، وإن فعلت سيكون موقفي مضحكا وظريفا!».

    ظننت أنها قطعة شعرية مميزة في درس المحفوظات فهي ولأول مرة قصيدة فيها منطق وعقلانية، إلا إن غادة ابنة أختي التي سمعتها تنشد هذه الأبيات، قالت لي انها دور مسرحي في نشاطها المدرسي، فهي تقوم بدور البنت المشاغبة التي تتهرب من طلب معلمتها في كتابة وصف عن الربيع.

    فهل حقا يجوز لغادة أن توصف بالبنت المشاغبة لأنها قالت: فكيف أصف ما لا أرى؟ نعم مشاغبة لأنها خارجة عن نص المنهج، فمناهجنا تقوم منذ تأسيسها على مبدأ هام هو وصف ما لا ترى، وهي بهذا تهتم بدور هام، هو توسيع ملكة الخيال، حتى صار طلابنا وطالباتنا يعيشون في بحر كبير من الخيال، ما أن يخرجوا منه حتى يفتح كل واحد منهم فمه واسعا عند كل تجربة، ولهذا سمعتم فيما بعد، بمشكلة اسمها (مخرجات التعليم لا تلبي حاجة سوق العمل).

    والسبب أن مناهجنا تعتمد على وصف ما لا ترى، وأنا هنا لا أقصد دروس الزكاة التي يحفظها الطلبة عن ظهر قلب في الصفوف الابتدائية، عن نصاب الإبل، وسؤال إذا كان عندك خمسون رأساً من الغنم فما هو مقدار الزكاة فيها؟

    ولا أسال عن تلك العبارات والكلمات الموجودة في المعلقات الشعرية الخاصة بالعصر الجاهلي التي على الطلبة والطالبات أيضا ان يحفظوها، والتي لو سألت طالبا عن معناها لفتح فمه واسعا. وقال لك: كيف أصف ما لا أرى؟

    إن كل سؤال يخالف النص، ولا يحفظ عن ظهر قلب، ويعتمد على تحليل عقلي أو استنتاج، لرتق شق الذاكرة، الذي سقطت منه الكلمة في النص سوف تشطب ويوضع للطالب صفر.

    اشتكت لي أم، أن ابنتها نالت علامة صفر على جواب يسأل بأي اتجاه نصلي؟ فنسيت الطالبة كلمة «القبلة» فوضعت بدلا منها باتجاه مكة، وطبعا الإجابة خطأ. أما ما هو أطرف، فسؤال أين تقع صحراء الربع الخالي؟ ولأن الطالب الكسول لم يحفظ الدرس فقد أجاب ما ملاه عقله عليه، فقال في الخريطة! فحصل بامتياز على صفر، وليس للطلبة الذين يتفلسفون بأجوبة اجتهادية من عندهم إلا أن يغني كما في دور الطالبة الكسولة، كيف أصف ما لا أرى، وإن فعلت سيكون موقفي مضحكاً وظريفاً!

    جريدة الشرق الأوسط

    الأخبار القديمة

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد