الرئيسية منتديات مجلس المال والإقتصاد إدارة الأزمة المالية في ظل التجربة الاسيوية

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #52547
    ased_dz120
    مشارك

    إدارة الأزمة المالية في ظل التجربة الاسيوية

    لصاحبها :د.محمد علي ابراهيم العامري

    طبيعة الازمة المالية الاسيوية
    بدأت الازمة الاسيوية عام 1997 في سوق العملات، ازمة سيولة مؤقتة، لكنها تحولت بعد ذلك الى ازمة مالية واقتصادية ذات ابعاد سياسية خطيرة-الى حد كبير- بسبب السياسات غير المرنة لأسعار الصرف، وشركات مدينة اكثر من اللازم، وقطاع مصرفي ضعيف،
    وقروض كبيرة وقصيرة الاجل بالعملات الرئيسة للحكومات، ولوائح مصرفية واشرافية غير كافيتين بصفة عامة وضوابط مصرفية داخلية متراخية، وتقييم غير صارم للمخاطر الائتمانية والسوقية، وكان يعتقد بصفة عامة، ان الحكومات لن تسمح بفشل المصارف، وإن الودائع مضمونة تماما، كما ان قطاع التصدير الذي اعتمدت عليه هذه الدول لتحقيق معدلات عالية لنموها الاقتصادي قد تعرض لهزة كبيرة اضعفت قدرته التنافسية، وذلك عندما قامت الصين عام 1994 بتخفيض سعر صرف عملتها . اما من حيث الاسباب التي ادت الى الازمة في كل دولة على حدة، فهي معروفة قبل سنوات من ظهورها، كالفساد في تايلاند، والمحسوبية في اندونيسيا، وضعف القطاع المالي في كوريا الجنوبية، الى ان الترابط بين اقتصاديات هذه الدول أدى الى سلسلة من ردود الفعل جعلت من الصعب احتواء الازمة، كما اسهمت سياسات الانفتاح، او ما يطلق عليه العولمة، وضعف الادارة، وازمة انعدام الثقة، وانخفاض سعر الصرف لعملات الدول الاسيوية، وضعف القطاع المالي فيها، مع قيام القطاع الخاص بزيادة اقتراضه من السوق الدولية بالعملات الاجنبية من غير ان يحمي نفسه من مخاطر اسعار الصرف بين ايراداته بالعملة المحلية والتزاماته بالعملات الاجنبية، وعدم وضوح العلاقات المالية بين حكومات كل من هذه الدول ومؤسسات القطاع الخاص فيها، لاسيما في المجال المصرفي، وقيام المؤسسات المالية في بعض البلدان الاسيوية بتوجيه نسبة كبيرة من التدفقات الرأسمالية، من غير اي غطاء من النقد الاجنبي، الى مشروعات تتسم بالمخاطرة لاسيما في قطاع العقارات، والافتقار الى الشفافية، في جعل اقتصاديات الدول (اندونيسيا، وكوريا الجنوبية، وتايلاند، وماليزيا) عرضة للازمة، ومن ثم تعميق الازمة وصعوبة التغلب على العقبات التي افرزتها.دروس الخبرة بالأزمات المصرفية
    في غالب الاحوال، أن الازمات المصرفية هي عبارة عن مزيج معقد ومتفاعل من حالات الضعف الاقتصادي والمالي والهيكلي. والباعث للكثير من الازمات هو بالاساس متغير اقتصادي كلي يتزامن في الاغلب مع الانسحاب المفاجئ لرأس المال الخارجي السائل من البلد. ان الازمات المالية تتضمن في الغالب ثلاث ازمات تتعلق بالعملات والقطاعات المالية بسبب”الحركة المتزايدة “ بين تدفقات رأس المال والسياسات الكلية ومؤسسات القطاع المالي والشركات الضعيفة. كما ان العلاقة بين ميزان المدفوعات والازمة المصرفية هي بالتأكيد ليست بالظاهرة الجديدة. وفي اغلب الحالات (وليس جميعها) فأن الازمات النظامية (مقارنة بفشل المصارف الفردية في النظام المستقر) تكون مسبوقة بتعديلات كبيرة على مستوى الاقتصاد الكلي وتؤدي في الغالب الى تحرك الاقتصاد صوب الانكماش (الركود الاقتصادي) بعد الانتعاش الدوري القوي السابق . وعلى الرغم من ان الازمات المالية غالبا ماتكون مسبوقة بتقلبات حادة بحالة الاقتصاد الكلي واسعار الموجودات الا انه من الخطأ حصر مثل هذه الازمات والحالات في عدم الاستقرار المالي وبعدم الاستقرار في الاقتصاد الكلي فقط. فعلى الرغم من عدم الاستقرار الكلي هو السبب في الغالب الا ان الازمات المصرفية تنشأ عادة بسبب عدم الاستقرار في الاقتصاد الكلي والذي يوحي الى وجود حالات ضعف في النظام المصرفي المتمثلة بالاقراض فوق الحد المطلوب وتحليلات المخاطر الضعيفة والرقابة الضعيفة.. الخ التي تسبق وقوع المشكلة (مرحلة الانتعاش المبكر في الدورة الاقتصادية). وتوحي مرحلة الانكماش الى الاخطاء السابقة والتفاؤلية المفرطة. والاخطاء في مرحلة الانتعاش تظهر في مرحلة الانكماش. ففي جنوب اسيا على سبيل المثال، فان النمو الاقتصادي الكبير عام (1997) اخفى تأثيرات سياسات الاقراض الخاطئ للمصارف.
    وهذه الصفة ليست محصورة بالاقتصاديات النامية والاقل تطورا. فقد اشار (koskenlyla 2000) الى أن التزايد المتسارع في الاقراض المصرفي كان العامل المساهم في الازمات المصرفية الاسكندنافية في بداية التسعينيات التي كان لها تأثير ايضا بارتفاع اسعار الموجودات الى مستويات ليس بالامكان المحافظة عليها وتزايد تفاؤل المصرفيين وأثرت على الاقتصاد الحقيقي عبر التأثير في الثروة فضلا عن التأثير المباشر بالطلب الكلي. وقد اوضحت التحليلات للأزمات المالية الاخيرة في كل من البلدان المتقدمة والاقل تقدما بأن حالات الفشل التنظيمي هي ليست مؤشراً على ان القواعد كانت خاطئة. بل انها كانت تشترك في خمس خصائص اساسية هي:

    1- انظمة تحليل وادارة ورقابة المخاطر الداخلية الضعيفة داخل المصارف.
    2- الاشراف الرسمي غير المناسب.
    3- الحوافز الضعيفة داخل النظام المالي عموما والمؤسسات المالية على وجه الخصوص.
    4- الافصاح المعلوماتي غير المناسب.
    5- ترتيبات حاكمية الشركة غير المناسبة للمصارف ولزبائنها من الشركات الكبيرة. وعلى الرغم من ان الازمات المصرفية من الممكن إن تنشأ من التطورات في الاقتصاد الكلي الا ان بيئة الاقتصاد الكلي غير المستقرة او غير المتنبأ بها هي ليست الشرط الضروري ولا الشرط الكافي لظهور الازمات المصرفية.

    وينشأ الفشل ايضا من العوامل الداخلية للمصارف والمتعلقة بفشل التنظيم والاشراف وقواعد ضبط السوق في المصارف. وهذا يعزز مفهوم النظام القانوني والمبادلات المحتملة بين المكونات. والمصارف من الممكن ان تفشل وحالات اعسارها بالامكان اخفاؤها داخل بيئة الاقتصاد الكلي المستقرة اذا ما كانت انظمة ادارة وتحليل المخاطرة الداخلية ضعيفة وكان هيكل الحوافز خاطئاً وان التنظيم والاشراف لم يكن ملائما وانضباط السوق ضعيفا وترتيبات حاكمية الشركة لم تكن موضوعة بشكل جيد. وعلى نحو مشابه فان المصارف بامكانها تجنب الاعسار حتى في ظل البيئة الاقتصادية المتقلبة.
    دروس حول معدلات الصرف والتدخل الحكومي
    لقد اوضحت الازمة الاسيوية للبنوك المركزية الدرجة التي يمكن للعملات ان تنخفض استجابة لانخفاض ثقة المستثمرين والشركات في قدرة البنوك المركزية في الحفاظ على استقرار عملتها المحلية. اذا كان المستثمرون والشركات يتوقعون ان تستطيع البنوك المركزية ان تمنع السقوط الحر لقيم عملاتها، لما قامت هذه الشركات بنقل ارصدتها الى دول اخرى.
    وقد تغيرت اسعار الصرف لبعض العملات الاسيوية بمقابل الدولار الاميركي خلال سنة واحدة من الازمة من حزيران 1997 الى حزيران 1998، وعلى وجه الخصوص عملات اندونيسيا-84%، ماليزيا-37%، كوريا الجنوبية-41%، تايلند-38% ، كما إن معدلات الفائدة هي الاخرى تأثرت استجابة الى تدفق الارصدة خارج الدول، وقد تغيرت معدلات الفائدة من حزيران 1997 (قبل الازمة بقليل) الى حزيران 1998 لعدة دول اسيوية، يمكن ان يفسر ارتفاع معدلات الفائدة الى التدخل غير المباشر الذي يقصد منه منع العملات المحلية من التدهور اكثر، او لمنع خروج الارصدة بشكل كبير خارج البلاد او منعا لكلتا الحالتين. وبشكل خاص ارتفعت معدلات الفائدة بشكل ملحوظ في كل من اندونيسيا 16-47%، ماليزيا 7-11%، وتايلند 11-24%، مقارنة مع مستويات ما قبل الازمة . كان للدول التي شهدت عملاتها المحلية انخفاضاً كان لها تعديلات نحو الاعلى. وبما ان الزيادة الواضحة في معدلات الفائدة (والتي تميل الى تقليص النمو الاقتصادي) قد يكون سببها التدفقات الخارجية للارصدة فأن ذلك يمكن ان يعزى جزئيا الى نقص ثقة المستثمرين والشركات في قدرة البنك المركزي الاسيوي على جعل عملتها المحلية مستقرة.
    واخيرا اوضحت الازمة الاسيوية مدى تكامل اقتصاديات الدول، خصوصا في فترات الازمة. وكما ان الاقتصاديات الاوروبية والاميركية قادرة على التأثير بالاسواق الناشئة، الا انها حساسة او سريعة التأثر بالاسواق الناشئة. وحتى اذا استطاع بنك مركزي معين ان يتحمل الضغط على عملته الذي تسببه ظروف في دول اخرى، الا انها لاتستطيع عزل اقتصادها من دول اخرى التي تشهد مشاكل مالية.

    دروس التراجع التنموي العربي
    لايوجد خلاف من ان هناك فشلا تنمويا ملحوظا في المنطقة العربية خلال العقود الثلاثة الماضية (السبعينيات، الثمانينيات، التسعينيات)، اذا ما قورن بحجم الانجاز التنموي الهائل الذي حققته بلدان اسيا الناهضة، خلال الفترة نفسها. ويلاحظ بهذا الصدد، ان الفشل التنموي العربي، مقارنة بالتجربة التنموية في جنوب شرق آسيا، لايعود الى”قصور المدخرات “.. بل الى تبديدها، وليس الى قلة الاستثمارات.. بل سوء توزيعها.. وليس الى ضعف رأس المال البشري.. بل الى نزيف العقول وتهجير السواعد، ونشير الى بعض عوامل التراجع التنموي الى:

    * تراجع الصادرات
    * اتساع الفجوة بين الادخار والاستثمار
    * نقص المراكز البحثية
    * تدفق الاموال الخليجية

    تراجع الصادرات
    فعلى صعيد اداء الصادرات، ان اجمالي حجم الصادرات غير النفطية لاجمالي البلدان العربية بلغ 65.7 مليار دولار اميركي في عام 1997، مقارنة بـ 534 مليار دولار هي جملة صادرات خمسة بلدان اسيوية ناهضة هي: الصين، سنغافورة، كوريا الجنوبية، ماليزيا، تايلند في العام نفسه.
    واذا ما ادخلت الصادرات النفطية في الاعتبار نجد ان جملة قيمة الصادرات (النفطية وغير النفطية) لمجموع البلدان العربية لم تتجاوز 176 مليار دولار عام 1997، اي ما يوازي ثلث صادرات البلدان الاسيوية الخمسة، هذا مع ملاحظة الصادرات النفطية (وحجمها 113 مليار دولار) هي صادرات لمورد قابل للنضوب، بينما الصادرات الاسيوية هي صادرات متجددة وغير قابلة للنضوب.
    اتساع الفجوة بين الادخار والاستثمار
    يسري اتساع الفجوة بين الادخار-الاستثمار على معظم البلدان العربية غير النفطية خلال الفترة 1990-1997، مقارنة بمجموعة البلدان الاسيوية الناهضة. ويعود ذلك لضعف الطاقة الادخارية المحلية في البلدان العربية، والميل المرتفع نحو الاستهلاك في القطاع العائلي.
    نقص المراكز البحثية
    كان لمراكز التفكير الاستراتيجي (Think Tanks) دور بالغ الاهمية في ترشيد السياسات وعملية صنع القرار في بلدان جنوب شرق اسيا الناهضة، اذ لعبت هذه المراكز دور مهما ومركزيا في رسم الاستراتيجيات المستقبلية لمسارات النمو، من خلال رؤى علمية للواقع المحلي والعالمي، ولاسيما في مجال: تحديد الاولويات القطاعية، ورسم اتجاهات التطوير التقاني، ونمط التغييرات المؤسسية المطلوبة لمصاحبة عمليات النمو والتنمية.
    ولاشك في ان كفاءة الملاك العلمي والقيادي لتلك المراكز ساعدت القيادة السياسية على التحرك المستقبلي في ظل بوصلة هادئة، حيث ساعدت الدراسات والتوصيات في عدم الاقتصار على رؤية الاشجار منفردة، بل رؤية الغابة ككل، على حد تعبير الفرد مارشال احد مؤسسي علم الاقتصاد الحديث.
    تدفق الاموال الخليجية
    لابد من الاشارة الى الدور المركزي الذي لعبته الاستثمارات المالية اليابانية، والشركات دولية النشاط اليابانية، كقاطرة لعملية التنمية في بلدان جنوب شرق اسيا، مقارنة بالدور الذي لعبته الاموال والاستثمارات الخليجية بالمنطقة العربية، اذ ان تدفق الاموال والاستثمارات الخليجية الى بلدان المنطقة العربية في المشرق والمغرب العربي، لم يكن مقترناً بالقدرة التنظيمية والخبرة الرأسمالية التي جاءت في ثنايا الاستثمارات اليابانية التي لعبت دوراً مهماً ومحفزاً لعمليات التنمية في بلدان جنوب شرق اسيا، بدءاً من منتصف الثمانينيات، اذ ان المال وحده لايكون عنصراً محفزاً للتنمية، من دون ان يقترن بالقدرة التنظيمية والتقدم التقاني والرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى.

    وعلى هذا الاساس يمكن ارجاع هذا الفشل التنموي في المنطقة العربية، في التحليل الاخير الى عوامل عدة اهمها:
    1- القضايا السلوكية: على مستوى سلوكيات رجال الاعمال، والقطاع العائلي، والبيروقراطية الحكومية.

    2- الترتيبات التنظيمية والمؤسسية: حيث تسود الفوضى والارتجالية العشوائية.. نتيجة سوء اختيار القيادات، ومبدأ الولاء والانصياع.. بدلاً من الكفاءة والنزاهة، وروح الانتماء.

    3- تأثير الحروب والصراعات في المنطقة العربية: ففي الوقت الذي دعم الغرب”مشروع تنمية النمور الاسيوية “ بدرجات مختلفة، كان هناك نوع من العداء المعُلن (او المستتر) لمشروع النهوض العربي، مما ادى الى تعويق مسيرة التنمية العربية. كذلك ان للحروب والصراعات المسلحة في المنطقة العربية اكبر الاثر في تبديد موارد ثمينة، وتحطيم جانب مهم من البنى الارتكازية في المنطقة (الصراع العربي-الاسرائيلي، الحروب العراقية-الايرانية، الحرب الاهلية في لبنان والجزائر، حرب تحطيم العراق منذ عام 1991). هو الامر الذي لم تتعرض له البلدان الاسيوية الناهضة، منذ بداية الخمسينيات، على رغم استمرار التوترات والتهديدات العسكرية في منطقة المحيط الهادي وشبه الجزيرة الكورية.

    4- غلبة العقلية الريعية (وليس التنموية) على النخبة الحاكمة ونخب رجال الاعمال في المنطقة العربية منذ نهاية السبعينيات، مقارنة بالعقلية التنموية السائدة لدى الساسة ورجال الاعمال في بلدان اسيا الناهضة،. وقد ساعدت اموال النفط، واساليب اعادة تدويرها، في تغلغل تلك العقلية الريعية القائمة على البذخ الاستهلاكي والسعي وراء الربح والكسب السريع.وبالعودة الى الوضع الاقتصادي العربي الراهن، يمكن تلخيص ازمته بأنها معاكسة تماما لازمة جنوب شرق اسيا، اذ اننا حيال اقتصاد مالي محدود الحجم ومنضبط الى حد ما، غير ان الاقتصاد العيني يعاني ضعفاً وهشاشة بنيوية ملحوظة. فالادخار ضعيف والاستثمار غير موجه للقطاعات المنتجة، والاداء التصديري متواضع للغاية، والهيكل الانتاجي يتسم بالركود، والنظام التعليمي متدهور، وهكذا فان الاقتصادات العينية تحتاج الى جهد انمائي كبير وطويل النفس للوقوف على اقدامها

    #682807
    mobi
    مشارك

    مشكور على هذه المعلومات القيمة

    بارك الله فيك

    تحياتي الخاصة

    #687267
    Nice one
    مشارك

    يسلمووووووووووووو اخوي

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد