مقدمة:
بدأ العرب ، وبخاصة وبعد الفتح الإسلامي ، بالإطلاع على حضارات الأمم التي احتكوا بها وترجموا لها . وراحوا يتأكدون من صحة ما جاء به في كتبها ، إذ لم يكن من السهل تصديق جميع ما أتت به دون تمحيص وتجربة . وقد أخذوا يجرون بأنفسهم التجارب العلمية ويصححون أخطاء القدامى من إغريق وفرس وهنود ، ويعلقون عليها ، ويضيفون إليها ، ويستنبطون منها.هكذا فقد أدخلوا الطريقة التجريبية على العلوم الفيزيائية والطبية ، واكتشفوا عددا من المركبات الكيميائية ، وشخصوا الأمراض ، ووصفوا لها الأدوية المناسبة ، واهتموا بالميكانيك . وصمموا أدوات خاصة للوزن والفحص والتجريب.

إنجازات العرب في الرياضيات:
أهم العلوم الرياضية التي مارسها العرب:
1. علم الحساب:
استعمل العرب قبل الإسلام الأرقام الفارسية أو اليونانية ثم استخدموا بعد الإسلام الأحرف بدل الأرقام أولا ، وبعد اتصالهم بالهنود ، اقتبسوا عنهم الاراقام الهندية ، وكونوا منها سلسلتين :
 عرفت إحداهما بالأرقام الهندية التي لا يزال العرب يستعملونها في لمشرق العربي.
 وعرفت ثانيهما بالأرقام الغبارية ، وهي التي يسميها الغربيون بالأرقام العربية ، ويكتب بها أهل المغرب بالأرقام العربية ، ويكتب بها أهل المغرب، وسبب تسميتها بالأرقام الغبارية ، أن الهنود حين كانوا يكتبون على ألواح الخشب يرشونها بالغبار الناعم ، ثم يرسمون عليها بالأرقام بأصابعهم.
وقسم العرب الحساب العملي إلى قسمين :
 الحساب الهوائي : وهو الحساب الذهني.
 والحساب الغباري : وهو الحساب الذي يحتاج استعماله إلى أدوات ، كالورق والقلم فيما بعد.
وهم الذين أوجدوا رقم الصفر ، بدل المرتبة الفارغة عند الهنود ، وعنهم أخذه الإوربيون واستعملوه في حساباتهم.
وقسم العرب الحساب إلى أبواب أيضا : منها ما يتعلق بحساب الصحاح ، ومنها ما يتعلق بحساب الكسور . وذكروا في كل منها عمليات مختلفة وصفوها في فصول:
 الأول في الجمع والتضعيف.
 الثاني في التصنيف.
 الثالث في التفريغ أى الطرح.
 الرابع في الضرب.
 الخامس في القسمة ، والتقسيم التناسبي.
 السادس في التجذير واستخراج الجذور.
وتوسع العرب في بحوث النسبة. وقالوا بأنها على ثلاثة أنواع : العددية ، الهندسة ، والتأليفية.
وعرفوا المتواليات الحسابية والهندسية على أنواعها وذكروا قوانينها ، كما ذكروا قواعد خاصة لاستخراج الجذور ، ولجمع المربعات المتوالية والمكعبات ، وبرهنوا على صحتها.

2. علم الجبر:
العرب هم أول من أطلق على هذا العلم اسم الجبر، وعنهم أخذه الأوربيون. ويعود الفضل في استعمال هذا اللفظ إلى الخوارزمي ، مؤلف كتاب * حساب الجبر والمقابلة * ، الذي لم يبتدع هذا العلم ، بل درسه ورتبه وجعله علما قائما بذاته. ومن حسن حظ الخوارزمي أن نسخة من كتاب الجبر والمقابلة بقيت محفوظة لإلى أيامنا . فترجمها الأوربيون إلى لغاتهم ،ن ونشروها عام 1831، بينما لم تنشر النسخة العربية ، بأصلها العربي ، إلا قبيل الحرب العالمية الثانية ، وفيها شرح واف لمبادئ علم الجبر ولحل مسائله بطريقة علمية لا زالت تستعمل حتى الآن.
ومما لا شك فيه أن العرب مهدوا لاكتشاف اللوغاريتم ، فلا عجب بعد كل هذه الإنجازات أن يقول أحد الغرب * إن العقل ليدهش عندما يرى ما عمله في علم الجبر *.

3. علم الهندسة :
أقدم ما وصل إلينا في هذا العلم كتاب الأصول لاقليدس اليوناني . وقد ترجم أيام المنصور. وعن الترجمات العربية اطلع الأوربيون على هندسة اقليدس .
ما لبث العرب بعد اطلاعهم على * الأصول * ، أن بحثوا في الهندسة . فألف ابن الهيثم كتابا جديدا على نسق كتاب اقليدس ، أدخل فيها مبتكرات جديدة . وألف سواه في الموضوع ذاته . وقد تناولت الدراسات البحث في المساحات والحجوم ، وتحلل المسائل الهندسية ،ن واستخراج المسائل الحسابية بطريقتين : التحليل الهندسي والتقدير العددي ، كما تناولت التحليل والتركيب الهندسيين ، وتقسيم الزاوية على ثلاثة أقسام متساوية ، ورسم المضلعات المنتظمة وربطها بمعادلات جبرية . وفي محيط الدائرة بينوا كيفية إيجاد نسبة محيط الدائرة إلى قطرها ، وعرفوا المقدار الثابت في حساب مساحة الدائرة * بي * واشتغلوا في علم تسطيح الكرة ، وغير ذلك .

4. علم المثلثات :
درس العرب علم المثلثات ونظموه وأضافوا إليه بحوثهم ومكتشفاتهم ، فجعلوا منه علما قائما بذاته ، منفصلا عن الفلك ، على عكس مما كان عليه عند الأقدمين.
استعمل العرب الجيب بدلا من وتر ضعف القوس الذي كان اليونانيون يستعملونه ، وتعرضوا إلى كثير من مسائل علم المثلثات وبرهنوها.
كما توصلوا إلى معرفة القاعدة الأساسية لمساحة المثلثات الكروية ، وعملوا الجداول الرياضية للمماس والقاطع وتمام المماس ، وأوجدوا طريقة لعمل الجداول الرياضية للجيب. واخترعوا حساب الأقواس التي تريح من استخراج الجذور المربعة.