الرئيسية منتديات مجلس التعليم العصري التعليم العالي عبر العصور

مشاهدة 4 مشاركات - 1 إلى 4 (من مجموع 4)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #50088

    التعليم العالي عبر العصور
    قال تعالى في محكم كتابه «قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ü فلما رءاه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أشكر أم اكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم».
    الذي عنده علم من الكتاب «كمال قال ابن عباس، وروي محمدبن اسحاق عن يزيد بن رومان أنه أصف بن برخياء، وهو كاتب سيدنا سليمان وكان من الصديقين ويعلم الاسم الأعظم، وقال قتادة أنه كان مؤمنا من الإنس واسمه اصف ، وهو من بني اسرائيل.
    وكان الحوار في الآية الكريمة يدور حول طلب سيدنا سليمان بإحضار عرش بلقيس ملكة سبأ وكان أصف بن برخياء هو الأقوى من مارد الجان، حيث أشارت الآية القرآنية إلى المارد( بعفريت من الجن) واشارت إلى أصف (بالذي عنده علم من الكتاب) لكن القوة لم تكن في المقارنة لأصف، وإن كان كاتب سيدنا سليمان، كما لم ينسب الضعف إلى المارد وإن كان من جنود سليمان عليه السلام إنما كانت المقارنة بينهما دليل يرشدنا إلى مصدر القوة التي كان مصدرها العلم، وكل من أصف والمارد من أصحاب العلم بدليل قدرة كل منهما على إحضار العرش، لكن نوع العلم ومصدره هو الذي حدد الأقوى بينهما. ولا تحدث المقارنة في قوة العلم إلا بين أهله ، فيقال فلان علمه أبلغ أو شرحه أوفى، فيأخذ وصف أنه بليغ أو أقوى من الأخرين وهو انعكاس قوة العلم على صاحبه، وكرامة العلم تمنح صاحبه مكانة كريمة، وعموم أهل العلم قد كرمهم الله سبحانه وتعالى بالرفعة، والتمييز ، والخشية، وهذا إرشاد لنا وهدى يبين قوة العلم وعظمته ويؤكد ذلك وصية معلم البشرية ومتمم مكارم الأخلاق محمد صلى الله عليه وآله وسلم حينما يحثنا على طلب العلم في حديثه (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد) وحديثه (أطلبوا العلم ولو في الصين) أو كما قال صلى الله عليه وآله وسلم.
    وكانت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية قد شكلت لدى العرب أهمية بالغة في الاهتمام والأخذ بالأسباب لاكتساب العلم، وارتبطت تلك الأهمية برباط ديني، وكانوا يستمدون القوة من معارفهم، وكان طلب العلم ونشره في نظرهم جهاد في سبيل الله أو فريضة وهو مهنة تتصف بالإجلال والسمو والتشبه برسالات السماء إن لم تكن جزءاً من تلك الرسالات ، ووصل قدر المعلم ومكانته إلى قول أحمد شوقي:
    قم للمعلم وأوفيه التبجيلا
    كاد المعلم أن يكون رسولا
    ولعل فرنسيس بيكون قد تأثر بما تعلمه من العرب وأدرك بكل اليقين ما أدركه العرب في حقيقة العلم حينما قرر وقال بطريقة مباشرة «أن المعرفة قوة عظيمة» وهذا للأسف مالم يدركه أو يتأثر به عرب اليوم.
    وها هي المعرفة من حولنا، تتضاعف عشرات المرات لكننا لم نلمس أي تضاعف في قوتها، لأن ذلك الإنتاج الذي نحققه لايرتبط جيدا بالماضي، ولا يرتكز جيدا بالحاضر، ولايرسم المستقبل بشكل واضح ، ويمثل في معظمه تكرار يتضاءل ويؤثر سلبا في الوعي الإنساني.
    إذا كانت المعرفة في أصلها قوة، والبحث عنها رغبة إنسانية قبل تحقيقها والحفاظ عليها، هو استجابة لرغبة الإنسان والرغبة المجردة للمعرفة تقف بالعلم عند حد معين، وهي رغبة عامة لدى كل الناس تكتفي بالفهم الجزئي والعمل به. أما الرغبة الطموحة للمعرفة فلا حدود لها، وهي رغبة خاصة بأهل العلم يبحث صاحبها عن التطوير والتجديد، ويتمتع بوعي فكري يستطيع من خلاله رؤية الآتي، وتصور المستقبل، فالوعي الفكري بالحاضر يمنحنا مستقبلا باهراً، والوعي الفكري بالماضي يزيد المستقبل غنا وأصالة.
    والوعي بمعارف وثقافة الماضي يعني التعرف على وعي الإنسان ، وطرق مواجهة العالم من حوله، كما أن الوعي بالأصول والجذور، يزيد الحاضر ثراء فكريا، ويدفع بالإنسان إلى تغيير أفكاره الخاطئة، وتعديل سلوكياته غير الصائبة، فتتحسن أساليب التعامل مع الواقع ، وتتطور طرق توقع المستقبل.
    وتعتبر دراسة جذورنا الثقافية، ضمانا لجودة الفهم، وحسن التفسير، وتحقيقا للتواصل الحضاري، الذي لايمكن أن يتحقق بالذوبان في ذات الآخر، أو بإهمال الأصول والمنطلقات الأساسية، ودراسة الماضي، إنما هي عودة علمية إلى الماضي لنأخذ عنه عناصر القوة والبناء فتتكون لنا هوية حضارية، ويكون لنا منظور ثقافي خاص، ونكون أمة ذات دور بارز في الحضارة الإنسانية وهذا ماجاهد عليه السلف الصالح.
    لقد عكس النظام التعليمي عبر العصور الماضية تقاليد راسخة في نفوس أهله، فكان ينظر إلى العلم على أنه ضرب من ضروب العبادة، وكان المعلم مثلا أعلى في خدمة العلم، وتهذيب الأخلاق، فيقوم بالتعليم حبا في العلم، وكاد المعلم أن يكون رسولا.
    وقد أرسى النظام التعليمي قواعد متينة في إختيار المعلم، كأن يكون من أفضل الكفآت العلمية، ويتصف بالورع، والصدق، والأمانة، والأخلاق الحميدة، وكان الاهتمام بالمعلم وإعداده يبدأ من بداية التحاقه بطلب العلم، ومايتوجب علينا هو الاهتمام بالمعلم، وفقا لاحتياجاتنا التنموية، ويبدأ الاهتمام من مرحلة الإعداد وهو طالب، ويستمر حتى مرحلة التأهيل، وتمثل العناية بحسن الاختيار، والإعداد، انعكاساً لاهتمامنا بالحاضر والمستقبل معا.
    البناء الفكري للطالب
    إن اهتمامنا بالحاضر والمستقبل، يعني اهتمامنا ببناء فكر الطالب، وخصوصا في عصر تفجر المعلومات الذي نعيش فيه، ويوجب علينا إشراك الطالب في البحث عن المعلومة وفحصها، وتحليلها وتنقيحها، مما يجعله في حركة دائمة ، ومتابعة دائبة للعلم والمعرفة، وما يستجد عليها، فتنمو لديه مهارة الجمع والفحص، والعرض، وينمو لديه الجانب المعرفي، الذي يعمل على تنمية الذوق الفني، والخلق كما يعمل الإطلاع المستمر والقراءة على تنمية الجانب الثقافي، الذي تتأسس عليه قناعات يسترشد بها الطالب في ممارسته العلمية ، فتعكس تلك الممارسات هوية المجتمع وثقافة الأمة.
    ولاننسى في هذا المقام الجانب التنظيمي للمؤسسة الأكاديمية، فقد يتصدع وربما ينهار البناء الفكري إذا غاب الجانب التنظيمي أو أسيء استخدامه، فلا بد أن تكون الإدارة في المؤسسة الأكاديمية ذات دور حيوي يخدم العمل الأكاديمي والإنتاج الفكري، وكون هذه المؤسسات ، منظمات معرفية ، أساسها المعرفة، ونتاجها المعرفة، فهي بحاجة إلى أشكال تنظيمية ، وأنماط خدمية ، تتناسب مع ماتحتويه من نشاطات بحثية وتدريبية، وتخدم الدور الذي تقوم به تلك المؤسسة.
    فإذا أردنا لنشء شبابنا الجامعي قوة الأخلاق ، وقوة التبصر، وقوة العزم، فلتكن هذه الإرادة ساكنة في ضمائرنا أولا كمدرسين، ومنظمين ، فإذا سكنت إرادتنا في ضمائرنا، حتما سوف تستبين في أدائنا، وسلوكنا، وبقدر تلك الإرادة ، يتحدد قدر الاهتمام، وبقدر الاهتمام، يكون قدر تلك القوى، وتكون الجدوى، بقدر تلك القوى، وتبلغ الجدوى ذروتها حينما يزيد انتاجنا وعطائنا.
    إننا ننشد متطلعين إلى تطوير مؤسسات التعليم الجامعي، بالشكل الذي يستجيب لاستحقاقات الحاضر، ومتطلبات المستقبل، ويجب أن يكون التطوير ملامسا لواقع البيئات الأكاديمية في تلك المؤسسات ، فينعكس التطوير في علاقات المجتمع الأكاديمي، وفي إنتاجهم الفكري، وعطائهم العلمي، وسلوكياتهم، التي تعتبر من المحددات المهمة التي تتشكل عليها قدرات الطالب الفكرية، والمهارية ، حيث يصبح الطالب امتدادا لمعلمه، وكل عطاء له أو إنتاج، إنما هو امتداد لعطاء أو إنتاج المعلم، ولهذا فإن تفعيل الوازع الديني لدى المعلم، يجعله مؤمناً بتوريث العلم، ويكسبه الحرص على الدفع بطلابه نحو حمل الرسالة من بعده، فيتجاوز ذاته إلى ذوات طلابه، ويرسم بعيونهم شكل المستقبل الذي يطمح اليه.
    والطالب الجامعي كونه باحثا يوظف قدراته فيما يعطي له من معارف، مستعينا بما يتاح له من امكانات، وما يتوافر له من فكر مدون يعزز ويوثق تلك المعارف، فيعمل على الجمع والتحليل والإضافة، فيما تسنى له من المعرفة، حتى يتمكن من الحصول على إنتاج جديد، وعلى ذلك يجب أن يعطي الاهتمام الأكبر للإكثار من الإنتاج الفكري للأكاديميين الذين يعطون المعارف للطلاب ،تأييدا وتأكيداً لطرحهم الذي يطرحونه على طلابهم، وهذا الإنتاج يعتبر أساسا يرتكز عليه الطالب في كونه باحثا، ويقوم عليه انتاجه هو ، لأنه إن لم يكن المعلم أو الأستاذ الذي يعطي المعلومات قدوة في التأليف والإنتاج، فكيف للطالب أن يكتسب خبرة هي في الأصل معدومة لدى معلمه، وبالتالي لن يكون الطالب فيما بعد إلا تجسيدا يمثل ذلك الأستاذ، وهنا لايقع التقصير أو الخلل على التعليم بقدر ماهو على المعلم الذي قام بتعليم الطالب ولهذا يجب أن تكون أولوية الاهتمام على الأستاذ الذي يمثل القدوة بالنسبة للطالب، وكيفما أردنا الطالب أن يكون ، يجب أن نكون نحن أولا بالصورة التي نريدها للطالب، فلو كان المدرس أو الأكاديمي المعلم له إنتاج فكري مدون على شكل مؤلفات وكتب يتداولها الطلبة، ويناقشها معهم، ويتقبل اراهم، ويأخذ ماهو مفيد لتطوير وإثراء مؤلفاته ، فإنه بهذا يسعى إلى ضمان خصوبة المعرفة الفكرية في المؤسسة الأكاديمية التي ينتمي إليها، وإذا كانت معاملة الأستاذ لطلابه معاملة أبوية، وعلاقته بزملائه واساتذته يسودها الوقار وتبادل الاحترام، فهذا يعكس وشائج المحبة، وتفاعل الأرواح، وتواصل العقول، وبذلك يكون المدرس قدوة حسنة لو اقتدى به طلابه ، ولو كان الأمر كذلك فإن عتبات المستقبل تحت أقدامنا،نقف عليها، ومنها نرى المستقبل جليا قبل قدومه إلينا، فنحسب له الحساب وهذه هي المسؤولية التي يجب أن يشعر بها كل أكاديمي وكل مسؤول عن العمل الأكاديمي، وخصوصا رؤساء المؤسسات الأكاديمية، والانتماء إلى العمل الأكاديمي، يعني السعي برسالة حضارية أخلاقية ، يسعى بها كل جيل إلى الجيل الذي يليه، والذي يسعى بها إلى أجيال عديدة، ويستمر سعيه فيها مع سعي الأجيال فإنه أشبه بالناسك المتعبد، وهي مسؤولية عظيمة لو يعلمون.
    ومن أجل تحقيق الهدف المنشود، لابد من خلق حراك داخل المؤسسات الأكاديمية، يهدف هذا الحراك إلى تفعيل النشاط الفكري المعرفي، وتفعيل النشاط الإداري المصاحب والداعم للنشاط الفكري، ويتمثل في الآتي:
    أ- تفعيل النشاط الفكري :
    1- الإهتمام بالتأليف والبحث والانتاج الفكري للبيئة الاكاديمية.
    2- تشجيع البحث والاطلاع والالتزام بالساعات المكتبية لساتذا والطالب معاً.
    3- استغلال الرسائل العلمية حبيسة الارفف، وتقديمها للطالب على شكل كتاب.
    4- تثقيف الهيئة الاكاديمية «رؤساء الاقسام والمجالات العلمية» بنظم وقوانين ومحددات العمل الاكاديمي وتداخل العلاقات .
    ب- تفعيل النشاط الإداري:
    1- متابعة جوانب النشاط الفكري، وتقييم أدائها دوريا.
    2- تطبيق النصوص القانونية والقرارات المتعلقة بالإنتاج الفكري.
    3- ربط نظام الحوافز بالإنتاج والتأليف.
    4- تفعيل نظام البقاء للأكاديميين بالإنتاج الفكري والتأليف.

    #641278
    حسناء
    مشارك

    حقيقة أيمن ارتفع شأن العرب قديما وعلا شأنهم عندما اهتموا بالعلم والعلماء
    وخبا نجمهم عندما انغمسوا في اللهو والمجون وأهملوا العلم وتجاهلوا العلماء
    أخي الأخذ بأسباب العلم والأسلوب العلمي في التفكير وتشجيع البحث العلمي والاطلاع والاهتمام بتثقيف الأجيال الناشئة وتقويم القادة والإداريين أمر هام للانطلاق نحو آفاق التقدم والرقي في شتى مجالات الحياة

    #641429

    عزيزتي الاخت حسناء اشكرك على مناقشتك للمواضيع التي ارى ان الاغلبية
    اصبحو لا يناقشون بل يطرحون موضوع حتى تكثر مواضيعهم فقط

    #641544
    حسناء
    مشارك

    أخي الفاضل
    لا أعتقد أن أوقاتنا بهذا الرخص كي نضيعها في كم مشاركات لا جدوى ولا فائدة منها إلا أن العداد يعد
    في المقابل سيعد عليك عداد حسابك أمام الله
    أوقاتنا أخي محاسبين عليها أمام الله ولذلك يجب علينا استثمارها والاستفادة منها وإفادة غيرنا
    عسى أن نفيد غيرنا بمعلومة أو نهدي لصواب
    اللهم اجعلنا هادين مهتدين لا ضالين ولا مضلين

مشاهدة 4 مشاركات - 1 إلى 4 (من مجموع 4)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد