الرئيسية منتديات مجلس المال والإقتصاد الذهب الأزرق: العملة العالمية القادمة

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #49634
    mobi
    مشارك

    الذهب الأزرق: العملة العالمية القادمة

    الذهب .. من الناحية الجيولوجية والتعدينية هو أشهر وأندر عنصر فلزي معروف على سطح الكرة الأرضية. وهو الأسطورة المليئة بالأسرار في كنز الإنسانية المجهول. ويعد امتلاك الذهب من قبل الأفراد علامة تدل على الثراء فهو بلونه الأصفر الجميل، وبريقه اللامع الأخاذ المادة المفضلة لصناعة الحلي والمجوهرات. ولقد استخدم الذهب منذ آلاف السنين لعمل التيجان على رؤوس الملوك والأباطرة ومقابض سيوفهم، وكذلك لعمل القلائد والكؤوس والمشغولات الذهبية الأخرى للزينة وله استخدامات أخرى في مجالات الديكور والزخرفة وطلاء الأثاث والدوائر الكهربائية وأشباه الموصلات, بل طب الأسنان أيضاً.

    وحتى نهاية العقد الثالث من القرن العشرين استخدم الذهب الأصفر كعملة عالمية قابلة لتسديد الديون، وكانت غالبية دول العالم تتعامل مع ما يسمى (قاعدة الذهب) لضمان استقرارها، وهذا يعني من الناحية الاقتصادية إمكانية الحصول على أي كمية من الذهب مقابل العملات الورقية التي تصدر عن أي مصرف أو خزانة قومية. ويتم في الوقت الراهن وبعد التخلي عن هذه القاعدة استخدام الذهب الأصفر كوسيلة لقياس العملة أو كاحتياطي نقدي معادل.

    ولقد شهد عصر الاستعمار التقليدي من بداية القرن السابع عشر ظهور القطن (الذهب الأبيض) كعامل مؤثر في الاقتصاد العالمي وكمنافس للذهب الأصفر كعملة عالمية في السوق الدولية, ويحدثنا التاريخ كيف تم جلب آلاف العاملين من إفريقيا لزراعة القطن في المزارع العملاقة في الولايات الجنوبية من القارة الجديدة التي تم استكشافها “أمريكا” وكيف قامت الدول الاستعمارية خاصة بريطانيا العظمى, بتكثيف زراعة القطن في مستعمراتها في آسيا “الهند وباكستان” وإفريقيا “مصر والسودان” من أجل تشغيل مصانعها في يوركشاير وغيرها لإنتاج المصنوعات القطنية الممتازة وتصديرها إلى أنحاء العالم كافة.

    وفي مرحلة لاحقة ومع نهاية القرن التاسع عشر كانت بداية النهاية لعصر الذهب الأبيض بعد ظهور النفط وانفجاره من باطن الأرض في العديد من الدول في قارات العالم الحديثة والقديمة. وفقد الذهب الأبيض تدريجياً أهميته كمنتج طبيعي بعد التوسع في إنتاج الألياف الصناعية حتى إن الإنتاج العالمي الحالي من المشغولات القطنية لا يزيد على 100 مليون بالة أي أقل من 22 مليون طن. ولا شك أننا نعيش حالياً في عصر النفط “الذهب الأسود” وهو أحد أهم مصادر الطاقة اللازمة للبشرية ويتم استخدام المنتوجات البتروكيماوية في “كل شيء” بدءا من الملبس إلى الدواء إلى توليد الكهرباء إلى إنتاج المياه المحلاة إلى الاستخدامات المنزلية إلى الأثاث ناهيك عن استخداماته المتعددة في كافة الصناعات والتجهيزات الأساسية الأخرى. ويكفي للدلالة على ذلك أن نعلم أن إجمالي الطلب العالمي على النفط – وطبقاً لآخر تقرير من إدارة معلومات الطاقة الدولية الصادر في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 وبعض التقارير الدولية الأخرى – قد بلغ نحو 83 مليون برميل يومياً من النفط الخام وما يزيد على 95 تريليون قدم مكعب سنويا من الغاز الطبيعي, في الوقت الذي ارتفع الاحتياطي العالمي المؤكد من النفط الخام إلى ما يزيد على 1270 مليار برميل ومن الغاز الطبيعي إلى 6.1 مليون تريليون قدم مكعب, وهذا الاحتياطي يكفي لتغطية الطلب العالمي وحسب معدلات الطلب الحالي وبفرض عدم وجود استكشافات جديدة لزيادة حجم الاحتياطي إلى مدة لا تزيد على 42 عاماً لنضوب النفط, و63 عاماً لنضوب الغاز الطبيعي من باطن الأرض.
    وهنا يأتي السؤال ماذا بعد أن انتهى دور الذهب الأصفر والذهب الأبيض والتوقع المرتقب لانتهاء دور الذهب الأسود في هذا القرن الحالي كعملات عالمية قابلة للتداول؟ يرى كثير من المراقبين من العلماء والاقتصاديين أن العصر القادم هو عصر المياه “الذهب الأزرق” خاصة مع ظهور مصطلح جديد على الساحة الاقتصادية عما يسمى تجارة المياه الافتراضية, وهي تلك المياه المتضمنة أو المنطمرة في السلع الغذائية والمنتجات الحيوانية والصناعية وغيرها والتي يتم تصديرها من منتجات الدول الغنية مائياً إلى دول أخرى تفتقر إلى الموارد المائية. ومن نافلة القول أن نقرر أن جميع الدول دون استثناء تتعامل بدرجة ما مع تجارة المياه الافتراضية سواء بالتصدير أو الاستيراد, ولكن القضية تكمن في التوازن بين حجم المياه الافتراضية المصدرة مقارنة بحجم المياه الافتراضية المستوردة مما يحقق فائضاً أو عجزاً في الميزان المائي والذي يحكمه توافر المياه ونوع المنتج المصدر أو المستورد. ولقد تمت مناقشة هذا الموضوع في المنتدى العالمي الثالث للمياه الذي انعقد في دلفت في هولندا عام 2003. وأكد وجود دول يتجاوز حجم المياه الافتراضية المصدرة حجم المياه الافتراضية المستوردة بدرجة كبيرة, مثل الولايات المتحدة الأمريكية 169 مليار متر مكعب, والبرازيل 57 مليار متر مكعب, والأرجنتين 66 مليار متر مكعب, وفرنسا 48 مليار متر مكعب, فيما تعاني دول أخرى من تجاوز حجم المياه الافتراضية المستوردة, حجم المياه الافتراضية المصدرة, مثل الصين 58 مليار متر مكعب, المكسيك 49 مليار متر مكعب, وروسيا 45 مليار متر مكعب, مصر 22 مليار متر مكعب.

    والخلاصة: إن استخدام المياه “الذهب الأزرق” كعملة عالمية قابلة للتداول وارد قبل انتهاء هذا القرن وأن استخدامها كورقة ضغط سياسي واقتصادي مرجح, خاصة في ظل نقص الموارد المائية المتاحة في مقابل تزايد الطلب عليها لتلبية جميع الأغراض الحياتية المختلفة.

    د. علي نور الدين إسماعيل – 29/12/1426هـ

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد