الوضع البائس للفتيات الليبيات بقلم فاطمة الغريانى بتاريخ 9/12/2005

استوقفتني مقالة الأستاذ “محمد المصراتي” التي كانت تحت عنوان (سقف بلا حنان)، لصدقها وحقيقتها في طرحها للواقع الاجتماعي للفتاة الليبية، ولكن المقالة ألقت كل اللوم على الفتاة دون أن تبين أثر الشاب الليبي في سلوكيات الفتاة.
فنتيجة لعدد الفتيات المتزايد والذي يفوق عدد الرجال، هناك صعوبة في الزواج بين الفتيات، وهي مشكلة تعاني منها الفتاة أكثر من الرجل، لأنها محكومة بحد سن معينة لا تكون فيه بعده مرغوبة ولا مطلوبة في سوق الزواج مطلقا، وهو أمر لا يحدث للرجل الذي بإمكانه الزواج متى شاء وفي أي سن.
ولإدراك الشاب الليبي لهذه النقطة، ففد غدا الكثير من الشباب يستغل هذه النقطة في حرية التحرك، والدخول في علاقات مع الفتيات تحت طعم الوعد بالزواج، ذلك الحلم الوردي الذي تحلم به كل فتاة، وهو حلم مشروع وطبيعي، لأنه يقدم لها الاستقرار النفسي والإشباع العاطفي والأمومي، والحس بأنها ملكة في بيت خاص بها، بعيدا عن بيت الأهل الذي رغم كل ارتباط الفتاة الليبية به، إلا أنه كما ذكر الكاتب يفتقد لفهم الجانب العاطفي للفتاة، التي قد لا تجد الحنان والمحبة من إخوتها الذكور، حيث لا زالت معاملة الأخوة الذكور للفتيات فيها الكثير من الخشونة وانعدام الفهم.
كذلك الأم الليبية لا تقترب من ابنتها كثيرا لتعرف مشاكلها، وفيما تفكر أو تشعر بما يطرأ لها من أحوال. لذلك ما إن تختلط الفتاة بالشاب في أماكن الدراسة أو العمل، تتوهم بأنها ستجد لديه الحب الذي طالما شاهدته في الأغاني والأفلام، ولكن المأساة أن الفتاة تقع بين طرفي الرحى، أو كما يقولون في أمثالنا الشعبية (يا هارب من فم الغولة يا طايح في سلاّل القلوب) لا تدرك الفتاة أن ذلك الشاب الذي تعتقد بأنها ستجد لديه الفهم والاحترام والتقدير لمحبتها له، ما هو إلا رجل ليبي مثل إخوتها الذكور، ويرى أن مجرد محبة الفتاة له تجعلها رخيصة في نظره، ويعطيه حق مكتسب في استغلال عواطفها، ولأنه مدرك أن الفتيات بطبيعتهن -وكما خلقهن الله- عاطفيات، فهو يستغل هذه العاطفة بالوعود الكاذبة والأماني الخادعة، ويبدع في إظهار الغرام الذي تقع فيه الضحية تلو الضحية، بسذاجة أحيانا، وبوهم القدرة الأنثوية على جعله يحبها ويتعلق بها وينفذ وعوده، لو أظهرت محبتها له، وهذا هو الخطأ الجسيم الذي تقع فيه الفتيات بقصد أو بدون قصد، والذي هو في أساسه نتيجة طبيعية لنقص الواعز الديني، وضعف الإيمان لديها طبعا. ولوهم الرجولة الكاذبة لدى الشاب، الذي يعتقد بأنه أنجز إنجازا رائعا، إذا استطاع التلاعب بأكثر من فتاة وأوقعهن في فخ أكاذيبه الغرامية، ليمضي لأصدقائه ويروي بطولاته الوهمية.
وطبعا الشاب لا يضيره شيء من كل ذلك، حسب المفهوم الاجتماعي المتوارث(الرجل ما يعيبه شي) فهو يخرج من علاقة ليدخل في أخرى، ويخلف وراءه أصوات لعنات ضحاياه، دون أن يبالي بكل ذلك، وحين يصل إلى سن يريد فيها الزواج والاستقرار، لا يتزوج الفتاة التي أحبها، حتى إذا عرف بأنها مخلصة له، وراضية بالقليل مما لديه إذا لم تكن أموره المادية جيدة، لأن الرجل الليبي في داخله لا يحترم الفتاة التي تقيم معه علاقة عاطفية. قد يحبها، ويعرف بأنها أحبته بصدق، ولكنه لا يمكن أن يتخذها زوجة..شأنه شأن معظم الشباب العربى.
وفي موضوع الزواج يتجه صوب أمه وأخواته، لتختار له الزوجة، وفي كل ذلك، الخاسر الوحيد هن الفتيات اللواتي يعشن أوضاع بائسة ولا يعرفن كيف يخرجن من هذه الدوامة.
وطالما أن العلاقة بين الشاب والفتاة محكومة بهذا الشكل الغير متوازن والغير صحي أساسا، إذا فهي علاقات فاشلة وميتة قبل ولادتها. علاقات لا تتنفس هواء الثقة والصدق والوضوح، لأنها علاقات مجتمعات غربية، وليست إسلامية، فالإسلام واضح وصريح في رفض العلاقات والاختلاط بين الجنسين.
العلاقات بين الجنسين مكانها المجتمعات الغربية، لأن الرجل الغربي والمرأة الغربية لا يحتاجان للكذب على بعضهما أو التظاهر والادعاء، وليس هناك دين، ولا قانون، يمنع العلاقات بين الجنسين. لذا فهي علاقات سليمة هناك في مكانها، وحسب الشرط التاريخي والاجتماعي لها، أما في المجتمعات الإسلامية والمحافظة مثل مجتمعنا الليبي، لا يمكن لهذه العلاقات سوى أن تنتهي نهايات بائسة للفتاة، وليس للرجل الذي يخرج منها أكثر غرورا وإحساسا برجولة كاذبة، وهذا ما تقدمه الفتيات الليبيات للشباب على طبق من ذهب.