يقضي أطفالنا ثلثي وقتهم أمام شاشة الكمبيوتر والثلث الآخر أمام شاشة التلفزيون. ومن رمي سهام الأولى الى رمي الأخرى تتشكل شخصياتهم التي قد لا تظهر فيها آثار التربية الا من رحم ربي، فقائمة المحظورات التربوية (حرام.. عيب.. لا يجوز.. الخ) قد تضيع هباء منثورا في ظل هذا الاعصار وتلك الحروب على قاموس أطفالنا المساكين ومصطلحاتهم الأبجدية، أدركت ذلك لساعة أو أكثر أحببت فيها أن أوطد علاقة بيني وبين أطفالي وهم يشاهدون افلاما كارتونية في قناة كنا نراها تربوية قياسا بقنوات الأطفال الاخرى.. ومر عقلي حينها قبل بصري وسمعي بدهاليز مظلمة لمفردات ومعان وصور أكدت لي اننا فعلا في ساحة معركة.. ففي مسلسل (بينكي هو الغبي وبيرن هو الذكي) مرورا بالشتم بالألفاظ الغريبة بين ممثلي العمل الكرتوني (حشرة ولئيم..!) ونهاية بمسلسل (سندباد) الذي شاهدناه ونحن صغار بصورة لم يمر بخلدنا أننا سنراه اليوم يقدم لأولادنا على خلافها بطريقة مقززة تحاول فيها فتاة لعوب اصطياده من حبيبته والاستحواذ عليه.
حينها قادني فضولي وقلقي أن أقضي ساعات أخرى متتابعة أو متباعدة للتنقل بين قنوات الأطفال الأخرى.! إن جاز لنا هذا التعبير فلم يزد هذا التنقل إلا قلقا وخوفا من الأيام المقبلة متساءلة هل سيأتي زمان أسوأ مما نحن فيه؟ وهل كتب على الأطفال ألا يذوقوا حلاوة الطفولة كما ذقناها؟! وعلى يد من؟.. على يد قنوات تدعي هوية العربية والاسلام وكأنه لم يكفها تلويث فكر ومشاعر الكبار حتى حولتهم جميعا الى مراهقين ـ ومن جديد ـ إلا من رحم ربي!.

إن ما وجدته جعلني أبدأ (الجهاد) تعليقا أو نصحا على ما يشاهدون أو اقتطاع دقائق ان تعذرت الساعات لاستحضار صورة قديمة محببة ترسخ الطفولة البريئة الفاضلة بدأت جهادي وكلي أسى وغضب وتساؤل عن اغتيال الطفولة الجميلة حين تهدم سنينهم ويبحثون عن ملمح رائع في ذاكرتهم ينسيهم بشاعة الواقع!.. وما الهدف من ذلك؟ علينا أن نرضى بما يصنعه الاعلام المدعي العروبة!

اليوم.

نســـــــــــــــــــــــــــــــألكم الدعاء