أختلف العلماء والفلاسفة منذ قديم الأزل في ماهية الحب وماهو هذا الحب .. وكيفية تعريفه وقد ورد في ذلك عشرات التعاريف بل مئات ولكنها في النهاية كلها ناقصة تقريباً إذ أنك لاتستقر على تعريف حتى تكشف نقصه ويعود السبب في ذلك من وجهة نظري إلى أن الحب حالة إنسانية بحته تختلف من شخص لآخر في مدلولاته ونظرتك إليه ولكن في مقالي المتواضع هذا في حلقته الأولى أردت ان اكتب لكم عن الحب بشكل أدبي رفيع يترفع بالنفس الإنسانية إلى أقصى درجات الشفافية وقد استعنت بمسمى أحد أشهر الكتب العربية التي تطرقت لهذا الموضوع لأضعه كمسمى لهذه المقالات ألا وهو كتاب (( طوق الحمامة لأبن حزم الأندلسي )) مبتدأ معكم في أول مصافحة بالكلام في ماهية الحب وتعريفه ..

فالحب كما قيل قديماً أوله ضحك وهزل وآخره جد مؤرق ومتعب للقلوب محسن للطبائع دقت معانيه حتى أصبح صعب على الكثير وصفه فلا تدرك حقيقتها الا بالمعاناة .. وقد أختلف الناس في ماهية الحب وتعريفه ولعل التعريف الذي اورده ابن حزم الأندلسي يكون أجمل تعريف أذ يقول (( أنه اتصال بين أجزاء النفوس المقسومة في هذه الخليقة في أصل عنصرها الرفيع )) وللتوضيح لهذا التعريف هو التقاء للأرواح المفرقة في مكان ما بالكون وامتزجت حتى أصبحت واحده ..
ولو كان اصل الحب في الصور الجسدية والجسمانية لم يكن هناك حب بين البشر فالبشرية ليست كاملة ولكن المحب يرى في حبيبه انه كامل منزه عن كل دنيء ولكن أيضا قد تكون المحبة لسبب من الأسباب تزول بزوال ذلك السبب .. والمحبة بين البشر لها انواع كثيرة ولكن سأتكلم هنا عن محبة العشق .. فهذه المحبة لا تستطيع ان تفارقها حتى وان تباعدت بينك وبين من تحب المسافات ,, وانك لتجد الانسان البخيل الشحيح المتكبر اذا سئل لم يعطي اذا ذكرت امامه اسم محبوبته ذهب كبره وبخله والرجل الكبير السن يرجع له شبابه وزهوته ويصيبه الصبا ويهزه الطرب ويتهيج لديه الحنين .

وللعشاق والعاشقين اعراض اذا شاهدت احداً يتصف بها فأعلم انه قد عشق وتعلقت شغاف قلبه فأول اعراض العشق هو سرحان المحب عما حوله وانشغال عقله كثيراً وكذلك الوسواس وتبدل الغرائز وسموها وكثرة الزفير وضعف الجسم ونحوله وهذه بعض الاعراض العامة على العشاق وقد تختلف من شخص لآخر .

والحب داء ودواء .. داء شديد لاطب له ولا برء منه دواؤه يكون منه على قدر معاملة المحب لمحبوبه .. ولكن الغريب في ذلك ان هذا الداء والمرض لذيذ جدا ولا يود السليم منه ان يشفى منه .. فالمحب يغير طبائعه وعاداته حتى تتوافق مع من يحب .

وللحب علامات لا يلاحظها إلى الإنسان الفطن فأول هذه العلامات هي إدمان النظر للمحبوب فالعين هي باب النفس وهي المطلقة والمطلعة على سرائرها والمعبرة للضمير والمعربة لبواطنها فترى الناظر لايطرف ولا تذهب عينه عن محبوبه أينما ذهب ويميل مع محبوبه أينما يميل … أما ثاني تلك العلامات فهي الأقبال بالحديث .. فتجد المحب لايحب ان يسمع سوى كلام محبوبه وينصت لحديثه اذا تحدث ويصدقه وأن كذب وموافقته في ارائه وأن ظلم والشهادة له وأن جار ومصادقته على أي وجه من وجوه القول مهما كانت .

وثالث علامات الحب هي الأسراع بالمسير نحو المكان الذي يكون فيه المحبوب ويتعمد الجلوس بقربه والابتعاد عن كل مايعكر صفوهم ويترك كل الاعمال وان كانت ضرورية والاستهانة بكل شئ كبير يحول بينهما والتباطؤ في المشي عند مغادرة المحبوب .

ومن علامات الحب ايضا الدهشة والحيرة وخوف يظهر على المحب عند رؤيته من يحب فجأة وكذلك أيضا اضطراب يبدو على المحب عند رؤيته من يشبه محبوبه او عند سماع اسمه فجأة ..

ومن علامات الحب ايضاً .. ان يكون المحب كريما مع من يحب وأن كان لايستطيع فعل ذلك من قبل , وذلك كله لكي يبدي محاسنه ويرغب في نفسه عند محبوبه فكم من بخيل اصبح كريماً وكم من جبان أصبح شجاعاً وغليظ قلب رق قلبه وجاهل تأدب وفقير تجمل ..
فهذه بعض وأهم علامات الحب ولكن السؤال المطروح متى تكون هذه العلامات وتظهر ؟

وسوف أجيبكم على هذا التساؤل .. فهذه العلامات تظهر قبل استعار نار الحب وتأجج حريقه وتوقد شعلته فأذا تمكن الحب وأخذ مأخذه فحينئذ ترى الحديث أصبح همساً .. والإعراض عن كل من حضر إلا عن المحبوب جهاراً ..

اما شواهد الحب فهي تختلف عن علامات الحب وأعراضه فهي كثيرة أحاول ان أوجزها لكم فأول شواهــد الحب هي الانبساط الكثير الزائد والإحساس بأن المكان ضيق فاضح وان كان واسع ومجاذبة الشئ بين المحبين وان كان تافهاً كقطعة قماش مثلاً يتجاذبانها فيما بينهم وكثرة الفخر الخفي والاتكاء على كتف الأخر وتعمد لمس اليد عند المحادثه فيما بينهم وشرب ماتبقى من أناء المحبوب ..

أما العلامات المتضادة فهي على قدر الدواعي والأسباب المحركة لها والخواطر المهيجة لها .. فنجد ان المحبين اذا تكافئا بالمحبة وتأكدت بينهما تأكداً شديداً , أكثرا من الجد فيما بينهم بدون معنى لذلك ,, وكذلك تضادهما بالقول تعمداً وتتبع كل واحد مهما لقول الأخر وتأويله على غير معناه الأصلي فهذا كله لايعتبر بغضاء بين المحبين ولكن ليجرب كل شخص منهما الأخر ولذلك تجدون أن الرضا بينهم سريعاً ومن أهم شواهد المحبين التي يعرفها الجميع دون استثناء هي حب الوحدة وكثرة السهر فكم تغنى بذلك الشعراء وقالوا فيه الكثير حتى أن احدهم وصف المحبين بقوله
(( هم زراع قد زرعوا النجوم بالليل ,,,,,,,,,, فسهروا الليل لكي يحصدوه ))

تحياتي لجميع المحبين