كنت جالس في بيتي فمللت من الجلوس …. نهضت ووقفت خارج الدار في ليلة بارده من ليالي الشتاء القارص التي يعمها الظلام..
فسرت بالطرقات المكلله بالظلمه والوحشه.
وبعد ساعات ظهر القمر لينير ويتكفل بأنارة دروب السائرين
فصرت امشي بين الشوارع والبيوت وفي الحدائق واشم عطر الياسمين
وتنظر لي الناس بنظرة الانبهار والتعجب وانا على طبيعة حالي لم اتغير
تارةً ابتسم في وجوههم ابتسامة لا تفترق شفتاي عن بعضهما
وتارة اخرى تنهمر الدموع على وجنتي ……….
فاخذوا ينادونني بالمجنون وصار صوت الاطفال يعلوا في صمت الليل
بقولقهم … المجنون هنا……. المجنون هنا….وانا لا اهتم لما يقولون
او بما يفعلون …… فقط ابحث عن مكان او حبيب يؤنسني في وحشتي
ويضحكني في بكائي ويفرحني عند حزني ……… واسير واسير حتى
اصبحت قدماي منهكتان واتعثر في السير كالشخص الذي تاه في صحراء
ويطلب الماء ولا يجد من يأويه او يلتجأ اليه …. وانا على ذلك الحال حتى
حسست بهمسات من صوت لطيف يملأه الحنان …. يهمس بأسمي
فنظرت وامعنت النظر فوجدتها فتاة جميله كأنها ملاك قد نزل من السماء!!!
ام انشقت الارض وخرجت من جوفها!!فكان ظهورها مفاجئ لي….
فقالت ادخل الى بيتي فستجد من يؤنس وحشتك فدخلت حذرا مترقب …
فأتت بالماء وقالت اغتسل وتوضئ منه فعملت بما نطقت به الفتاة
واخذتني الى غرفة مظلمة وتركتني وحيدا عند بابها وأمرتني بالدخول
وفي اول خطوة خطوتها اضيئت الانوار ففزع قلبي …. وسمعت صوتاً من داخلها
ان اذكر الله عند خوفك… ولما نظرت وجدته رجلاً يشع وجهه نوراً فاخذت جسمي
قشعريره وارتعدت من ذلك البهاء وتلك الهيبه …. فقال لي ادخل وطبق ما سأعمله
فصرت خلفه وانظر الى ما يعمل حيث اقنت في قنوته …. اسجد لسجوده ..واركع عند ركوعه
وبقينا على ذلك المنوال حتى اتت الفتاة تحمل الطعام وقالت افطروا مما رزقنا الله …..
فتناولنا ما قسم الله لنا …… وبعد ذلك ادركت ان الصباح قد ولج واشرع قرص الشمس بالاشراق
فقال الرجل ….. اعمل ما عملته في الليل عندما تضيق بك الدنيا ……فايقنت من كلامه ان التجأ
الى عبادة الخالق … وادخل في وسع رحمته عند ضيق الدنيا الزائله ……………….
فرجعت الى بيتي وقلبي منير ومبتهج بالهدايه والطمئنينه