الرئيسية › منتديات › مجلس الثقافة الأدبية والشعر › نشيد الملائكة***********
- This topic has 5 ردود, 4 مشاركون, and was last updated قبل 18 سنة، 7 أشهر by
يتيم زايد.
-
الكاتبالمشاركات
-
7 ديسمبر، 2005 الساعة 7:29 ص #47105
نسمات
مشاركقصة قصيرة من أدب المقاومة
كلشان البياتي
أقتنع حازم بأنّ الانتقال إلى السكن في بيت أخر أفضل من ضياع عقل زوجته وان التضحية ببضع ملايين من الدنانير اقل كلفة من إصابة انسان بالجنون لذا قرر أن يذعن إلى الواقع ويبحث عن البيت البديل في حي أخر..
في الصباح الباكر، سردت له الحكاية ذاتها، ثمة ملائكة ترقص وتنشد في البيت المجاور بأصوات حزينة مثيرة تبث الشجن في النفس وتسرق النوم من العين.
في صباح كل يوم، تروي الحكاية عينها،وتشكو قلة النوم والأصوات الحزينة والنحيب الصامت المنبعث من هياكل ذلك البيت بعد أن هوّت أركانها وجدرانها بصاروخ استهدفه طائرة أمير كية كانت تحلّق في السماء عندما أوصدت البيوت أبوابها والعيون جفونها مسافرة في نوم عميق- الأمل في الرجوع منها ضئيل جدا..
لم يقتنع بكلامها وما يدور في خلدها وتصّور الموضوع إرهاق نفسي لأن عائلة أبو نعيم لم تكن تمتهن الغناء وكانوا بعيدا عن الفن فمن أين جاءت لهم موهبة الغناء هذه ليصبحوا جميعا منشدين يعزفون ويغنون ويرقصون طربا ونحن في أيام الحرب….؟
في الحرب تنمو توقعات الناس وتتنوع بينما تشتغل الحاسّة السادسة بنشاط ملموس، وجاري أبو نعيم نشطت حاسته السادسة في هذه الحرب عندما أعرب عن خوفه من حصاة طائشة تقذفها عجلات السيارة المارقة في الشارع في حين أخفى مشاعره الحقيقية في الخوف من وقوع الحرب لأن التعبير عن ذلك علنا والجهر به يعد نقيصة في عرف الرجال.
سقط الصاروخ على البيت المجاور وأزال البيت وسأكنيه من الوجود، عائلة أبو نعيم المكونة من ثمانية أطفال مع زوجته بقوا تحت أنقاض البيت ولم يسلم منهم حتى الدجاج التي كانت أم نعيم تجهد نفسها بتربيتها في بيت الدجاج المبني من بقايا السعف وعروق الأشجار..
فناء عائلة بكامل أفرادها وبقائهم تحت الأنقاض واختفائهم فجأة عن الأنظار والأبصار موضوع ليس هين وليس باستطاعة أي إنسان أن يتقبله، عقل البشرية تتفاوت فيما بينها في درجة استيعابها لمآسي الحرب.
بعدما تغرب الشمس عن البيت وتجنح إلى المغيب، تنقطع ضجيج السيارات عن الشارع وتعمّ صمت كئيب بضع دقائق لتشغل ذهنها حينئذ أصوات شذيّة عذبة قريبة من أصوات الأطفال الذين بقوا تحت أنقاض البيت، صوت رئام وحسن وأمل ونعيم ولبنى وبسّام، صوت ألام يكتسح أصوات الصغار بينما يتلاشى صوت الأب تقريبا كأنما فقد صوته بعد الموت تماما.
تتناهى إلى أذنيها الهمسات ذاتها، النشيد ذاته بلحن شجي عينيه والموسيقى نفسها تصل إلى أذنيها عند انجلاء ضوء الشمس عن البيت وانتشار الصمت حول الهيكل المتبقي..
صباح تلك الليلة التي هوّت فيها الصاروخ على بيت أبا نعيم وأحالته إلى الركام، قصتّ زوجته عليه حكاية نشيد الملائكة في بيت أبي نعيم.. أهمل الحكاية في المرة الأولى والثانية ونهرها في الثالثة لكنه لم يستطع أن يلغيها عندما وجد نفسه أمام حكاية تعاد عليه يوميا بعد شروق الشمس.. ثمة أطفال ينشدون في البيت المجاور، أصواتهم دافئة شجية والأم تنشد معهم لكن للأب همسة فقط كأنه خارج البيت وغير موجود وهم بانتظاره لتناول العشاء والجلوس إلى التلفاز..
الحرب قادمة في طريقها الينا ولا نعرف أي الأرواح تحصد أولا، كان هذا أخر كلام قد قاله أبا نعيم قبل ثلاثة ليالي من الحادث فقد انزوى في داره وقرر أن لا يخرج إلى الشارع خوفا من سقوط رصاص طائش يطير من سلاح فدائي مستجّد على القتال.. الحرب ابتدأت وكسب إلى صفوفه رجال لهم خبرة وشباب لازالوا تحت قيد التمرين..
عندما بقى أبو نعيم تحت أنقاض البيت اثر سقوط الصاروخ قرر أن لا يبقى في البيت وان يذهب إلى الدائرة ويمارس حياته فعندما تبدأ الحرب تبدأ معها حياة جديدة والحياة لا تتوقف في الحرب لكنها تقضم كل شي وتبتلع أي شي أخرها بل أولها عقل زوجته الذي كان يزن عقل سكان الأرض.
رئام اصغر الإناث عمرا تعزف على إلة الناي ونعيم يعزف القانون وحسن عازف جيد للعود وأمل تملك صوتا غنائيا جميلا وبسامّ يعزف على الكمان…يبدؤون نشيدا جماعيا ثم انفراديا بطريقة يسهل التعرّف على أصوات كل واحد منهم، صوت ألام هادئ رغم الحزن كأنها تحاول أن تجمع شتات نفسها، أطفالها معها تحت الأنقاض فلما الحزن…؟ الأم لا تحزن إلا عندما يتفرق الأولاد عنها.
في وقت من الليل تستيقظ الطفلة المدللّة رئام لتنشد مع أخيها بسام نشيدا ثنائيا معا، في وقت أخر تغني لبنى مع نعيم، يصمت نعيم،ينشد حسن، نشيد متواصل لا ينقطع طيلة الليل.
في البيت الذي تحول ّإليه هربا من نشيد الملائكة المنبعث من هيكل البيت المجاور، سمع منها:-
أن أصواتهم لم تنقطع تلك الليلة، كانوا حزانى ينشدون الغناء واللحن ذاته، كأنهم ملائكة.
كلشان البياتي
كاتبة وصحفية عراقية
Golshanalbayaty2005@yhoo.com7 ديسمبر، 2005 الساعة 9:00 ص #621173غاليتي
مشاركقصة جميلة يعطيكي الف عافيه
7 ديسمبر، 2005 الساعة 10:44 ص #621229(((فتى العرين)))
مشاركتسلمي نسمات وايد حلوه
ومشكووووووره7 ديسمبر، 2005 الساعة 4:27 م #621379نسمات
مشاركشكرا غاليتي ,,الف شكر
7 ديسمبر، 2005 الساعة 4:28 م #621381نسمات
مشاركفتى العرين نورت مشاركتي ,,
فالف شكرا لزيارتك ويارب دووم
8 ديسمبر، 2005 الساعة 9:22 ص #621628يتيم زايد
مشاركمشكوووووووووورة
قصة روعة
-
الكاتبالمشاركات
- يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.