مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #44793

    ” وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون “

    إنذار وإخبار في تخويف وترهيب بيوم الحسرة حين يُقضى الأمر

    يوم يجمع الأولون والآخرون في موقف واحد ، يسألون عن أعمالهم

    فمن آمن و اتّبع ، سعد سعادةً لا يشقى بعدها أبدا ..

    ومن تمرّد وعصى ، شقي شقاءاً لا يسعد بعده أبدا ، وخسر نفسه وأهله وتحسّر

    وندم ندامة تتقطع منها القلوب وتتصدع منها الأفئدة أسفا …

    ومن هذه الحسرات :

    الحسرة على أعمالٍ صالحة ..

    شابتها الشوائب وكدّرتها مُبطلات الأعمال من رياء وعُجب ومنّة

    فضاعت وصارت هباءاً منثوراً ، في وقت يكون فيه الإنسان في أشدّ

    الحاجة إلى حسنة واحدة ..

    ” وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون “

    الحسرة على التفريط في طاعة الله ..

    وتصرّم العمر القصير في اللهث وراء الدنيا حلالها وحرامها ، والاغترار

    بزيفها مع نسيان الآخرة وأهوالها ..

    ” أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن

    كنت لمن الساخرين ، أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين ، أو تقول

    حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ، بلى قد جاءتك آياتي

    فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين “

    الحسرة على التفريط في النفس والأهل ..

    نعم .. يوم تفقدهم وتخسرهم مع نفسك بعد ما فُتنت بهم

    ذلك هو الخزي والحسرة والنار ..

    بعضي على بعضي يُجرّدُ سيفه والسهم مني نحو صدري يُرسَلُ

    النار تُوقدُ في خيام عشيرتـي وأنا الذي يا للمصيبة أُشعِــلُ

    ” قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة

    آلا ذلك هو الخسران المبين “

    الحسرة على أعمالٍ صالحة ..

    كان الأمل بعد الله عليها ، ولكنها ذهبت في ذلك اليوم العصيب إلى

    من تعدّيت حدود الله فيهم فظلمتهم في مال أو دم أو عرض ، فكنت مفلسا حقا

    ” وقد خاب من حمل ظلما “

    فيأخذ هذا من حسناتك وهذا من حسناتك ، ثم تفنى الحسنات فيطرح

    عليك من سيئات من ظلمتهم ثم تُطرح في النار ، أجارنا الله منها ..

    حسرة جلساء أهل السوء ..

    يوم انساقوا معهم يقودونهم إلى الرذيلة ، ويصدونهم عن الفضيلة

    إنها لحسرة عظيمة في يوم الحسرة يعبّرون عنها بعَضّ الأيدي يوم لا ينفع

    عضُ الأيدي .. كما قال ربي :

    ” ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا

    ياويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا “

    حسرة الأتباع المقلدين لكل ناعق ..

    يوم يتبرأ منهم من تبعوه بالباطل فلا ينفعهم ندم ولا حسرة !!

    ” ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا

    وأن الله شديد العذاب ، إذا تبرأ الذين أتُبعوا من الذين أتبعوا ورأوا العذاب

    وتقطعت بهم الأسباب ، وقال الذين أتبَعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم

    كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم

    وما هم بخارجين من النار “

    حسرة الظالمين المفسدين في الأرض ..

    الذين يصدون عن سبيلِ الله ويبغونها عوجا ، حين يحملون أوزارهم وأوزار

    الذين يضلونهم بغير علم ، فيسمعون عندها قول الله :

    ” فأذّن مؤذن بينهم أن لعنت الله على الظالمين ، الذين يصدون عن

    سبيلِ الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون “

    ومن أعظم المشاهد حسرة في يوم القيامة يوم يكفر الظالمون بعضهم

    ببعض ، ويلعن بعضهم بعضا ، محتدين ومتبرئين فذلك قول الله :

    ” قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار

    كلما دخلت أمة لعنت أختها “

    فيا حسرة الظلمة وأعوانهم حين يعلمون فداحة جريمتهم في تنفيذ رغبات

    الظالمين ، لكن حيث لا ينفعهم علمهم ، وعندها لسادتهم يقولون :

    ” إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار ” ؟

    فإذا بالسادة أذلّة قد عنت وجوههم للحي القيوم لا يملكون لأنفسهم شيئا

    ولا يستطيعون :

    ” قال الذين استكبروا إنّـا كلٌّ فيها إن الله قد حكم بين العباد “

    تصور معي أخي ذلك الجو من الحسرة والخزي والندامة المخيّمة

    على المستضعفين والمستكبرين …

    لو رأيتهم إذ وقفوا عند ربهم من غير إرادة ولا اختيار مذنبون ترهقهم

    ذلة في انتظار الجزاء لرأيت أمرا مهولا ، يرجع بعضهم إلى بعض القول ..

    يلوم بعضهم بعضا ..

    ويؤنب بعضهم بعضا ..

    ويلقي بعضهم تبعة ما هم فيه على بعض ..

    يقول أتباع الضُلاّل الذين اُستضعفوا لقادة الضَّلال الذين استكبروا :

    ” لولا أنتم لكنا مؤمنين “

    يقولونها جاهرين بها صادعين في وقت لم يكونوا في الدنيا بقادرين

    على هذه المواجهة ، كان يمنعهم الذل والضعف والاستسلام ،

    أما اليوم يوم الحسرة فقد سقطت القيم الزائفة وواجهوا العذاب

    فهم يقولونها غير خائفين :

    ” لولا أنتم لكنا مؤمنين “

    ويضيق الذين استكبروا بهم ذرعا إذ هم في البلاء سواء ، فيجيبونهم في ذلة

    مصحوبة بفظاظة وفحشاء :

    ” أنحن صددناكم عن الهدى ” ؟

    الله أكبر كانوا في الدنيا لا يقيمون لهم وزنا ، ولا يأخذون منهم رأي

    ولا يعتبرون لهم وجودا ، ولا يقبلون منهم مخالفة ، بل حتى مناقشة !!

    أما اليوم ، يوم الحسرة فهم يسألونهم في استنكار الأذلاء :

    ” أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم ؟ بل كنتم مجرمين “

    زينا لكم الإجرام ؟ نعم .. لكنا لم نكرهكم عليه !! فما لكم علينا من سلطان !!!

    آما أنه لو كان الأمر في الدنيا لقبع المستضعفون لا ينبسون ببنت شفه ..

    لكنهم في الآخرة حيث سقطت الهالات الكاذبة ، والقيم الزائفة ، وتفتحت

    العيون المغلقة ، وظهرت الحقائق المستورة فلم يسكت المستضعفون

    ولا هم يخنعون !! بل يقولون :

    ” بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا “

    مكركم لم يفتر ليلا ولا نهارا للصد عن الهدى ..

    تزينون لنا الضلال وتدعوننا إلى الفساد ، وتقولون إنه الحق ..

    ثم تقدحون في الحق وتزعمون أنه باطل ، فما زال مكركم بنا حتى

    أغويتمونا وفتنتمونا …

    ثم يدرك الجميع أن هذا الحوار البائس لا ينفع هؤلاء ولا هؤلاء إلا براءة

    بعضهم من بعض !! علم كل منهم أنه ظالم لنفسه ، مستحق للعذاب

    فندموا حين لا ينفع الندم .. ويتمنى سرا أن لو كان على الحق والإيمان :

    ” وأسرّوا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا

    هل يُجزون إلا ما كانوا يعملون “

    قضي الأمر وانتهى الجدل وسكت الحوار ..

    وهنا يأتي حادي الغواة ، وهاتف الغواية يخطب خطبته الشيطانية القاصمة

    يصبّها على أوليائه :

    ” وقال الشيطان لما قضي الأمر ، إن الله وعدكم وعد الحق

    ووعدتكم فأخلفتكم “

    طعنة أليمة نافذة لا يملكون أن يردّوها عليه ، وقد قضي الأمر وفات الأوان :

    ” وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي “

    ثم يأنبهم على أن أطاعوه :

    ” فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ، ما أنا بمصرخكم ، وما أنتم بمصرخي “

    نفض يده منهم وهو الذي وعدهم ومنّاهم ووسوس لهم !!

    وأما الساعة فلن يلبيهم إن صرخوا ، ولن ينجدوه إن صرخ

    فيا للحسرة والندم !!

    الحسرة على أعمال مُحدثة ..

    وعبادات لم يأذن الله بها ولم يتبعوا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم

    ويحسب أهلها أنهم يحسنون صنعا :

    ” قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا

    وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا “

    الحسرة على أموال جُمعت من وجوه الحرام ..

    ربا ورشوة وغش وسرقة واحتيال وغيرها ..

    فيا الله أي حسرة أكبر على امرئ يؤتيه الله مالا في الدنيا ، فيعمل فيه بمعصية

    الله ، فيرثه غيره فيعمل فيه بطاعة الله ، فيكون وزره عليه وأجره لغيره …

    أي حسرة أكبر على امرئ يرى عبدا مكفوف البصر في الدنيا قد فتح

    الله له بصره يوم القيامة وقد عمي هو ، إن تلك الحسرة لعظيمة عظيمة ..

    أي حسرة أكبر على امرئ علم علما ثم ضيعه ولم يعمل به فشقي به ، وعمل

    به من تعلمه منه فنجى به ..

    أي حسرة أعظم من حسرات المنافقين الذين يقولون بأفواههم

    ما ليس في قلوبهم ..

    يوم تبلى السرائر وينكشف المخفي في الضمائر ويعرضون لا يخفى

    منهم على الله خافية ، ثم يكون المأوى الدرك الأسفل من النار

    ثم لا يجدون لهم نصيرا …

    أما الحسرة الكبرى فهي :

    عندما يرى أهل النار أهل الجنة وقد فازوا برضوان الله والنعيم المقيم

    وهم يقولون :

    ” أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟

    قالوا نعم فأذّن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين “

    وحسرة أعظم :

    يوم ينادي أهل النار أهل الجنة :

    ” أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ، قالوا إن الله

    حرمهما على الكافرين “

    وحسرة أجل :

    حين ينادي أهل النار مالكا خازن النار :

    ” ليقضي علينا ربك

    قال إنكم ماكثون لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون “

    ومنتهى الحسرة وأقصاها :

    حين ينادون ربهم تبارك وتقدس :

    ” ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون “

    فيجيبهم بعد مـدة :

    ” اخسئوا فيها ولا تكلمون “

    فيا حسرة المقصرين … ويا خجلة العاصين …

    لذّات تمر وتبعات تبقى ..

    تريدون نيل الشهوات والحصول في الآخرة على الدرجات !!!

    إخواني في الله ..

    هل آن لنا أن نعد لهذا الموقف العظيم عدته ؟

    ونعمل جاهدين على الخلاص من صفات أهلِ هذه المواقف المخزية ؟!

    آن لنا أن نخلص العبادة لله وحده ، ونجرد المتابعة لرسول الله

    صلى الله عليه وسلم …

    آن لنا أن نحذر من كل ناعق ملبس خائن يمكر في الليل والنهار قبل

    أن تقول نفس يا حسرتاه على ما فرطت ويا حسرتاه على ما ضيّعت !!

    آن الأوان لضعفة الأتباع أن يتبرءوا من متبوعيهم الظالمين المفسدين

    فلا يكونوا أداة لهم في ظلم في دماء أو أموال أو أعراض طمعا

    في جاه أو حطام …

    آن الأوان للإنابة والبراءة من الظالمين قبل أن يتبرءوا من تابعيهم بين

    يدي الله يوم ينقلبون عليهم فيلعن بعضهم بعضا حيث لا ينفع لعن ولا ندم …

    آن الأوان للمرأة المسكينة في زماننا اليوم أن تتنبه لهذه المواقف فتتبرأ في

    دنياها اليوم من كل ناعق لها باسم الحرية والتمدن ومتابعة

    الأزياء والموضات ..

    آن الأوان لأتباع الطوائف الضالة المبتدعة أن يفيقوا ويدركوا خطر

    هذه المتابعة التي ستنقلب حسرة كبرى وعداوة ولعنة بينهم وبين

    متبوعيهم يوم القيامة ..

    ” ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا

    ومأواكم النار وما لكم من ناصرين “

    آن الأوان لمن أعطوا قيادتهم لجلساء السوء والمفسدين في الأرض ، ومن هم

    دعاة على أبواب جهنم يسوقونهم إلى الرذيلة ويفتحون قلوبهم للمكر

    والألاعيب والصد عن الفضيلة ..

    آن لهم أن ينتهوا ويقطعوا صلتهم بهم وطاعتهم لهم ما داموا في زمن

    من مهلة وإمكان ، وإن لم يقطعوها في الدنيا ، فهي لا شك منقطعة

    يوم القيامة وستنقلب عداوة وخصاما وحسرة ..

    ” الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين “

    آن الأوان للمجاهرين عموما بالمعاصي ، غير معظمين لشعائر الله

    والحرمات ، أن يعلنوها توبة عاجلة نصوحا قبل الممات وقبل يوم الحسرات !!

    وكل أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما أخبر معافى إلا المجاهرين

    وما من راعي يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لهم إلا حرّم

    اللهُ عليه الجنة .. وكلُكم راعيٍ ومسؤول .. وما كل راع براع !!!

    آن الأوان لمُضيّع وقته أمام ما تبثه هذه القنوات من محرمات أن يتوب ويؤوب ..

    آن الأوان لمن عقله أصبح في أذنيه ولبّه بات في عينيه من أثر البهتان

    فيه وانطلاء الزور عليه ، أن يتوب قبل أن يقف أمام الله فتشهد

    الأعضاء والجوارح وتبدو السوآت والفضائح فيختم على فمه وتتكلم

    يده ويشهد سمعه وبصره وجلده بما كان يكسب ، ثم لا يكون إلا الحسرات

    فما تغني الحسرات ؟!!!!!!
    قبل يوم الحسرات
    اخيكم فى الله احمد

    #603942
    سيمو 31010
    مشارك

    جزاك الله عنا خيرا اخي

    #605237

    شكرا لك على مروك اخى العزيز وجزاك الله كل خير

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد