عندما كنت في “مدراس” جاهدت للحصول على فرصة عمل في أي دولة خليجية ، وبعد فترة أخبرني مكتب الاستقدام أنني سأحصل على فرصة للعمل في مجال العلاقات العامة في إحدى الشركات 00 وما إن وصلت حتى فوجئت بأن كفيلي يطالبني بأن أعمل لديه كسائق أقوم بتوصيل أبنائه إلى المدرسة وحمل شنطهم الثقيلة التي تكسر الظهر ، إضافة إلى “المدام” التي لا تفارق السوق وتكلفني بشراء كل احتياجات المنزل وكأنني زوجها !! هذا غير ابنته ذات الثمانية عشر ربيعا التي كانت تلف المراكز التجارية لفا وتصطحب معها صديقاتها ولا تعود إلى المنزل إلا بعد أن تقفل المحال أبوابها 00كما كنت أقوم بدور (البودي جارد) لحمايتها من المتطفلين ، فأي تحرش من هنا أو هناك أكون أنا في الواجهة ، وأذكر ذات مرة عندما جرت قدمي لمشاجرة عنيفة مع شلة من ذوي الرؤوس الحليقة أو أشباه (رونالدو) حيث اعتدوا علي بالضرب والركل ولم أستيقظ إلا وأنا في عيادة الطوارئ 00 والشيء الذي لم يخطر ببالي أنه بهد هذا الحادث اكتشفت أمر كنت غافلا عنه فترة طويلة ، فلقد صارحتني الفتاة بحبها لي وأنها معجبة بشجاعتي غير المعهودة ، كما شبهتني بأحد أبطال المسلسلات المكسيكية 00 فلم أصدق ، فأنا لست بتلك الوسامة اللافتة خصوصا أنني معروف بين أسرتي بالضفدع حتى والدي لم أسلم من سخريته مع أنني أشبهه تماما 00! المهم ترددت في هذا الحب ولم أرفضه قلت لها أن هذا الأمر صعب جدا وفيه (واجد مشكل) ولو افترضنا أن أهلي وافقوا على الزاج وهذا أمر مؤكد فكيف سيكون رد فعل والديك اللذين بلا شك سيقطعان رأسي لو علما بالأمر 00 فبدا الحزن على وجهها وتضايقت ثم طلبت مني أن أوصلها إلى أقرب مركز تجاري حتى يتعدل مزاجها 00

أرقني هذا الموضوع كثيرا وحاولت نسيان مشاعري تجاهها فم أستطع ، فهربت إلى أحد أصدقائي الذي لم يقصر معي حيث أقمت معه في شقته المريحة ، وعرفت منه أن هناك شققا مجاورة فيها مجموعة من الشغالات الهاربات اللاتي يعملن بالقطعة 00 وقضيت قرابة الستة شهور تنقلت خلالها بين أكثر من عمل فراش ، طباع ، ميكانيكي ، جرسون ، عامل في محطة غسيل السيارات 00 ولم أكن مقتنعا بتلك الوظائف خاصة مع ما أسمعه من هروب كثير من الآسيويين بالملايين ، فكيف أكون أقل منهم ؟!!

وضعت خطة طويلة الأجل لتحسين أوضاعي المادية فبدأت بالعمل في سوق السمك واتفقت مع مجموعة من زملائي للسيطرة على السوق ونجحنا إلى حد كبير بالتلاعب بالأسعار في غياب رقابة البلدية واستطعت الخروج بحصيلة من الأموال لم أكن أتخيلها 00 بعد ذلك فكرت بمشروع أكبر يجعلني من (الهوامير) فقلت في نفسي : لماذا لا أفتح محلا صغيرا ثم أتدرج شيئا فشيئا حتى يصبح عندي سوبر ماركت، ولكن المشكلة أن جوازي محجوز لدى كفيلي الذي هربت منه ، وربما سلمه إلى إدارة الجوازات وقرروا تسفيري00 ولكن حدث ما لم أكن أتوقعه فلقد سمعت من أحد أصدقائي أن كفيلي يسأل عني ويريدني أن أعود إلى بيته ، كما وعد بعدم اتخاذ أي إجراء ضدي 00

وبالفعل تأكدت من صدق كلامه فهرعت إليه في اليوم التالي حيث قبلني على رأس وانتهى الموضوع بشكل ودي قررنا بعدها البدء في شروع السوبر ماركت على أن يكون هو الكفيل (النائم) وأنا المدير المباشر بشرط أن أدفع له مبلغا لا يتجاوز الألف درهم في نهاية كل شهر ميلادي 00 ونجحت الفكرة ، حيث استطعت منافسة العديد من الجمعيات التعاونية وبعض صغار التجار (ومسحتهم مسحا) إلى أن أغلقوا محلاتهم بعد بضعة شهور 00 وكبر امحل فاحتجت أن أفتح فروعا أخرى في مناطق مختلفة ، وكانت تلك الخطة الثانية في طريق الوصول إلى (إمبراطورية السوق) الذي خططت له ، وبعد سنوات من الجهد المتواصل والغش في السلع قطعت نصف المشوار حتى صارت لدي حسابات بالدولار وفي بنوك ذات أسماء رنانة 00كيف لا وقد أصبحت (أربابا) يحسب له ألف حساب بعد أن كانت أمنياتي أن أعمل في مجال العلاقات العامة 00!!

في يوم من الأيام تجاوزت بأحلامي كل الحدود 00 هل تعرفون بماذا فكرت ؟! نعم قررت الزواج ولكن بمن ؟ بنت كفيلي !! لم لا ؟ فهي بعد مرور كل تلك السنوات لم تتزوج بالرغم من كثرة الشباب المواطنين الذين تقدموا لها 00 فوجدتها فرصة سانحة لطلب يدها خصوصا أنني في مكانة تؤهلني للارتباط بها وبيننا حب قديم 00

فقمت بالاتصال بها على هاتفها الخاص حتى أجس النبض وأتأكد من شعورها تجاهي ، فكان جابها السكوت الذي يعتبره الناس علامة الرضا 00 وهذا ما شجعني لاستضافة والدها في فيلتي على البحر ، وبعد العشاء دار بيننا حوار مطول وكأننا في مباحثات سلام ، وفي نهاية الجلسة قال لي (اليوم السم أقرب لك) وبصراحة لم أفهم معنى الجملة إلا في اليوم التالي عندما وصلتني رسالة مختصرة على بريدي الإلكتروني كتب فيها (راجوه 00 انتهت إقامتك) وهنا فزعت من نومي ورحت أركض في الميدان الذي كنت راقدا به 00 فلقد كان كابوسا مزعجا أتمنى ألا يتكرر مرة ثانية 00!!!

منقووووووووووووووول