الى سنوات قليلة لم نكن نسمع بـ(الوسطية) ولم يكن مثل هذا المصطلح سائدا في حياتنا العامة أو متداولا في قاموسنا الفكري. والسبب في ذلك بسيط للغاية،وهو ان البديهيات لم تكن موضع جدال او نقاش. غير ان الزمن استدار فإذا بالبديهيات تحظى بنصيب وافر من حوارتنا العامة وتطغى على مجمل طروحاتنا الفكرية. واذا عرف السبب بطل العجب، ثلاثة عقود رمادية القت بظلالها علي الساحة الفكرية وفعلت بنا الافاعيل.. قال تعالى(وجعلناكم امة وسطا) وفي (القاموس المحيط ): الوسط من كل شيء اعدله وأكمله.اذا الوسطية لا تعني أن تقف في المنتصف بين موقفين متضادين. والوسطية ليست محاولة امساك العصا من المنتصف كما هي ليست حالة توفيقية، أو انتهازية فكرية. هي نقطة توازن بين الغلو والتقصير وبين الافراط والتفريط.وحاله(شرعية) تتفق مع نواميس الطبيعة التي أودعها الخالق في كونه وفطر عليها خلقه. يقول علي بن ابي طالب كرم الله وحهه:(خير الناس هذا النمط الأوسط يلحق بهم التالي ويرجع اليهم الغالي)*”من الغلو وليس الغلا*”. لكن اشكالية الوسطية تبقى هي اشكالية المصطلح ذاته.فالكل يجمع على المصطلح ويفترق علي المنهج والكل يتفق على النص ويختلف على التفسير..وهكذا. الى هنا، فالاختلاف ورد..بل هو سنة الحياة، لكن الاشكالية تكمن في مصادرة الاختلاف بحد ذاته، وتحميل المصطلح ما لا يحتمل من خلال راي احادي لا يحتمل النقاش أو الجدل.
يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافقإقرأ المزيد