نبذة عن ابن تيمية
اســــمـــه ونسبه:
هو شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد بن تيميه النميري الحراني الدمشقي الحنبلي، وتيمية اسم لعائلته الأصل العريق والعلم الوافر، ويقال أنه اسم والده جده الأعلى (محمد) وكان واعظة راوية.
مكان وسنة ولادته :
ولد ابن تيمية في بيت حمل لواء المذهب الحنبلي أكثر من قرن من الزمن في مدينة حران، ولم يحدد يوم مولده فبعضهم قال أنه ولد في العاشر من ربيع الأول يوم الاثنين سنة 661هـ، وبعضهم قال أنه ولد في الثاني عشر من ربيع الأول سنة 661هـ والراجح أنه ولد يوم العاشر من ربيع الأول سنة 661هـ.
موطنه ونشأته:
موطنه الأول من ولادته حتى سنيه الست الأولى كانت في حران، وأثرت بيئته هذه تأثيراً قوياً فتلك المدينة كانت موطن الحنابلة لا ينازعهم فيها أحد، وقد تخرج منها علماء كثيرون وفقهاء محدثون.
وما كاد يبلغ السابعة من عمره حتى هاجم المغول حران، فهاجر مع والديه إلى دمشق وقد تحملت الأسرة متاعب جمة، وصعاباً بالغة في هذه الرحلة بسبب الرعب الشديد الذي سيطر على جنوب سوريا، فترك هذا الخطب الجلل أثراً عميقاً في مخيلة الصغير أحمد، فانطبع في ذهنه الإحساس بهوان أمته الإسلامية أمام شراسة الأعداء وهمجيتهم. وأخذ الشعور بمقت أعداء الإسلام يتزايد مع تقدم سنه.
سيرته العليمة طالبا وأستاذا:
وفي مجال التأليف والإنتاج العلمي ، فقد ترك الشيخ للأمة تراثًا ضخمًا ثمينًا ، لا يزال العلماء والباحثون ينهلون منه معينًا صافيًا ، توفرت لدى الأمة منه الآن المجلدات الكثيرة ، من المؤلفات والرسائل والفتاوى والمسائل وغيرها ، هذا من المطبوع ، وما بقي مجهولًا ومكنوزًا في عالم المخطوطات فكثير.
ولم يترك الشيخ مجالا من مجالات العلم والمعرفة التي تنفع الأمة ، وتخدم الإسلام إلا كتب فيه وأسهم بجدارة وإتقان ، وتلك خصلة قلما توجد إلا عند العباقرة النوادر في التاريخ.
فلقد شهد له أقرانه وأساتذته وتلاميذه وخصومه بسعة الاطلاع ، وغزارة العلم ، فإذا تكلم في علم من العلوم أو فن من الفنون ظن السامع أنه لا يتقن غيره ، وذلك لإحكامه له وتبحره فيه ، وأن المطلع على مؤلفاته وإنتاجه ، والعارف بما كان يعمله في حياته من الجهاد باليد واللسان ، والذب عن الدين ، والعبادة والذكر ، ليعجب كل العجب من بركة وقته ، وقوة تحمله وجلده ، فسبحان من منحه تلك المواهب.
وقد استمرت أسرة ابن تيمية في دمشق فأفرد لوالده كرسي بجامع دمشق يدرس فيه وأسندت إليه مشيخة دار الحديث في القصاعين محل سكناه، فأبوه شهاب الدين عبد الحليم من أعيان الحنابلة كان مدرساً بارعاً في علم الحديث ومصطلحه وواعظاً مشهوراً.
تعلم ابن تيمية في مدرسة والده الخاصة، ونهل من معين التراث الزاهر الذي تمتلكه أسرته، فجده مجد الدين عبد السلام الفقيه الحنبلي الإمام المقرئ المحدث النحوي واحد الحفاظ الأعلام ولا ننسى أمه أيضاً فهي الشيخة الصالحة ست النعم بنت عبد الرحمن بن علي بن عدوس الحرانية بالإضافة إلى استفادته من صحبة العلماء الآخرين في دمشق.
فقد نشأ في بيت علم وفقه ودين ، فأبوه وأجداده وإخوته وكثير من أعمامه كانوا من العلماء المشاهير ، منهم جده الأعلى (الرابع) محمد بن الخضر ، ومنهم عبد الحليم بن محمد بن تيمية ، وعبد الغني بن محمد ابن تيمية ، وجده الأدنى عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية مجد الدين أبو البركات صاحب التصانيف التي منها : المنتقى من أحاديث الأحكام ، والمحرر في الفقه ، والمسودة في الأصول وغيرها ، وكذلك أبوه عبد الحليم بن عبد السلام الحراني ، وأخوه عبد الرحمن وغيرهم, ولم تقتصر دراسته على علوم التفسير والحديث والفقه بل تعداها إلى العلوم الكونية الفلكية والرياضية والتاريخ والأدب, ولم يكن التفسير فنه الوحيد، بل ليس هو الأول فيما عرف فيه، إذ كان ميدانه الأول هو الفقه وأصوله وفروعه، الذي عرف به ابن تيمية مجتهداً ومجدداًَ، فوضعه اجتهاده موضع النزاع بين المعجب بآرائه المؤيد لها، والآخر الراد عليها المفند لها، فكان ذلك أهم أسباب بروزه وانتشار مصنفاته.
مما سبق نتبين أن ابن تيمية كان طالباً مجداً ومدرساً ناجحاً ومؤلفاً بارعاً.
وفاته:
لقد توفي هذا العالم الجليل بعد حياة مليئة بالجهد والعلم وتخطي الصعاب تاركاً ورائه علماً مفيداً نافعاً يرجع له ويستقي منه، سبع وخمسون عاماً أمضاها الشيخ وهي عمره في جهاد مرير وسعي متواصل، ودعوة دائمة إلى الله عز وجل حتى أتته المنية مسجوناً بقلعة دمشق ليلة الاثنين عشرين من ذي القعدة سنة 728هـ ويقال أنه خرج في وداعه ما يقارب مائة ألف من الرجال وأكثر من خمسة عشر ألف من النساء.