الرئيسية › منتديات › مجلس الفقه والإيمان › العائدة الى الله
- This topic has رديّن, 3 مشاركون, and was last updated قبل 23 سنة، 8 أشهر by طـــلال.
-
الكاتبالمشاركات
-
26 أبريل، 2001 الساعة 3:20 م #3039المرتحلمشارك
جاءته تبكي من زمان قد سلف
عمه اللهو وأعماه الترف
كارهة لكل شيئاً يقترف
من لاذ بالرحمان يا بشراه
فأقبلت على كتاب ربها
وحب ما يحويه منه قلبها
واتخذت هداه زاد دربها
من لاذ بالرحمان يا بشراه
جاءته في ثوب حياء تائبة
في عفوه الواسع جلّ راغبة
وكل خير من لدنه طالبة
من لاذ بالرحمان يا بشراه
ملاحظة : هذه القصة بلسان أحدى صديقاتها الصالحاتبسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله التواب الرحيم القائل في كتابه الكريم : (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )) والصلاة والسلام على سيد الأوابين وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله الأمين ، القائل كل ابن آدم خطّاء وخير الخطاءين التوابون صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا أما بعد أيتها الأخوات المؤمنات نحيكن بتحية الإسلام المباركة الطيبة فالسلام عليكن ورحمة الله وبركاته ، موضوع حديثنا في هذه الليلة (( العائدة إلى الله )) تعالين أخوات الإيمان نمضي في إجلال وإكبار وخشية واعتبار مع قصة يتفطر الفؤاد لسماعها مع حدث غريب عجيب قصة فتاة عرفت الله بعد الغرق في بحار المعاصي والآثام إلى الأذقان قصة تذرف الدموع لسماعها وتنخلع القلوب لهولها يا حليف المعاصي تعال لتعتبر بالتائبين يا غارقاً في لهوه سادراً في سهوه تعال شارك التائبين أفراحهم ويحك أيها المذنب أما آن لك أن تتوب ويحك يا غافل عن طاعة الله حتى متى هذه الغفلة أما بان البين وحان الحين وآذن المنادي بالرحيل تعال أخي لسماع قصة العائدة إلى الله أختاه يا أمة الله! أختاه يا فتاة الإسلام كوني في زمرة التائبين والحقي بالركب فإن الركب قد سار يا من فتنت بالأزياء والموضات يا صاحبت الملابس الناعمة الملونة تعاليّ يا من بعت نفسك للهوى والشهوات تها كلامها من يراها وله سابق معرفة بها لن يشك أنها مريضة أو أنها تعاني من ضيق يضطرم بداخلها اعتزلت الجميع وقررت الوحدة والعزلة لا تكلم صويحباتها بل إنها ابتعدت عنهن حاولت استمالتها والتحدث معها والوصول إلى سويداء قلبها ولكن سبقت عبراتها عباراتها أجهشت بالبكاء حاولت تهدئتها وبعدها قالت لي : أنتِ طيبة إذ فكرت في الجلوس مع واحدة مثلي إن أمثالي يدنسن وينجسن القاعدين حولهن لنتن الرائحة المنبعثة مني ومن أمثالي إنها رائحة ذنوبي وآثامي لقد بدأ اليأس يدب في جسمها وعظمها وعصبها لعظيم ما اقترفت ولكني كنت أردد أمامها قوله تعالى : (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )) ، قالت لي : أنتِ لا تعلمين عني شيئا إلاّ في نطاق المدرسة لا
تعلمين الفضائع والفضائح التي أمارسها خارج هذا السور وبدأت تحكي قصتها لصديقتها الصالحة التي جمعت لنا أحداث قصتها وأخذت بقيت الأحداث من بنت عم العائدة إلى الله كما أوصتها بذلك الفتاة نفسها ، هكذا كانت بداية حياة هذه الفتاة ولما شبت عن الطوق علقتها صديقة لها كانت كثيراً ما تجلسان سويا في أحاديث شيطانية ومع غياب المراقبة كان لفتاتنا صديق ولصاحبتها صديقان كانوا يخرجون سويا بدون قيد أو شرط ولندع الحديث لفتاتنا لكي تتحدث عن نفسها فتقول : كنا نخرج من المنزل ولا نعود إليه إلاّ بعد منتصف الليل هكذا في أيام الدراسة أما أيام العطل فحدث ولا حرج نخرج من الساعة السابعة صباحاً ولا نعود إلاّ والفجر قد بدا بصيصه وفي أحد أسابيع العطلة خرجنا في رحلة إلى منطقة بعيدة جداّ عن مكان سكننا تستغرق الرحلة يومين تعني ( صلالة ) وكنا حوالي ثمانية أشخاص ستة شباب وأنا وصديقتي ، أعلم أن العدد مروع ، أعلم أن العدد مروع ولكن أسأل الله أن يبعد عنا كيد الشيطان وتواصل الفتاة حديثها وعندما وصلنا ذهبنا للمطار لاستقبال مجموعة من الفتيات لنكمل الشلة الشيطانية ثم ذهبنا لأحد الفنادق واحترنا في أمرنا هل نأخذ غرفتين أم مجموعة من الغرف لكل شاب ولكني أول من رفضت هذه الفكرة واقترحت عليهم أن نأخذ غرفتين واحدة للفتيات والأخرى للشباب ولكنهم أصروا! على ما هم عليه فأخذت برأيهم وبقيت معهم حتى قارب وقت النوم ذهبت بعدها إلى غرفة بمفردي وفي اليوم التالي وافقوا أن نجلس مع بعضنا البعض طوال اليوم إلاّ وقت النوم
كل يذهب إلى غرفته واستمرت هذه الحالة لمدة أسبوعين. أخوات الإيمان : وقبل أن نواصل حديث هذه التائبة الشيّق لا بد أن نعلق على أحداث هذه الرحلة مع هؤلاء الشلة كما تقول لقد أعطيت هذه الفتاة مطلق الحرية تتصرف كيفما تشاء وتخرج مع من تشاء تنتقل من رحلة إلى رحلة ومن سهرة إلى سهرة ومن ملهاً إلى ملهى فيا لله أين المراقبة لهؤلاء جميعاً من قبل أولياء الأمور أليس هذا تضييع للأمانة الملقاة على رقابنا ؟ ابنك فلذة كبدك تتركه يهيم على وجهه كما تهيم الأنعام وإذا كان هذا في حق الولد فما بالنا في البنت التي هي كالريحانة كل يشتهي جنيها وقطفها كيف يرضى العاقل اللبيب أن يترك ابنته أن تذهب مع الأخدان وتصاحب الخلان إي والله لقد ذهبت الغيرة من نفوس كثير من الناس حتى أصبح البعض لا يفرق بين النور والظلام والهدى والضلال والحق والباطل والخير والشر فلتبكي على أمثال هؤلاء الآباء البواكي إن لم يسارعوا بالمتاب إلى رب الأرباب ، كانت تظن فتاتنا في تلكم الرحلات بأنها قد بلغت القمة فهي تجالس الأخدان وتسهر معهم حتى إذا كانت الساعة الأخيرة من الليل وأوشك الفجر على الانشقاق ذهبت في سبات عميق وأحلام موصولة بطموحاتها
ومستقبلها ثم لا تستيقظ إلاّ وقد علا النهار ولكن أين ! صلاة الفجر أيَّ صلاة تعني إنها لم تعرف تلك الصلاة يوماً من الأيام ولا عرفت ذلك الذي يسمى وضوء الصلاة بل إنها لا تعرف القبلة التي يتوجه لها الناس عند أدائهم للصلاة ، أليست تلك فتنة عمياء يزينها الشيطان للإنسان حتى يلقيه في الخسران ؟ إنه ما خلا رجل بامرأة إلاّ كان الشيطان ثالثهما كما قال نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام وأيّ فتنة أعظم من أن يلتف هؤلاء الفتيان مع هؤلاء الفتيات بدون قيد أو شرط وهم في ميعة الشباب وحداثة السن أهم من جنس الملائكة فهم معصومون من الزلل ؟ أو أن الشهوة المحرمة معدومة بينهم ؟ أو أنهم أطهار السريرة كما يقولون فلا تسمح لهم عفتهم بتعاطي كؤوس البغاء فيما بينهم أيّ تسامٍ هذا الذي يزعمون إنها حبائل الشيطان فالحذر الحذر أيها المربون لا تطلقوا لأولادكم العنان وربوهم على منهج القرآن . أخوات الإيمان : تلك هي فتاتنا التي تحلم بليالي السمر مع أجمل سهراتها وأمتع لحظاتها مع الموسيقى الصاخبة عالم غريب عجيب وفتاتنا ترقى إلى المجد والقمة حتى ظنت أنها لو أرادت النجوم لصاغتها عقداً جميلا ونسيت فتاتنا خالقها نسيت من أوجدها من العدم غاب عنها ما فيه من النعيم نسيت نعمة الصحة في البدن نسيت نعمة العمر وزهرة الشباب نسيت نفسها في خضم تلك التيارات التي تقذف بها ذات اليمين وذات الشمال لقد أضاعت أعظم جوهرة إنها العقل المدبر المفكر الذي يرشد إلى علاّم الغيوب وأنى لها بذلك ولم تجد من يأخذ بيدها إلى بر الأمان لم ترى من يصلي ولا من يقرأ القرآن إنها
قد ابتعدت عن الرحمان فقذفت بها الأمواج إلى ساحل جزيرة موحشة كثيرة السباع الكل يريد أن يقضي لبانته منها بعد أن يفترسها ويأكلها لقمة سائغة لقد سافرت فتاتنا سفراً بعيداً في طريق مظلم لم تدري كيف السبيل إلى الخروج منه وصدق الله : (( ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور )) ولكن أما آن الأوان لفتاتنا أن تعود بعد غياب طويل عن طاعة الله ، أما آن لها أن تحن إلى القرآن ، أما آن لها أن تخضع وتخشع لل!
رحمان ، أما سأمت هذا الطريق الطويل ، أما أتعبها هذا السهر المتواصل ، ألم تستفق من أحلامها بعد ، أما كفاها الضحك والمجون ، ألم تعتبر بمر السنون ، كيف ترضى أن تحيا حياة البهائم ؟ كيف تحب أن تعيش عيشة السوائم ؟ أما كشف لها فكرها الطموح زيف هذه الحياة التي تحياها ؟ أما أدركت بأنها مجرد متعة يستمتع بها المستمتعون ؟ فهم كالذئاب يريدون أن يفترسوها ثم يتركونها عرضة للضياع ، أليس هذا هو شأن كثير ممن ابتعد عن منهج الله لقد آن لكِ أيتها الفتاة أن تعودي إلى الله فقد ناداكِ داعِ الله فهلمي إلى بر الأمان وإلى حظيرة الإيمان ، لقد شاء الله أن تتوب هذه الفتاة
وأن تودع أيام الجهالة والضلالة وأن تخرج من ظلمات الهوى والانحراف إلى نور الإيمان وأن تعود عوداً حميداً إلى حظيرة الإسلام ، ولكن كيف تابت تلك الفتاة وما الذي غيّر مجرى حياتها ونبهها من غفلتها ومن هو الذي دق ناقوس الخطر حتى ينتشلها القدر من هلاك محقق وخسار أكيد ، تعالين أخوات الإيمان لنتابع حديث فتاتنا الشيّق وهي تروي سبب رجوعها إلى الله فتقول : وبعد فترة من خروجنا لهذه الرحلة يعني إلى صلالة خرجت مع صديقتي من الساعة الخامسة مساءاً وحتى الثا! نية ليلا ، وفي أثناء طريقنا إلى البيت اقترحت عليّ صديقتي أن أذهب معها إلى بيتها فقلت لها تعالي أنتِ إلى بيتنا لأن بيتنا لا يوجد به أحد ، ثم تواصل فتاتنا حديثها ولعلكم تتعجبون من هذا ، نعم إنه لا يوجد أحد أبي دائماً خارج البلد وأمي معه وأختي تدرس في الخارج وأخواني دائماً مشغولون مع رفقاء السوء فلقد أطلق لي أبي زمام الأمور وجعل لي الحبل على غاربه وحتى لو كان أبي في البلاد فوجوده كعدمه سيان تمنيت لو لم يكن لي أبٌ أصلا ، تمنيت لو لم يكن لي أبٌ أصلا كم أحس بالغيرة تضطرم في نفسي عندما أسمع استقبال الأبناء لآبائهم عند رجوعهم من السفر ، لم استقبل أبي إلاّ مرتين فقط مرة في المطار ومرة في البيت لأني لم أتعود فراقه بسبب أني كنت معه في غربة وولدت في غربة وأمي أجنبية نصرانية وكان أبي لا يغرس في قلوبنا مبادئ الدين وهذا شجع أمي أن تغرس فينا مبادئ النصرانية كنت لا أحس برجوع أبي إلاّ عن طريق كثرة حركة الخدم في البيت أما أمي فكنت أسمع بوجودها ولكني لا أراها إلاّ في آخر يوم قبل سفرها أو أني أسمع أنها رحلت ، المهم المهم أني نزلت عند رغبة صديقتي وذهبنا معاً إلى منزلهم وكذلك منزلهم لا يوجد به أحد د! خلنا وجلسنا ، كل مع قرينه في مجلس تعني أنها جلست مع زميلها وصديقها وجلست صديقتها مع زميلها وصديقها وبينما أنا وقريني نتحدث إذ بصوت صديقتي تناديني وتستأذنني في
الذهاب إلى غرفتها وأنها ستعود بعد قليل وبعد قليل سمعت صوتها مرة أخرى تناديني فقمت أنا وصاحبي إلى مصدر صوتها وإذا بنا نشاهد منظراً هدّ كياننا وأرعب وجداننا واقشعرَّ بسببه كل عصب في أبداننا ، لم أتوقع أن أراها بتلك الصورة الخليعة ، لم أعلم أن من أصاحبهم هذا شأنهم فلم أشعر إلاّ وقد لطمتها على وجهها لطمة قوية سقطت على إثرها على الأرض وكذلك صفعت صديقها الماجن ، إذاً هذه هي الثمرة التي نجنيها من وراء إهمال أبنائنا لقد رأت فتاتنا بعينيها صديقة عمرها وزميلة آمالها وأحلامها رأتها في أحضان شاب تتقلب بين يديه لقد دارت الدنيا برأس فتاتنا وكادت تسقط على الأرض من هول ما رأت ، أتجرؤ صديقتها على فعل ذلك ؟ ولعلها كانت على موعد مدبر من ذي قبل مع ذلكم الشاب أي خيانة هذه لقد ثارت النخوة في عروق فتاتنا وذهبت بها الغيرة كل مذهب فلم تتمالك نفسها إلاّ أن صفعت صديقتها صفعة قوية فقدت صديقتها وعيها على إثرها وخرجت فتاتنا من هنالك وهي تذرف دموع الن! دم وتعض أصابع الحسرة ، خرجت وهي تذرف دموع الندم وتعض أصابع الحسرة على هذا الضياع ، لقد نزلت عليها السكينة فلم تتمالك دموعها وقد اضطرب جسدها واقشعر جلدها كأنما سرى تيار كهربائي في ضلوعها لقد أحست لأول مرة بالندم والضياع ، لقد كانت ميتة الحس
والوجدان لقد كانت ضائعة فاستفاقت من ضياعها وسكرتها عندما لسعتها سياط الحسرة والندم ، نعم لقد استفاقت من ضياعها وسكرتها عندما لسعتها سياط الحسرة والندم ، وتواصل فتاتنا حديثها فتقول : بعدها خرجت ولم أدري إلى أين أتوجه أريد مخرجاً لم أجد مهرباً إلاّ إلى البيت ذلك المكان الذي لا أريد أراه بأم عيني ، دخلت البيت وإذا بصوت الموسيقى والغناء يهز أركانه وضحكات الشباب والفتيات تملأ جوانبه بحثت عن مكان أناجي فيه ربي ، صوت بداخلي يدفعني إلى ذلك لم أجد إلاّ المجلس ، كانت الساعة حوالي الرابعة فجرا ، فتحت المذياع حاولت البحث عن صوت ينقذني صوت يريحني وإذا بصوت محاضر يحاضر عن الموت وما بعده ، صغت جميع أعضائي لها ، انتقلت إلى عالم آخر لم أدرك ما حولي وما صحوت مما أنا فيه إلاّ على صوت الأذان يجلجل مسامعي تعني أذان الفجر ، ذهبت إلى غرفتي لأصلي ولكني لا أريد أن أ! دخل الغرفة أهي غرفة أم مكان تستثار فيه الغرائز الحيوانية كل صوب وكل زاوية فيها لا يخلو من صورة خليعة ، صورة صرفت فيها مبالغ باهظة ، الإطار فقط كلفني ما يزيد عن خمسين ريالا ، أثاث غرفتي عبارة عن أثاث من ماركة مشهورة وهي تيتانيك وهذا الاسم هو اسم لفلم أجنبي خليع كل لقطة من لقطاته خليعة لم أحس بنفسي إذا قمت بتمزيق وتكسير
كل هذه الصور رغم ثقلها وكبر حجمها ولكن الله أعانني وارتحت بعدها ، إذاً لقد كرهت فتاتنا كل شيء كرهت كل شيء حولها لقد عضت على أصابع الندم ، أهذه الحياة الحقة التي يحلم بها كل إنسان ؟ لقد بدد ذلك الموقف الذي رأته في غرفة صديقتها كل أحلامها لقد صفعها صفعة غيّرت كيان حياتها إنها تشعر بالضياع بعد عن الله ونكران لنعم الله وهتك
لستر الله سهر ومجون ورقص وفنون تأكل وتشرب وتسهر وتنام ، أهذه هي الحياة الحقة ؟ أهذه هي السعادة التي أرادتها ؟ ثم تواصل حديثها قائلة : أردت أن أصلي ، أردت أن أصلي ذهبت لأتوضأ ولكن كيف هذا الوضوء فأنا لم أتوضأ منذ أن خرجت لهذه الدنيا عممت الماء على جسدي كله ثم خرجت من دورة المياه لأصلي ، ولكن كيف هي الصلاة وعلى ماذا
أصلي فبيتنا لا يوجد فيه سجادة ثم ! وجدت سجادة لجدتي فهي الوحيدة التي كانت تصلي فرشت السجادة وأنا لا أعلم اتجاه القبلة كبرت وقرأت فاتحة الكتاب ثم ماذا ؟ لا أعرف ، سجدت ولأول مرة أحني جبهتي استغرق سجودي ساعة سجدت ولأول مرة أخفض جبهتي استغرق سجودي ساعة كاملة دون أدنى مبالغة وما قمت من سجودي إلاّ على صوت قارئ يقرأ سورة القيامة وإذا بصوت عذب يتسلل إلى الأرواح وبعد انتهاءه من القراءة حاولت البحث عن مصدر الصوت ولكن دون جدوى ،
إنها تريد أن تصلي بعد أن لم تكن تعرف الصلاة ، إنها أشد ما تكون إلى أن تخر ساجدة بين يدي الله باكية على ذنوبها إنها تجهل كل شيء عن دينها ، تقول الفتاة : فكرت أن أخرج من المنزل ولكن إلى أين أحسست بأنوثتي في حينها أحسست أني فتاة ولا يليق بي أن أخرج وحدي بمفردي مع أني كنت أسهر الليالي وأقضي الأيام وأنا خارج المنزل لكنني لا أطيق جو البيت ، أريد أن أهرب يا لله ما الذي غيرها لقد انقلبت رأساً على عقب لقد أدركت فتاتنا أخيراً أنها يجب أن تعود إلى الله يجب عليها أن تترك حياة اللهو والمجون ولكن من الذي يأخذ بيدها ويوصلها إلى بر الأمان هل هي أمها التي هي على غير ملة الإسلام ، أم أبوها الذي تعود على الأسفار وا! لأعمال الكثيرة يا لها من حياة ما أتعسها ومن فتاة ما أشد ضياعها فبمن تلوذ وبمن تستعصم إنها تعتصم برب الأرباب ومسبب الأسباب غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ،
ولكن من يأخذ بيدها إلى ذلك الطريق الذي لم تعرفه ومن يدلها على نور الحق وبرد اليقين لقد تذكرت فتاتنا أن لها عماً صالحاً تقيا ربّ أبناءه على طاعة الله هذا العم الذي حرمت من الجلوس معه لأن أباها كان يمنعها من زيارته حتى لا يفسد عليها أخلاقها ويعقدها بالدين كما يقول منعها من زيارته وأمرها من مقاطعته لكن هل تبقى فتاتنا على تلك المقاطعة ؟ وهل تخاف من عقاب أبيها الصارم إن ذهبت إلى عمها الصالح ؟ كلا والله لقد آن الأوان بأن تخترق ذلك الحاجز وأن تذهب إلى ذلكم العم مهما كانت النتائج وهي على أتم الاستعداد لتحمل أي تبعةٍ تلحقها من وراءِ ذلك القرار التي قررت لقد انفتح لها باب الضياء والنور فهل تغلقه بعد ان أبصرت لقد رأت الحق المبين فهل يا تُرى توصد على نفسها الأبواب ؟ كلا لقد آن الأوان أن تزور عمها وليكن ما يكن ، تقول فتاتنا : وبعد تذكرت أن لي عما قررت أن أذهب إليه ولكن كيف أذهب إليه ، عمي
رجل يعرف ربه ودينه وملابسي كلها خليعة ، ملابس! ي كلها خليعة فاضحة ، أحسست أني جوهرة يجب أن تصان ، ثم تذكرت أن عمتي أهدتني منذ فترة ثوباً ساترا ، وعباءة وحجاباً ومصحفا ، ما إن تذكرتها إلاّ ونزلت مسرعة إلى الطابق الأرضي وأخذتها من الخزانة ولبستها ، نعم ، هل تذهب إلى بيت عمها الصالح وبناته المحتشمات بأمثال تلكم الملابس الفاضحة التي تظهر مفاتنها ، إنها الآن لا تذهب إلى حفلة مجون ، بل تذهب إلى رحاب الله ماذا تفعل وكل ملابسها قصيرة رقيقة ؟ لقد وجدت ذلك اللباس الساتر الذي سترت به عورتها وكأنها تستر عيوبها ومآسيها الحزينة المؤلمة يا له من لباس طاهر ما أحسنه وما أبهاه ؟ وما أجمله وما أحلاه ؟ تقول العائدة إلى الله : اتصلت بسائق جدتي الذي لا يخرج إلاّ وزوجته معه تفاجأ بمكالمتي لأنه لم يخدم أحداً من بيتنا غيرها خرجت خارج المنزل أنتظره ولكنه رآني ولم يعرفني ولقد اعتذر لي فقد كان ينتظر خروجي إنه لم يعرفها لأنه ما تعود أن يراها بهذا اللباس الساتر ، ثم تقول طلبت منه أن يوصلني إلى منزل عمي تفاجأ عمي وزوجته كثيرا فلم تتمالك زوجة عمي نفسها وأجهشت بالبكاء حمداً لله على رجوعي إلى ربي وصلت
منزل عمي وفتح لي هو الباب لم أتمالك نفسي ارتميت في أحضا! نه قبلته أجهشت بالبكاء وعمي مندهش لا يعرفني بعد ولكن بعد أن علم أنني ابنة أخيه انسكبت العبرات من عينه حتى اخْضَلّت لحيته أخذ بيدي إلى المجلس حاول أن يعرف مني الموضوع ولكن دون جدوى ، إذاً فلقد نطق حالها قبل أن ينطق لسانها لقد عرف العم كل شيء قبل أن تنطق بكلمة واحدة وعلم أنها لا بد أن تعود يوماً من الأيام إلى حظيرة الإيمان ، لأن الذي يمضي في طريق مسدود لا بد وأن يعود إلى نقطة البداية من جديد وها هي الآن تعود لتسطر توبتها الصادقة النصوح بمداد دموعها الصادقة وكأن لسان حالها يردد قول الله تعالى : (( قالت ربِّ إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله ربّ العالمين )) إنها تسمع نداء الحق يناديها ولو لم تقرأ القرآن طوال حياتها (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا
إنه هو الغفور الرحيم )) وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما انزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتةً وأنتم لا تشعرون أن تقول نفسٌ يا حسرتا على ما فرطُ في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لم أن الله هداني لكنت من المتقين إنها ! استجابت لأمر الله وسارعت إلى رحمة الله تنفيذاً لأمر الله (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنةٍ عرضها السماوات والأرض أُعدتَ للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلاّ الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرةٌ من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين )) لقد فهم العم كل شيء إنها تابت إلى الله وعادت عوداً حميدا وأنابت مع المنيبين وحق لم تاب أن يتاب عليه أو ليس الله يقول : (( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى )) أو ليس التائب من الذنب كمن لا ذنب له كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نعم إن التائب حبيب الرحمان وإن الله ليفرح بتوبة عبده إن هو تاب وأقلع عن غيه وقد جاءت فتاتنا فارّة من ذنوبها تريد الخلاص تريد الفوز والفلاح تريد أن تهجر حياة اللهو والمجون وأن تكون أمة خاضعةً لله عابدةً خاشعة تريد من يأخذ بيدها إلى مرضاة الله تريد من يأخذ بيدها إلى مرضاة ربّ العالمين لقد أدرك العم كل ذلك فضمها إل! ى صدره وكأنه يسكب في قلبها برد اليقين والوثوق برحمة رب العالمين وعدم القنوط من رحمته وواسع مغفرته لقد وجدت الحنان لأول مرةٍ عند عمها ، الحنان الذي لم تذق طعمه في أسرتها وبين أبويها ، ثم تواصل التائبة كلامها : أراد عمي أن ينادي بناته ولكنني رفضت وطلبت منه أن ينادي واحدةً منهن فقط لأسألها ذهب العم وحذر ابنته من أن تتفاجأ بأسئلتي ، جاءت بنت عمي قلت لها : أُريد أن أُصلي ، أُريد أن أُصلي ، قالت لي : هذه دورة المياه وهذه السجادة ، قلت لها : ولكن كيف أُصلي أنا لا أعرف الوضوء ولا الصلاة ، قالت : سأُعلمك أنا لا عليكِ ، قلت لها : هناك غسلٌ من الحيض أليس كذلك ، قالت : نعم ، فقامت بنت عمي بإيضاح كل ما خفي علىّ ولم تقصر في ذلك أبدا ، تقول أبنت عمها عنها : عندما خرجت من الاغتسال أحسست أن نوراً يملأ وجهها وأدركت فعلاً
إن الله أخرجها من الظلمات إلى النور علمتها كيفية الصلاة وكانت صلاة الضحى ثم طلبت مني أن أتركها وحدها لا تريد أن ترى أحداً لمدة ثلاثة أيام سألتها عن الطعام وعن الشراب قالت لا أُريد إلاّ مصحفا لأن روحي هي التي تحتاج إلى الغذاء ، ثم طلبت مني أن أعود إليها وقت صلاة الظهر لمراجعة كي! فية أداء الصلاة أردت أن أقول لها بأنه لا يمكن أن يطبق الإنسان الشيء على أكمل وجهٍ من أول مرة ولكنني لم أستطع وسبحان الله كانت المعونة الإلهية مصاحبةً لها في كل خطوةٍ تخطوها حاول أبي أن يعرف منها سبب هذا التغير ولكنه فشل وبعد مضي ثلاثة أيام تجمع الأهل لتفاجئهم بخبر رجوعها إلى ربها فاستقبلوها استقبالاً حاراً وكانوا يشعرون أن التي تمشي بينهم هي نور يسطع ويضيء أرجاء المنزل ، لقد تطهرت لأول مرة وشرعت في أول صلاة في حياتها وكأنها لأول مرة تتصل بربها وخالقها كأنها رحلت من هذا العالم المتلاطم الأمواج إلى عالم علوي رباني تهيم فيه القلوب وتتصل فيه بعلام الغيوب إنها صلاة ما أجملها وما أحلاها تؤديها في هيبة وجلالة وإكبار لكي تطهر أدناسها وتخلع جميع أثواب الخلاعة والنذالة والمجون إنها عودة صادقة من قلب صادق عرفت طريق الله بعد طول هجران وبعد أن قضت صلاتها التي سكبت في قلبها أنوار الحق وبرد اليقين وغسلت ما تراكم على قلبها من أدران أحست بسعادة غامرة لم تشعر بها في لحظة ماضية من لحظات عمرها إنها سعادة الاتصال بالله عز وجل وصدق الله وهو أصدق القائلين : (( أفمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نورا! ً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها )) ، تقول ابنة عمها : بعد ذهاب الجميع تفرغ أبي للجلوس معها طلبت منه أن يساعدها في حفظ القرآن الكريم وتطبيق أحكام التجويد والتفسير فقد كانت تقول إنها لم تستطيع أن تحفظ القرآن إلاّ بعد خمس سنوات وتحس أنها ستفارق الحياة قبل ذلك وسبحان الله فقد أكرمها الله بحفظ أربعة أجزاء خلال أسبوع واحد نعم بحفظ أربعة أجزاء من القرآن الكريم خلال أسبوع واحد ، قد يبدو هذا غريبا ولكن الله إذا أحب عبداً أكرمه ، كانت تستغل وقتها بقدر ما تستطيع ، تنام بعد صلاة العشاء مباشرة وتقوم الليل من الساعة الثانية إلى حين وقت صلاة الفجر ، حاولت أن أقتدي بها ولو بالجزء اليسير لكنني لم أستطع كانت تقرأ جزءاً ثم تصلي أربع ركعات وهكذا حتى صلاة الفجر ، إذاً لقد عاهدت نفسها أن لا تنام بعد الثانية ليلا وإنما تبيت راكعة ساجدة مرتلة للقرآن الكريم وتنكب على حفظه آناء الليل وآناء النهار يا لله ما الذي غيّرها ؟ أين كانت غائبة عن كتاب الله طوال حياتها ؟ وهاهي الآن تحتضنه وتنكب عليه تلاوة و حفظاً وفهما تصل كلال ليلها بكلال نهارها ولا يهنأ لها منام من الساعة الثانية ليلا وأي! ن كانت من ذي قبل في مثل هذه الساعة ؟ إنها في السهر والمجون ، أما الآن فهي تقف بين يدي ربها والدموع تبلل خديها ساجدة في محرابها منكبة على كتاب ربها وصدق القائل حيث يقول : ودمعه بخده انسجاما إن جنّ ليل صفف الأقداما يقول الآخر : وقوم تخلوا لمولاهم فقوم تولوا لدنياهم
وعن سائر الناس أغناهم فألزمهم باب مرضاته وعين المهيمن ترعاهم يصفون في الليل أقدامهم إذا بالتحية حياهم فطوبى لهم ثم طوبى لهم إنها عادت إلى كتاب الله الذي هجرته من قبل ، عادت بعد شدة شوق ، عادت لتحتضنه وتطهر به فؤادها وتحيي به ضميرها وترتوي من معينه وتستضيء بنوره ، أو ليس الله يقول في وصف كتابه : (( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم )) ، فقد جاءها النور والهداية وانسكب في قلبها فأشرقت نفسها وتبددت تلك الظلمات التي كانت تحجبها عن نور الحق فأين فتيات الإسلام اليوم من القرآن الكريم ولكن لم تكن لتجري الأمور على حسب ما تحب ، فبعد مرور شهرين علم أبوها بغيابها عن المنزل رغم أنه جاء إلى البلاد أكثر من مرة لكنه لا يعرف عن أبنائه شيئا أما في المرة الرابعة من مجيئه للبلاد علم أنها في بيت عمها فاشتعلت النار في قلبه فطلب من جدها بأن ترجع إلى بيتها ولكنها أصرت على مكثها في بيت عمها وإخماداً لنار الخصومة طلب منها جدها أن تذهب لتعيش معه وهكذا لم تكن هذه الفتاة العائدة إلى الله لتترك النور بعد أن اكتحلت به عيناها ولم تكن لتتنكب طريق الهدى بعد أن هديت إليه ولم تكن لتتخلى عن
الإيمان بعد أن ذاقت حلاوته فكانت تعيش في بيت جدها ! وتطلب من عمها أن يحضر هنالك لتواصل مشوار حفظها لكتاب الله ، كانت تريد أن تحفظ القرآن الكريم وتفسير آياته في أقرب وقت ، لذلك كرست كل جهودها لتحقيق أمنيتها ،
لكأنما تخشى أن يتخطفها الموت بين حين وآخر وهي لم تحقق أمنيتها الغالية ولذلك لم تعرف هذه الفتاة إلاّ في محراب صلاتها قائمة تصلي وتبكي ترتل القرآن ترتيلا ، لم تغادر دارها إلاّ قليلا بينما كانت سابقا لا تجلس في بيتها إلاّ قليلا ، لقد انقلبت الموازين فشتان لعمر الحق بين الهدى والضلال وبين حياة الصلاح والاستقامة وحياة الغواية والضلالة ، وبالفعل استطاعة حفظ القرآن الكريم بعون الله وتأييده لها وإمداده بلطفه ورعايته بعد جهد جهيد وتعب مضنٍ وسهر دائم حفظت القرآن الكريم في مدة لم تتجاوز ثلاثة شهور ، نعم حفظت القرآن الكريم كاملا في مدة لم تتجاوز ثلاثة شهور ، إذاً لقد حققت أمنيتها الغالية ونالت شرف حفظ كتاب الله إنها الآن تحمل في صدرها النور والضياء ، إنها تحمل الهداية والرشاد ، لقد تشرب كل عضو من أعضائها بالقرآن الكريم وسكنت آياته في الجنان ، ما أسعدك أختاه عندما تحفظين كتاب الله ، وفي أثناء إقامتها في بيت جدها كانت تقوم بأعمال خيرية ،! فجمعت نساء المنطقة وبدأت تعلمهن القرآن والسنة والفقه كانت تتمنى أن تقوم الليل إلى طلوع الفجر ثم تكمل حتى طلوع الشمس وتصلى الشروق دون انقطاع ، وذات يوم .. ذات يوم قالت الفتاة لجدها وهي في قمة السعادة بأنها قد حققت مناها وظلت مستيقظة حتى طلوع الشمس ثم اتصلت فتاتنا بعمها وطلبت منه أن يأتي مسرعا ويأتي معه بأهله جميعا ، لأنها مشتاقة لرؤيتهم وأوصتهم بأن لا يتأخروا قد آن الأوان لأن يحتفي الجميع بها وأن يحضروا لتكريمها فقد تابت من قريب ولكنها فعلت ما لم يفعله من تقدمها من الصالحات وهكذا يفعل نور الإيمان عندما يتمكن من القلوب يحولها إلى نفوس ملائكية يشع النور منها ويعلو محياها هنيئاً لك أختاه على هذه المرتبة السامقة ، لقد جاء العم ببناته ليحتفوا بفتاة عشقت كتاب الله وحفظته وعملت به ، يدخل العم وبناته الصالحات إلى البيت الذي اعتاد فيه بأن يلتقي بابنة أخيه ولكن أين فتاتنا التائبة أي الحورية الصالحة ؟ أين التقية الطاهرة ؟ إنها في محراب الصلاة ، لا تعرف إلى الصلاة وقراءة القرآن الكريم ، ودموعها تنهمل من عينيها على ما سلف من عمرها وعند وصولهم إلى البيت هرعوا إليها فلما دخلوا عليها ماذا كان! ت تفعل ؟ وماذا كانت حالتها ؟ إنه موقف رهيب أخوات الإيمان ماذا تتصورن حالتها ، إنه موقف عظيم تنهمل منه العين دماً بدل الدموع ، إنه موقف ينخلع منه القلب ، إنهم وجدوها في مصلى الصلاة وقد فارقت الحياة ، وهي محتضنة للمصحف بين جنبيها وقد ضمته بقوة بكلتا يديها إلى صدرها ، إذاً هل هذه هي نهاية الفتاة الطاهرة ؟ إنها نهاية شديدة تقطع الكبود وتؤلم النفوس أبعد بلوغ الغاية تكون النهاية ؟ أبعد الهداية يكون الرحيل ؟ أبعد حفظ كتاب الله تنتقل إلى رحمة الله ؟ أختاه هل من عودة ؟ أختاه هل من رجعة ؟ أختاه طالما عقدت عليك الأماني لتنشري الفضيلة وتصلحي مسار كثير من أخواتك اللاتي حدن عن طرق الله ، أختاه هل من رجعى ؟ أسفاه لا رجعى وقد جسمت عليك صفائح الأحجار إنه قضاء الله ولا راد لقضاء الله وكأن حالها يقول : لقد بلغت الغاية وحققت أمنيتي وتبت من ذنبي فهداني ربي ومن عليّ بحفظ كتاب الله فقد آن لي أن ألحق بالركب الميمون آن لي أن ألحق بمحمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام آن لي أن أفارق هذه الدنيا الزائفة التي حادت بي عن شاطئ السلامة وكادت أن تهلكني لولا أن تداركتني رحمة الله آن لي أن أقول كما قال يوسف علي! ه السلام ((فاطر السماوات والأرض أنت ولي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين )) وعندما علم الجميع بوفاتها بكوا عليها بكاءاً شديداً حاراً حتى أرتفع نشيجهم واتصل العم بأبيها ليعجلوا دفنها وعندما أتوا لكي ينزعوا المصحف من بين يديها لم يستطيعوا ذلك إلاّ بعد جهدٌ جهيد لأنها عشقت القرآن فضمته إلى صدرها ضم المحبوب إلى حبيبه ولما أخذوها للتغسيل قامت زوج عمها وبناته بتغسيلها رغم عدم درايتهم وعلمهم بغسل الميت وأحست بنت عمها أن هناك الكثير من الأشخاص يساعدونهن وكان الكفن جاهزاً معدا لكنهم لم يجدوه عندما طلبوه وإذا بكفن آخر موضوع في ركن المنزل لا يعلمون مصدره وبه رائحة عطره وبعد موضعها في الجنازة ، وبعد وضعها في الجنازة جاء ستة نفر عليهم ثياب خضر طوال القامة تقدموا لأخذ الجنازة ثم صلوا عليها وكان في مقدمة الصف جدها وأعمامها وأبيها وإخوانها وبقية الصف يصف به رجال آخرون يلبسون ثياباً خضرا وعندما فرغوا من الصلاة عليها قام الأشخاص الستة بحمل الجنازة إلى المقبرة ثم أنزلوها ولحدوها ثم حثوا عليها التراب ودعوا لها وبعد ذلك لم يجدوا لهم أثرا وفي حينها تذكروا أن الأشخاص كانوا غرباء وأن!
القبر قد حفر سابقا فقد رحلت فتاتنا وذهل الجميع من رحيلها فتاة لم تصل أعتاب العشرين من عمرها يختطفها الموت بعد أن أبصرت نور الحق وكأنها كانت تحس بقرب أجلها لذلك كانت توصي جدها وجدتها بانتظار أبيها عند موتها لأنه لم يراها في حياتها فعلى الأقل يراها بعد موتها وكانت توصي بعدم السماح لأمها بالدخول عليها إلاّ إذا أسلمت لقد كان لموتها أثر بالغ هزّ كيان أسرتها وجعل الجميع يستيقظ من رقدته ويصحو من غفلته فقد عاد والد فتاتنا إلى رشده وتاب إلى ربه واستقال من عمله وذهب ليعيش مع أبيه وإخوته وأصبحوا شعلة تنير درب الحق والرشاد وأختها كذلك عادت من الغربة وسلكت مسلك أختها وكذلك فعل صديق فتاتنا اهتدى إلى نور الحق وبعد أيام من رحيلها تراها صديقتنا الصالحة التي تقص لنا قصتها في المنام فتخبرها بعظيم ما لقيت من نعيم مقيم وتأمرها أن تخبر الناس بقصتها لعلها تكون لهم عبرة ولكن لم تدري صديقتها كيف تبلغ الناس بقصتها حتى إذا كان يوم واجتمعت النساء في بيت من بيوت الله الطاهرة قامت تلكم الفتاة الصالحة تحكي قصة الفتاة الطاهرة العائدة إلى الله من أولها إلى آخرها أخوات الإيمان : هذه هي قصة العائدة إلى الله ، أفلا تكون لنا عظة وعبرة ؟ بلى ، بلى والله إنها لعبرة وأية عبرة وعظة ما أبلغها ، ولكن لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، هنيئاً لك أختاه فقد عرفت طريق الله ، هنيئاً لك أختاه فقد ضربت أروع الأمثال لك فتاة تائهة ضالة وما توانيتِ بعدما عرفت الطريق ، ابشري أختاه فقد جعلك الله سبباً لهداية الكثيرين ، ابشري أختاه بالمتاب بإذن الغفور الوهاب ، ابشري بخير الدارين . أخوات الإيمان : ما أتعس الدنيا إذا كانت للشهوات ما أحقرها إذا كانت للنزوات ، ما أدناها إذا كانت للهوى والعصيان واتباع الشيطان والصد عن طريق الرحمان ، أي سعادة لنا بلا دين ولا أخلاق ؟ أي حياة لنا بلا عبادة ولا قراءة قرآن ؟ أي عيش هذا هو الذي يبعدنا عن طريق الجنان ؟ أي عيش هو هذا الذي يبعدنا عن طريق الرحمان ؟ يا من اتبعت الهوى ، أفيقي من رقدتك ، يا من انغمست في حمئة الرذيلة استيقظي من سكرتك ، أألهتنا القصور والدور عن التفكر في المصير إلى القبور ؟ أم ظننا أننا من الموت سالمون ؟ كلا والله تلك أماني المخدوعين ، (( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد )) ، لقد فارق الكثير منا الدين وضعف في قلبه الإيمان واليقين واتبع
أكثرنا الشهوات وأضعنا الصلوات (( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا )) لقد عكفنا على الغناء والزمور ، ومعاقرة شرب الخمور فلا لناصح نسمع ولا إلى حق نرجع ظننا أننا في الدنيا مخلدون فأصبح الموت لا يذكرنا وفقد الأحبة لا يوقظنا من غفلتنا ، فما أشدها من مأساة على أمة الإسلام ، أمة القرآن ، أمة محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام ؟ فالله الله ف! ي نفسكِ أختاه ، الله الله في نفسكِ أختاه سارعي بالمتاب قبل الرحيل ، واستعدي ليوم التحويل فمولاك يناديك (( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخز الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم تقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير )) ، (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )) ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها )) . أخوات الإيمان : هذه هي قصة العائدة إلى الله ليست نسجاً من الخيال لقد رحلت عنا لتترك لنا عبرة للمعتبرين ، فهلاّ اعتبرنا بقصتها ؟ وسرنا على دربها ؟ وفي الختام فإني أتواضع إلى الله تعالى بتقديم هذه الأبيات رثاء لهذه الفتاة الطاهرة وإني لأعلم أنها لا تغنيها شيئا ، لأن ما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا
وكانوا يتقون ، ولكنها مشاعر جاشت من الفؤاد والله أعلم بنفوسنا منا : (( رثاء العائدة إلى الله )) بدد الموت شمل الحميمِ آن يا نفس أن تستقيمِ من سبات عميق وسهو عظيمِ آن يا نفس أن تستفيقِ الدمع على فراق الفتاة الرؤومِ آن يا نفس أن تسفحِ ذات طهر وقلب سليمِ قوّامة الليل صوّامة النهار فتراها كالطريح السقيمِ قد تجلت مخافة الله في قلبها وخافت عذاب الجحيمِ سحّت الدمع على زلاتها فهي تتلو للكتاب الكريمِ حالفت محرابها في خشوع قد محا ما مضى من قديمِ سطرت توبها بنور مداد فهي ترنو إلى النعيم المقيمِ رفضت زهرة العيش ضل عقل الحليمِ قد رزئنا بفقدكِ أختاه جددي العهد لربٍ حكيمِ يا فتاة الإسلام عودي من صار جار الرحيمِ هيهات لا يرجع للعيش مثلاً يحتذى للصراط القويمِ سوف تبقين بيننا وأجرها من العذاب الأليمِ ربنا وتقبل توبها رياض الجنان والنعيم المقيمِ جمع الله شملنا في اللهم آمين ، اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوما ، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوما ولا تدع فينا ولا معنا شقياً ولا محروما ، اللهم أنت ربنا لا إله إلاّ أنت خلقتنا ونحن عبيدك ، ونحن على عهدك ووعدك ما استطعنا ، نعوذ بك من شر ما صنعنا ، نبوء لك بنعمتك علينا ونبوء بذنوبنا ، فاغفر لنا إنه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت لا إله إلاّ أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين ، اللهم اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ، اللهم إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لنا ، نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بنا سخطك أو يحل علينا غضبك ، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلاّ بك ، اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلاّ غفرته ، ولا همّاً إلاّ فرجته ، ولا كرباً إلاّ نفسته ، ولا جاهلاً إلاّ علمته ، ولا مريضاً إلاّ شفيته ، ولا مبتلىً إلاّ عافيته ، ولا ديناً إلاّ قضيته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح ، إلاّ قضيتها ويسرتها يا أرحم الراحمين ، اللهم تبنا إليك ورجعنا إليك واعترفنا بذنوبنا فإلاّ تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسر! ين ، اللهم ردنا إليك رداً جميلا ، اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن عين لا تدمع ، ومن دعوة لا يستجاب لها ، اللهم اهدِ شباب المسلمين وفتيات المسلمين ، اللهم اهدهم جميعا وردهم إليك رداً جميلا وخذ بنواصيهم إلى الحق والاستقامة يا رب العالمين ، اللهم وأرجعنا بعد هذه المحاضرة والعظة المباركة آيبين تائبين ، باكين على ذنوبنا مستغفرين من آصارنا وسيئاتنا مستقيمين في جميع أمورنا ظاهرها وباطنها يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم جنبنا الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن واجعلنا من الراشدين يا رب العالمين ، اللهم اجعلنا من أوليائك المتقين وحزبك الفائزين وجندك المنصورين واحشرنا في زمرة سيد المرسلين ، وصلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهاذا المرء لا يرعاك الا تكلفا … … فدعه ولا تكتر عليه التأسفا… … .ففي الناس ابدال وفي الترك راحة… ..وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا… ..وليس كل من تهواه يهواك قلبه… .وليس كل من صافيته لك قد صفا… … .فلا خير في خل يخون خليله… ..ويظهر له الموده بعد الجفا… … سلام على الدنيا ان لم يكن بها… ..صديق صدوق صادق ((الوعد)) منصفا
26 أبريل، 2001 الساعة 8:56 م #319894الغشمريةمشاركحقاً ..إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء
جزاك الله كل خير أخي المرتحل…وهدانا الله إلى أن نستمع للقول ونتبع أحسنه…….
_____________________________________________
اضحــــك وفكّر بإيجابية…
26 أبريل، 2001 الساعة 9:56 م #319899طـــلالمشاركالحمد الله على كل حال
ربنا واهدنا الى صراطك المستقيم وأرحمنا برحمتك واغفرنا لنا ولوالدينا والمسلمين وجعلنا في جوار النبين والصديقين والشهداء ..آمين ياربالحياة مليئة بالحجارة ، فلا تتعثر بها ….بل أجمعها وابني بها سلما تصعد به نحو النجاح
-
الكاتبالمشاركات
- يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.