الحاسوب يتعب العضلات

حذر الأطباء من كثرة استخدام الحاسوب أو الكومبيوتر وقضاء ساعات طويلة متواصلة كل يوم أمام شاشته. يأتي هذا التحذير بعدما أكدت دراسة حديثة أن ظاهرة الإدمان على الحاسوب ربما تؤذي عضلات الظهر والعنق وحتى عضلات الأطراف العلوية. ويبدو أن قلة الحركة أمام شاشة الحاسوب هي التي تورث المتاعب المتلاحقة. ولتأكيد ذلك درس باحثون استراليون الحالة الصحية لـ 19 شاباً متبرعاً للمشاركة في هذه الدراسة. وتم ارقادهم في المستشفى على مدى ثمانية أسابيع لم يتخللها نشاط عضلي ملموس. وظهر بعد هذه الفترة أن قلة الحركة لدى أولئك الشباب أدت الى ضعف وضمور تلك العضلات التي تسند وتحمي العمود الفقري بالدرجة الأولى. وذكر الباحثون ان استعمال جهاز الحاسوب على مدى فترات طويلة بشكل دوري منتظم قد يكون له نفس التأثير الذي اشتكى منه أولئك الشباب في المستشفى. كما ظهر أن الضرر الذي يلحق بالعضلات يرافقه احساس بألم شديد الى درجة كبيرة يماثل في شدته تلك الآلام المبرحة الناجمة عن أمراض التهابية حادة. وتؤكد نتائج البحث أن الخمول وقلة النشاط هما العدو الأول لمنظومة عضلات الجسم. وقد استخدم الباحثون من جامعة كوينلاند تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي Magnetic Resonance Imaging التي أظهرت أنه بعد ثمانية أسابيع أصيبت عضلات الظهر بالضمور وفقدت نشاطها وحيويتها.

وهذه أول دراسة تظهر عضلات العمود الفقري في حالة عجز وظيفي. كما أكدت أن الجلوس الثابت أمام شاشة الحاسوب يمكن أن يكون له نفس التأثير الذي طرأ على صحة أولئك الشباب تماماً. والأخطر من ذلك ان استعادة لياقة عضلات الظهر وتأهيل نشاطها لا يتحقق في ليلة وضحاها بمجرد النهوض والمشي. اذ وجد الباحثون أن اعادة نشاط وكفاءة عضلات الظهر ربما يستغرق أكثر من ستة أشهر، كما اتضح ذلك من خلال متابعة حالة الشباب الذين شاركوا في الدراسة. ويرى الباحث روبرت مور من المركز الاسترالي لأبحاث العمود الفقري Australia adelaide’s Center for Spinal Research أن العظام والانسجة الضامة مثل العضلات تحتاج الى الحركة لكي تدوم شعلة الحيوية فيها. في ظل هذه النتائج تبرز أهمية النشاطات الحركية اليومية في ادامة صحة العضلات والعظام.

وهذا ما يفسر إلحاح الأطباء على أهمية المشي كل يوم ولو لنصف ساعة كحد أدنى. اذ تنفع هذه الممارسة في ابعاد شبح الأمراض عن عضلة القلب وخطر نشوء الخثر والجلطات في أوردة الساقين. كما أن في المشي تحسيناً للياقة المفاصل والرئتين. أما في مكاتب العمل التي تعج بأجهزة الكومبيوتر فيستحسن أن يتوقف من يشتغل أمام شاشة الحاسوب عن العمل لخمس دقائق كل 40 دقيقة. في هذه الدقائق يمكن أن يغادر مكانه ليمط ساقيه وذراعيه وعضلات جسمه في جولة قصيرة في مكان العمل. ويفضل أن يمط عضلات عينيه بالنظر عبر نافذة المكتب محدقا في الأفق البعيد.