مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #29435
    عزمى
    مشارك

    السلام عليكم
    ذكر الله (1)
    قال صلى الله عليه وسلم : ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا : وذلك ما هو يا رسول الله ، قال :. ذكر الله عز وجل )) رواه أحمد

    إن قلوب البشر، كغيرها من الكائنات الحية، التي لا غنى لها عن أي مادة من المواد التي بها قوام الحياة والنماء ، ويتفق العقلاء جميعا ، أن القلوب قد تصدأ كما يصدأ الحديد ، وأنها تظمأ كما يظمأ الزرع ، وتجف كما يجف الضرع، ولذا ، فهي تحتاج إلى صيانة ورعاية وأن تروى دائماً، ليزال عنها الأصداء والظمأ ، والمرء في هذه الحياة ، محاط بالأعداء من كل جانب ؛ نفسه الأمارة بالسوء ، تورده موارد الهلكة ، وكذلك هواه وشيطانه. فهو بحاجة ماسة ، إلى ما يقيه الخوف ويجعله آمناً ، ويسكن مخاوفه ، ويطمئن قلبه . وإن من أكثر ما يزيل تلك الأمراض، ويقيه من الأعداء ، ذكر الله والإكثار منه لخالقها ومعبودها ؛ فهو جلاء القلوب وصقالها ، ودواؤها إذا غشيها العلل والأمراض.

    قال ابن القيم رحمه الله : سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : الذكر للقلب مثل الماء للسمك ، فكيف يكون السمك إذا فارق الماء ؟

    أيها الأحباب:
    العلاقة بين العبد وبين ربه ليست محصورة في ساعة مناجاة في الصباح ، أو في المساء فحسب ، ثم ينطلق المرء بعدها ، في أرجاء الدنيا غافلا لاهيا ، يفعل ما يريد دون قيد ولا محكم ؛ كلا هذا تدين مغشوش ، العلاقة الحقة ، أن يذكر المرء ربه حيثما كان ، وأن يكون هذا الذكر مقيدا مسالكه بالأوامر والنواهي ، ومبشراً الإنسان بضعفه البشري ، ومعينا له على اللجوء إلى خالقه في كل ما يعتريه .

    لقد حث الدين الحنيف ، على أن يتصل المسلم بربه ، ليحيا ضميره ، وتزكوا نفسه ، ويطهر قلبه ، ويستمد منه العون والتوفيق. فقال عز وجل : (يا أيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً *وسبحوه بكرة وأصيلاً )[سورة الأحزاب:41-42].

    وقال سبحانه: (والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا ًعظيماً )[سورة الأحزاب:35]. وقال جل شأنه : (واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون )[سورة الأنفال :45]. وقال تعالى : (فاذكروني أذكركم)[سورة البقرة:152]. وقال سبحانه: (ولذكر الله أكبر )[سورة العنكبوت :45].

    وقال صلى الله عليه وسلم : ((كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم)) متفق عليه .

    وقال صلى الله عليه وسلم : ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا : وذلك ما هو يا رسول الله ، قال :. ذكر الله عز وجل )) رواه أحمد .

    وقال صلى الله عليه وسلم : ((من قال : سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة )) رواه الترمذي وحسنه الحاكم وصححه .

    اللسان الأبتر (المقطوع)
    أيها الأحباب:
    إن الله رزقنا بالنعم، وجعل لكل نعمة وظيفة تقوم بها على أكمل وجه فإذا فقدت وظيفتها – التي توجه في طاعة الله – فقد الإنسان فضل العمل بهذه النعمة. بل إن الله يزين النعمة بطاعة فيطيع الإنسان الله بهذه النعمة فكأنما شكر الله شكرين، شكر النعمة و الشكر العملي الذي قام به من خلال هذه النعمة. فكما زين الله بالنور أبصار المبصرين، زين بالذكر ألسنة الذاكرين. وكذلك إذا انطفأ نور البصر صار الإنسان مكفوفاً، فإذا غفل اللسان عن الذكر صار وكأنه مبتوراً.

    الذكر نور الجسد وحياته:
    الذكر قوت القلوب الذي متى فارقها صارت الأجساد لها قبورا ، وعمارة الديار التي إذا تعطلت عنه صارت الديار بورا ، وهو السلاح الذي يقاتل به قطاع الطريق ، والماء الذي يطفأ به لهب الحريق.
    الذاكر الله ، لا تدنيه مشاعر الرغبة والرهبة من غير الله ، ولا تقلقه أعداد القلة والكثرة ، وتستوي عنده الخلوة والجلوة ، ولا تستخفه مآرب الحياة ودروبها.
    ذكر الله عز وجل ، باب مفتوح بين العبد وبين ربه ، ما لم يغلقه العبد بغفلته.
    قال الحسن البصري رحمه الله : تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء : في الصلاة ، وفي الذكر ، وقراءة القرآن، فإن وجدتم، وإلا فاعلموا أن الباب مغلق.

    إما ذكر الله… أو شيطان قرين:
    إن الذنوب كبائرها وصغائرها لا يمكن أن يرتكبها بنو آدم ، إلا في حال الغفلة والنسيان لذكر الله عز وجل. لأن ذكر الله تعالى ، سبب للحياة الكاملة التي يتعذر معها أن يرمي صاحبها بنفسه في الجحيم ، أو غضب وسخط الرب العظيم ، وعلى الضد من ذلك ، التارك للذكر ، والناسي له ، فهو ميت ، لا يبالي الشيطان أن يلقيه في أي هاوية شاء.
    قال تعالى : (ومن يعْشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين ) [سورة الزخرف:36]. وقال تعالى : (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى) [سورة طه :124].
    قال ابن عباس رضي الله عنهما : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، فإذا ذكر الله خنس (رجع).
    وكان رجل رديف النبي صلى الله عليه وسلم على دابة ، فعثرت الدابة بهما ، فقال الرجل: تعس الشيطان ؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا تقل : تعس الشيطان ؛ فإنه عند ذلك يتعاظم حتى يكون مثل البيت ، ولكن قل : بسم الله . فإنه يصغر عند ذلك حتى يكون مثل الذباب )) رواه أحمد وأبو داود وهو صحيح .
    وحكى ابن القيم رحمه الله عن بعض السلف ، أنهم قالوا : إذا تمكن الذكر من القلب ، فإن دنا منه الشيطان صرعه الإنسي ، كما يصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان ، فيجتمع عليه الشياطين ، فيقولون : ما لهذا ؟ فيقال : قد مسه الإنسي .

    سلاح الذكر أم القنابل النووية؟
    الإكثار من ذكر الله ، براءة من النفاق ، وفكاك من أسر الهوى ، وجسر يصل به العبد إلى مرضاة ربه ، وما أعده له من النعيم المقيم ، بل هو سلاح مقدم ، من أسلحة الحروب الحسية التي لا تخطئ هدفها، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في فتح القسطنطينية : (( فإذا جاءها نزلوا ، فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم ، قالوا : لا إله إلا الله والله أكبر ؛ فيسقط أحد جانبيها ، ثم يقولوا الثانية : لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر ، ثم يقولوا الثالثة : لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا .. الحديث )) رواه مسلم في صحيحه .

    أنت مع الله
    ذكر الله تعالى أشرف ما يخطر بالبال ، وأطهر ما يمر بالفم ، وتنطق به الشفتان ، وأسمى ما يتألق به العقل المسلم الواعي ، والناس بعامة قد يقلقون في حياتهم أو يشعرون بالعجز أمام ضوائق أحاطت بهم من كل جانب ، وهم أضعف من أن يرفعوها إذا نزلت ، أو يدفعوها إذا أوشكت ، ومع ذلك فإن ذكر الله عز وجل ، يحيي في نفوسهم استشعار عظمة الله ، وأنه على كل شيء قدير ، وأن شيئا لن يفلت من قهره وقوته ، وأنه يكشف ما بالمعنى إذا ألم به العناء ، حينها يشعر الذاكر بالسعادة وبالطمأنينة يغمران قلبه وجوارحه (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)[سورة الرعد:28].

    أيها المسلم :
    لا تخش غما ، ولا تشك هما ، ولا يصبك قلق ، ما دام قرينك هو ذكر الله . يقول جل وعلا في الحديث القدسي : (( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم )) رواه البخاري ومسلم .
    واشتكى علي وفاطمة رضي الله عنهما إلى رسول الله ، ما تواجهه من الطحن والعمل المجهد ، فسألته خادما ، فقال رسول الله : ((ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم ، إذا أويتما إلى فراشكما ، فسبحا الله ثلاثا وثلاثين ، واحمداه ثلاثا وثلاثين . وكبراه أربعا وثلاثين ؛ فتلك مائة على اللسان وألف في الميزان )).
    ولنا تكملة إن شاء الله تعالى.

    وللموضوع بقية

    #493983

    بارك الله فيك يا اخي عزمي

    #494015
    عزمى
    مشارك

    السلام عليكم
    شكرا على المرور الكريم

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد