في مفتتح رمضان، انشغلت الرعية واهتمت بمتابعة مسلسل تلفزيوني ملتبس، وانقسمت بين من هي عليه ومن هي ضده وما هي الا ليال سبع حتي اعلنت الفضائيات والارضيات وقف بث هذا العمل الفني فكتبت اقلام ان المنع جاء علي خلفية فنية واذ مرت الايام وبادت تلك الحجة حتي كتبت اقلام ودونت اخري ان للمسألة ابعادا سياسية وان دوائر امبريالية متخرصة ــ ركزوا رجاء علي مفردة متخرصة ــ هي التي قامت وامرت وتآمرت علي ذبح عمل الطريق الي كابول من اجل وضع العصي امام عجلة النهضة العربية الحديثة التي اقتربت قبل ليلة واحدة من ايقاف البث، من مسألة الاكتفاء الذاتي في مادة الموز وتوزيع السماد الحيواني علي الفلاحين ومقترح استخراج اللحم من الزفت!!
في الباب نفسه وعلي تلك الوتيرة وهذا المنوال، تم ايقاف بث مسلسل بلدي مدهش اسمه مناوي باشا الذي عرضته هذا العام شاشتان عراقيتان هما العراقية التي تعيش بثا وكوادر وادارة في بغداد، والفضائية السومرية التي يطالها الناس وهي جالسة امنة مطمئنة في بيروت.
الفضائية العراقية لم تخبر الرعية عن سبب او مسببات هذا المنع الذي لا يخلو من دكتاتورية وعسف مستل حتما من سنين وايام وليالي وثقافة المرحومة ام الهزائم واخواتها ولانني من الذين شاهدوا حلقات المسلسل قبل القطع وبطريقة الركبة ونص.
فأن بمستطاعي ان احزر بلا تردد او وجل او دجل ان سبب الوقف كان علي مؤخرة سياسية صرف حيث اشبعت حلقات المسلسل بشعارات وهتافات شريفة نبيلة حلوة طيبة ادمية منها ان فلسطين عربية فلتسقط الصهيونية ومنها ايضا ان امريكا وبريطانيا قد تآمرتا علي الفلسطينيين والعرب وان ابو ناجي الذي كان يحكم بلاد ما بين النهرين في تلك الحقبة كان شجع علي هجرة يهود العراق الي فلسطين وان تاجرا عراقيا يهوديا مسك متلبسا بتهريب السلاح والعتاد الي العصابات الصهيونية هناك وغير ذلك من الجمل والحقائق التي وردت علي ألسنة راسم الجميلي وفارس طعمة التميمي وعبد الجبار الشرقاوي وعبد الخالق المختار وهؤلاء الفنانون وغيرهم ربما نسوا او انسيوا ان من غير المعقول بث شريط ينطوي علي هكذا حشد من نداءات المظلومين في زماننا المريب الملتبس الذي نحياه الان حيث عادت بريطانيا لتدير من المقعد الخلفي كاكات نفط البصرة، وتتهيأ العمة اميركا لهرس اجساد بضعة الاف من العراقيين لتحريك رقم ضحاياها المتوقف منذ اسبوع علي عتبة المائة الف.
وكنت سأكتفي بهذا القدر من التأويل والتفسير لولا ان صاحبا لي قريبا من مشهد دائرة الفضائية العراقية، انبأني ان قرار المنع قد جاء بسبب تعرض المسلسل بالتجريح لشخصية سياسية معتقة لها اليوم انجال واحفاد، فزادني الكشف الجديد معمعة وهلوسة وصرت بين الشك واليقين حتي ثني علي المعلومة صاحب آخر كان سكن غرفة في بناية الاذاعة والتلفزيون عصر هروب الحكومة البائدة، ولقد صدقت ذلك الصاحب الصادق الصدوق لأنه ترك وهجر الغرفة المحوسمة في بناء الاذاعة العتيد طوعاً ومن دون تدخل الشرطة وقوات الحرس الوطني وشبيبة جهاز المخابرات وزنود ميليشيا سوق حنون التي لا صلة لها علي الاطلاق بحلويات زنود الست التي هي عبارة عن اكلة استعمارية خبيثة ادخلها الراحل هولاكو صبيحة سقوط بغداد ونجح معها في اعادة نصف الجيش المدافع عن اسوار المدينة الي مخادع الزوجات واللعنة عليّ ومثلها علي الذي ورطني بكتابة هذا المقال