الرئيسية منتديات مجلس الثقافة الأدبية والشعر مصطلحات مكتشفة وأخري مفتعلة

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #29310

    تعاني الدراسات النقدية العربية من فوضي المصطلح، ويقر نقّاد وأكاديميون بأن الطريق صعبة إلي فك ذلك الاختلاط والتداخل في المصطلحات. غير ان هناك اسئلة اشكالية تلوح في أفق المصطلح تلقي ضوءاً علي أصول الفوضي ونتائجها في طليعتها: هل تحيل الحياة النصّية الابداعية، اي المنتج من النصوص العربية في الشعر والقصة والرواية والمسرح إلي حالة الاضطراب في استخدام المصطلح؟. أثمة تنوع إغنائي ثري لا تستوعبه المصطلحات المتاحة نقدياً، فيقع في اثر ذلك الاضطراب والتشويش؟، وفي أي المواضع حدثت شحة الالتقاء بين المبتكر من النصوص والمتاح من المصطلح النقدي..؟
    ان هذه الاسئلة تشتغل علي المساحة التي يقع فيها الصراع الحتمي في ميدان المصطلح المستقر والمصطلح الوافد.
    إنَّ معاينة عامّة لاتجاهات الانواع الأدبية العربية خلال مرحلة استقرار أشكال الابداع الحديثة توكد انّ النص لم يستطع التغلب علي النظرية النقدية وإنْ حاولت نصوص الالتفاف علي نوع أدبي لتدخل عبره في نوع آخر ما بين شعرية المبني ونثريته الاّ انّه ما زال هناك متسع كبير في فضاء المصطلح النقدي المتداول عربياً ليستوعب النصوص العربية المنتجة. ولا يمكن للنقد أن يعتد بنصوص مارقة غير مؤسسة علي مرجعية تجربة ثرّية وعميقة للمبدع ذات افق زمني نامٍ في ابتكار شكل فني يتلمس طريقه الي اجتراح اصطلاحي ليفتح نافذة في حائط عالٍ من الدراسات النقدية النظرية. غير انّ الباب ليس مغلقاً أمام امكانية نمو طبيعي يسير بخطي حثيثة إلي التعبير عن التجربة من خلال شكل مختلف، تنبع المغايرة من أفقه الذاتي ومن ثم تستطيع تلك المغايرة الي التنافذ مع محيطها الثقافي والاجتماعي لتكون في سياق حركة المعطي التاريخي لتطور الافكار ونمو أنساقها وليست منعزلة في زاوية ميتة حيث تبدأ فيها وتنتهي عندها من دون أنْ يكون لها أثر في المحيط، ومن ثم لا يمكن أن تأخذ مساحة في اهتمام الرؤي النقدية لتحللّها وتدخلها في أطرها النظرية.
    لقد مررت بأشخاص يجربون كتابة نوع أدبي معين ويسعون الي تلمس أنفسهم فيه، وهي مرحلة خطيرة للغاية حيث هناك خط وهمي دقيق جداً ما بين حالة تحقيق الذات في نص وما بين الظن باجتياز النص المنتج لنصوص الاطار النوعي الذي تشتغل في رحباه، وهنا يقع الوهم ويكبر ويلجأ بعضهم الي اجتراح مصطلحات خاصة به يحملها تركيبته الذاتية الموغلة بفردية منعزلة ليست لها نافذة منفتحة علي أفق أبعد منها يمكن أن يلحظه الآخرون فينضموا اليه أو ليؤشروا وجوده في المعطي المتداول بين أيديهم من تجارب أدبية بين النص ونظريات نقدية.
    كما يمكن القول أيضا إنّ أخطر ما يصيب افق الدراسة النقدية هو ذهاب الناقد إلي التصرف بالمصطلحات المتداولة علي نحو تتبادل فيه المواقع بعضها مع البعض الآخر علي أساس من تبرير اكتشاف حالة نصية جديدة بذريعة أنه لا يكفي التعامل معها في اطار مصطلح محدد ولا بدّ من مغايرة في مواقع المصطلحات مواكبة لاستيعاب الحالة الجديدة في النص. وهذه حالة من حالات افتعالية المصطلح لا تقود الي استقرار في المعطي النظري او التطبيقي وانما تؤكد مزيداً من الاختلاط.
    وازاء حالة افتعال اخراج مصطلحات جديدة لتشغل المشهد النقدي يوجد حالة من التسليم بالأمر الواقع في المتداول من الأطر النظرية النقدية بوصفها نهائيات، وهي حالة لا يمكن تجاوزها من دون ان يكون هناك أفق فكري قادر علي استيعاب تحولات كاملة في المجتمع ومعطياته الفكرية حتي تتم عملية التغيير في البني من الداخل وعبر (إزاحة إحلال) في النظرية من خلال سياق نمو تطوري من دون ان يكون هناك ازاحة تهديم كامل، حيث يقوم النص النقدي في أساسه علي جذور تاريخية ذات استيعاب لتحولات زمنية شتي تخللتها نصوص وأفكار وتجارب. ومن المستحيل ان يقوم التركيب النقدي الجديد علي فرضية هدم البيان كاملاً عبر الغاء الاعتراف باستقراره التطوري الزمني. ثمّة حماس يدفع الي نسف أسس يحتاجها المجددون.. يقابله حماس آخر يدفع الي غلق الطريق علي التجديد خوفاً من أي نوع من أنواع النمو والتغيير التي قد تصيب البني المستقرة. ويبدو المصطلح النقدي هو القاسم المشترك في جميع المعارك الفكرية التي من الممكن نشؤوها في اطار عملية التجديد والبحث عن مستوعبات لحياة نصّية جديدة.
    حذيفة السامرائي

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد