و هاج البحر مرة أخرى و لكن هذه المرة هاج بشدة ووصلت أمواجه الي و كادت تغرقني..أحتضنتني أمواجه بقوة ..قوة كسرت ضلوعي..لم ترأف لحالي..لا تعرف بأنني لم أعتد على هيجانه..أغرقتني بداخلها..و كل موجة منه كانت تكسر ضلوعي …أحسست بأني لا محالة سأغرق..حاولت أن أستخدم ذراعي للتجديف لكن لم أقدر فيهجانه هذه المرة كان قويا..امواجه حطمتني …في لحظات أحسست أني أتمنى الموت داخل هذه الأمواج..لا أتمنى الخروج منها..أريدها أن تحطمني..تسحقني بشدة..و لكن   ربما هي رأفت لحالي في لحظات ..رأت عيني التي كانت في الظلام الدامس …كأن شبح الموت بداخلهما ..ربما..أو ربما ارتعاش جسدي بين ثناياها..رحمني من قسوتها..ارتعشت كثيرا ..و ارتجفت أكثر و أكثر..من رأسي حتى أخمص قدمي ..

أشعرتني هذه الأمواج بكل شيء..بالحرارة الشديدة ..بالخوف ..بداخلها اهتزت كل ثقتي بنفسي..أشعرتني و كأني لا شيء..سراب فقط ..لأنني لم أستطع مقاومتها..او الابتعاد عنها.. و محاربتها..بعد كل ذلك الهيجان..و كل تلك الأمواج التي هذه المرة بدأت لي كأنها لم تكن منكسرة..بالعكس كنت أنا المنكسرة..و هي كانت القوية..كنت أتوهم أن هذه الأمواج بداخلها خوف..تردد..انكسار..و لكن في الحقيقة هي بداخلها شجاعة..ثقة..قوة.بكل هذا حطمتني..

هذه قصتي مع ذلك البحر الهائج …تلك الأمواج التي أخيرا أكتشفت أنها أوهمتني بانكسارها..و استغلت طيبة قلبي و روحي ..و خوفي الشديد..و أخيرا و بعد كل هذا..حاولت جمع شتاتي و أجزائي التي فرقتها …و مزقتها حاولت أن أعالج كبريائي الجريحة و ثقتي المهزوزة …و كل هذا بعيدا عنها و هذا الذي أرادت أن توضحه لي منذ البداية و لكني لم افهمه …عذرا أيها البحر ..و عذرا أيتها الأمواج..عذرا..فالآن سأعلن لك عن هزيمتي و خسارتي ..و هنيئا لك انتصارك و فوزك..و أتركيني أنا أتحمل خسارتي و هزيمتي..اتركيني و أنا أعدك لن أقترب منك مرة أخرى ..يالا سذاجتي ..أعذريني لم أفهمك ..يالاضآلة عقلي..كم هو صعب الاحساس بالهزيمة ..صعب جدا..لكن أعذريني فلم أعتاد على أن أقترب من البحر…كنت دائما أسافر و أرحل الى كل البحار و الشواطىء..و لكني لا أقترب منها أبدا..حتى و لو أمواجها حاولت ذلك..كنت أحاربها..و أهرب منها مبتعدة..و لكن ربما تصورت أمواجك دافئة..أعجبتني لمساتها على قدمي..لمسات خفيفة ..أرجوك أعذرني أيها البحر ..فلن أعود اليك..فلقد أخفتني و حطمتني ..أعذرني