..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هذا التحقيق بالكامل منشور في مجلة فواصل ( النسخة الإليكترونية)
*********

مما لا شك فيه أن الأسرة تلعب دوراً هاماً في حياة كل منا، ويتضح هذا الدور في كونها المجال الاجتماعي والنفسي الأول الذي يمارس فيه الصغير أوليات علاقاته الإنسانية بما يؤثر في حياته المستقبلية وفي ألوان سلوكه المختلفة.

وهي كما تؤكد العديد من الدراسات البيئة الأولى التي تهيئ له أنماطاً من الاتجاهات نحو الناس والأشياء والحياة بصفة عامة. بالإضافة إلى إشباع الأسرة للعديد من الحاجات الأولية والنفسية له هذا عن الأسرة الطبيعية المستقرة، ولكن ماذا عن الأسرة المضطربة التي تتعرض بشكل حاد ومستمر للمشكلات والخلافات؟ وكيف يؤثر ذلك على نفسية أبنائها وبالذات بناتها سيما المراهقات؟ وكيف تعبر المراهقات عن رفضهن الشديد للنزاعات المستمرة بين الوالدين؟

(فواصل) تنقلكم للتعرف حقيقة مشاعر البنات إزاء ذلك فماذا قالت؟!

أشجان كامل تعبر عن ذلك بصراحة وتقول: الإحساس بعدم الاستقرار في أسرتي أدى بي إلى حب العزلة والانطواء، والحساسية الزائدة، والرغبة الزائدة في البكاء، والشعور بكراهية الدنيا، والأصحاب، بل كلما أدخل في علاقة إحدى الزميلات أتركها لأخرى، لأكتشف كراهيتي للجميع وأنهم لا يستحقون .

وتروي حفصة. ع قصة أقرب للدراما القصصية من الحقيقة بسبب نشأتها في بيئة غير مستقرة بين والديها وتقول: في البداية تأثرت بمشكلات والدي وانعكس ذلك على تحصيلي الدراسي فبعد أن تجاوزت المراحل الأولى بتفوق، بدأت ألاحظ انخفاض معدلاتي وتقديراتي في الصفوف اللاحقة، وعندما دخلت الكلية عرفت الرسوب، وحمل المواد والإعادة المتكررة.

ليت الأمر وقف عند هذا الحد بل أصبحت عصبية المزاج، أبكي لأتفه الأسباب، وأشعر بالخوف الشديد بدءاً بالخوف من الظلام، وحتى الخوف من الوحدة، وتخلي الآخرين عني حتى الصديقات والزميلات في المدرسة.. وكثيراً ما كنت أعبر عن رفضي الشديد لهذه الخصومات باستخدام المشرط، وبلع الأدوية دون استشارة طبية، وأكل الثلج، وفي بعض الأوقات أشعر برغبة شديدة في الموت وترك هذا العالم المليء بالآلام والمنغصات!

وتقول نورة حمد : من الحدود الشمالية: كثرة مشكلات والدي جعلتني متبلدة الإحساس، ليس لدي انتماء عاطفي أو إحساس بالأسرة أو بالمقربين، وكثيراً ما أنعت بالأنانية وحب الذات والعلاقات الخارجية، وحب المظاهر، وارتداء الملابس الباهظة الملفتة للانتباه رغم يقيني الداخلي أن هذه كلها أمور سطحية لا تمثل السعادة الحقيقية التي حرمت منها.

وغادة السليمان تقول: لاحظت معلمتي في المدرسة الثانوية أنني أحب أن أمسك بعض خصلات شعري بفمي، وحاولت نصحي، ولكن دون جدوى، وأخبرت والدتي لكنها لم تلق بالاً بالموضوع، وفي يوم من الأيام شعرت بألم شديد في بطني، وتوجهت على الفور إلى المستشفى برفقة والدتي وأختي الكبرى وبعد إجراء عدد من الفحوصات المخبرية لم يتبين شيء في البداية، وبعد عمل أشعة مقطعية ومنظار تبين تجمع حزمة من الشعر الملتف في جدار الأمعاء لدي ولم تع والدتي حقيقة الأمر إلاّ بعد أن عملت عملية جراحية ونجوت منها بأعجوبة، والسبب كان في عملية السرحان والقلق المستمر الذي يصاحبني كلما تذكرت وضع والدي وشجارهما المخيف.

وتقول بشائر: لدي عادة قضم الأظافر لدرجة النزف، حاولت كثيراً التخلص من ذلك ولكن دون جدوى، سألتني ذات يوم إحدى الأخصائيات النفسيات هل تمرين بمشكلات مع الأسرة؟ قلت لها: وما علاقة ذلك بمشكلتي؟ قالت الأخصائية ربما كانت إحدى أهم المسببات. فسكت ساعتها وأنا أتذكر معاملة أمي لي بعنف وعصبيتها الزائدة معي ومع والدي أيضاً.

وتقول سوسن عبدالخالق: شعرت بأختي الصغرى (التي في سن المراهقة) وهي مضطربة التصرفات وبعيدة عن روح الأسرة والجماعة، تحب البقاء لوحدها طويلاً، وفي ذات يوم سمعت همساً بعد منتصف الليل والنور مغلق تماماً، وعندما تبينت الأمر، إذا بأختي تتكلم عبر الهاتف، محادثة طويلة وسرية، وكانت الفاجعة أنها تتكلم مع شاب غريب، وقد تحيرت ساعتها هل أطلعها بأنني قد عرفت الأمر، أم أؤجل ذلك، فإذا بي أؤجل الأمر حتى الصباح، ولم يغمض لي جفن وفي الغد، صليت ودعوت الله أن يرشدني، وتوجهت إلى مُدرسة الدين في المدرسة وشرحت لها الأمر، فاستوعبت ما أقول وأخبرتني بحسن التصرف في مثل هذه الأمور وأعطتني أشرطة دينية عن أثر المعاكسات وكتيبات دينية في فضل الاستقامة وطرت إلى المنزل كالفراشة لأسمعها أختي متظاهرة بعدم معرفتي بشيء وإنما أظهرت الأمر وكأنه يخص أخرى تعرضت للفضيحة. في البداية لم تلق أختي بالاً بما أقول وبعد فترة رأيتها في غاية التأثر وعيناها تذرف بالدموع.

ليت الآباء يدركون أثر الخصام والمشاجرات في أحوال أبنائهم أنا متأكدة أن مئات البنات يواجهن العديد من المشكلات بسبب النزاعات وأسلوب القسوة مع البنات، وأدركت ما كانت تود إيضاحه. فقمت بتهدئتها وحثها على طاعة الله والاستغفار عن أي ذنب كان وأصبحت ألازمها في حب وتفهم من يومها علني أعوضها عن انشغال أهلي وأسلوبهم معها.

وأخيراً عرضنا هذا الأمر على الأستاذة منى عبدالله الزومان المشرفة الاجتماعية بالوحدة الصحية الأولى بالرياض لنستفيد من معين خبرتها في مجال عملها كمشرفة اجتماعية بخصوص أهم المشكلات التي تتعرض لها المراهقات نتيجة الخلافات الأسرية بين الآباء تقول الأستاذة منى:

لا شك أن المشكلات بصفة عامة والمشكلات بين الوالدين بصفة خاصة تؤثر على الطالبة أو المراهقة نفسياً واجتماعياً في آن واحد. ومن ذلك عملية التأخر الدراسي الذي تتعرض له عديد من الطالبات لدينا، وهي أبرز المشكلات، بالإضافة إلى مشكلة أخرى ظاهرة وهي تتمثل في: الخجل الاجتماعي فعندما تتبع الحالة الاجتماعية لمثل هذه الطالبة نجد أن أكثر أسبابها يعود إلى نزاعات أسرية أو عدم استقرار عائلي: أو إلى الطلاق العاطفي بين الزوجين، والذي يؤدي إلى الطلاق الحقيقي. هناك أيضاً بعض المشكلات الأخرى، كانحراف سلوكيات البنت من ناحية وقوعها في شبكة المعاكسات الهاتفية، وإن كانت هي أقل المشكلات التي تواجهنا هنا عادة.

شكرا لكم

الحياة مليئة بالحجارة ، فلا تتعثر بها ….بل أجمعها وابني بها سلما تصعد به نحو النجاح