الرئيسية منتديات مجلس القصص والروايات الــنــظــام الإيـــقــاعـي

مشاهدة 7 مشاركات - 1 إلى 7 (من مجموع 7)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #26265
    عزمى
    مشارك

    السلام عليكم
    الــنــظــام الإيـــقــاعـي

    يتألف النظام الإيقاعي للشعر العربي من نوعين من النقرات يسمى الأول سبباً والثاني وتداً . وتتمثل هذه النقرات صوتياً في شكلين من المقاطع هما القصير والطويل بنوعيه . أما المقطع المديد فلا يقع إلا على آخر نقرات النسق عند الوقف التام ، وضمن شروط معينة لوروده ؛ فإن لم تتوفر هذه الشروط يبقى المقطع الطويل هو الغالب على آخر نقرات النسق . ومن البديهي أن المقطع القصير لا يقع آخر النسق ؛ لأنه لا يوقف عليه .

    تقدير أزمان النقرات :

    يمكن اتخاذ الوحدات الصوتية مقياساً لتقدير أزمان النقرات ؛ فالمقطع القصير يتألف من وحدتين وبذلك يكون الزمن القياسي له مساوياً ( 2 ) ، والمقطع الطويل المغلق يتألف من ثلاث وحدات وزمنه يساوي ( 3 ) ، أما المقطع المفتوح فيتألف من وحدتين ولكن زمن الوحدة الثانية هو ضعف زمن الأولى وبذلك يكون زمن هذا المقطع مساوياً ( 3 ) كذلك . وعلى هذا النحو أيضا يساوي زمن المقطع المديد ( 4 ) .

    وتمثل هذه المقاطع رداء لفظياً للنقرات الإيقاعية من سبب ووتد .

    السبب :

    أما السبب فنقرة تتراوح في الطول بين حالتي القبض والبسط الذي قد يزداد في ظروف معينة ليبلغ حداً لا يفي المقطع الطويل بالتعبير عنه ؛ مما يؤدي إلى انقسام نقرته إلى نقرتين منفصلتين .

    ويسمى السبب إذا كانت حركته تتراوح بين البسط والقبض خفيفاً ، كما يسمى السبب إذا زادت درجة البسط فيه عن حد معين ثقيلاً . وفي هذه الحالة من زيادة الكم الإيقاعي للسبب تنشأ حركة جديدة تتراوح ما بين الفصل والوصل .

    ويعبّر المقطع القصير عن السبب في حالة القبض ، وكذلك يعبر المقطع الطويل عن السبب في حالة البسط . ولما كان زمن المقطع القصير يساوي وحدتين ، وزمن المقطع الطويل يساوي ثلاث وحدات، يصبح متوسط زمن السبب الخفيف وحدتين ونصفاً . وفي كثير من الحالات لا يسبب انتقال السبب بين القبض والبسط أي خلل في انتظام الإيقاع ؛ لأن هذه الحركة تتذبذب حول متوسط زمن الخفيف بزيادةٍ أو نقصٍ مقداره نصف وحدة .

    ولكن في بعض الحالات يلتزم السبب إما القبض وإما البسط ، وبالتالي تتجمد حركته الإيقاعية فلا يتخذ إلا المقطع القصير وحده ، أو الطويل وحده ، بحسب ما هو عليه من التزام للقبض أو للبسط .

    كذلك يعبّر المقطع الطويل عن السبب الثقيل في حالة وصْلِه ، ويعبّر المقطعان القصيران المتواليان عن هذا السبب في حال انقسام نقرته من شدة الطول إلى نقرتين منفصلتين . ولما كان زمن المقطع الطويل يساوي ثلاث وحدات ، وزمن المقطعين القصيرين يساوي أربعاً ، فإن متوسط زمن السبب الثقيل يكون مساوياً ثلاث وحدات ونصفاً ، وهو ما يزيد بمقدار وحدة واحدة عن متوسط زمن السبب الخفيف .

    وبذلك فإن الرنين الإيقاعي للمقطع الطويل ـ إذا كان معبّراً عن سبب خفيف ـ يختلف بشكل محسوس عن الرنين الإيقاعي لهذا المقطع حين يعبّر عن سبب ثقيل . والأذن المدربة تدرك هذا الاختلاف حين نقرأ البيت التالي :

    القَلبُ مِنها مُستريحٌ سالِمٌ والقلبُ مِنّي جاهِدٌ مَجهودُ

    وقراءته تحتمل مجيئه على الرجز إذا أسرعت في زمن النطق به ، وتحتمل مجيئه على الكامل إذا أبطأت في نطق مقاطعه . فالفرق بين إيقاعي الرجز والكامل ناشئ فقط عن الاختلاف بين بعض أسباب البحرين من حيث الخفة والثقل .

    الوتد :

    وأما الوتد فنقرتان ثابتتان ، ونسبة زمن النقرة الأولى إلى الثانية هو 2 : 3 ، حيث تُشغل النقرة الأولى بمقطع قصير والثانية بمقطع طويل . وإذا نحن قارنّا نقرة الأولى بنقرة السبب في قبضه نجدها أقصر منها زمناً ؛ وإن كان ذلك الفارق ضئيلاً ولا يمكن قياسه بالوحدات الصوتية وأشكالها المقطعية المحدودة . كذلك الأمر إذا قارنا نقرة الوتد الثانية بالسبب مبسوطاً ؛ فإننا نجدها أطول زمناً وإن كانت لا تصل إلى الحد الذي تنقسم فيه إلى نقرتين كالسبب الثقيل .

    ومع ذلك فقد وجدنا في بعض ما نُظم بالعامية أمثلةً على فَصْلِ نقرة الوتد الثانية ، فمن ذلك أغنية مشهورة لفيروز تقول فيها :

    زوروني كل سنة مرة حرام تنسوني بالمرة

    وهي على وزن مجزوء الوافر ، وكان لَحّنها قديماً الشيخ سيد درويش ، والشاهد فيها أن اللام الثانية والسين والنون من كلمتي ( كل سنة ) جاءت في ثلاثة مقاطع قصيرة على وتد مفاعيلن بدلا من مقطعين قصير فطويل .

    والمثال الثاني ورد في أبيات للشاعر العامّي بيرم التونسي غنتها أم كلثوم ، حيث تقول :

    الأوله في الغرام والحبِّ شَبَكوني

    والثانية بالإمتثال والصبرِ أَمَروني

    والثالثة من غير ميعاد راحوا وفاتوني

    وهي على مشطور البسيط . وأما الشاهد فيها فهو ورود نقرة الوتد من ( مستفعلن ) الثانية منفصلة في الشطرين الأول والثاني .

    وربما كان ذلك مقبولا في العامية لأنه وضع للغناء الذي يتصرف بالمقاطع اللغوية تبعاً للإيقاع اللحني؛ وليس هذا الإيقاع بالضرورة مطابقا تماما للإيقاع الشعري وشروطه . ولو ظهر هذا التصرف في نقرة الوتد الثانية من الشعر الفصيح لعُدّ كسراً .

    ولم نورد هذين المثالين من الشعر العامي إلا لنبيّن أن النسبة التي قدّرناها بين نقرتي الوتد تقريبية ؛ لأننا نقيس بمقاطع يعتمد زمنها أساساً على زمن هذه النقرات الحقيقي وليس العكس . ولعله يجدر بنا القول إن تقدير زمن النقرات من سبب ووتد يرجع إلى الطَبْع وحده ؛ فمن العبث إذن أن نسعى إلى تحديد رياضي قاطع في مسألة الإيقاع الشعري .

    بتر الوتد :

    غالبا ما تتعرض نقرة الوتد الأولى للبتر في نهايات بعض الأشطر أو الأبيات عند الوقف التام . ويسبب هذا البتر الذي ينتج عنه نقص في عدد نقرات النسق خللاً في الإيقاع إن لم يجرِ تعويضه على النحو التالي :

    أولاً : ضرورة التزام البسط في السبب قبل الوتد المبتور . فإذا كان هذا السبب ملتزماً البسط أصلاً ، استُحِب في المقطع الذي يشغله أن يكون مفتوحاً ؛ لأن المقطع المفتوح أقدر من المغلق على التعبير عن زيادة الكم الصوتي .

    ثانيا : التزام المقطع المفتوح على نقرة الوتد المتبقية .

    وظاهرة بتر الوتد تبدو عامة في معظم الأنساق التي تنتهي بوتد ، أو يلي الوتدَ فيها سببٌ واحد . غير أن الملاحظ في بعض الأنساق أنها تتأبّى على بتر وتدها الأخير مع أنها في الظاهر لا تختلف عن تلك التي تقبل البتر في شيء . وقد أطلتُ التأمل كثيراً في هذه الظاهرة ؛ ولكني لم أستطع الوصول إلى قاعدة لها سوى أني كنت أشعر بثقل واضح للبتر حين يُفرَض على نسقَي الرمل والمتدارك . وأما المتقارب فيلاحظ أن البتر فيه لا يتحقق إلا حين يكون الوتد آخرَ عنصر في النسق ، ومع ذلك يبدو ثقيلاً في الحس .

    الأنساق الإيقاعية :

    تنتظم الأسباب والأوتاد في أنساق تختلف باختلاف عدد وترتيب هذه الأسباب والأوتاد في كل نسق منها . ويبلغ الحد الأقصى لهذه الأنساق خمسة وأربعين نسقاً في تسع مجموعات ، بحيث تتألف كل مجموعة من عدد من الأنساق المتساوية في عدد عناصرها من الأسباب والأوتاد ، ولكن باختلاف ترتيبها في كل نسق عن غيره في المجموعة ذاتها .

    وسنرمز للسبب مطلقاً بالرمز ( / ) وللوتد بالرمز ( . ـ ) . وفيما يلي قائمة بالمجموعات الوزنية الأساسية :

    1- /

    2- . ـ /

    3- . ـ / /

    4- . ـ / / /

    5- . ـ / . ـ / /

    6- . ـ / . ـ / / /

    7- . ـ / . ـ / / . ـ /

    8- . ـ / . ـ / / . ـ / /

    9- . ـ / . ـ / / . ـ / / /

    وتمثل هذه المجموعات الوزنية التسع جميع الأنساق الوزنية الممكنة في الشعر العربي ، ما هومستعمل منها وما هو مهمل .

    وتحتوي كل مجموعة على عدد من الأنساق يساوي عدد عناصرها من الأسباب والأوتاد . وفيما يلي قائمة بجميع الأنساق الوزنية حسب ترتيبها في كل مجموعة :

    1-1 /

    1-2 . ـ /

    2-2 / . ـ

    1-3 . ـ / /

    2-3 / / . ـ

    3-3 / . ـ /

    1-4 . ـ / / /

    2-4 / / / . ـ

    3-4 / / . ـ /

    4-4 / . ـ / /

    1-5 . ـ / . ـ / /

    2-5 / . ـ / / . ـ

    3-5 . ـ / / . ـ /

    4-5 / / . ـ / . ـ

    5-5 / . ـ / . ـ /

    1-6 . ـ / . ـ / / /

    2-6 / . ـ / / / . ـ

    3-6 . ـ / / / . ـ /

    4-6 / / / . ـ / . ـ

    5-6 / / . ـ / . ـ /

    6-6 / . ـ / . ـ / /

    1-7 . ـ / . ـ / / . ـ /

    2-7 / . ـ / / . ـ / . ـ

    3-7 . ـ / / . ـ / . ـ /

    4-7 / / . ـ / . ـ / . ـ

    5-7 / . ـ / . ـ / . ـ /

    6-7 . ـ / . ـ / . ـ / /

    7-7 / . ـ / . ـ / / . ـ

    1-8 . ـ / . ـ / / . ـ / /

    2-8 / . ـ / / . ـ / / . ـ

    3-8 . ـ / / . ـ / / . ـ /

    4-8 / / . ـ / / . ـ / . ـ

    5-8 / . ـ / / . ـ / . ـ /

    6-8 . ـ / / . ـ / . ـ / /

    7-8 / / . ـ / . ـ / / . ـ

    8-8 / . ـ / . ـ / / . ـ /

    1-9 . ـ / . ـ / / . ـ / / /

    2-9 / . ـ / / . ـ / / / . ـ

    3-9 . ـ / / . ـ / / / . ـ /

    4-9 / / . ـ / / / . ـ / . ـ

    5-9 / . ـ / / / . ـ / . ـ /

    6-9 . ـ / / / . ـ / . ـ / /

    7-9 / / / . ـ / . ـ / / . ـ

    8-9 / / . ـ / . ـ / / . ـ /

    9-9 / . ـ / . ـ / / . ـ / /

    وتعبر هذه الأنساق بشكل مباشر تقريباً عن مختلف الأشكال الوزنية في الشعر العربي قديمه وحديثه ، مما أشار إليه الخليل أو استدركه عليه العروضيون . ولم تتطرق هذه الدراسة لأوزان الموشحات التي لا شك أن عدداً كبيراً منها يوافق هذه الأوزان سواء ما كان منها مستعملاً في الشعر أو مهملاً .

    ولم نشر إلى السبب الثقيل في هذه الأنساق ؛ وإن كان يمكن تحديد موضعه في حالتين :

    الأولى : حيث لا يشترك الوتد في تأليف النسق ، وبالتالي يكون السبب المقصود هو الثقيل فقط .

    والثانية : عندما يتبادل السبب الثقيل مع الخفيف موضع أول السببين في التشكيل الثنائي فقط ، وعندها لا يجب أن يكون في النسق الإيقاعي كله سبب حرّ الحركة قبضاً وبسطاً .

    أساليب النظم الشعري :

    يجري النظم على أساس من تكرار النسق الإيقاعي المعين عدداً من المرات في كل بيت من أبيات القصيدة . ويتناسب هذا العدد تناسباً عكسياً مع عدد العناصر التي يتألف منها النسق الإيقاعي ؛ فكلما صغر النسق زاد احتمال تكرره عدداً أكبر من المرات ، والعكس بالعكس ز

    ومع ذلك فقد كان الشاعر دوماً حراً في الوقف عند الحد الذي يشاؤه في عملية التكرار أو عدمه .

    ففي نسق الرجز ، مثلاً ، يبلغ طول البيت أحياناً ستة أنساق ، نحو قول عنترة :

    ما دمتُ في أرض العداة غدوةً إلا سقى سيل الدما بقاعها

    وأحياناً أربعة أنساق ، نحو قول الشريف الرضي :

    يا منجِزاً وعيدَهُ وماطلاً ما وَعَدا

    أو ثلاثة أنساق كما في قول ذي الرمّة :

    قلت لنفسي حين فاضت أدمعي

    يا نفسُ لا مَيّ فمُوتي أو دَعي

    ما في التلاقي أبداً من مَطمع ِ

    أو نسقين كما في قول دريد بن الصِمّة :

    يا ليتني فيها جَذَعْ

    أخُبّ فيها وأضع

    أقودُ وَطْفاء الزمع

    أو حتى نسقاً واحداً بلا تكرار له كقول سلم الخاسر :

    موسى المطرْ

    غيثٌ بكرْ

    ثمّ انهمَرْ

    والأمثلة السابقة ، ما عدا الأخير منها ، هي الذائعة في النظم منذ القديم ، وهي النماذج التي أقرها الخليل في نظامه العروضي ، وتتصف بثبات العدد المعين من الأنساق في كل بيت من أبيات القصيدة. غير أن الشعر الحديث بدأ منذ أواسط هذا القرن في عدم الالتزام بعدد من الأنساق في كل بيت . ومما نظمته في مطلع عام 1967 قولي من قصيدة على الرجز :

    بكيت للسنابل الخضراء في حقول قريتي

    لمِنجَلي وفأسيَ القديمْ

    ورثتُهُ ،

    وللحَمام رفّ في سماء بلدتي

    بكيت إذ فقدت في لهيب غربتي

    بساطة الحياة

    ومن ذلك يمكن تحديد أساليب النظم التي خَبِرها الشعر العربي خلال مسيرته الطويلة في نوعين رئيسيين هما : النظم المقيد والنظم الحر .

    أما النظم المقيد فهو قسمان : قسم يتصل فيه النظم في البيت بلا انقطاع حتى الوقف التام عند الضرب ، وقسم ينقطع فيه النظم في منتصف البيت عند العروض ، لتوقّفٍ قصير ، يستمر بعده النظم حتى الوقف التام . والعروض والضرب هما آخر تشكيل سببي ووتد في كل شطر من شطري البيت ، ولذلك فالبيت المتصل لا عروض له .

    وأما النظم الحر فأبياته متصلة النسق مهما بلغ عددها ، ومهما طال البيت الذي تُعرَف نهايته عند الوقف التام .

    وقد بالغ بعض الشعراء في تأخير الوقف التام إلى آخر القصيدة فيما يعرف بالتدوير ، ولكن الغالب هو في تفاوت أطوال الأبيات تفاوتاً محدوداً حسب مقتضيات المعنى ، أو تحقيقاً لنوع من جماليات الشكل الموسيقي في النظم .

    والأنساق التي تصلح للنظم الحر ، لأنها قابلة للتكرار بأكثر من غيرها ، هي الأنساق التي تضمّها المجموعات الوزنية الثلاث الأولى ، وتشتمل على ثمانية بحور هي :

    الخبب ، والمتقارب ، والمتدارك ، والهزج ، والوافر ، والرجز ، والكامل ، والرمل مع الندرة في استخدام الهزج أو اختلاطه بالوافر . وقد حاول بعض الشعراء المحدثين النظم على أنساق من المجموعتين الرابعة والخامسة ، وبالذات من مُخلّع البسيط والبسيط والطويل ، ولكن لم يكتب لهذه المحاولات الاستمرار(1) . كما حاول محمود درويش استخدام نسق البسيط في النظم الحر بطريقة مغايرة ؛ وذلك بأن كرر الجزء الثاني وهو السبب والوتد الأخيران فقط في قصيدته ” المدينة المحتلة ” من ديوان ” أحبك أو لا أحبك ” ، حيث يقول :

    الطفلة احترقت أمها

    أمامها ،

    احترقت كالمساء

    وعلموها : يصير اسمها

    في السنة القادمة

    سيدة الشهداء

    وسوف تأتي إليها إذا وافق الأنبياء

    وهذا الوزن أقرب إلى النسق رقم ( 4-7 ) ، وهو بحر لم يذكره الخليل ، وكان أول من أشار إليه الجوهري فحازم القرطاجني فنازك الملائكة ، دون أن يعلم اللاحق بما ذكر السابق .

    قواعد النظم الشعري :

    لا يكتمل البناء الوزني للقصيدة فقط حين يتحدد النسق الإيقاعي ويتقرر عدد مرات تكراره في البيت إذا كان من النظم المقيد ، أو يُترك القرار للشاعر إذا كان النظم حراً . ولكن يكتمل البناء الوزني بشكل نهائي عند تحديد الحركة الإيقاعية للأسباب والأوتاد في أنساقها المتوالية في كل بيت منها .

    وتتحدد الحركة الإيقاعية للأسباب بالنظر إلى تشكيلاتها المختلفة في البيت وموقعها منه سواء كان ذلك في الحشو أو العروض أو الضرب . والحشوُ هو ما خلا العروض والضرب من أسباب وأوتاد .

    والتشكيلات السببية ثلاثة :

    – تشكيل أحادي : وهو سبب لا يليه سبب مثله .

    – وتشكيل ثنائي : وهو سببان متجاوران لا يليهما سبب آخر .

    – وتشكيل ثلاثي : وهو ثلاثة أسباب متجاورة . وهذا هو الحد الأقصى لتوالى الأسباب .

    ويتخذ السبب في حركته إحدى الحالات التالية :

    1- حالة حرية الحركة بين البسط والقبض ، وسنرمز له بالرمز ( / ) ، وهو رمز السبب مطلقاً .

    2- حالة التزام البسط ، ونرمز له فيها بالرمز ( /ِ ) ، وهو شرطة مائلة منقوطة من أسفل .

    3- حالة التزام القبض ، ونرمز له فيها بالرمز ( /َ ) ، وهو شرطة مائلة منقوطة من أعلى .

    4- حالة تثقيل السبب ، ونرمز له فيها بالرمز ( . . ) إذا كان السبب منفصلاً ، أو بالرمز

    ( ـ ) إذا كان السبب متصلاً ، مع التأكيد على أن الرمز الأول يدل على حرية الحركة في السبب الثقيل بين الفصل والوصل ، وأما الرمز الثاني فيدل على حالة التزام الوصل فقط .

    أما الوتد فحركته ثابتة ؛ إلا أنها تتعرض أحياناً في الضرب لعملية البتر التي أشرنا إليها من قبل ، وبذلك يكون رمز الوتد المبتور هو ( ـ ) ، وهو لا يلتبس برمز السبب المتصل أبداً .

    وفيما يلي بيان بالقوانين التي تحكُم حرية السبب :

    1- التشكيل الأحادي :

    أ‌- في الحشو : يكون السبب حر الحركة قبضاً وبسطاً .

    مثال ذلك من المتدارك :

    / /ِ . ـ / . ـ /ِ /ِ . ـ | /َ . ـ

    حيث يفصل الخط العمودي بين الحشو من جهة ، والعروض أو الضرب من جهة أخرى .

    ب‌- في العروض : يلتزم السبب إما البسط وإما القبض .

    فهو يلتزم البسط إذا كان أول سبب يسبقه حر الحركة كما في المثال السابق من المتدارك .

    وهو يلتزم القبض إذا كان أول سبب يسبقه ملتزماً البسط ، مثال ذلك من البسيط :

    / /ِ . ـ / . ـ /ِ /ِ . ـ | /ِ ـ

    ج – في الضرب :لا تختلف حركة السبب الأحادي في الضرب عنها في العروض ؛ إلا

    إذا تعرض الوتد بعده للبتر فيلتزم البسط ، مثال ذلك من البسيط أيضا :

    / / . ـ / . ـ / / . ـ | /ِ ـ

    2- التشكيل الثنائي :

    أ‌- في الحشو :

    القاعدة العامة التي تحكم هذا التشكيل هي أنه لا يجوز قبض السببين معاً ،

    ومع ذلك يجوز بسطهما معاً ، وكذلك يمتنع قبض السبب الأول منهما إذا

    وقع التشكيل بين وتدين ، كما يمتنع قبض السبب الثاني ما لم يكن أول

    سبب يليه من بعده ملتزماً البسط .

    والرجز هو البحر الوحيد الذي لا يتقيد بهذه القاعدة .

    ب‌- في العروض :

    يلتزم السبب الأول البسط ، وبذلك يكون السبب الثاني حر الحركة قبضاً وبسطاً . مثال ذلك من الرمل ( 2-8 ) :

    / . ـ /ِ / . ـ | /ِ / . ـ

    وليس إلا عروضُ الطويل ما يخالف هذه القاعدة ، ففيه يلتزم السببُ الأولُ القبضَ ليتجمّد هذا التشكيل عند صورة الوتد فلا يفارقها .

    ج‌- في الضرب :

    لا تختلف حركة هذا التشكيل في الضرب عنها في العروض إلا أن السبب الثاني يلتزم البسط أيضاً إذا كان آخرَ عنصر في البيت ( لأنه لا يوقف على متحرك ) مثال ذلك من الهزج :

    . ـ /ِ / . ـ /ِ /ِ

    وأما ضربُ الطويل فإن التشكيل السببيّ فيه ، إذ يأخذُ صورةَ الوتد ، يصبح عرضةً للبتر مثله ، وذلك بأن يفقد سببَه الأولَ ، وعندئذ لا بد من التزام المقطع المفتوح على السبب المتبقّي والوتدِ قبلَه . كما لا بد للسبب الذي يسبق الوتد أن يلتزم القبضَ ، وإن كان واقعاً في الحشو ، وذلك نتيجة لالتزام المقطع المفتوح على وتد الضرب .

    ويمكن للسبب الملتزم القبض في عروض الطويل أن ينتقل إلى البسط في ضربه . وفيما يلي بيان الحركة الإيقاعية لبحر الطويل في ضروبه المختلفة :

    . ـ / . ـ /ِ /ِ . ـ / | . ـ /َ /ِ

    | . ـ /ِ /ِ

    /َ | . ـ /ِ

    3- التشكيل الثلاثي :

    أ‌- في الحشو : يلتزم السببان الأول والثالث البسط . أما السبب الثاني فيكون حر الحركة قبضاً وبسطاً مع الميل إلى القبض أكثر من البسط بنسبة كبيرة تبلغ في قصار البحور كالمضارع والمقتضب أقصاها أي مائة في المائة .

    ب‌- في العروض والضرب : تلتزم الأسباب الثلاثة بالبسط في أولها وثالثها ، والقبضِ في ثانيها . مثال ذلك مجزوء الخفيف ( 2-6 ) :

    / . ـ | /ِ /َ /ِ . ـ

    حذف السبب الأخير وزيادته :

    يمكن في بعض الأنساق التي تنتهي بسبب أحادي حذفُ هذا السبب في العروض أو الضرب أو كليهما . فمما يلاحظ حذف سببه الأخير في العروض أو الضرب بكثرة بحرُ المتقارب . ومما لوحظ الحذف في ضربه فقط بحر المضارع ، وكذلك يتعرض بحرا الرمل والخفيف للحذف ، وهو ما سنشير إلى أمثلته في الجزء التطبيقي من الكتاب .

    كما يمكن لبعض الأنساق التي تنتهي بالوتد زيادةُ السبب الخفيف في الضرب ، وقد لوحظ ذلك في الكامل والمتدارك والرجز . ومع ذلك فهناك من الأنساق التي تنتهي بسبب أحادي ما لا تتعرض للحذف ، كالوافر مثلاً . وهناك من الأنساق التي تنتهي بوتد ما لا يُزاد عليه السبب ، كالبسيط .

    ويبدو لي أن الوصول إلى قاعدة عامة تحكم حذف السبب أو زيادته يحتاج إلى مزيد من الاستقصاء لمعرفة الشروط الخاصة بالحذف والزيادة ، لا سيما وأن هذه الظاهرة قد تكون محل اعتراض من البعض لمجرد أن بعض أمثلتها لم تلاحظ في الشعر القديم .

    العلاقة بين الوحدات الصوتية والوحدات الإيقاعية :

    تنشأ بين الوحدات الإيقاعية ومقابلاتها الصوتية علاقة محددة تتمثل في الانتقاء الدقيق للأسباب والأوتاد في حركتها الإيقاعية لأشكال من المقاطع اللغوية التي تلائم هذه الحركة في مختلف مناطق البيت من حشو وعروض وضرب . ومن أبرز مظاهر هذه العلاقة وأشدها وضوحاً امتناع الأسباب أو الأوتاد عن استخدام المقطع المديد في الحشو والعروض ، والاقتصار على استخدامه في بعض الأضرب دون بعض . ومن الممكن تفسير عدم استخدام المقطع المديد في الحشو بثِقَل ظهور هذا المقطع في وصل الكلام ، وهو ما يلاحظ تجنبه في النثر أيضاً ، إلا للضرورة في المعنى أو للتصريف فيما يُشتق من الفعل المضعّف . ومع أن الشاعر قادر على التصرف في الكلام بحيث لا يضطر إلى إيراد المقطع المديد في الوصل ؛ إلا أننا لا نعدم العثور على أمثلة تبدو من الندرة بحيث لا تصلح أن تكون قاعدة لإباحة استخدام المقطع المديد في الحشو . فمن ذلك قول حافظ إبراهيم :

    فغنّ ربوع النيل واعطف بنظرة على ساكني النهرين واصدح وأبدعِ

    ولو قال : على ساكن النهرين لاختلف المعنى بين المفرد والجمع . ومما لاحظته في قصيدة لي على الخبب ( عام 1966 ) قولي :

    تتخثّر بالحزن حوافّ الليل الحالك

    يستلقي فوق القرميد

    والشيخ يقص حكاية

    ….

    ولكن يبدو لي أن الإنشاد الجيد يتكفل أحيانا بالتخفيف من ثقل هذا المقطع بحيث قد يمرّ دون أن يُلتفت إليه . كذلك يمتنع استخدام المقطع المديد في العروض ؛ لأنها وإن كانت مظنّة للوقف ، إلا أن الوقف عليها غير تام كما هو الحال في الضرب . وأشهر الأمثلة على ورود المقطع المديد في العروض، وأكثرها معرضاً للخلاف ، شاهد الخليل على القصر في عروض المتقارب :

    فَرُمْن القَصاصَ وكان التَقاصّ حتماً وفرضاً على المسلمينا

    وبعضهم يرى أن ” الرواية الجيدة : وكان القصاصُ ، حتى لا يجتمع ساكنان(2) ” .

    وأما في الضرب ، حيث يكون الوقف تاماً وبذلك تتهيأ الظروف لوقوع المقطع المديد ، فإن الملاحظ على إمكانية استخدامه أنها ترتبط بشروط معينة يمكن بيانها في القاعدة التالية :

    عند الوقف التام ، يجوز استخدام المقطع المديد على الوتد الصحيح غير المسبوق بسبب ملتزم القبض، كما يجوز استخدامه على السبب ما لم يكن مسبوقاً بالوتد .

    ومن الممكن استنادا إلى هذه القاعدة تفسير ورود المقطع المديد على أضرب لم يذكرها الخليل ، ومع ذلك نجدها مقبولة في الحسّ ، أو ورود المقطع المديد على شذوذ في بعض الأضرب ، وإن كان الخليل أقرها في نظامه .

    فمما لم يُسمع في الشعر القديم ورود المقطع المديد على ضرب الوافر الذي ينتهي بسببين ، ويمكن تسميته بمصطلح الخليل ” الإسباغ أو التسبيغ “، ومع ذلك ظهر في الشعر الحر . تقول فدوى طوقان:

    على أبواب يافا يا أحبّائي

    وفي فوضى حطام الدورِ

    بين الرَدْم والشوكِ

    وقفتُ وقلت للعينينْ

    قِفا نبكِ

    على أطلال من رحلوا وفاتوها

    تنادي من بناها الدارْ

    وتنعى من بناها الدارْ

    ….

    ففي قولها ( العينين ) و ( الدار) مقطع مديد . وقد شذّ شاهد الخليل على التسبيغ في الرمل وهو قوله:

    ياخليليّ ارْبَعا واستخبرا رسماً بعسفانْ

    ويرجع الشذوذ فيه إلى ورود المقطع المديد على السبب المسبوق بالوتد . وقد رأى المعرّي أن ” هذا الوزن لم تستعمله العرب ، وأن هذا البيت من وضع الخليل(3) ” .

    كما شذّ ما نُسب استدراكُه إلى الأخفش من إثباته للقصر في ضرب الهزج ، شاهده(4) :

    ولو أُرسلتُ من حبك مبهوتاً إلى الصينْ

    لوافَيتكِ عند الصبح أو حين تُصلّينْ

    وذلك للسبب نفسه .

    ويلاحظ الثقل في ضرب الرجز المبتور الوتد ، شاهده(5) :

    كأنني فوق أقَبّ سَهْوَقٍ جَأْبٍ إذا عَشّرَ صاتي الإرنانْ

    والخليل يعد الشطر الثاني من السريع بوتد مفروق في آخره . والسبب في ثقله راجع إلى وقوع المقطع المديد على الوتد المبتور ؛ وإن كنا نلاحظ تمرد الرجز على معظم القواعد بشكل لا نظير له في غيره من البحور .

    وغيرَ المقطع المديد ، هناك المقطع المديد بنوعيه : المغلق والمفتوح . ومع أن هذين النوعين متساويان في الطول بحيث يمكن التبادل بينهما بحرية على الأسباب والأوتاد ؛ إلا أنه يلاحظ في بعض الأضرب امتناعها عن استخدام المقطع المغلق ، وإيثارها للمقطع المفتوح .

    والسبب في ذلك يرجع إلى إمكانية المد في المقطع المفتوح ليَفِيَ بمتطلبات زيادة الكم الإيقاعي في السبب أو الوتد بما لا يستطيعه المقطع المغلق . وكنا أشرنا إلى وجوب استخدام المقطع المفتوح أو استحسان وروده في بعض ضروبه عند حديثنا عن ظاهرة بتر الوتد .

    أما في غير حالة البتر ، فيلاحظ في بعض الضروب امتناعها على الانتهاء بمقطع مغلق ، وهي تلك التي يُشترط في قوافيها الإطلاق . والقاعدة العامة لذلك هي أنه : يمتنع إيراد المقطع المغلق على الوتد المسبوق بسبب ملتزم القبض . والشواهد على ذلك كثيرة ، ويمكن التماسها في ضروب البسيط ، والمديد ، والمنسرح ، والمقتضب وغيرها مما يكون الوتد مسبوقا بسبب ملتزم القبض .

    وربما لوحظ ورود المقطع المغلق في أمثلة يبدو أنها تمثل شذوذاً لهذه القاعدة ، ولكن بشيء من التأمل في الأصوات التي تؤلف نهاية لهذا المقطع يتبين أن الفتح فيها أقرب من الإغلاق ، ولو من باب الشيوع الذي تصطبغ به بعض الصوامت كالهاء والكاف حين يدل الأول على التأنيث أو يكونان من الضمائر . فمن ذلك قول المتنبي مما لا شذوذ فيه ، وهو من المنسرح :

    لا تحسبوا رَبعَكُم ولا طَلَله أوّلُ حَيّ فِراقُكم قَتَله

    قد تَلِفَت قبلَه النفوس بكم وأكثرت في هواكم العَذَلة

    والفتح واضح في صوت الهاء حيث يخرج النَفَس بقدر من الحرية عند النطق بها في الوقف . لكن الكاف لا يمكن أن توصف إلا بالإغلاق وذلك أن النَفَس ينحبس عند النطق بها ، ومع ذلك يمكن تلمّس قربها من أصوات المد أو الهاء في أنها مثلهن شائعة بوصفها ضمير مخاطب متصل . ومن هذه الزاوية يمكن الدفاع عن بيتين لابن الرومي يرى فيهما المعري وإبراهيم أنيس ثقلاً ناجماً عن التقييد فيما يجب فيه الإطلاق(6). قال ابن الرومي ( من الوافر ) :

    أبا عثمانَ أنت قَريعُ قَومِكْ وجُودكَ للعَشيرة دون لومِكْ

    تمتّع من أخيك فما أراه يراك ولا تراه بعد يومكْ

    القافية :

    وهي ظاهرة صوتية تتردد في نهايات الأبيات عند الوقف التام ، ويؤدي الالتزام بها إلى تحديد حركة الأسباب والأوتاد في الضرب بحيث تجمد عند صورة معينة لا تفارقها إلا بالقدر الذي تسمح به القافية . ولو لم يكن للقافية مثل هذا الدور في تثبيت صورة الضرب لقل عدد الضروب التي أثبتها الخليل . ولو رجعت إلى القصائد التي ينوع أصحابها في القافية لوجدت ضروبها تختلف مع أنها لا تخرج عن وحدة الوزن سواء كان ذلك على النمط المقيد أو الحر من النظم .

    والقافية ، تحديداً ، هي صوت الرويّ وما قد يليه من أصوات مع نوع الصوت الذي يسبقه ، ولنسمّه ـ توسّعاً في المصطلح ـ الرِدْفَ . وهذا الردف إذا كان حركة قصيرة ، وكان ثاني صوت يسبقه ألِفَ مدّ ، التُزِم هذان الصوتان بعينهما ، وليس بنوعهما فقط ، وتسمّى هذه الألفُ ألفَ التأسيس .

    وإذن فكل الأصوات التي ذكرناها في القافية تلتزم بعينها إلا صوت الردف حين لا تكون القافية مؤسسة ، وكل ما يخالف هذا التحديد يدخل في باب عيوب القافية التي أفاض العروضيون في ذكرها. فمن ذلك الإقواء والإصراف ، وهما اختلاف حركة الروي ، ومثاله الذي اشتهر في قول النابغة :

    من آل ميةَ رائحٌ أو مغتدي عجلانَ ذا زادٍ وغيرَ مُزوّدِ

    وقوله بعد ذلك : وبذاكَ خبّرنا الغرابُ الأسْوَدُ

    فحاء بالإقواء وهو اختلاف المجرى بين الضمّ والكسر . وهذا العيب يدخل في عدم الالتزام بما يلي الرويَّ من أصوات . ومن العيوب في اختلاف الروي ذاته ما يُسمّى بالإكفاء والإجازة ، كقول الراجز :

    ما تَنقِمُ الحرْب العَوان مِنّي

    بازِلُ عامين حديثٌ سِنّي

    لِمِثل هذا ولَدتني أمّي

    ويسمى العيب هنا إكفاء إذا تقاربت مخارج حروف القافية . أما الإجازة فتطلق على ما تباعدت مخارجه من صوت الروي ، كقول بعضهم :

    خليليّ سيرا واتركا الرحل إنني بمهلكة والعاقبات تدورُ

    فبيناه يشري رحله قال قائل لمن جملٌ رِخو المِلاط نجيبُ

    ومن العيوب في اختلاف الردف ما يسمى بسِناد الردف ، كقول شوقي :

    سلامٌ كلما صليت عرياناً وفي اللَبَدِ

    وفي زاوية السجن وفي سلسلة القَيْدِ

    فالردف هنا صامت في بيت ونصف حركة في الآخر ، وعلى ذلك يعتبر من العيوب ما يسمى بالتحريد ، وهو عند العروضيين اختلاف الضروب في القصيدة الواحدة ، كقول بعضهم في الطويل :

    إذا أنت فضّلتَ امرأ ذا نباهةٍ على ناقصٍ كان المديح من النَقْصِ

    ألم ترَ أنّ السيف يَنقُص قَدره إذا قيلَ هذا السيفُ خيرٌ مِنَ العُصِي

    فالردف بمفهومنا هنا صامتٌ في البيت الأول ، وحركةٌ قصيرةٌ في الثاني .

    وربما اختلف الضربان من الطويل في قصيدة ، فلا يكون تحريد فيه لأن الردف لم يختلف .فمن ذلك قول على محمود طه في قصيدته ” العشاق الثلاثة ” :

    وأمعَنَ في تفكيره القمَرُ الزاهي ومَرّ بأرضٍ ذاتِ عشْب وأمواه

    يُناجيه منها عاشقٌ ذو ضَراعةٍ مناجاةَ صوفّي لِطَيفِ إله

    وإذا كان الكم الصوتي لألف المد أعظمَ مما لها في البيت الأول . ومع ذلك فلا نتفق مع نازك الملائكة في قولها عن هذين البيتين : ” إن السمع المدرّب لا يطيق أن يجتمعا ، وإنما ينفر من ذلك نفوراً شديداً”(7) . وهي بلا شك تلتفت في ذلك إلى التحريد عند قولها إنه ” لم يُسمَع قطّ أن العرب جمعوا بين تشكيلتين في القصيدة الواحدة(8) ” وليس إلى السمع المدرب ؛ لأن سمع مبدع القصيدة نفسه مدرب أيضاً ، ومع ذلك لم يلفته إلى هذا الفرق الضئيل أو الدقيق في صوت المدّ الذي يحتاج إلى جهاز لقياسه .

    ويذكر بعض العروضيين أيضا سناد التوجيه ، وهو اختلاف حركة ما قبل الروي المقيد ؛ أي أن الاختلاف ليس في نوع الصوت ، بل في عينه . ومن ذلك قول امرئ القيس :

    فلما دَنوتُ تَسدّيتُها فثَوباً نَسِيتُ وثَوباً أجُرّْ

    ولم يرَنا كالِئٌ كاشحٌ ولم يفشُ منا لَدى البيت سِرّْ

    وقد رابَني قولُها يا هَنا هُ وَيحكَ ألحقتَ شرّاً بِشَرّْ

    ولا نرى ذلك عيباً ، كما لم يره الأخفش عيباً ؛ وإن كان الخليل ” لا يرى مانعاً من اختلاف هذه الحركة بين الضمة والكسرة (9)” .

    ومع أن ألف المدّ وواوها وياءها هنّ من نوع واحد ؛ إلا أنه لا يتقارض منها في الردف إلا الواو والياء ، وربما كان السبب في ذلك يرجع إلى تقارب الذبذبات المميزة لكل من واو المد ويائها ، وتباعد ذبذبات ألف المد عن كل منهما بما يقرب من الضعف(10) .

    #471574

    نظــــر / مع الشكر

    #471575
    عزمى
    مشارك

    السلام عليكم
    شكرا على المرور

    #477542

    شكرا جدا أخوي على الموضوع…

    تحياتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي.

    #505413

    شكرا أخي عزمي على نقلك الموضوع من كتابي ” في نظرية العروض العربي ” ولمن يريد أن يطلع على المزيد يرجع إلى الرابط :
    http://www.arabic-prosody.150m.com/suleiman.htm

    #506492
    سماره
    مشارك


    بسم الله الرحمن الرحيم

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    الله يعطيك العافية أخي الفاضل عزمي

    على الموضوع القيم

    #520577

    مشكوره علا الموضوع الحلو

مشاهدة 7 مشاركات - 1 إلى 7 (من مجموع 7)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد