يتقيأني وطني في كل صباح ، افتح عيني واراني ما زلت هنا ، بين متاهات اللامتاهات ، وبين أصابع الاتهام ، وبين حناجر الانتقام … فتحية لك يا وطني وتحية لكل من يملك زمام امرنا ..

يقولون اننا متمردون واننا متعجرفون واننا للنعمة ناكرون ، اكاد اقتنع بالملعقة الذهبية التي تملئ معدتي نهضة واملا وشغفا فهنيئا لي ولكم ملعقتنا الذهبية التي تكبدوا سنين ومن الهباء صنعوها …

ما فائدة الحقيقة انها كالصحوة وكالنوم ، وما فائدة القتامة انها لنا فقط ولا احد يعلم لماذا تصيبنا ، اننا فاشلون وخاسرون وجاحدون …

لماذا ماذا ينقصنا ، بالطبع لا شيء ، بكل غباء يتسائلون ، ونحن بكل خوف نجيب بضحكة باهتة ، بالطبع نحن افضل من كثيرين غيرنا …………….

من اعطاهم الحق ليتحكموا بمصائرنا ، من اعطاهم الحق ليجردونا من عقولنا من اعطاهم الحق ليجمدوا شبابنا ، من اعطاهم الحق ليحكموا على مستقبلنا بالشحوب وبالهجرة المنتظرة بشغف ، حتى نحن ابناء النفط قررنا الرحيل … واستعجلنا القدر ليجهز امتعتنا ويقدم لنا تذاكر الفراق ، واختام الموت واجراءات الأنسحاب.

سنهاجر بلاشك وسنلتقي وطنا جديد نفقد فيه هويتنا واهلنا واصدقائنا واحبابنا سنلتقي من يبحثون عن عنائنا ، من يستغلون حاجتنا، ليمنحونا مكانتنا، ولكن مع امتيازات العمل دون توقف، والقلق دون تمرد، والضياع دون تشرد ، سيمنحونا علاوات الوحدة …

وحتما سنشتاق لوطن الهوية ، سنمتدحه بلا شك وسنحن لعودتنا … ولكن لو بحثنا سنجد ان شوقنا ليس له فهو لهم ، سنشتاق لنظرات الحنان في وجوه احبابنا ، سنشتاق سريرنا وذكرياتنا واهلنا بلا شك …

سنسير كغيرنا نبحث عن اغانينا العربية وعن شرقنا المهزوم ، سنقتفي اثر الكتب التي تعيدنا لأمجاد الوحدة الوهمية ، سنسجد خاشعين لرب العالمين نرتجيه رفقا بقلبنا الذي تخبط بين خيار الوداع وخيار البقاء في بقعة قالوا انها اسلامية !!

سنرحل فلا تشغلوا انفسكم بالبحث عن عبارات وجمل تأملنا وتبقينا لأنها حتما مع جهودكم الكاذبة ستهدمنا وتدفعنا نحو انتحار يهز دمعة احبائنا اللذين عانوا ليقنعونا بالصبر عليكم ….

جميل ذاك الكلام تكبدتم عناءا كبيرا في اجتماعاتكم وفي قراراتكم وفي التفاتاتكم ، لا تتعبوا انفسكم نخشى عليكم التخمة مما بعد الخطابات

أي عقول فارغة هذه التي سادتنا منذ عصور الظلام وبقت مع اضواء زائفة في المدينة ، من نحن لتعانوا في بحثكم في اجراءات وبحوث تقتفينا …

تشبثوا بأنانيتكم حتى النخاع واضربوا بعرض الحائط كل تعاليم العطاء وانتهزوا فرصة رحيلنا فقد بقت لكم هذه المدينة …..

انكبوا على ما تبقى منا من ذراع واخدعوهم فهم اطفال تلك الأم اليتيمة واخدعوها بفصاحة الخداع وانسكبوا كالوحل في بقايا ذكرياتنا الحزينة …

قصة الرحيل اصبحت واقعا فتحية للدرجة السياحية ولتفتيش امتعتنا الشخصية حتى تمتنعوا عن ضياع صورتكم بأرهابنا الأحمق في ناطحاتهم اللئيمة …

تقيأيني يا امي وضميني في باخرة الرحلة العديمة ، فأنا وطن من اليأس وانا كل ما تبقى من فتات الهزيمة …..

صباحك مساء يا وطنا ودع احلامنا واستودع امانينا …